ماجد عويضة... يفضح وهن الدولة العبرية
لم تتوقف بعدُ الحرب الإلكترونية "السايبر" التي يخوضها أصحاب العقول الفذَّة المجهولون من عرب وفلسطينيين ضد دولة الاحتلال بعيداً عن التكلفة اللوجستية بالنسبة للعرب، وهو الأمر الذي أشعل حالة من الإرباك والقلق البالِغين لدى القيادة الصهيونية وخاصة العسكرية كونها باتت تشكل خطراً قوياً على أمنها القومي، لدرجة أن جهاز الشاباك الصهيوني اعتبر أن استمرار حرب السايبر ضد دولة الكيان تهدف لمحوها من شبكة الإنترنت.
وكان رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو قد قرر تشكيل سلطة حكومية جديدة توكَل إليها مسؤولية وصلاحيات مواجهة هجمات "السايبر". وفي هذا السياق أعلنت وسائل الإعلام الصهيونية قبل أيام انتزاع اعترافات أمنية من الشاب الغزي ماجد عويضية الذي تمَّ اعتقاله أثناء سفره من غزة إلى رام الله عبر حاجز بيت حانون الشهر الماضي للمشاركة في بعض الأعمال الفنية هناك، وخضع خلال فترة اعتقاله لتحقيقات مكثفة حول نشاطاته وعلاقته بالمقاومة الفلسطينية وحركة الجهاد الإسلامي.
ويزعم جيش الاحتلال أنه اعتقل مسؤول شبكة الحواسيب في حركة الجهاد الإسلامي، وهو يعمل مهندساً لدى حركة الجهاد الإسلامي، ومسؤولاً عن إعداد برنامج مراقبة طائرات الاستطلاع الإسرائيلية.
ويقول الإعلام الصهيوني إن المهندس ماجد عويضة اعترف أمام المحقق والقضاء الصهيوني في محكمة بئر السبع على جملة من الأنشطة التي تشكل خطراً على الأمن الصهيوني؛ حيث اشتملت لائحة الاتهام على:
- طوَّر عويضة برمجية خاصة نجح بفضلها الجهاد الإسلامي في اختراق منظومة الطائرات دون الطيار التي يستخدمها سلاح الجو الصهيوني في التجسس على قطاع غزة.
- طوَّر برنامجاً سمح لقادة الجهاد الإسلامي بمراقبة حركة الطيران في مطار بن غوريون والاطلاع على قائمة المسافرين وأنواع ووزن الطائرات وساعات الإقلاع والهبوط.
- التجسس وتسليم معلومات للمقاومة من خلال اختراق منظومات حاسوب في مؤسسات حيوية داخل الأراضي المحتلة.
- نجح في جمع معلومات دقيقة عن تحركات الجيش الصهيوني، ونقلها لجهة تهدف إلى تدمير الكيان الصهيوني كما يشير ألون بن ديفيد المعلق العسكري للقناة العاشرة الصهيونية. وتمكن من مراقبة حركة الشرطة في التجمعات السكنية أثناء الحرب الأخيرة على غزة قبل حوالي عامين.
- بناء مركز معلومات ضخم يضم معلومات حساسة تتعلق بالأمن الصهيوني.
لعل الغريب في الأمر أن التحقيقات الصهيونية تقول إن ماجد عويضة الذي لا يتجاوز 23 عاماً هو مسؤول الحاسوب في حركة الجهاد الاسلامي في غزة، وهو عبقري ويمتلك عقلية فذة، وعمل بمفرده، وبقدرات غير متطورة للغاية، ومع ذلك تمكن من إنجاز ما ذكره في التحقيقات، وهذا يضع جملة من علامات الاستفهام على الموضوع بأكمله من ناحية، ويشير إلى أن السلطات الصهيونية تُضخِّم الموضوع وتعطيه قيمة أكبر من جحمه، ولا يمكن لشاب عمره 23 سنة أن يكون مسؤول الحاسوب في تنظيم ضخم جداً فيه ما يكفي من العقول الناضجة والقدرات الكبيرة، لكن هذا لا ينفي أن يكون عويضة شاباً موهوباً.
لكن من المفيد الأخذ في الاعتبار تصريح رون بن يشاي المحلل العسكري في مقاله اليومي بصحيفة يديعوت أحرونوت، حيث اعتبر أن "الضرر الاستخباراتي الذي ألحقه عويضة بالجيش الصهيوني ليس كبيراً، لكن قدرته على اختراق المنظومة بسهولة كبيرة تثير القلق، وتضع علامات استفهام كبرى فوق أداء منظومة أمن المعلومات في الجيش الإسرائيلي".
بدون شك فإن للصهاينة أهدافاً عديدة وراء تضخيم هذه المسألة، وربما الهدف الأبرز هو الحصول على أكبر قدر من المعلومات المتعلقة بالمقاومة وقدراتها العسكرية والأمنية وغيرها، وهذا نابع من مدى الحاجة الصهيونية للمعلومات من أجل التعرف على التوجهات المستقبلية للمقاومة في حال وقعت أي مواجهة عسكرية، حيث تعاني غزة من حالة من الانكشاف الأمني والفوضى المعلوماتية وخاصة عبر الإعلام، وفي حال البحث عن هاشتاغ (#ماجد_عويضة) سنكون أمام معلومات لا داعي لنشرها على الإنترنت. وربما تواجه هذه القضية صمتاً مطبقاً وحذراً بالغاً من جانب المقاومة الفلسطينية؛ بحيث لا يتم نشر أي معلومة مهما بلغت؛ زادت او قلَّت أهميتها، بجانب التزام الصمت من قبل ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي والإعلاميين. علماً بأن الكيان الصهيوني يستقي معلوماته الأمنية بنسبة 90 - 95 % من المصادر العلنية.
وأيّاً ما كانت الأمور؛ فإن صدقت الروايات الصهيونية حول إنجازات ماجد عويضة الذي لم يتملك وسائل خاصة، فهذا يعني أن المنظومة الصهيونية ما هي إلا منظومة كرتونية أوهن من بيت العنكبوت يشعر الناظر إليها أنها شيءٌ عظيمٌ بينما هي في الحقيقة فارغة، ويشكل ضربة لسمعة جيش الاحتلال الذي يقدم نفسه أنه القوة الثالثة في العالم في الحرب الإلكترونية.
وبناءً على ما سبق يكون بمقدور أي شخص متخصص في علوم الحاسوب والسايبر أن يخترق منظومة الحواسيب الصهيونية من أي مكان في العالم ويفرض حالة من الشلل والكساح العام داخل دولة الاحتلال، وهذا بدوره يعطي فرصة كبيرة للهاكرز الناقمين على دولة الاحتلال لتلغيم مواقع الإنترنت وقواعد والبيانات وغيرها.