عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: الشاعر والفيلسوف الهندي "محمد إقبال" الإثنين 02 يناير 2017, 8:30 am
كنا جبالًا في الجبال وربّما :: سِرنا على موج البحار بحارًا
وُلد الشاعر والفيلسوف الهندي "محمد إقبال" بن "محمد نور" بن "محمد رفيق"، في 9 نوفمبر 1877م (3 ذي القعدة 1284هـ)، بمدينة سيالكوت، بمقاطعة البنجاب، بالهند، بحسب ما أكّده ابنه "جاويد". ينتهي نسبه إلى براهمة كشمير الهندوس، وقد أسلم أحد أجداداه في عهد السلطان زين العابدين إلياس بادشاه، على يد الشيخ شاه همداني، أحد مشايخ الصوفية في عهد الدولة المغولية.
نشأ مع والدَين صالحين تقيّيَن، وتعلّم على يد أبيه في طفولته، ثم ألحقه بكتّاب ليحفظ القرآن، وعَهِد به إلى أستاذه "مير حسن" الذي أدّبه وعلّمه الدين والعربية والفارسية، وأدخله مدرسة دينية ثم ألحقه بمدرسة الإرسالية الإسكاشيّة الإنجليزية، وتخرّج من كليّتها (1895م)، ثم حصل على شهادة (B.A.) من الكلية الحكومية في لاهور (1897م)، وفي (1901م) نشر أول قصيدة له بمجلة "مخزن" بالفارسية، وفي (1902م) حصل على شهادة (M.A.) في الفلسفة بامتياز، وعيّن أستاذا للفلسفة والتاريخ بالكلية الشرقية في لاهور. ثم سافر إلى بريطانيا والتحق بكلية التثليث بجامعة كامبريدج، كطالب أبحاث (1905م)، ثم حصل على الدكتوراة في الفلسفة من جامعة ميونخ الألمانية (1908م)، وعاد إلى الهند واشتغل بالمحاماة.
في عام (1919م) انتُخب عميدًا لكلية الدراسات الشرقية بلاهور، وبعدها بأربعة أعوام حاول حاكم بنجاب الإنجليزي استمالته بمنحه لقب سير (1923م)، ولم تفلح المحاولة ولكن بقي معه اللقب. وفي عام (1927م) انتُخب "إقبال" عضوًا برلمانيًا عن إقليم البنجاب، ثم انتُخب رئيسًا للاجتماع السنوي لحزب الرابطة الإسلامية في "إله أباد" (1930م). بعدها بعام (1930م)، اشترك في مؤتمر الطاولة المستديرة في لندن، وزار القدس ضمن ضيوف المؤتمر الإسلامي المنعقد هناك، وزار إسبانيا وألقى بها محاضرات في الفن الإسلامي، وزار إيطاليا والتقاه "موسوليني". وفي (1933م) زار أفغانستان بدعوة من السلطان نادر خان ملك أفغانستان. بعدها بعام (1934م) وبسبب ظروف مرضه اضطر للانقطاع عن عمله في المحاماة، ومع ذلك تمّ انتخابه رئيسًا لفرع الرابطة الإسلامية في بنجاب (1935م). وفي عام (1937م) منحته جامعة "إله أباد" الدكتوراة الفخرية في الآداب، وحصل على الدكتوراة أيضًا من الجامعة العثمانية بحيدر أباد، قبل أن يلبّي نداء ربّه في العام التالي (21 أبريل 1938م)، ويُدفن في جانب فناء المسجد الجامع "شاهي مسجد"، في لاهور.
وجدتُ فيه – أي محمد إقبال- من وضوح الفكرة وشدّة الاقتناع بها والتحمّس لها والشجاعة في نشرها، وفي نقد الفلسفات، ما لم أجده مع الأسف في كثيرٍ من رجال الدين؛ لعدم اكتناههم بحقيقتها واطّلاعهم على نواياها، وأهدافها، وأسسها، وتاريخها). أبو الحسن الندوي
من الشائع الذي صار في حُكم المستقرّ، أنّ الفلسفة الإسلامية انتهَت بموت ابن رُشد (595هـ / 1198م)، كامتدادٍ سُنّيٍ لمشروع أبي حامد الغزالي (توفي 505هـ / 1111م) في الدرس الفلسفي الإسلامي.
