القصة الكاملة لجبريل الرجوب
بقلم : مصطفى عبد الجواد
في الوقت الذي يسطر فيه الفلسطينيون واحدة من أروع صفحات الصمود والتحدي في جنين " المدينة والمخيم " ونابلس ورام الله وغيرها من مدن الكفاح الفلسطيني ، ثارت العديد من التساؤلات والشبهات حول حقيقة ما حدث في مقر الأمن الوقائي الفلسطيني في الضفة الغريبة ، وأشار البعض بأصابع الاتهام إلى مدير الجهاز العقيد جبريل الرجوب ، وحمله مسئولية تسليم العديد من رجال المقاومة الذين كانوا محتجزين في سجن الرجوب داخل مقر الجهاز لقوات الاحتلال في صفقة مريبة ، ومن ناحية أخرى ربط البعض ما حدث بالروايات التي تردد في وقت سابق عن سعي الرجوب لخلافة عرفات بدعم من الصهاينة ، و قصة تحول جبريل الرجوب " السجين " في معتقلات الاحتلال الى اشهر " سجان " عرفته السلطة الفلسطينية خلال سنوات عمرها القصيرة تعد واحدة من أكثر ملفات القيادات الفلسطينية إثارة .
ولد جبريل الرجوب - الذي ربما يكمل عامه الخمسين بعد أشهر قليلة - لإحدى العائلات الكبيرة الثرية في بلدة دورا الواقعة جنوبي جبل الخليل ، وانضم في سن مبكرة لحركة فتح ، حيث شارك في بعض العمليات العسكرية الصغيرة ضد قوات الاحتلال في الخليل ، وقبل أن يكمل الـ17 عاما ألقت قوات الاحتلال القبض على الرجوب بعد قيامه بإلقاء قنبلة يدوية علي سيارة عسكرية صهيونية ، وصدر بحقه حكم بالمؤبد خاصة بعدما اتهمته المحكمة الصهيونية بالانضمام لحركة فتح ، وقضى الرجوب فترة العقوبة متنقلا بين عدة سجون صهيونية .
تركت فترة السجن انعكاسات كبيرة في حياة الرجوب ، خاصة أنه دخل السجن في مرحلة عمرية حرجة حيث كان على أعتاب مرحلة المراهقة ، ولكن يبدو أن الرجوب كان عقلانيا بدرجة تفوق سنوات عمره القليلة ، لذا عكف في السجن على دراسة اللغة العبرية وأتقنها بطلاقة كتابة وتحدثا ، كما أنه نما حبه للزعامة داخل السجن وتحول في فترة قصيرة إلى أحد قادة السجناء الفلسطينيين . .
وفي عام 1985 شهد وجود الرجوب في السجن تحولا دراماتيكيا ، حيث نفذ رجال أحمد جبريل زعيم " الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة " عملية احتجاز لرهائن صهاينة ، وتم عقد صفقة للإفراج عن مئات السجناء الفلسطينيين مقابل إنهاء العملية بسلام ، وكان الرجوب من بين الأسرى الذين تم الإفراج عنهم ، وبدلا من العودة إلى قريته في الخليل ، قرر الرجوب الانتقال للعيش في رام الله ، والتحق بوظيفة بسيطة في بيت الشرق رمز الوجود الفلسطيني في القدس الشرقية ، والذي كان يرأسه الراحل فيصل الحسيني .
وتشير بعض التقارير إلى أن وجود جبريل الرجوب في بيت الشرق كان مجرد غطاء لعمله الحركي في حركة فتح ، لذلك فإنه نشط بين صفوف الفلسطينيين مع اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987 ، وهو ما دفع السلطات الصهيونية لترحيله إلى الأردن ، ومنها انتقل الرجوب إلى تونس ، حيث التحق بالعمل مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ، ونجح في التقرب منه بسرعة ، وخلال فترة قصيرة أصبح جبريل الرجوب أحد أقرب خلصاء عرفات ، واستمرت تلك العلاقات القوية بين الرجلين - رغم ما شهدته من شد وجذب - حتى أيام قليلة ، حيث خضع عرفات لحصار مهين من جانب قوات الاحتلال داخل مقره في رام الله ، في حين كان جبريل الرجوب طليق السراح في مكان مجهول ، يؤكد البعض أن الصهاينة فقط هم من يعرفون طريقه .
