عقاب الطفل .. التوجيه أبلغ من الضرب

عقاب الطفل .. التوجيه أبلغ من الضرب

قد يصدر عن الطفل افعال تزعج الاهل، وحتى لا يكرر الطفل القيام بهذا الفعل او النطق بكلمات غير مناسبة، فالحل الامثل عند معظم الاهالي هو العقاب، حتى يميز الطفل ان ما صدر منه لا يليق، كانت الطريقة المشهورة لمعاقبة الطفل، فيطلب منه الوقوف في الزاوية في غرفة الجلوس أو غرفته أو في المطبخ لمعاقبته على تصرف سيئ بدر منه.والطفل يخضع لهذا العقاب من دون اعتراض فيقف في زاوية الغرفة، وجهه إلى الحائط وعيناه تدمعان للظلم الذي لحق به كما يظن.

وهناك من يغالي في معاقبة الأطفال على السلوك السيئ، وهناك من يكون معتدلاً في هذا الأمر؛ وهناك من يرى أن عقاب الطفل خاصة في السنوات الأولى شيء مرفوض. وأمام هذه الآراء العديدة كان التساؤل الذي يجول بخاطر كل أم وأب هل معاقبة الطفل ضرورية أم غير ضرورية، وكيف تتم معاقبة.

اساليب

تبين الاخصائية التربوية رواند سليم وهو ام لثلاثة اطفال ان اسلوب معاقبة الطفل وخاصة الوقوف في احد زوايا المنزل، فهو برأيي كأخصائية وأم ان هذا الأسلوب في التربية يشكّل بكل تأكيد تطورًا ملحوظًا مقارنة بالعقاب الجسدي. ومع ذلك فإن اختصاصيي التربية أدركوا أن استعمال هذا الأسلوب خبط عشواء، تحديدًا عندما يمارسه الأهل بشكل منظّم في كل المواقف التي تحتاج إلى تأديب، يفقده معناه.ففي كل مرة تجد الأم أن طفلها يستحق العقاب، عليها بداية محاولة معرفة سبب تصرّفه السيئ، وعندما تعرف السبب عندها تقرر ما إذا كان وقوفه في الزاوية هو العقاب الأمثل.وعليها أن تتذكر أن التأديب هدفه تعليم الطفل الفرق بين السلوك الجيد والسلوك السيئ.

تكرار الفعل يفقد معناه

وتضيف رواند: «من الأفضل أن تبادر الأم بحسم الأمر قبل أن يسوء الموقف بشكل كلي. وذلك لتجنّب تزايد غضب الطفل فيصبح عارمًا وعامًا.وعليها أن تدرك أن هذه ليست اللحظة المناسبة للدخول في شجار أو تفسير الأمور وتبرير قرارها، بل يمكن الأم القول لطفلها بحزم وببساطة: نحن فعلا بحاجة إلى وقت مستقطع .ومن ثم تُجلسه بالقرب منها لمراقبته وللتأكد أنه في أمان. كما يمكنها العد حتى العشرة ومن ثم التحدث إليه عما حصل والشرح له لماذا اتخذت هذا الموقف بهذه الطريقة».

هذا إذا كان الطفل قادرًا على السيطرة على غضبه. خالدة نواف تبين ان اسلوب المناقشة والهدوء لا ينفع مع اطفالها كونهم لا يستمعون لها وقت المناقشات الحادة، وان ما جاءت به الاخصائية رواند فهو لا يناسب اطفالها ونوعية شخصياتهم، تقول خالدة :» بحسب رأيي والخبرات التي اكتسبتها من امي وبعيدا عن كتب التربية فان

الطريقة المثلى إذا كان الطفل يشعر بتوتر شديد وإذا لم يكن في مقدوره السيطرة على تصرفاته، هي البقاء بقربه ومساعدته ليهدأ. خلال توقفه اللعب على الأم أن تحاول التحدث معه عن مشاعرهما وعواطفهما والموقف القائم، فإبعاده عن المكان الموجودة هي فيه يشعره بأنه مهمل ومرفوض في الوقت الذي يكون في حاجة إلى والدته».