غير أنّ التوجّه الذي تبنّاه محمّد إقبال في تجديد منهج دراسة الفلسفة الإسلامية انطلاقا من التراث الإسلامي، وتطبيقه لهذه المنهج على بعض المواضيع التي اختارها، يشكّل إعادة إنشاء لامتدادٍ واضح المعالم للدرس الفلسفي الإسلامي. وقد صرّح إقبال بهذا مبكرًا في كتابه "تجديد الفكر الديني في الإسلام" بقوله (إنني أحاول بناء الفلسفة الدينية الإسلامية بناءً جديدًا، آخذًا بعين الاعتبار: المأثور من فلسفة الإسلام، إلى جانب ما جرى على المعرفة الإسلامية من تطوّر في نواحيها المختلفة، واللحظة الراهنة مناسبة كل المناسبة لعملٍ كهذا). وقد أجرى إقبال خطوات منهجه ذاك على النحو التالي:
أولا: اختار موضوعات محدّدة تمثّل نظريات متميّزة في تاريخ الفلسفة الإسلامية القديمة (مثل: نظرية الجوهر الفرد، ونظرية ختام النبوة، ونظرية إثبات وجود الله، وفكرة الاجتهاد، وفكرة الزمان، والتجربة الدينية والصوفية).
ثانيًا: أعاد تناولها بأسلوب علمي معاصر، يقوم على تحليلها تحليلًا نقديًا صارمًا، واستبعد ما بها من عناصر ضعيفة أو متهافتة، مع التركيز على على ما فيها من عناصر القوة والحيوية.
ثالثًا: قارنها بما توصّل إليه الفكر الأوربي الحديث من نتائج؛ حتى تظهر قيمتها الإنسانية والعالَمية.
تكمن أهمية هذا المنهج في تحديده لأولويات البحث، ونقطة البداية، والمنطلقات الأساسية، وأدوات التعاطي مع المعرفة، ومع العلوم الإنسانية الحديثة، ووسائل اكتشاف البؤر المضيئة في التراث، ومدى الإفادة يصفه من عناصره الحيّة، ودمجها بمكاسب المعارف الجديدة، وتوليفها في هندسة معرفية متناسقة الأجزاء. هذا المنهج (أعطى للمسلمين الثقة في تراثهم القديم، وخاصة عندما اكتشفوا أنه يضاهي – في بعض نظرياته التي ظلّت مطمورة- أحدث النظريات العلمية التي توصلت إليها أوروبا في العصر الحديث)، على حدّ تعبير د. حامد طاهر.
وقد قام إقبال بتطبيق هذا المنهج في دراسته لجميع التطوّرات ومحالاوت التجديد والإحياء في العالم الإسلامي، ابتداءً من شاه ولي الله الدهلوي ومحمد بن عبد الوهاب، وانتهاءً بالأفغاني ومحمد عبده وبقيّة دعاة الإصلاح بالهند والعالَم الإسلامي، وتوصّل إلى ضرورة رفع الغشاء عن الوجه الحقيقي للفكر الإسلامي، وإعادة بناء إنسانية الإنسان، وتحصيل المعارف الحديثة.
* * * (ينتمي السير محمد إقبال إلى ثلاثة أحياز روحية، وهذه الأحياز الروحية الثلاثة هي منابع آثاره العظيمة، وهي: حيّز القارة الهندية، وحيّز العالم الإسلامي، وحيّز الفكر الغربي) الأديب الألماني هرمان هسه
* * * كانت النظرة الشائعة لإسهامات الفلاسفة الشيعة في الفلسفة الإسلامية، أنها نوعٌ من علم الكلام المذهبي الخاص بالإمامية الإثنا عشرية، ما يعني عدم الحاجة إلى التعاطي معها ممّن ينتمي إلى الخلفية السُنّيّة.
على خلاف هذه النظرة الشائعة، فقد استوعب إقبال إسهامات بعض الفلاسفة الشيعة الإحيائيين، مثل محمد باقر الاسترآبادي (مير داماد)، وصدر الدين الشيرازي (ملا صدرا)، وأفاد من مقولات الشيرازي على وجه الخصوص. وقادته مقولات الشيرازي عن الحركة الجوهرية إلى التساؤل حول أساس الحركة في بناء الإسلام، وتوصّل إلى الإجابة بأن هذا الأساس أو المبدأ هو "الاجتهاد"، الذي اعتبره ضرورة لتحقيق النهوض بالأمة الإسلامية.
كما وظّفها في نقد مذهب التكرار الأبدي عند الفيلسوف الألماني نيتشه، واصفًا هذا المذهب بأنه "ضربة قاضية لميل الإنسان إلى العمل، وتؤدّي إلى تراخي ما في الروح من تحفّز".
كما أفاد إقبال من مقولات الشيرازي في تكامل الذات والتجدّد الانفصالي، وتوسّع فيها وطوّرها متوصلًا إلى فلسفته الخاصّة المركّبة حول "الذات"، وصاغها في أشهر دواوينه عن الذات، وجعلها حجر الزاوية في رؤيته الفلسفية، ثم في رؤيته الإصلاحية سياسيًا واجتماعيًا وحركيًا.