ومازالت قصة صعود الرجوب إلى رئاسة جهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية غير واضحة بالنسبة للكثيرين، فالرجوب الذي خلع عليه عرفات رتبة " العقيد " لم يتلق أي تعليم عسكري ، كما أنه لم يكمل تعليمه الثانوي ، ولم يعرف عنه قدرات عسكرية سواء داخل فلسطين أو في الشتات.
وهناك رواية نشرت مؤخرا بخصوص هذا الموضوع، وبرغم عدم التأكيد من صدق تلك الرواية من عدمه ، إلا أن عدم صدور نفي لها من جانب الرجوب أو السلطة، يزيل الحرج من نشرها.
ويقول صاحب الرواية يعقوب بيري رئيس جهاز الأمن العام الصهيوني السابق (الشاباك) أنه قام في أعقاب التوقيع على اتفاق أوسلو بترشيح كلا من جبريل الرجوب ومحمد دحلان لرئيس الوزراء الصهيوني السابق اسحق رابين للعمل معهما بشان تنفيذ الاتفاقات الأمنية بين الجانبين الصهيوني والفلسطيني.
ويذكر بيري في مذكراته " مهنتي كرجل مخابرات " التي صدرت ترجمتها العربية مؤخرا أنه لم يكن يعرف الرجوب ودحلان شخصيا ولكنه كان " يعرف عنهما كل شيء " ، لذلك فإنه اقترح على رابين أن يتوجه مع رئيس الأركان - في ذلك الوقت - امنون شاحاك إلى تونس لإجراء حوارات سرية مع الاثنين ، ولكن بيرى تراجع عن السفر لتونس وسافر شاحاك بمفرده ، حيث التقى بعرفات الذي وافق على إجراء الحوار مع الرجوب ودحلان .
ويروي بيري أنه شارك في الحوارات مع الرجوب ودحلان وتوطدت العلاقات الشخصية بين بيري وبينهما ، وأن الرجوب كان يتصل به بعد كل عملية فدائية تقع ويسأله عن صحته وصحة زوجته والأولاد ، ويؤكد بيري أن الرجوب كان يبذل قصارى جهده لحل كل مشكلة أعرضها عليه .
ونجح الرجوب منذ توليه قيادة جهاز الأمن الوقائي بالضفة في مايو 1994 ، في تحويل الجهاز إلى أكثر الأجهزة الأمنية انضباطا وكفاءة خاصة في مجال مواجهة وتقويض البنية التحتية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي ، واعتبر المراقبون جهاز الرجوب نظيرا لجهاز الأمن العام الصهيوني " الشاباك " ، وإن كان من الناحية العملية يتمتع بسلطات وصلاحيات أوسع بحكم تحرره من أي رقابة قانونية ، وشملت نشاطات الجهاز مجالات أمنية وسياسية واجتماعية واقتصادية تتعلق بالأمن الداخلي الفلسطيني ، واعتمد الرجوب خلال اختياره لأعضاء الجهاز على رفاقه في السجن ومعارفه المقربين ، وذلك كي يضمن ولاءهم التام له وللجهاز ، وتلقى أعضاء الجهاز دورات تدريبية في مجال القمع ومكافحة تنظيمات المقاومة تحت إشراف وتدريب خاص من قبل أفراد المخابرات الأمريكية.
وتمتع العاملون في جهاز الأمن الوقائي بمرتبات ومزايا فاقت بمراحل ما يحصل عليه نظرائهم في الأجهزة الأمنية الأخرى ، وكان أعضاء الجهاز يتلقون راتبين أحدهما من ديوان الموظفين في السلطة الفلسطينية والآخر من الميزانية الخاصة التابعة للجهاز ، حيث احتكر الجهاز إيرادات عدة مؤسسات اقتصادية في الضفة درت عليه ملايين الدولارات سنويا ، ومن تلك المؤسسات " هيئة التبغ الفلسطينية " إضافة إلى نسبة من دخل كازينو " أريحا " للقمار، التي قدر نصيب الجانب الفلسطيني من أرباحه بأكثر من مليون دولار يوميا ، وقد تولى رجال الرجوب حماية وتأمين الكازينو والمنشآت التابعة له ، وذلك بالتعاون مع مجموعة من ضباط جهاز الأمن الصهيوني " الشاباك "المتقاعدين .
