النسيان .. حين يكون نعمة
الدستور _ إسراء خليفات
البعض يعرف الذاكرة بأنها العملية التي تحفظ المعرفة على مر الزمن وهناك من يقيِم الذاكرة كوعاء حي، وتستقر المعلومة التي يتعرف عليها العقل في ذلك الوعاء الذي يسمى بالذاكرة (الحافظة). وبسبب تلك الذاكرة فاحيانا يثقل الرأس وترتجف اليدان، وفجأة يتمنى المرء منا أن تنشق الأرض وتبتلعه والسبب تعثر في الشارع أمام الناس، أو الخروج بملابس البيت فيتمنى كل منا أن يصاب فجأة بحالة نسيان كبيرة أو القوقعة، وهي حالة نسيان لحظي للحاضر.
فحص نظر
لم يتصور هايل .ك ،الذي ذهب لفحص نظره في شركة بصريات أن تلك الصبية التي تقوم بفحص النظر بوضع يدها على وجهه حيث انتفض وصرخ بعدم اقترابها ولا يجب حدوث ذلك الامر الذي جعله يشعر بالاحراج الشديد حيث ظن انها تتحرش به وهي كانت تقوم بفحص نظره ويجب ان تلمسه .
مبينا ان الامر منذ خمس سنوات الا انه لغاية الان لم يستطع نسيانه ويتمنى لو يصبح لديه فقدان ذاكرة لنسيان هذا الموقف الذي جعله اضحوكة لجميع المتواجدين في المكان.
كانت فاطمة .ع، طالبة جامعية مع زميلاتها في رحلة وبينما هي منشغلة في حديث شيق مع صديقتها، لم تنتبه لوجود حجر أمامها فتعثرت فيه وسقطت أمام البنات اللاتي ضحكن عليها، قائلة فاطمة: لكني لم أضحك بل انزعجت من الموقف وتمنيت لو ان يعود الزمن خمس دقائق للوراء ولا اتعثر امام الجميع ما جعلني لغاية الان اتلاشى الحضور امام الاشخاص الذين سقطت امامهم .
عقد نفسية
يقول الطبيب النفسي محمد الدباس بأنه عالج حالات لاشخاص بسبب مواقف جعلت لديهم عقد نفسية على سبيل المثال عدم الوقوف امام الناس والتحدث اليهم نتيجة موقف جعل الاخرين يستهزى منهم. يتابع للأسف لدينا أسلوب تربية خاطئ في كبت الطفل، ومنعه من الاندماج كعزله أثناء حضور ضيوف في غرفته أو عدم التحدث معه عن نشاطاته وواجباته المدرسية.
مبينا الدباس انه في ذاكرة كل إنسان تنطبع مواقف ولحظات حرجة لا تنسى، قد تبكيه في البداية حين حدوثها، ولكنها تجعله يضحك منها ومن نفسه كلما تذكرها. والحال أنه كثيرا ما يتذكرها، لأنها مواقف مؤثرة لا تمحوها الأيام. إنها حوادث، ومواقف، ولحظات ربما كان بعضها مؤلما أو صادما، تعرض لها الإنسان هنا وهناك، في الطريق، أو المدرسة، أو الجامعة، أو في مناسبات اجتماعية.
لكنها ترتبط جميعها بالضحك الذي يختم هذه المواقف الطريفة رغم ما تسببه لصاحبها من إحراج وضيق، فكلما يتذكرها الشخص عادت إليه نوبة الضحك، وكأن الموقف يعيد نفسه من جديد.
قهقهات
عبير.م، لا يفارق ذاكرتها الموقف المحرج الذي حدث لها في أول يوم دوام في الجامعة، وهو الموقف الذي ما تزال حتى الآن يصيبها بنوبة من الضحك والقهقهات كلما تذكرته. تقول «كنت في أول يوم دخولي إلى الجامعة، متوترة جدا، أمشي وأنا أشعر كأن كل الناس ينظرون إلي، فإذا بقدمي تغرق إلى النصف في أحد المناهل غير الثابتة. لقد مشيت من حيث لا أدري فوق ذلك المنهل فنزلت قدمي فيه ولم أستطع إخراجها منه.