جاءت فلسفة إقبال المركّبة حول "الذات"، مناوئة لما شاع في الفلسفات الصوفية الهندية والتركية والفارسية، من أن الذات هي أساس انحطاط النفس الإنسانية، وأن إكرام الإنسان يكون في ضياعه في الذات الإلهية ضياع القطرة في البحر، وما سلكه الصوفية من قطع الأسباب بينهم وبين الحياة التي يرونها شرًا محضًا ينبغي التحرّز منه فانطووا على أنفسهم وأنكروا ذاتهم وآثروا الفناء على البقاء. فجاءت فلسفة إقبال حول الذات من خلال محورين:
الأول: معرفة الإنسان ذاته والاعتزاز بها، وفصلها تمام الفصل عن ذات الله، فهذا طريق تحقيق الذات وقدرتها واكتمالها، وهو ما ضمّنه ديوانه أسرار خودي "أسرار الذاتية"، وكشف عن استمدادته القرآنية حول الذات بعد ذلك في استقلاليتها (ولا تكسب كل نفس إلا عليها)، وحريتها (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، وعمليتها (ليبلوكم أيّكم أحسنُ عملًا)، وكمالها واكتمالها (إنّا لقادرون * على أن نبدّل خيرًا منهم وما نحن بمسبوقين)، و(فسوف يأتي الله بقومٍ يحبّهم ويحبّونه).
الثاني: اجتماع الذوات الإنسانية لتذوب معًا محقّقة ذاتًا جماعية اجتماعية تسمو وترتقي؛ ولا يتحقّق هذا إلا بنفي الذات وإنكارها، وهو ما ضمّنه ديوانه التالي رموز بي خودي "أسرار نفي الذاتية"، مدلّلًا على تطوّر الذات الكليّة (المجتمع)، أو مجموع الذاتيات (الأفراد) في المجتمع مع تطوّر الذات المفرّدة (الفرد)، انطلاقًا من مرتكزات: التوحيد والنبوّة والقرآن ومركزية المسجد الحرام والهدف الجَمعي وصيانة النوع البشري.
* * * (لا ريب عندي أن ما ناله شعر إقبال من قبولٍ وصَيتٍ يرجع إلى ما فيه من نور الأدب الخالد وعظمته). الشاعر الهندي طاغور
* * * ما الفن عند إقبال؟!
يرى إقبال أن الفن هو "البحث عن الجمال" [ديوان ضرب كليم "عصا موسى"]، والفنون خادمة للحياة والشخصية، تقوم بقوّة النفس التي أنشأتها، وقوّة إيحائها، وقوة تأثيرها في الطبيعة والإنسان، و"الفن الجميل الوحيد هو الفن الذي يسمو بالروح، ويلهم الشجاعة، ويوحي بالأمل، ويعلّم العيش في شرف". [ديوان رسالة المشرق]، ومقصد الفن هو "تقوية النفس والتعبير عن نفس قوية لا تحاكي الطبيعة ولا تقلّد غيرها، ولكنها تصوغ الفن من دمها ونبضها وتؤثر به في الحياة".
والفن الإسلامي؟!
يفاجئنا إقبال، بأنّه باستثناء فنّ العمارة الإسلامية، فلم يُولَد بعدُ ما يصحّ أن يعتبره فنًا إسلاميًا يتخلّق فيه الإنسان بأخلاق الله، ويتجلّى فيه العشق توحيدًا بين الجمال والقوّة، ويعِدُ الإنسانَ بإلهامٍ لا ينقطع "أجرٌ غير ممنون"، ثم يحقّق له خلافة الله في الأرض.
* * * (إن حييتُ حتى أرى للمسلمين دولة قائمة في الهند وخُيِّرتُ بين الرياسة العليا في هذه الدولة المسلمة، وبين كتب إقبال، لن أتردّد في اختيار الثانية) محمد علي جناح، رئيس الرابطة الإسلامية بالهند
* * * وبالنسبة لكثيرين، تستحق مؤلّفات إقبال ذلك، وأكثر. مما تركه إقبال من المؤلّفات النثرية:
1- "علم الاقتصاد"، طبعته الأولى بدون تاريخ، وطبعته الثانية في كراتشي عام 1961م، وطبعته أكاديمية إقبال بلاهور طبعة ثالثة عام 1977م. 2- "تطوّر ما وراء الطبيعة في إيران": رسالته للدكتوراة، نشرت بالإنجليزية في لندن عام 1908م، ومترجمة للعربية عن مكتبة الأنجلو المصرية بالقاهرة عام 1986م. 3- "تجديد التفكير الديني في الإسلام": طُبع بالإنجليزية عام 1930م، وأعادت جامعة أكسفورد طباعته عام 1934م، ونشرته مترجمًا لجنة التأليف والترجمة والنشر بالقاهرة عام 1955م. 4- "الأفكار المختلفة": نُشِر بعد وفاة إقبال، عام 1961م.
1- "مراسلات إقبال": إعداد بي آر وار، نشرته أكاديمية إقبال بكراتشي، عام 1967م. 2- "خطب وتصريحات إقبال"، صدر بلاهور، بدون تاريخ. 3- كتابُ ثَبت مراجع إقبال، إعداد ك. أ. وحيد، أكاديمية إقبال، كراتشي، 1965م.