وحكاية الرجوب مع كازينو أريحا تعد من الحكايات المثيرة لدى الشارع الفلسطيني ، وقد كشفت مجلة " المجلة " اللندنية عن أن المومسات العاملات في أريحا ورام الله والوافدات من الخارج للعمل في الكازينو يحملن هويات أمنية صادرة من جهاز الأمن الوقائي ، ونشرت المجلة صورا لبعض العاملات في هذه المحلات والكازينوهات مع صور الهويات التي لا يحملها إلا رجال المخابرات.
وقصص الرجوب مع الهويات الشخصية لم تنته فقط عند هويات العاهرات ، حيث كشفت صحيفة " يديعوت احرونوت " النقاب عن أن الرجوب - نفسه - يتنقل بجواز سفر صهيوني يستخدمه في أسفاره المتكررة إلى واشنطن وأوروبا في حماية رجال الأمن الصهاينة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكشف عن جواز سفر الرجوب الصهيوني جاء صدفة أثناء حصر أسماء المسئولين الذين يحملون هويات صهيونية، مشيرة إلى أن الآلية التي حصل بها الرجوب على وثيقة السفر الصهيونية مازالت غير معروفة
ولم تقتصر العلاقة ما بين الرجوب والكيان فقط على التعاون في تأمين كازينو " أريحا " ، فالرجل كما تؤكد صحيفة " كورييري ديلاسيدا " الإيطالية " نما وترعرع في الأراضي المحتلة ونسج خيوط شبكة من العلاقات التي حملته إلى قيادة جهاز الأمن الوقائي، وحافظ على العلاقات مع رفاقه الصهاينة، وله قناة مفتوحة مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية " .
وقد ساعدت الولايات المتحدة الرجوب في تشييد مقره الجديد في بيتونيا ، وهو أشبه بالقلعة ، إذ يتكون من 7 طوابق ثلاثة منها تحت الأرض تشتمل على زنازين صغيرة وساحات مفتوحة للاعتقال تتسع لمائة معتقل مرة واحدة في حين تشتمل الطوابق العليا على غرف المحققين وغرف لرصد وسائل الإعلام وجناح للتنصت.
وتصف صحيفة " يديعوت احرونوت " مقر الرجوب بأنه " الأكثر تطورا وأبهة من بين مقرات الأجهزة الأمنية الفلسطينية " ، حيث انه يتكون من عدد من الأبنية الحديثة التي تضم المكاتب وأجهزة الاتصال والدعم اللوجستي التي تحتوي على أجهزة كثيرة ، والمبنى تم تخطيطه بشكل جيد حيث شيدت مخازن وجراجات وساحات للوقوف ومنشآت تدريبية وغرف تحقيق واعتقال وشبكة سكن وخدمات لمئات الموظفين في الجهاز .
ولعبت العلاقة القوية التي نجح الرجوب في نسجها مع كل من واشنطن وتل أبيب دورا كبيرا في حسم الصراعات التي خاضها الرجوب مع منافسيه داخل السلطة الفلسطينية خاصة جهاز المخابرات العامة الذي يقوده أمين الهندي ، حيث نجح الرجوب في تحجيم دور الهندي واقتنص الكثير من صلاحياته وسلطاته ، ويؤكد البعض أن أي فلسطيني كان لا يستطيع العمل في مؤسسات السلطة أو السفر إلى الخارج أو ترخيص مكتب دون الحصول على إذن مسبق من جهاز الأمن الوقائي، كما تم فصل العديد من المواطنين من أماكن عملهم بسبب قرارات صادرة عن جهاز الأمن الوقائي ، خاصة بالنسبة للمتعاطفين مع حماس والجهاد .
وتعد الحملة التي قادها الرجوب ضد حركتي حماس والجهاد خلال الخمس سنوات الماضية ، هي الحلقة الأكثر شهرة في خدمات الرجوب الأمنية لإسرائيل ، فالرجل قام - مع نظيره في غزة العقيد محمد دحلان - بقصم ظهر المقاومة الفلسطينية ، وتعرض العديد من نشطاء حماس والجهاد للملاحقة والاعتقال والتعذيب داخل مقرات الرجوب ودحلان، كما تسببت اجتماعات التنسيق الأمني التي عقدها الرجلان مع الصهاينة في تفكيك العديد من خلايا المقاومة ، وكشف أفرادها لقوات الاحتلال.
