خطوبة «دون عقد قران» تحسباً للتبعات
بناء على طلب والدها وافقت العشرينية «نسرين...» على الخطوبة دون عقد القران حتى لا يطلق عليها وصف «مطلقة» إذا لم تنجح الخطبة.
«قرأنا الفاتحة بحضور الجاهة واقمت حفلة وبعد سنة سيتم الزواج وقبله بأيام سأعقد قراني»، تقول نسرين.
وبرأيها: «هكذا تم اختصار المشاكل التي قد تحصل عندما نريد فسخ العقد (...) فانا سيكتب عليّ كلمة «مطلقة» وندخل في قصص وقضايا بالمحاكم لينال كل منا حقه.. لكن بهذه الطريقة نخرج بهدوء ودون مشاكل».
«مررت بتجربة خطوبة مريرة»، هكذا وصف «محمد الأحمد» حاله: «بعد الخطوبة والاتفاق على المهر ومؤخر الصداق وعقد القران والحفلة، بشهر، كثرت المطالبات المادية، فاختلفت مع والد العروس، ومنها الى المحاكم..».
يقول بندم: «لو يعود بي الزمان لن أعقد القران حتى لا أصل إلى ما وصلت اليه اليوم».
«مؤيد عواد» يخالفهما الرأي، يقول: «حسب عاداتنا وتقاليدنا يجب أن يكون هنالك عقد قران.. هكذا تربينا، وبهذا تحمي الفتاة نفسها وتضمن حقها وتبتعد عن القال والقيل حتى لو حصل شيء لا قدّر الله، يكون على الأقل زوجها أمام الله والناس».
خطوبة أم زواج؟
والخطوبة حسب قانون الأحوال الشخصية الاردني (رقم 36 لسنة 2010) «طلب التزوج أو الوعد به» ولا ينعقد الزواج بالخطبة ولا بقراءة الفاتحة ولا بقبض المهر او الهدية. وإنما «بايجاب وقبول بين الخاطبين ويتم ذلك بوجود ولي الزوجة والإشهار لهذا الزواج».
ولا ترتب الخطوبة أثرا من حقوق لأي من الطرفين إلا اذا تم توثيقه لدى المحاكم الشرعية ويحق لأي من الخاطبين العدول عن الخطبة دون الرجوع للمحاكم.
أما بعد عقد القران يسمى الطرفان «زوج وزوجة» ويترتب على العقد حقوق لكل منهما وخصوصا الزوجة.
المحامية والناشطة الحقوقية فاطمة الدباس تلفت إلى أنه قبل أن تُعرف الكتابة والتوثيق «كان ينعقد العقد شفاهة بوجود شاهدين على الزواج للاثبات حال حدوث أي خلاف، وفي بداية القرن الماضي أُقر وجوب التوثيق لحفظ الحقوق».
لكنها تنبه إلى أنه «في مجتمعنا الاردني تنقسم الاتجاهات حسب العادات والتقاليد والأعراف المحلية والتفسيرات الدينية الشرعية والموروثات الاجتماعية السائدة»..
فمنهم من يتجه الى «عقد الزواج وتوثيقه لدى المحاكم الشرعية مباشرة من خلال إجراءات الجاهة (الطُّلبة) وقراءة الفاتحة وتثبيت الزواج في المحكمة الشرعية سريعا دون فتح المجال لمزيد من التعارف والتفاهم بدعوى أن الخاطبين لا يجوز أن يلتقيا أو يخرجا معاً إلا بعد العقد الرسمي إما بحجة شرعية (الحلال والحرام) أو اجتماعيا (الخوف من كلام الناس)».
وإذا لم يتفاهما ولم يتفقا «لا ينحل هذا العقد إلا بفسخه لدى المحكمة الشرعية». وهنا تشير إلى أنه «قد يتعنت أحد الزوجين في اجراءات الطلاق ما يؤدي الى اللجوء للقضاء ورفع دعوى شقاق ونزاع أو افتداء «قبل الدخول» وبالنتيجة التي قد تأخذ وقتا طويلا في المحاكم والتكاليف المالية على الطرفين، وتسمى المرأة «مطلقة قبل الدخول والخلوة»، وفق الدباس.