* * * أيّها الدّهرُ انظَرنْ هذا السّلام ::: قد رأيتَ البدءَ فانظر ما الختام. محمد إقبال – ديوان "الأسرار والرموز" – تعريب د. عبد الوهاب عزّام
* * * لم يُكتَب للخطّ الفكري الفلسفي الإحيائي لمحمد إقبال أن ينتشر في بلاده بعد وفاته، فقد أثّرت هيمنة الجماعات السلفية على الحياة الثقافية على الهند ومن بعدها باكستان، في اضمحلال الخطّ الفكري لمحمد إقبال؛ اللهم إلا ما تمثّله الدكتور فضل الرحمن من الآراء، التي تعرّض على أثرها لانتقادات حادّة ألجأته للهجرة إلى أمريكا، والعمل أستاذًا للفكر الإسلامي بجامعة شيكاغو.
في الغرب، ترجمت له "أنّا ماري شيمل" ديوانه (جاويد نامة)، وقدّم للترجمة الأديب الألماني "هرمان هسّه". وألّفت عنه "شيمل" كتبًا مستقلة، وحاضرت عنه في ألمانيا وأمريكا وباكستان وتركيا.
لكنّ مصيرًا مختلفًا كان ينتظر فِكر محمد إقبال في إيران، وخصوصا في النصف الثاني من القرن العشرين، إذ أعاد الفكر الديني في إيران إنتاج المقولات المركزية في فكر محمد إقبال، وعمل على تنميتها وتطويرها. ومما رصده د. عبد الجبار الرفاعي من أمثلة على ذلك:
- ما التقطه د. علي شريعتي من رأي إقبال في خَتم النبوّة، الذي يتلخّص في أن "النبوة كي تبلغ كمالها الأخير في إدراك الحاجة إلى إلغاء النبوة نفسها. وهو أمر ينطوي على إدراكها العميق لاستحالة بقاء الوجود معتمدًا على مقود يُقاد منه، وأن الإنسان لكي يحصل على كمال معرفته بنفسه ينبغي أن يُترك ليعتمد في النهاية على وسائله هو". حيث صاغ شريعتي على ضوء هذا الرأي عدّة مفاهيم مركزية في مشروعه الفكريّة.
- التفسير الموسّع للثابت والمتغيّر ودور الاجتهاد في الفكر الإسلامي، الذي قدّمه الشيخ مرتضى المطهري، بناءً على رأي إقبال في كون "الاجتهاد هو أسّ الحركة في الإسلام".
- التوظيفات المتعدّدة التي قدّمها المفكّر الإيراني د. عبد الكريم سروش، لأفكار محمد إقبال في "القبض والبسط في الشريعة"، و"القبض والبسط في التجربة النبوية"، و"التمييز بين الدين والمعرفة الدينية"، ومساهمة سروش في تطوير هذه الأفكار عبر دراسات متعددة.
* * * (شرفت بلقاء إقبال وكان مستلقيًا على فراش المرض؛ كان لفكره العالي ونزعته الحرّة في قلبي أثرٌ بليغ، لقد فقدت الهند بفقد إقبال كوكبًا لألآً مضيئًا) الزعيم الهندي جواهر لال نهرو
* * * رحم الله عبدَه الصادق محمد إقبال!
عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الإثنين 02 يناير 2017, 9:02 am عدل 2 مرات
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: الشاعر والفيلسوف الهندي "محمد إقبال" الإثنين 02 يناير 2017, 8:38 am
هو إقبال ابن الشيخ نور محمد، كان أبوه يكنى بالشيخ تتهو أي الشيخ ذي الحلقة بالأنف ولد في سيالكوت ـ إحدى مدن البنجاب الغربية ولد في الثالث من ذي القعدة1294هـ الموافق 9 تشرين ثاني نوفمبر 1877م وهو المولود الثاني من الذكور. أصل إقبال يعود إلى أسرة برهمية؛ حيث كان أسلافه ينتمون إلى جماعة من الياندبت في كشمير، واعتنق الإسلام أحد أجداده في عهد السلطان زين العابدين بادشاه (1421 ـ 1473م). قبل حكم الملك المغولي الشهير (أكبر) ونزح جد إقبال إلى سيالكوت التي نشأ فيها إقبال ودرس اللغة الفارسيةوالعربية إلى جانب لغته الأردية، رحل إقبال إلى أوروبا وحصل على درجة الدكتواره من جامعةميونخ في ألمانيا، وعاد إلى وطنه ولم يشعر إلا أنه خلق للأدب الرفيع وكان وثيق الصلة بأحداث المجتمع الهندي حتى أصبح رئيسا لحزب العصبة الإسلامية في الهند ثم العضو البارز في مؤتمر الله أباد التاريخي حيث نادى بضرورة انفصال المسلمين عن الهندوس ورأى تأسيس دولة إسلامية اقترح لها اسم باكستان، توفي إقبال 1938 بعد أن اشتهر بشعره وفلسفته، وقد غنت له أم كلثوم إحدى قصائده وهي "حديث الروح".
