الوزارات الأردنية في عهد امارة شرقي الأردن

الوزارات الأردنية في عهد امارة شرقي الأردن


سمو الأمير (الملك) عبدالله الأول ابن الحسين في المسجد الحسيني في عمان بالاربعينات

لقد كان تأسيس الامارة الاردنية نتيجة من نتائج الحرب العالمية الاولى وثمرة من ثمرات الثورة العربية الكبرى، وكما كان انشاء الامارة الاردنية انقاذا لهذه البلاد من ان يسري عليها احكام وعد بلفور المشؤوم مع شقيقتها فلسطين.

وقد تدرج الاردن خطوة خطوة نحو الاستقلال التام. وفي الوقت الذي كانت اجزاء سورية الطبيعية الاخرى (فلسطين وسورية ولبنان) تعاني من ويلات الحكم الاجنبي ومظالمه، كانت هذه البلاد تتمتع باستقلالها الذاتي وتسير في طريق التقدم والبناء بفضل السياسة الرشيدة التي سار عليها المغفور له الملك عبد الله الأول ابن الحسين والرجال المخلصون الاكفاء الذين اداروا دفة الحكم تحت ارشاده ورعايته.

وفي الكتاب الصادر عن وزارة الاعلام عام 1977 في عمان بعنوان «الوزارات الاردنية 1921-1976 قرأنا سجلا متسلسلا للوزارات التي تحملت عبء المسؤولية الدستورية منذ عام 1921 حتى عام 1976، وقد رأى واضعو الكتاب هذا انه من اجل متابعة التطورات الرئيسية التي حدثت على وضع الدولة في الاردن ان تُقسم الحقبة الزمنية الى ثلاث مراحل هي:

1- مرحلة امارة شرقي الاردن ابتداءً من 2 آذار 1921.

2- مرحلة المملكة في شرقي الاردن ابتداءً من 25 أيار 1946.

3- مرحلة المملكة في وحدة الضفتين ابتداءً من 24نيسان 1950.

ولكننا في هذا العرض السريع اقتصرنا بالحديث عن بعض بدايات الوزارات في عهد الامارة الاردنية فقط لضيق المجال.

• عهد الامارة 1921-1946

يمكن ان نعتبر يوم 2 آذار 1921 وهو يوم وصول الامير عبدالله الأول ابن الحسين رحمه الله – بمثابة التاريخ الذي بدأ فيه تأسيس الامارة الاردنية. فقد كان التفاف الاهلين حول شخص الامير، وعلى رأسهم رجال الحكومات المحلية، مبايعة عامة له بالزعامة والقيادة.

اما تأليف أول وزارة اردنية فقد تم بعد عودة الامير من القدس الى عمان، اذ كان السيد رشيد طليع (مدير الداخلية ثم والي حلب في عهد الدولة الفيصلية) بتأليف وزارة في البلاد، والتي اطلق على هيئتها اسم (مجلس المشاورين).

•وزارة رشيد طليع الأولى

تألفت هذه الوزارة بتاريخ 11 نيسان 1921 على النحو التالي:

- رشيد بك طليع: الكاتب الاداري ورئيس مجلس المشاورين، ووكيل مشاور الداخلية.

- الامير شاكر بن زيد: نائب العشائر.

- احمد بك مريود: معاون نائب العشائر وعضو مجلس المشاورين.

- امين بك التميمي: مشاور الداخلية ومتصرف لواء عجلون.

- مظهر بك رسلان: مشاور العدلية والصحة والمعارف وعضو مجلس المشاورين.

- علي خلقي بك الشرايري: مشاور الامن والانضباط وعضو مجلس المشاورين.

- الشيخ محمد الخضر الشنقيطي: قاضي القضاة وعضو مجلس المشاورين.

ويُلاحظ هنا ان كلمة المشاورين تعني الوزراء، والمشاور اي الوزير، ورئيس مجلس المشاورين اي رئيس الوزراء.

هذا وقد باشرت هذه الوزارة الاولى عملها بوضع الانظمة الادارية لتسيير دفة الحكم في البلاد، وانشاء السلطة المركزية فيها. وقد اتخذت قرارا بأن تتألف الامارة من ثلاثة ألوية هي: 1- لواء السلط، 2- لواء الكرك، 3- لواء اربد.

على ان يتولى الادارة في كل لواء متصرف يتمتع بصلاحيات واسعة وقد اختار الامير عبدالله مدينة عمان لتكون عاصمة للامارة بسبب موقعها المتوسط واتصالها بخط سكة الحديد الذي كان خط المواصلات الرئيسي في البلاد يومذاك.

وواجهت الوزارة هذه مصاعب توطيد الامن منذ الشهر الثاني لتأليفها، اذ نشب عصيان في منطقة الكورة بسبب تحصيل الضرائب ولم يستطع المتصرف معالجة الوضع اداريا، كما ان قوة الدرك الصغيرة اخفقت في اخماد العصيان.