وتضيف رواند: «واحيانا تكون الأم مشوشة ولا تستطيع السيطرة على رد فعلها، فربما هي في حاجة إلى الجلوس وحدها وبهدوء، على أن توفر لطفلها ما يشغله خلال هذه المدة.اما إذا كان الطفل يستطيع السيطرة على انفعالاته ومع ذلك يتصرف في شكل سيئ ويتعنت بموقفه، فربما معاقبته بالوقوف في الزاوية طريقة يمكن اعتمادها، فهذا يبعث إليه برسالة أن تصرفه غير مقبول».

العقاب وسيلة وليس غاية

وتبين الاخصائية التربوية مروة صلاح: «تواجه الأم الكثير من المواقف التي تحتاج فيها لمعاقبة طفلها إذا فعل أمرا غير مناسب، أو حتى قد تحتاج لمعاقبة ابنها المراهق إذا لم يحترم سلطاتها وقراراتها، مع الوضع في الاعتبار أنه أيا كان عمر طفلك فعليك أن تكوني حازمة ولا تسحبي كلامك إذا كنت قد قررت معاقبة الطفل.عندما تريدين معاقبة طفلك في الزاوية، عليك أن تتذكري هذه الأمور ان لا تشرعي في استعمال هذه الطريقة في العقاب قبل السنة الثانية من عمر طفلك، بضع دقائق كافية لوضعه في الزاوية ليشعر بالعقاب. فالطفل لا يحب أن يكون مبعدًا فترة طويلة، لا تستعملي هذه الطريقة بشكل مستمر».

مؤشرات

وتضيف صلاح :» لا تضعي الطفل أبدًا في مكان يخيفه مثلاً في غرفة لا ضوء فيها، إذا أدركت أنك تعاقبين طفلك بوضعه في الزاوية في كل مرة يستفزك، فهذا مؤشر لوجود مشكلة. أعيدي النظر في كل المواقف الراهنة التي استعملت فيها هذه الطريقة لأجل العقاب أو لأجل الهدوء. ويجب ان تحاول الام فهم السبب الذي يجعله يتصرف بشكل سيئ. كما يجب عليها ان تفكر في استراتيجية ملائمة لإيقاف هذا السلوك لتكون حلاً جذريًا. ومن ثم تستعد لاستعمالها في المرة المقبلة حين يعود الموقف، يمكنك أيضًا أن تسأل نفسها الام ما إذا كانت متطلباتها كثيرة أو بعض الأمور التي تربكها لا تنعكس سلبًا على علاقتها بطفلها، كما يمكنها التحدث إلى أم أخرى لديها أبناء في مثل سن طفلك، أو إلى المسؤولة في الحضانة، ففي إمكانهما مساعدتك على تقويم الموقف».

وتؤكد صلاح: «ينبغي أن يدرك الآباء والأمهات أن طرق معاقبة الأطفال على السلوك السيئ؛ تعد وسيلة وليس غاية وأن هدفه ومنطلقه هو تجنب الطفل ممارسات سلوكية معينة مما يؤكد أساس تربية الطفل تربية سليمة، ويُفضل أن تأتي معاقبة الطفل على السلوك السيئ بعد مرات متتالية من الإنذار وليس عقاباً فجائياً مفروضاً من أعلى، بمجرد أن يبدأ طفلك في النمو وخاصة في الفترة ما بين ثلاثة وخمسة أعوام، فإنه سيبدأ في استيعاب العلاقة بين الأفعال والعواقب، ولذلك ففي تلك الفترة عليك أن تعرفي طفلك على قواعد العائلة والمنزل. عليك أيضا أن تخبري طفلك ماذا تتوقعين منه وكيف يجب أن يتصرف قبل أن تقومي بمعاقبته على تصرف معين».