رحلته في طلب العلم
بدأ محمد إقبال تعليمه في سن مبكرة على يد أبيه، ثم التحق بأحد مكاتب التعليم في سيالكوت وفي السنة الرابعة من تعليمه رأى أبوه أن يتفرغ للعلم الديني، ولكن أحد أصدقاء والده وهو الأستاذ مير حسن لم يوافق، وقال: "هذا الصبي ليس لتعليم المساجد وسيبقي في المدرسة وانتقل إقبال إلى الثانوية؛ حيث كان أستاذه مير حسن يدرس الآداب العربيةوالفارسية، وكان قد كرس حياته للدراسات الإسلامية. بدأ إقبال في كتابة الشعر في هذه المرحلة المبكرة، وشجعه على ذلك أستاذه مير حسن، فكان ينظم الشعر في بداية حياته بالبنجابية، ولكن السيد مير حسن وجهه إلى النظم بلغة الأردو، وكان إقبال يرسل قصائده إلى ميرزا داغ دهلوى الشاعر البارز في الشعر الأردو ـ حتى يبدي رأيه فيها، وينصحه بشأنها وينقحها، ولم يمضِ إلا فترة بسيطة حتى قرر داغ دهلوي أن أشعار إقبال في غنى تام عن التنقيح، وأتم إقبال دراسته الأولية في سيالكوت، ثم بدأ دراسته الجامعية باجتياز الامتحان العام الأول بالكلية الحكومية 1891م، التي تخرج فيها وحصل منها على إجازة الآداب 1897م، ثم حصل على درجة الماجستير 1899 م، وحصل على تقديرات مرموقة في امتحان اللغة العربية في الكلية الحكومية. وتلقى إقبال دراساته الفلسفية في هذه الكلية على يد الأستاذ توماس أرنولد، وكان أستاذًا في الفلسفة الحديثة وفي الآداب العربية والعلوم الإسلامية في جامعة لندن. وبعد أن حصل إقبال على الماجستير عُين عميدًا للعربية في الكلية الشرقية لجامعة البنجاب، وحاضر حوالي أربع سنوات في التاريخ والتربية الوطنية والاقتصاد والسياسة، وصنف كتابًا في "علم الاقتصاد" ولم يصرف التدريس محمد إقبال عن الشعر، بل ظل يشارك في محافل الأدب وجلسات الشعر، والتي يسمونها في شبه القارة "مشاعرة".
رحلاته إلى العالم الغربي والعربي
غادر إقبال لندن إلى القارة الأوروبية وزار عددًا من بلدانها، وكان في كل أسفاره يعمل على نشر الإسلام، وأثر بشعره وأسلوبه في كثير من الأوروبيين ومنهم موسوليني حيث وجه له دعوة عقب مشاركته في مؤتمرات المائدة المستديرة في لندن عامي (1930 ـ 1931). وكان منظم الزيارة الدكتور سكاربا حيث كان معجبًا بفكر إقبال وإيمانه بالإنسان وقدراته، وذهب بالفعل إلي إيطاليا والتقى بموسوليني وألقى محاضرة في روما يبين فيها الفرق بين مذهب كل من الحضارة الغربيةوالشيوعيةوالحضارة الإسلامية. ووضح فيها رأيه حول أسباب تخلف المسلمين وأن من أهم أسباب هذا التخلف هو البعد عن دينهم، وذكر الناس بماضي المسلمين وحضارتهم، ثم زار إقبال أسبانيا في عام 1932م بعد أن حضر مؤتمر الدائرة المستديرة الثالث، وحرص على مشاهدة المعالم الإسلامية هناك فيقف أما جامع قرطبة وقفة مؤمن شاعر ومما قاله في قرطبة:
كتب اقبال اشعار كثيرة يحث المسلمين منذ أول نشؤه الفكري و الشعري و جاء في ديوانه صلصلة الجرس قصيدة ترجمها الشاعر المصري الصاوي شعلان تحت عنوان شكوى و جواب شكوى وتبدأ الشكوى بكلمة حديث الروح ولذلك سميت أغنية أم كلثوم لأبيات مختارة من القصيدتين باسم حديث الروح. من أقواله في مسجد قرطبة
نسيمك عذب رقيق الهبوب
أيا جامعًا فيك جمع القلوب
أيًا جامعي خصني بالنـظر
أنا المؤمن الحق فيمن كفر
لكم حسن شوقًا لرب العباد
وإيمـانه زاد دومـًا وزاد
زار إقبال أفغانستان على إثر دعوة وجهها له نادر شاه ملك أفغانستان ومر في إحدى رحلاته على مصر، وقابل بعض شبابها وأعجب بشاب مصري، ويقول: إن الشاب فرح جدًا عندما علم أن إقبال مسلم ويقرأ القرآن، وقيل: إن إقبال لبس الطربوش بسبب المحادثة التي دارت بينه وبين هذا الشاب، ويذكر الأستاذ أبو الحسن الندوي أنه زار فلسطين في سنة 1931م، وكان مما قاله وهو في فلسطين:
ولما نزلنا منزلاً طله الندى
أنيقًا وبستانًا من النور حاليا
أجد لنا طيب المكان وحسنه
مني فتمنينا فكنت الأمانيا
نجده هنا يتمنى أن يحط الرحال ويظل في بلد القدس وأرض مهبط الرسالات، ومن أقواله في افتتاح المؤتمر الإسلامي العام عام 1931 " على كل مسلم عندما يولد ويسمع كلمة لا إله إلا الله أن يقطع على نفسه العهد على إنقاذ الأقصى". في ألمانيا نال الدكتوراه على بحث له بعنوان: "تطور الغيبيات في فارس". عقب عودته من ألمانيا التحق بمدرسة لندن للعلوم السياسية، وحصل منها على إجازة الحقوق بامتياز.