وهي لاحظت أن هناك بعض الفئات الاجتماعية، الآخذة بالتزايد نتيجة ارتفاع نسبة الطلاق، «تترك فسحة من الوقت للتفاهم بين الخاطبين لفترة قد تطول أو تقصر قبل اتخاذ القرار النهائي لعقد الزواج».
وهذا النهج، برأيها، له سلبياته وايجابياته؛ «فإذا قررا الانفصال تكون الاجراءات بسيطة والتكاليف أقل ولا تسمى الفتاه مطلقة، ولكنها لا ترتب أيّ أثر أو حقوق لها».
وهنا تلفت الدباس إلى أنه «أحياناً قد نواجه مشكلة الخلوة أوالدخول بين الزوجين قبل الزفاف (...) وهنا نجد من يعتبر ذلك شرعيا كون العقد موثّقاً، وفي حال حدوث طلاق تأخذ الزوجة مهرها كاملا بسبب الدخول أو الخلوة الشرعية، أما قبل الخلوة أو الدخول فتأخذ نصف المهرين، ومنهم من لا يقبل ذلك من الأهل ويؤدي إلى ايذاء الزوجة وقد لا تبوح بسرها حال تم الطلاق».
أما حدود الدخول أو أي ممارسة بين الخاطبين قبل العقد، حتى لو تم بقبول المخطوبة، فهو «يعتبر اغتصابا أو هتك عرض تحت تأثير الحيلة أو الوعد بالزواج».
وهنا تلجأ المحاكم، والحديث للدباس، إلى تطبيق المادة 308 من قانون العقوبات الأردني التي تساعد الجاني، وهو الخاطب، على الإفلات من العقاب، بتزويجه من الضحية».
لكن المشكلة الأصعب، وفق الدباس، أنهما «قد ينفصلان دون أن تبوح المخطوبة بهذا السر خوفا من القتل من الأهل والعار..».
وهنا تعتبر الدباس المرأة «الضحية الحقيقية والخاسر الاكبر (...) كما أن نظرة المجتمع للمرأة المطلقة أو التي فسخت الخطوبه بأنها صاحبة تجربة سيئة أو فأل سيئ، ما يضعف أو يقلل فرص زواجها مستقبلا».
رأي القضاء
القضاء الشرعي هو صاحب الاختصاص والمحاكم الشرعية هي المختصة في النظر في هذه القضايا وفقا لقانون أصول المحاكمات الشرعية.
يقول قاضي عمان الشرعي/ القضايا/ إبراهيم العساف إن الخلوة الصحيحة: هي: ان يجتمع الزوجان (الخاطبان) بعد العقد الصحيح في مكان يأمنان من اطلاع الآخرين عليهما، بحيث يأمنان دخول أحد عليهما، وليس بأحدهما مانع طبيعي أو حسي أو شرعي يمنع من الاستمتاع عملا بما روي عن الخلفاء الراشدين وزيد وابن عمر، روى أحمد والأثرم بإسنادهما عن زرارة بن أوفى قال: «قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق بابا أو أرخى سترا، فقد أوجب المهر، ووجبت العدة».
ومن أمثلة الموانع: المانع الطبيعي: وجود شخص ثالث عاقل صغيرا أو كبيرا.
والمانع الحسي: وجود مرض بأحدهما يمنع الوطء، ومنه الرتق (التلاحم)، والقرَن (العظم).
ويشير العساف أنه لأهمية الحديث عن الخلوة الصحيحة في حال وقوعها بين الخاطبين فيترتب عليها أثران، هما العدة والمهر.
فالمخطوبة إذا حصل طلاق بينها وبين الخاطب فلا عدة عليها ما لم تحصل الخلوة الصحيحة، وكذلك تستحق المهر كاملا بحصولها على الطلاق.
إذ يتأكد المهر كله للزوجة عند الحنفية بالخلوة الصحيحة بشروطها المذكورة، فلو طلّق الرجل زوجته، وجب لها بالخلوة، ولو لم يحصل وطء، المهر المسمى كاملا إن كانت التسمية صحيحة، ومهر المثل كاملا إن لم تكن هناك تسمية أو كانت التسمية فاسدة.
