موقف لبيد: لا يوجد ردع أمام حماس وحزب الله
هآرتس
عاموس هارئيل
"رئيس الحكومة والقوة الحكيمة"، هذا عنوان لمقال مطول نشره عضو الكنيست يائير لبيد، رئيس حزب يوجد مستقبل، في الأسبوع الماضي. وقد نشر هذا المقال في "تقدير استراتيجي"، المجلة المهنية التي يصدرها معهد بحوث الأمن القومي في جامعة تل ابيب. ولبيد قصد بالطبع رئيس الحكومة القادم، الأمر الذي لم يعد بعيدا عن التحقق بسبب التورط القانوني والسياسي لبنيامين نتنياهو.
السجل الذي تمكن لبيد أن يراكمه حتى الآن في المجال السياسي والأمني ليس ملفتا. اسهامه كعضو في الطاقم الوزاري المقلص للشؤون العسكرية والسياسية، "الكابينيت"، في حكومة نتنياهو السابقة واثناء الحرب الاخيرة في قطاع غزة، كان هامشيا. وكذلك ولايته كوزير للمالية في تلك الحكومة المختلف فيها. في المجال الأمني أكثر من الصراعات الصوتية التي ليس لها نتائج جوهرية، مع وزير الأمن السابق موشيه يعلون ومع قيادة الجيش الإسرائيلي حول ميزانية الأمن. وكذلك المبادرة التي بادر اليها حزب يوجد مستقبل، وحصلت على تأييد الجمهور الواسع نسبيا لفرض التجنيد على اغلبية طلاب المعاهد الدينية، تم كبحها من نتنياهو ولم تطبق بالكامل. في العامين الاخيرين، اثناء تحدث لبيد عن المواضيع الامنية، كانت مجرد تصريحات تتحدث عن حبه للجيش الإسرائيلي، واقترن ذلك بالهجمات الفظة على نشطاء "نحطم الصمت" الذين كانت مشاركتهم في الجيش أكثر خطورة من مشاركته هو نفسه.
إلا أن المقال يعكس محاولة أولى من قبل لبيد لنقاش الوضع الاستراتيجي في إسرائيل باهتمام. الجزء الكبير من الاستخلاصات قد يبدو معروفا لمن يقرأ كتاب عضو الحزب عوفر شيلح "الجرأة على الانتصار". إلا أن لبيد يسعى لتحليل مكونات قوة إسرائيل والقول إنه يجب أن تشمل، إضافة إلى "القوة العسكرية المتفوقة أو الأهداف المنتصبة أمامها" من اجل ردع أعدائها. القوة السياسية المبنية على التحالفات الدولية والشرعية الدولية، والقوة الاقتصادية، الاجتماعية التي تعتمد على التطور التكنولوجي المستمر.
اليكم النقاط الاساسية التي طرحها لبيد في مقاله:
**إسرائيل قوية لا تعتمد فقط على الجيش القوي، القوة السياسية متعلقة بالتأييد الدولي. صحيح أن نتنياهو أكثر من التحدث عن وضع إسرائيل المتحسن في المجتمع الدولي في أحاديثه مع وسائل الإعلام في الصيف الماضي، لكنه شدد على العلاقة مع شرق آسيا، ودول في أوروبا الشرقية وعدد من دول افريقيا. ويؤكد لبيد على ضرورة اعادة العلاقة على أساس تأييد إسرائيل من الولايات المتحدة وغرب أوروبا. ويهاجم لبيد نتنياهو بسبب ضعضعة العلاقة مع واشنطن. ولكن ليس من الواضح إلى أي درجة سيكون هذا الادعاء صحيحا مع ادارة الرئيس دونالد ترامب الجديدة، حيث أن اليمين في إسرائيل استقبل انتخابه بحماسة.