عودته إلى وطنه
عاد إقبال إلى شبه القارة في شهر يوليو 1908م بعد أن قضى مدة في أوروبا ما بين دراسات علمية وزيارات لدول عربية وإسلامية، وأفادته هذه المدة في التدرب على منهج البحث والإلمام بالفلسفة الغربية ـ ومكث في لاهور، وقدم طلب لتسجيله محاميًا لدى القضاء الرئيسي، وتم تسجيله بالفعل، ولكن في مايو 1909م عُيِّنَ أستاذًا في الفلسفة في كلية لاهور، ولم توافق المحكمة في أول الأمر على أن يتولى منصبين في الحكومة، ولكنها في نوفمبر 1909م وافقت على تعيينه، وصدر قرار تحت عنوان: "الموافقة على تعيين محامٍ في المحكمة كأستاذ مؤقت في كلية الحكومة، وكان ذلك استثناءً لإقبال، وهذا يصور لنا مدى أهمية إقبال ومكانته في البلاد. استمرت هذه الثنائية حوالي عامين ونصف استقال بعدها من العمل بالتدريس؛ ليكون أكثر تفرغًا للمحاماة وممارسة القانون؛ وذلك نتيجة لحبه لمهنة المحاماة والحقوق، وكان يتابع المؤتمرات والاجتماعات التي كانت تعقدها الجامعة؛ حيث كان له دور واضح في إصلاح حالة التعليم في بلده في هذا الوقت.
مرضه واعتزاله المحاماة
اجتمع المرض على إقبال في السنوات الأخيرة من عمره، فقد ضعف بصره لدرجة أنه لم يستطع التعرف على أصدقائه بسهولة، وكان يعاني من آلام وأزمات شديدة في الحلق؛ مما أدى إلى التهاب حلقه، وأدى بالتالي إلى خفوت صوته، مما اضطره إلى اعتزال مهنة المحاماة، وفكر في أن يقصد فيينا طلبًا للعلاج إلا أن حالاته المادية لم تسمح بذلك، وتدخل صديقه رأس مسعود؛ حيث اقترح على يهوبال الإسلامية أن تمنحه راتبًا شهريًا من أجل أطفاله الذين ما زالوا صغارًا وحدث ذلك بالفعل واستمر الراتب حتى بعد وفاة إقبال. كان من أولاده: ابنه آقتاب إقبال المحامي ورزق به من زواجه الأول، وابنه أجاويد ـ القاضي بمحكمة لاهور العليا، وابنته منيرة باتو وتزوجت في باكستان، وهما من زوجته الثالثة؛ حيث تزوج إقبال ثلاث زوجات ماتت إحداهن هي وابنتها بعد الولادة. في أثناء مرضه هذا واعتزاله المحاماة ماتت زوجته الثالثة في مايو1935م ثم مات صديقه رأس مسعود، ولم يتوقف عن ممارسة نشاطه السياسية وعن التأليف وكتابة الشعر. إقبال في تفكير عميق، هذه الصورة هي التي أكسبته لاحقا لقب "المفكر"
وفاته وآثاره العلمية
في 21 إبريل1938 في تمام الساعة الخامسة صباحًا توفي محمد إقبال، فتأثرت بلاده بذلك فعطلت المصالح الحكومية، وأغلقت المتاجر أبوابها واندفع الناسإلىبيته[بحاجة لمصدر]، ونعاه قادة الهند وأدباؤها من المسلمين والهندوس على السواء، ويقول عنه طاغور ـ شاعر الهند: لقد خلفت وفاة إقبال في أدبنا فراغًا أشبه بالجرح المثخن الذي لا يندمل إلا بعد أمد طويل، إن موت شاعر عالمي كإقبال مصيبة تفوق احتمال الهند التي لم ترتفع مكانتها في العالم"[بحاجة لمصدر].