وتضيف: تجمع من حولي مجموعة كبيرة من الفتيات والشباب، لمساعدتي على إخراج رجلي، ومنهم من وقف يضحك أمام ذلك الموقف الظريف والمحرج معا، ولكنني من شدة إحراجي وخجلي صرخت فيهم جميعا أن يبتعدوا عني، قائلة دعوني سأخرج رجلي بنفسي.
ولا تنكر عبير انها تمنت في ذلك اليوم انها لم تأتي الى الجامعة الذي لم تنساه لغاية الان حيث كلما تذكرته ضحكت وبشدة وهو من المواقف الذي لا يمكن نسيانه .
الشعور بانها كبرت
وتذكر فرح .ج، الموقف الذي صادفها قبل سبع سنوات و لغاية الان لم تنسَه حيث كان حفل زواج ابن عمتها وفي ذلك الوقت قد انتهت من امتحانات الثانوية العامة .
تروي: «حيث بدأت اجهز نفسي في ذلك اليوم واستعد لأن أهيئ نفسي لكي أبدو في يوم الفرح بما يليق بمقامي بعد أن كبرت وأنهيت الدراسة، وبما يليق بهذه المناسبة السعيدة. وأعددت فستان السهرة، وذهبت إلى صالون التجميل، استعدادا للحفلة.
وتكمل حديثها :ذهبت للحفلة، وبدأت مظاهر الفرح وأطلقت الألعاب النارية وفيما كنت أقف وسط المدعوين إذا بقطعة خشب من تلك القطع النارية تنزل فوق جبيني كالصاعقة، لتصيب جبيني في الحال بالانتفاخ والاحمرار.
تقول فرح إن حظي كان سيئا في تلك الليلة، لأنني اضطرت أن أبقي شعري على جبيني بطريقة «رعناء» طوال ساعات الفرح، حتى أخفي ذلك الانتفاخ الذي أزعجني واضاع بهجتي وفرحتي واحساسي بأنني كبرت الأمر الذي جعلني أمكث جالسة في مكاني طوال الوقت، بدون حراك. وتشير إلى أنه كان يوما من أسوأ أيام حياتها، فهي الآن كثيرا ما تبدأ في الضحك فجأة كلما تذكرت تلك الحادثة المزعجة.
احراج
ويبين عامر.ق، بأنه من الاشخاص الذين تعرض لمواقف يعتبره حقا محرجا ولا يستطيع نسيانه حيث جعل لديه ردة فعل تحذيرية ويذكر الموقف حيث انه انعزم الى احدى القاعات الاعراس لعرس لاحدى اصدقائه حيث لبى الذهاب الى الحفل وما وصل الى القاعة الا انه شعر بأمر غريب عندما لم يجد احد من زملائه واقاربه في الحفل وحيث كانت جميع الوجوه غريبة وبدأ بالمباركة على الموجودين حتى يفاجأ بدخول العروس والعريس حيث لم يكونوا هم المقصودين الأمر الذي سبب له الاحراج واصبح لا يعرف كيف يتصرف وينسحب من الحفل بطريقة لا تثير انتباه احد. مبينا انه بادر الى إجراء مكالمة مع إحد الاصدقاء ليدرك أخيرا أن الزفاف في فندق آخر.
ويضيف أن هذا الموقف لن ينساه ما عاش، فالإحراج الذي وقع فيه لا يوصف، الى جانب أنه من أكثر المواقف المضحكة التي حصلت معه في حياته ومن الصعب أن تتكرر مرة أخرى لانه اصبح يدقق جيدا بأي عزومة يتم دعوته اليها.
التاريخ : 17-06-2013