**مقارنة مع أغلبية متحدثي اليسار، يضع لبيد نفسه في الوسط مع التأكيد على حاجة إسرائيل للقوة العسكرية الزائدة. وهذا يشمل أيضا التأييد غير المتحفظ لصفقة شراء طائرات "اف 35"، حيث يوجد خلاف مهني حول شراءها بسبب ثمنها الباهظ وتشكك الخبراء في الولايات المتحدة حول أداء هذه الطائرات. وعلى الرغم من ذلك، ادعاءات لبيد حول القوة العسكرية مكونة أكثر من استعراض القوة الذي قام به نتنياهو ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان عند تسلم طائرات "اف 35" الاولى.
** ويؤكد لبيد على نقطة اخرى هي حاجة الحكومة إلى اقناع المواطن بأن الاستثمار الكبير في الأمن مبرر، في الوقت الذي يترك فيه علاج المواضيع المشتعلة والمتعلقة بالحياة اليومية. بدء بصفوف التعليم الصغيرة وانتهاء بعدد الأسرة في المستشفيات. الحاجة إلى الشرعية متعلقة حسب رأيه بالعلاقة مع يهود اميركا. ويذكر لبيد مثالا على ذلك علاج الحكومة الفاشل لصيغة الصلاة في الحائط الغربي (حائط البراق للمسجد الاقصى)، الذي انشأ ازمة مع المجموعات الاصلاحية في الولايات المتحدة، الامر الذي يعيب على العلاقة بين القدس وواشنطن.
** ينتقد أداء القيادة السياسية في عملية الجرف الصامد: ضعف أداء "الكابينيت" وخروج إسرائيل للحرب دون أن تضع لنفسها النتيجة المطلوبة، استراتيجية الخروج والاطار الزمني. وهو لا يقول لنا ما الذي اقترحه بصفته عضو في "الكابينيت" من اجل تغيير الأداء اثناء الحرب، وماذا كان حجم تأثيره على القرارات التي تم اتخاذها. في نفس الشأن تقريبا يقتبس لبيد وثيقة استراتيجية الجيش الإسرائيلي التي نشرها رئيس الاركان غادي أيزينكوت في صيف 2015، ويُذكر بالنقص الخطير في النقاش الحقيقي بين المستوى السياسي والمستوى العسكري حول بلورة اهداف إسرائيل الاستراتيجية.
** لبيد يشكك في مفهوم الحسم، وهو أحد المركبات الثلاثة للنظرية الامنية الإسرائيلية التي وضعها دافيد بن غوريون في الخمسينيات اضافة إلى التحذير والردع فيما يتعلق بأعداء الجيش الإسرائيلي الحاليين، حزب الله وحماس. ويقول إن مفهوم الحسم، كما عرفناه في السابق، لم يعد ساري المفعول. وفي نفس الوقت يشير بوضوح إلى ما لا يعترف به نتنياهو وهو غياب التهديد الوجودي لإسرائيل مع انهيار الجيش السوري وكبح المشروع النووي الايراني. وبدل التهديد الوجودي يقول إن إسرائيل تواجه عدد كبير من التهديدات الارهابية، وانهيار دول مجاورة وحملة دولية لسلب شرعية إسرائيل.
** في المقابل، يحذر لبيد من أي اقوال حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ويكتفي بالقول إنه "على رئيس الحكومة أن يقرر إذا كان يريد بالفعل التوصل إلى اتفاق مع جيراننا على اساس حل الدولتين". ولكن ما الذي يعتقده لبيد نفسه حول هذا الأمر؟ يمكنه القول إن هذا الحل قد فات أوانه، أو أن يؤيده. ويتجاوز لبيد هذين الأمرين، ولا يتحدث عن موقفه حول هذا الأمر.
لقد كتب لبيد وثيقة جدية تطرح السؤال حول ضرورة الملاءمة بين هذا المقال وبين سلوكه السياسي والإعلامي في العامين الماضيين. وقد كانت الميزة البارزة هي تملق الجمهور والسعي اللانهائي للحصول على الاعجاب على التصريحات المنهجية المتعلقة بالدولة والجيش والجنود. فهل هذا هو مجرد تكتيك سياسي بهدف الوصول إلى السلطة. الاجابة على هذا السؤال ستخضع للامتحان فقط اذا تبين أن جهود لبيد تؤتي أكلها وإذا انتصر في الانتخابات القادمة.