آثاره ومؤلفاته
ترك إقبال ثروة ضخمة من علمه فمن آثاره: عشرون كتابًا في مجال الاقتصادوالسياسةوالتربيةوالفلسفةوالفكر وترك أيًضا بعض الكتابات المتفرقة وبعض الرسائل التي كان يبعث بها إلى أصدقائه أو أمراء الدول، ذلك إلى جانب روائعه من الشعر والتي كني بسببها (شاعر الإسلام). يقول الشيخ أبو الحسن الندوي: "ومن دواعي العجب أن كل هذا النجاح حصل لهذا النابغة، وهو لم يتجاوز اثنين وثلاثين عامًا من عمره".
عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الإثنين 02 يناير 2017, 9:03 am عدل 2 مرات
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: الشاعر والفيلسوف الهندي "محمد إقبال" الإثنين 02 يناير 2017, 8:50 am
محمد إقبال.. مهندس فلسفة الوطن الواحد للمسلمين
كان واحداً من المسكونين بسؤال مواطنه أبو حسن الندوي صاحب كتاب "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين"، فسؤال النهضة وفلسفتها وإمكانية جمع المسلمين المتفرقين في شبه القارة الهندية في وطن واحد قوي كان الشغل الأبرز له.
في مثل هذا اليوم عام 1930م كان يلقي خطابا رئاسيا في مدينة الله أباد ليقدم رؤيته حول نظرية الدولتين والخطوط العريضة لرؤية إنشاء دولة باكستان كدولة قوية للمسلمين.
وُلد محمد نور محمد إقبال في باكستان وتحديدا في إقليم البنجاب في عام 1877م، وقد حفظ القرآن الكريم في طفلوته على يد والده الشيخ نور، والتحق بمدارس بلدته الابتدائية والثانوية، ثم التحق بالكليَّة الحكومية وهناك أثبت نباهة عالية حيث حصل عل ما يشبه المنحة الدراسية في ذلك الوقت لإكمال دراسته في بريطانيا عام 1905م والتحق بجامعة كامبردج، وتخصص في الفلسفة وعلم الاقتصاد.
أكمل إقبال دراساته العليا في جامعة ميونخ بألمانيا، حيث حصل على الدكتوراة في الفلسفة، وما لبث أن عاد إلى لندن؛ ليعمل في تدريس اللغة العربية في جامعتها، وحاضر كثيرًا عن الإسلام، فاشتهر كأحد الفلاسفة المسلمين وترجمت كتاباته في مختلف بقاع العالم، حتى أنه بات يشبه بالغرب بالفيلسوف الألماني "جوته".
وبرع إقبال خلال حياته بأشعاره المسكونة بالدفاع عن الإسلام في وقت كانت فيه بلاده تواجه أزمة هوية، وكان المسلمون يحلمون بوطن للمسلمين يوحدهم ويلم شعثهم، وقد جاب العالم يشرح فكرته وينشر اشعاره العميقة والتقى زعماء العالم عارضا عليهم الاسلام.
عمل إقبال بعد عودته إلى الهند في بواكير القرن الماضي محاميا بعد أن تخصص بهذا المجال أثناء إقامته في لندن، وانضم إلى عدد من الجمعيات والمنظمات الساعية إلى حماية الوجود الإسلامي في الهند بعد رحيل المستعمر البريطاني، وكان أول من اقترح فكرة تأسيس دولة خاصة بالمسلمين في القارة الهندية، وبدأت فكرة هذا الوطن تداعب وجدان إقبال وبرزت فكرة قيام دولة باكستان في ذهنه إلا أنه توفي قبل تأسيسها بحوالي تسع سنوات، حيث زرع الفكرة في رأس القيادي الباكستاني محمد علي جناح الذي أكمل الفكرة وطبقها على الأرض وكان مؤسس دولة باكستان الحديثة.
أصبحت باكستان عام 1947م دولة مستقلة عن الهند، حيث بات المسلمون فيها أحرارا من تعصّب الهندوس الأعمى وتحكمهم، وجسدت الدولة في بواكيرها فكرة إقبال إقبال الذي لا يزال يحظى بحضور كبير لدى الباكستانيين الذين يعتبرونه المؤسس الحقيقي للدولة.
توفي إقبال عام 1938م بعد أن ترك خلفه عشرات المؤلفات الفلسفية والفكرية والتي تناولت سؤال النهضة بالنسبة للمسملين، وقد ترك العديد من الدواوين الشعرية التي ضمت حوالي اثني عشر ألف بيت من الشعر وصف نفسه في احداها بالقول؛
أنا نجل الصحراء والزهد ديني ****** وهما في سجيَّـتي ودمائي
أجهلُ الزهرَ والنسيمَ وما في ****** لوعة العندليب عند المساءِ
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: الشاعر والفيلسوف الهندي "محمد إقبال" الإثنين 02 يناير 2017, 8:59 am
وقصيدة شكوى وجواب شكوى يضعها بعض الباحثين بين روائع الأدب العالمي، وألقى شاعر الإسلام في مدريد محاضرة بعنوان: "العالم الفكري للإسلام وأسبانيا".