ولكن يحسب للرجوب أنه فاق دحلان بقيام رجاله بتصفية العديد من كوادر المقاومة ، وقد اتهمته حركة حماس - صراحة وبالاسم - بالمسئولية عن قتل وتصفية المهندس محيي الدين الشريف خبير المتفجرات الأول في كتائب القسام، وذلك في إبريل 1998 ، وقد ترددت شائعات في حينها أن الرجوب عمد إلى إخفاء جريمته بأن وضع جثة الشريف داخل سيارة مفخخة، ثم أصدر بيانا أكد فيه أن الشريف تم تصفيته نتيجة خلافات مادية بين قادة كتائب القسام ، ولكن الكتائب نفت تلك الروايات ، وأكدت أن رجالها طلاب شهادة وليس مالا.
وشكل ما عرف بقضية " خلية صوريف " التصادم الأعنف بين الرجوب وحماس ، حيث اتهمته الحركة بتسليم خلية من كتائب القسام يقودها القيادي عبد الرحمن غنيمات وثلاثة من أبناء عمومته لقوات الاحتلال في صفقة مشبوهة تمت في اكتوبر 1997، وكان غنيمات ورفاقه قد نفذوا عدة عمليات ضد المستوطنين اليهود في الخليل ، أسفرت عن مقتل 13 مستوطنا، كما وقفت الخلية وراء الهجوم على مقهى " ابروبو " ، وقد أصدرت محكمة صهيونية أحكاما قاسية على رجال حماس ، وبلغت الأحكام الصادرة بحق القيادي غنيمات 26 حكما مؤبدا، وقد يسقط الكثير من ألغاز ما حدث في عملية تسليم رجال المقاومة للعدو الصهيوني إذا عرفنا أنه كان من ضمن قتلى الخلية خمسة من المستوطنين يحملون الجنسية الأمريكية !!!! .
ومع اندلاع الانتفاضة في سبتمبر 2000 لم يحدث تغير في موقف الرجوب من حماس والجهاد ، وإن كانت مهمته قد تعقدت بدرجة كبيرة ، حيث انضم العديد من كوادر فتح " الشرفاء " لعمليات الانتفاضة ، وهو ما شكل حرجا كبيرا للرجوب ، فالتعامل مع رجال فتح يحتاج الى توازنات وحسابات معقدة ترتبط مباشرة بمواقع القوة والنفوذ داخل فتح ، وبرغم ذلك فان صحيفة " يديعوت احرونوت " ذكرت للرجوب ورجاله " انه بينما شرع الكثير من أعضاء الأجهزة الأمنية المختلفة في المشاركة في العمليات ، كان الحال مختلفا عند جبريل الرجوب ، فأتباعه انصاعوا لأوامر قادتهم ولم تحدث حادثة واحدة شارك فيها عناصر الأمن الوقائي في عمليات، وعلي هذه الخلفية أحجم الجيش الصهيوني عن مهاجمة منشآت الرجوب " .
وأدى ذلك الموقف من الرجوب ورجاله إلى حمل القادة الميدانيين لحركة فتح على توجيه انتقادات عنيفة له ، واتهم حسام خضر احد قادة فتح في نابلس - على خلفية عملية اغتيال صهيونية لأربعة من قادة حماس بنابلس - " أناسا في السلطة الفلسطينية بأنهم ما زالوا يصرون على لعب دور الشرطي ل"إسرائيل" والسهر على أمنها والغدر بالمواطنين والشرفاء من أبناء شعبهم والإغراق في التنسيق الأمني ، والاستمرار في اعتقال المناضلين والشرفاء وملاحقتهم " .
واتهمت " فتح " في بيان لها الرجوب وجهازه بان دوره " لم يقف عند عدم المشاركة فيما يجري بل تعداه إلى لعب دور موازٍ ومرادف لدور الاحتلال عندما تم تحويل اخوتنا في الجهاز إلى مجرد حراس على أمن الصهاينة وإلى مجرد مرددين إلى دعاية نفسية قاتلة حول عدم جدوى المواجهة والمقاومة " بحسب البيان ، واصفة مقر جهاز الأمن الوقائي في بيتونيا بأنه " وكر تتم فيه مؤامرات خطيرة حيث يتردد عليه ضباط المخابرات الصهيونية والأمريكية ".