ونصت المادة 43 من قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 36 لسنة 2010 على: «إذا سميَّ المهر في العقد الصحيح لزم أداؤه كاملا بوفاة أحد الزوجين ولو قبل الدخول أو الخلوة، وبالطلاق بعد الخلوة الصحيحة».
أما الطلاق قبل الدخول وقبل الخلوة الصحيحة فيلزم نصف المهر المسمى كما نصت المادة 44 من القانون ذاته.
ونصت المادة 145 الفقرة (ج) منه انه إذا وقع الطلاق أو الفسخ بعد العقد الصحيح فلا تلزم العدة إلا بالدخول أو الخلوة الصحيحة..
وعن اختلاف الخلوة بدون عقد عن التي بعقد، يوضح العساف إن الخلوة الصحيحة بين الخاطبين بعد العقد جائزة «وإن كانت غير مستحبة من وجهة نظري الشخصية»، ويفضل عدم وقوعها وعدم تهيئة الأجواء لحدوثها إن كان من قبل المخطوبة أو من قبل أهلها، وذلك للعواقب والانعكاسات التي قد تحصل في حال أراد أحدهما فسخ العقد وأنكر الآخر حدوث الخلوة.
أما الخلوة قبل العقد، فيؤكد العساف أن «الخطبة ليست زواجا، وإنما هي مجرد وعد بالزواج»، فلا يترتب عليها شيء من أحكام الزواج، ولا الخلوة بالمرأة، لأنها ما تزال أجنبية عن الخاطب. وقد نهى الرسول صل الله عليه وسلم عن الخلوة بالأجنبية وعن الجلوس معها إلا مع مَحرم كأبيها أو أخيها أو عمها، ومن تلك الأحاديث: «لا يخلُوُنَّ رجلٌ بامرأة لا تحل له، فإن الشيطان ثالثُهُما، إلا محرم».
وفي هذا القدر، وفق العساف، أمان وضمان وبُعد عن التعرض لمخاطر الاحتمالات في المستقبل من فسخ الخطوبة وغيره، وبه يتحقق المطلوب بالجلوس والتحدث إلى المرأة عند وجود محرم لها. وهذا هو الموقف الحكيم المعتدل دون إفراط ولا تفريط.
أما الذهاب إلى الأماكن العامة وغيرها، فهو ممنوع شرعا، بل إنه لا يحقق الغاية المرجوة، إذ كل منهما يظهر بغير حقيقته، ولأن الخاطب قد يتعجل الأمور، وقد يستجيب الإنسان للغريزة، ويضعف عن مقاومتها في حال الانفراد بالمرأة، فيقع الضرر بها، وتتأثر سمعتها عند العدول عن الخطبة.
العدول عن الخطبة
وفيما يتعلق بالعدول عن الخطبة وأثره، يقول العساف: بما أن الخطبة ليست عقدا، وإنما هي وعد بالزواج، فيجوز للخاطب أو المخطوبة العدول عن الخطبة، لأنه ما لم يوجد العقد فلا إلزام ولا التزام، ولكن يطلب أدبيا ألا ينقض أحدهما وعده إلا لضرورة أو حاجة شديدة، مراعاة لحرمة البيوت وكرامة الفتاة، وينبغي الحكم من قبل الخاطبين على الآخر بموضوعية مجردة، لا بالهوى أو بدون مسوغ معقول، فلا يعدل الخاطب عن عزمه الذي شاءه، لأن عدوله هو نقض للعهد أو الوعد بلا سبب مشروع.
ويدلل بقوله تعالى: «وأوفوا بالعهد إنّ العهد كان مسؤولا»، (الإسراء: 34/17). ويستشهد بقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «اضمنوا لي ستّاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم».
وعليه؛ فعند الحديث عن حكم فسخ الخطبة أو العدول عنها وأثره وجب التمييز إن كان العدول من قِبَلِ الخاطب أو من قبل المخطوبة: ابتداءا لا يترتب على فسخ الخطبة أو العدول عنها أي أثر ما دام لم يحصل عقد.