ومما قاله في قصيدة شكوى:
من ذا الذي رفع السيوف
ليرفع اسمك فوق هامات النجوم منارا
كنا جبالا في الجبال وربما سرنا
علـى مـوج البحار بحارا
بمعابد الإفرنج كان أذاننا
قبل الكتائب يفتـح الأمصارا
لم تنس إفرقيا ولا صحراؤها
سجَداتنا والأرض تقذف نارا
وكأن ظل السيف ظـل حديقـة
خضراء تنبت حولنا الأزهار
لم نخـش طاغوتا يحاربناولو
نصب المنايا حولنا أسوارا
ندعو جهارا لا إله سوى الذي
صنع الوجود وقدر الأقدارا
ورؤسنا يا رب فـوق أكفنا
نرجوا ثوابك مغنما وجوارا
كنا نرى الأصنام مـن ذهـب
فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا
لو كان غير المسلمين لحازها
كنزًا وصاغ الحلي والدينارا
ومن الألى ِِِِحملوا بعزم أكفهم
باب المدينة يوم غزوة خيبرا
أم من رمى نار المجوس فأُطفِئت
وأبان وجه الحق أبلج نيرا
ومن الذي بذل الحياة رخيصة
ورأى رضاك أعز شئ فاشترى
نحن الذين إذا دعوا لصلاتهم
والحرب تسقي الأرض جاما أحمرا
جعلوا الوجوه إلى الحجاز وكبروا
في مسمع الروح الأمين فكبرا
ما بال أغصان الصنوبر قد نأت
عنها قماريها بكل مكان
وتعرت الأشجار من حلل الربى
وطيورها فرت إلى الوديان
يارب إلا بلبلا لم ينتظر
وحي الربيع ولا صبا نيسان
ألحانه بحر جرى متلاطما
فكأنه الحاكي عن الطوفان
يا ليت قومي يسمعون شكاية
هي في ضميري صرخة الوجدان
اسمعهمُ يارب ما ألهمتني
وأعد إليهم يقظة الإيمان
أنا أعجمي الدنِّ لكن خمرتي
صنعُ الحجاز وكرمها الفينان
إن كان لي نغم الهنود ولحنهم
لكن هذا الصوت من عدنان
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: الشاعر والفيلسوف الهندي "محمد إقبال" الإثنين 02 يناير 2017, 9:00 am
كلمات قصيدة : حديث الروح (ديني)
حديث الروح للأرواح يسري وتدركه القلوب بلا عناد هتفت به فطار بلا جناح وشق أنينه صدر الفضاء ومعدنه ترابي ولكن جرت في لفظه لغة السماء لقد فاضت دموع العشق مني حديثاً كان علوي النداء فحلق في ربا الأفلاك حتى أهاج العالم الأعلى بكائي
تحاورت النجوم وقلن صوت بقرب العرش موصول الدعاء وجاوبت المجرة علّ طيفاً سري بين الكواكب في خفاء وقال البدر هذا قلب شاك يواصل شدوه عند المساء ولم يعرف سوى رضوان صوتي وما احراه عندي بالوفاء
شكواي أم نجواي في هذا الدجى ونجوم ليلى حُسدي أم عودي أمسيت في الماضي أعيش كأنما قطع الزمان طريق أمسي عن غدي والطير صادحة على آفاقها تبكي الربى بأنينها المتجدد قد طال تسهيدي وطال نشيدها ومدامعي كالطل في الغصن الندى فإلى متى صمتي كأني زهرة خرساء لم ترزق براعة منشد
قيثارتي ملأى بأنات الجوى لابد للمكبوت من فيضان صعدت إلى شفتي خواطر مهجتي ليبين عنها منطقي ولساني أنا ما تعديت القناعة والرضا لكنها هي قصة الأشجان يشكو لك اللهم قلب لم يعش إلا لحمد علاك في الأكوان
من كان يهتف باسم ذاتك قبلنا من كان يدعو الواحد القهارا عبدوا الكواكب والنجوم جهالة
لم يبلغوا من هديها أنوارا هل أعلن التوحيد راع قبلنا وهدى القلوب إليك والأنظارا ندعو جهاراً لا إله سوى الذي صنع الوجود وقدر الأقدارا
إذا الإيمان ضاع فلا أمان ولا دنيا لمن لم يحيي دينا ومن رضي الحياة بغير دين فقد جعل الفناء لها قرينا وفي التوحيد للهمم اتحاد ولن تبنوا العلا متفرقينا
ألم يبعث لأمتكـم نـبي يوحدكم على نهج الوئام ومصحفكم وقبلتكم جميعاً منـار للأخوة والسلام وفوق كل رحمن رحيم إله واحـد رب الأنـام