وجاءت عملية تسليم الرجوب لأعضاء المقاومة المحتجزين في مقر الجهاز في بيتونيا لقوات الاحتلال لتكسر كل الخطوط الحمراء الفلسطينية ، فالرجوب كما تؤكد صحيفة " يديعوت احرونوت " الصهيونية " كان الشريك النشط في التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني وهو الذي منع أتباعه من المشاركة في العمليات وهو الذي واصل الاحتفاظ بأتباع حماس في السجن، إلا أن دولة الكيان خانته ذلك لأن احتلالها لقيادته وضبطها لسجناء حماس الموجودين فيه حوله إلى متعاون في نظر أبناء شعبه".
ويؤكد الشيخ أحمد ياسين زعيم حركة حماس أن الرجوب ارتكب خطأ فادحا بعدم الإفراج عن المعتقلين من حماس والجهاد والجبهة الشعبية وكتائب شهداء الأقصى قبل اقتحام المقر من جانب قوات الاحتلال ، وأكد ياسين أنه اتصل بالرجوب عدة مرات قبل الاقتحام والتسليم وكذلك صدرت له ( الرجوب ) أوامر من السلطة بالإفراج عن رجال المقاومة وتركهم يقاومون ، لكنه رفض وقام بتسليمهم للعدو .
ولم تقتصر الاتهامات الموجهة للرجوب فقط على حماس والجهاد ، بل تعهدت حركة فتح أنها ستثأر لمعتقليها من الرجوب ، الذي اتهمته بالخروج عن الصف الوطني الفلسطيني ، مؤكدة أن " الرجوب في حالة اختفاء الآن ، لكنها ستصل إليه ، وتعرف كيف تثأر لمناضليها ولسائر المناضلين الوطنيين الشرفاء من الذين باعوهم لقوات الاحتلال " . كما أدانت السلطة تصرف الرجوب ، خاصة وان عرفات ( المحاصر ) أصدر أوامره لأفراد الأجهزة الأمنية بالصمود ومواجهة العدوان وعدم الاستسلام بأي شكل من الأشكال .
ومن جانبها ذكرت صحيفة " الجارديان " البريطانية أن عملية تسليم المقاومين جاءت بعد وساطة أمريكية، ولمحت إلى وجود علاقة وثيقة بين العقيد الرجوب والسلطات الأمريكية.
ولعل ما يزيد من شكوك البعض في نوايا الرجوب أنه تم الإفراج بسرعة عن رجال الرجوب الذين سلموا أنفسهم وأسلحتهم في مشهد مخزي بثته ومحطات التليفزيون ، في حين أبقت على 30 من رجال المقاومة منهم : 6 من كتائب القسام ، 6 من كتائب شهداء الأقصى ، وأحد عناصر الجهاد .
ويرى بعض المراقبين أن ما حدث في بتونيا حلقة من مسلسل الصراع على خلافة عرفات ، فالدوائر الأمنية الصهيونية طرحت اسمي الرجوب ودحلان كأحد البدائل المقترحة لخلافة عرفات ، ولكن اسم الرجوب برز أكثر من دحلان بوصفه أكثر ليونة وطواعية من الأخير ، ولعل تلك الليونة هي التي دفعت المبعوث الأمريكي انتوني زيني الى ان يطلب من عرفات تعيين الرجوب قائدا للأمن الوقائي في غزة إضافة للضفة .
ويبدو أن عرفات أدرك - متأخرا - مدى تغلغل الرجوب داخل الدوائر الصهيونية والأمريكية ، لذلك فإنه قرر استبعاده من طاقم التفاوض مع الصهاينة في حين أبقى على عضوية دحلان لفريق المفاوضات ، كما أن واقعة " الصفعة " الشهيرة التي وجهها عرفات للرجوب على خلفية مشادة حادة بين الرجلين ، اتهم خلالها عرفات الرجوب بـ " أنه يريد أن يحل مكاني" ، تدل على مدى تدهور العلاقة بين الرجلين ، خاصة وأن بعض المصادر اتهمت الرجوب بالوقوف وراء المنشور الذي نسب لحركة فتح وتضمن قرارا بحل كتائب شهداء الأقصى المحسوبة على الحركة ، وهو ما أثار غضب عرفات ، الذي يؤكد البعض انه دعم الكتائب بشكل غير مباشر في محاولة لرفع شعبيته المتدهورة في الشارع الفلسطيني.