أما ما قدمه الخاطب على حساب المهر، فيقول العساف: له أن يسترده أكان قائما أم هالكاً أم مستهلكا، وفي حال الهلاك أو الاستهلاك يُرجع بقيمته إن كان قيميا، وبمثله إن كان له مثل، أياً كان سبب العدول، من جانب الخاطب أو من جانب المخطوبة. وهذا متفق عليه فِـقها.
وفي حال كون العدول من جهة الخاطب، إذا اشترت المرأة جهازا تُخير بين إعادة مثل المهر او تسليم الجهاز. أما في حال كون العدول من جهة المخطوبة يجب عليها إعادة المهر او قيمته بمعنى يسقط حقها في الخيار.
وبهذا اخذ قانون الأحوال الشخصية الساري (المادة 4/ ج): «إذا اشترت المخطوبة بما قبضته على حساب المهر أو ببعضه جهازا فإن لها الخيار بين إعادة ما قبضته أو تسليم ما اشترته من الجهاز كلاً أو بعضاً إذا كان العدول من الخاطب، ويسقط حقها في الخيار إذا كان العدول منها».
أما هدايا الخطبة، فيوضح أن رد الهدايا فيه آراء فقهية: فعند الحنفية (رد المحتار: 599/ 2): هدايا الخطبة هبة، أي تسري عليها أحكام الهبة، وللواهب أن يرجع في هبته إلا إذا وُجد مانع من موانع الرجوع بالهبة كهلاك الشيء أو استهلاكه أو وجود الزوجية. فإذا كان ما أهداه الخاطب موجودا فله استرداده. وإذا كان قد هلك أو استهلك أو حدث فيه تغيير، كأن ضاع الخاتم، وأكِل الطعام وصنِع القماش ثوبا، فلا يحق للخاطب استردادا بدله.
وبهذا أخذ قانون الأحوال الشخصية الساري، إذ نصت (المادة 4/ د): «يرد من عدل عن الخطبة الهدايا إن كانت قائمة وإلا بمثلها أو قيمتها يوم القبض ولا تسترد الهدايا إذا كانت مما تستهلك بطبيعتها ما لم تكن أعيانها قائمة».
تعارف؟
المستشار الأسري والتربوي خليل الزيود يشير إلى أن التعارف بعد (كتب الكتاب) وفي حال عدم حدوث توافق للاتمام، «يسجل على الفتاة طلقة في المحكمة وهذا يترك إشارة سلبية في حياتها».
وهو يرى أن التعارف بدون كتب كتاب «هو التعريف الصحيح للخطبة في الشريعة، لأن عقد القران إنما هو زواج فعلي، ولو حصل حمل في هذه الفترة فهو شرعي».
لذلك، برأيه، التعارف بدون كتب الكتاب «هي الطريقة المثلى ليتعرف كل طرف على الآخر بدون تبعات مالية أو شروط».
ويعلل لجوء الشباب الى هذه الخطوة «لأن ارتفاع نسب الطلاق في فترة عقد القران، وهذا لأنهما لم يتفقا على كثير من القضايا فيفترقان، ولكن للأسف تسجل عليهما طلقة فقط بسبب كتب الكتاب».
وهذا، برأيه، «خطأ وظلم (...) فيقرر الشباب، وهو عين الصواب، أن يبقوا على التعارف بدون كتب كتاب حتى يتفقوا على ترتيبات الزواج وإتمامه».
البعد الاجتماعي
أستاذ علم الاجتماع بجامعة مؤتة الدكتور رامي الحباشنه ينبه إلى أن المجتمع الاردني بات يمر بإرهاصات اجتماعية على مختلف الأصعدة نتيجة لعوامل، أبرزها: الانفتاح على المنظومة العولمية العالمية واتساع آفاق التكنولوجيا، ثم العامل الضاغط اقتصاديا..
ويلاحظ أن هذين العاملين نشأ عنهما «مشاهدات وسلوكيات اجتماعيه غريبة عن عاداتنا وتقاليدنا وإن لم تأخذ منحنى الظاهرة بعد».
ويفصل بالقول أن «تغلغُل الاستهلاك العالمي مالا وثقافة وسلوكا في تفاصيل المحلي بات مهددا لكثير من العادات المتفق عليها من الضمير الجمعي محليا».