وبغض النظر عن كون الرجوب متعاونا مع سلطات الاحتلال أم طامحا في خلافة عرفات ، فإن الرؤية الواضحة للموقف تؤكد أنه بدأ السير في طريق النهاية ، ولعل ذلك ما دفع أحد المحللين الصهاينة إلى القول بأن الرجوب دفع ثمنا باهظا بفعل الانتفاضة ، و إذا أردنا الدقة أكثر فلدينا المصطلح الذي أطلقه احد الصحفيين العرب على الأحداث الأخيرة في فلسطين مؤكدا أنها " الكاشفة " .. وحقا إنها الكاشفة !!!
أسماء المجاهدين الذين سلمهم الرجوب :
نشرت صحيفة " هآرتس " الصهيونية قائمة بأبرز المعتقلين الذين تم أسرهم خلال الاقتحام الصهيوني لمقر جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في رام الله ، والتى اتهمت فصائل المقاومة قائد الجهاز العقيد جبريل الرجوب بعقد صفقة مع سلطات الاحتلال لتسليمها هؤلاء المقاومين ، بعدما رفض كل النداءات بالإفراج عنهم أو منحهم أسلحة لمقاومة القوات الصهيونية.
وقد نشرت الصحيفة الأسماء مع نبذه بأهم الاتهامات - لائحة الشرف - التي توجهها دولة الكيان لهم وذلك كالآتي :
بلال البرغوثي (26 عاماً) من حماس من قرية بيت ريما قرب رام الله، وهو عضو في منظمة حماس وخبير بإعداد عبوات ناسفة، وكان البرغوثي سجيناً لدى جهاز الأمن الوقائي، لكنه كان يخرج في إجازات ويستمر خلالها بالعمل، وحسب الادعاءات الصهيونية زود البرغوثي حماس وتنظيم فتح بالعبوات التي استخدمت في عملية مطعم " سبارو " بالقدس وكان عضواً في خلية نفذت عملية الـ دولفنريوم بتل أبيب وعملية استشهادية أخرى بالتلة الفرنسية في القدس مؤخرا .
سليم حجة (30 عاماً) من قادة الذراع العسكرية لحركة حماس في شمال الضفة، ووفقاً لادعاءات الكيان أشرف حجة على مختبر المواد المتفجرة التابع لحركة حماس في مدينة نابلس ونسق بين شبكتي حماس في نابلس ورام الله، وهو المسئول عن نقل الاستشهادي الذي نفذ عملية مطعم سبارو وشارك بالعمليات في دولفنريوم وفي حي حليصة بحيفا.
إبراهيم أبو الرب (25 عاما) من بلدة بيتونيا خبير بالعبوات الناسفة وعضو في حماس. وحسب الادعاءات الصهيونية هو الذي اعد العبوة الناسفة التي انفجرت في شارع الأنبياء بالقدس في سبتمبر الماضي وساعد بإعداد سيارة مفخخة انفجرت في مستوطنة بسغات زئيف.
أشرف ناجي (26عاماً) عضو في حركة فتح من مخيم اللاجئين الأمهري قرب رام الله شارك حسب الادعاء الصهيوني بإطلاق النار على مستوطنة النبي يعقوب، في شباط الماضي وفي العملية التي وقعت في مطعم سيفود ماركت بتل أبيب.
ويليام خطيب (26 عاماً) من بيت ريما عضو في حركة فتح ووفقاً للادعاءات الصهيونية ترأس خلايا قامت بإطلاق النار ووضع عبوات ناسفة في شارع نفيه تسوف ـ عطروت شمال القدس.
هيثم حمدان 23 عاماً عضو في منظمة فتح ، ووفقاً لادعاءات الكيان كان عضواً في خلية نفذت عمليات إطلاق نار في القدس وفي شارع 443.
أحمد العاصي 27عاماً من كبار أعضاء فتح ، الذين نفذوا عملية في سيفود ماركت بتل أبيب وكان المسئول عن شراء المتفجرات التي استخدمت لإعداد أحزمة ناسفة قدمت لأعضاء تنظيم فتح الاستشهاديين.
أحمد علي أبو طه (22 عاماً) عضو في خلية البرغوثي وأبو الرب، وهو الذي أدخل سيارة مفخخة إلى بــسغات زئيف والاستشهادي الذي قام بعملية في شارع الأنبياء بالقدس