ومن هذه المشاهدات، وفق الحباشنة، ما يتطرق له هذا التقرير من «عوامل ساحبة»، باتجاه أن يقوم الخاطبان بجميع متطلبات الخطبة والجاهة وتكاليفها المالية، وتأجيل عقد القران الى ما قبل الزواج بأيام..
إذ يرى أن هذا السلوك بات يأخذ منحى تصاعديا أخيرا تحت مبررات قد يسوقها الشاب أو تقدمها الفتاة.
لكنه يعتقد أن جميع تلك المبررات «أيا كان الدافع لها، فإنها بالتأكيد بحاجة لتحليل جذر ذلك السلوك على الصعيد النفسي الشخصي أو الاجتماعي العام وبخاصة في مجتمع لا زال المقدس يأخذ المنحى الأبرز في رسم سياساته الاجتماعية وقوة الإرث والموروث الاجتماعي كعادات وتقاليد شكلت جدرانا تحدد حركة أي سلوك اجتماعي».
وعليه، يمكن، برأيه، دراسة هكذا سلوك بشكل يخص الشاب من اتجاه والفتاة من اتجاه آخر..
فالفتاة قد يقر في وجدانها أن كل ما يتعلق من تكاليف وحفلات وما يقدمه الشاب يشكل متطلبا سابقا لصمام الأمان بأن هذا الشاب سيقدم المطلوب، فإن بدر أي خطأ، من وجهة نظرها، تستطيع التخلص من هذا الرباط دون الوصم الاجتماعي المتعلق بثقافة مجتمعنا كدائرة توضع حول «المطلقة باكرا» وما يتبعه من وطأة التحليل الاجتماعي القابل للتأويل..
أما الشاب، والحديث للحباشنة، فقد تراوده فكرة أن الاتفاق الشفوي بين طرفين وبين ذوي العروسين قد يكون كفيلا بإشباع المناخ الاجتماعي ضمن عملية إشهار الزواج حتى وإن لم يكن موثقا شرعيا..
وعلى كلا الصعيدين «لا يمكن تبرير هكذا سلوك إلا تحت بند الترف الفكري غير المبرر، فما دامت كل معطيات الزواج متوفرة فيجدر إتمامها بالعقد الشرعي الذي يحظى بالشرعنة الاجتماعية».
ويشير الحباشنة إلى أنه أيا كانت المبررات التي يمكن سوقها «فلن تحظى بتقبل اجتماعي وبخاصة في الوقت الراهن (...) فأي اتفاق قبلي للزواج يجب أن يأتي تحت مظلة الثقة والتناغم والتوافق والمحبة دون إبداء المخاوف والشكوك التي قد تتحول حلبةً يكثُر فيها الصراع والجدل الذي قد يقود إلى انهاء علاقة تترك الشاب في أتون الكلفة النفسية والمالية لتلك العلاقة التي لم تتم، والفتاة تحت مظلة السؤال الاجتماعي التأويلي: ما الذي حدث يا ترى؟».
وضمن هكذا تحليل، يقول الحباشنة: «لن تجد ايجابية واحدة يحملها هكذا سلوك جذريا سوى البناء على أرضية مهتزة يسودها جو من عدم الثقة مع الأخذ بخصوصية كل حالة على حدة، فكثير من التفاصيل الخاصة لا تشهر للملأ ضمن عمليات النسب والارتباط الزواجي، لكننا هنا نتحدث ضمن المنظور العام».
وكانت دائرة الافتاء العام نشرت أخيرا، على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن الخاطبين قبل العقد (كتب الكتاب) «أجنبيان» ولو بعد قراءة الفاتحة وموافقة أهلها.
وأضافت الفتوى: «يحرم عليهما الخلوة والاختلاط وحتى الكلام بالهاتف والمراسلات، أو أن يراها بغير اللباس الشرعي الكامل، فكل علاقة بين الرجل والمرأة خارج نطاق الزواج الكامل حرام شرعاً».
وبينت أنه «إذا تمّ عقد النكاح (كتب الكتاب) فقد صارت زوجة له في نظر الشرع، لكن في عرف الناس لا يعتبرون المرأة زوجة إلا بعد الزفاف، وقد راعى الشرع الحنيف العرف، فينبغي على الخاطبين بعد العقد وقبل الدخول مراعاة العرف».