وبسبب عدم توافر المال الكافي تحت تصرف الحكومة قدمت الوزارة استقالتها في 23 حزيران 1921.

وألّف السيد رشيد طليع في 5 تموز 1921 مجلس المشاورين للمرة الثانية، حيث بقي اكثر الوزراء السابقين، ودخل فيها رشدي بك الصفدي مشاورا للامن والانضباط، وغالب بك الشعلان مستشارا للقيادة العامة.

ولم تلبث هذه الوزارة ان اصطدمت بشروط قاسية اشترطتها الحكومة البريطانية لتقديم الاعانة المالية، كما ان سلطات الانتداب اتهمت رشيد طليع بالعمل على اثارة الاضطرابات في سورية ضد الفرنسيين وعلى هذا قدم استقالته في 5 آب 1921.

وزارة مظهر رسلان الاولى

كلف سمو الامير عبدالله بن الحسين مظهر رسلان بتأليف الوزارة الجديدة تحت اسم «مجلس المستشارين» وليس المشاورين، ففي 15 اب 1921 تألف المجلس الوزاري حيث لوحظ ان هذه الوزارة ضمت اعضاء الوزارة السابقة باستثناء رشيد طليع.

وقد جرى على هذه الوزارة تعديل حيث عُين بموجبه احمد حلمي عبدالباقي مستشارا للمالية كما عُين شكري شعشاعة وكيلا للمستشار المالي.

وفي شهر تشرين الثاني 1921 الغيت مستشارية الامور الشرعية واضيف لقب المستشار الملكي «الداخلية» الى منصب رئيس المستشارين.

وزارة علي رضا الركابي الاولى

استقال السيد مظهر رسلان وكلف سمو الامير عبدالله علي رضا الركابي بتأليف وزارة جديدة ففي 10 اذار 1922 تم تأليفها وكان معظم الوزراء او المستشارين من وزارة مظهر رسلان الاولى مع تغيير في بعض المسميات او الحقائب الوزارية ودخل الشيخ سعيد الكرمي قاضياً للقضاة في تلك الوزارة.

وبادرت هذه الوزارة الى اخماد عصيان الكورة بشكل تام في ايار 1922 وتوطدت بذلك سلطة الحكومة في جميع انحاء البلاد.

ثم قام سمو الامير عبدالله خلال شهر تشرين الاول 1922 بزيارة رسمية الى بريطانيا رافقه فيها الركابي رئيس المستشارين «الوزراء»، وقد جرت اثناء هذه الزيارة مباحثات سياسية تمخضت عن موافقة الحكومة البريطانية على الاعتراف رسميا باستقلال الامارة الاردنية.

وزارة حسن خالد ابو الهدى

وقبل تلك الوزارة شكل مظهر رسلان وزارته الثانية عام 1923 وتم في عهد وزارته الثانية هذه انشاء مجلس الشورى برئاسة قاضي القضاة الشيخ سعيد الكرمي وتم استبدال اسم «مجلس المستشارين» باسم «مجلس الوكلاء» واعيد تنظيم المناطق الادارية حيث اصبحت تتألف من ست مقاطعات: عمان، الكرك، مادبا، السلط، جرش، اربد. وتم تأليف المجمع العلمي لاحياء الاثار القومية ورفع منار المعارف العربية وعُين الشيخ سعيد الكرمي رئيسا له.

وبعد وزارة مظهر رسلان الثانية الف حسن خالد ابو الهدى وزارته الاولى عام 1923 حيث تم استبدال اسم مجلس الوكلاء باسم «مجلس النُّظار»، ولكن عندما الف حسن خالد ابو الهدى وزارته الثانية في 26 حزيران 1926 فقد تم استبدال اسم «مجلس النظار» باسم «المجلس التنفيذي» وقد دخل في عضوية هذا المجلس «الوزارة» اربعة من موظفي حكومة فلسطين الذين استعيروا للعمل في شرقي الاردن، وهم: الشيخ حسام الدين جارالله، عارف العارف، عبدالرحمن غريب، المستر آلن كركبرايد.

وكان تأليف الوزارة على النحو التالي:

1- حسن خالد باشا ابو الهدى: رئيس النظار وناظر الداخلية.

2- الشيخ حسام الدين جارالله: ناظر العدلية وقاضي القضاة.

3- عارف بك العارف: السكرتير العام.

4- الدكتور رضا توفيق: مدير الآثار.

5- عبدالرحمن بك غريب: مدير النافعة.

6- آلن كركبرايد: مستشار المالية.

واستمرت هذه الوزارة في العمل اكثر من (ثلاث سنوات) واثناء ذلك حدثت على هيئتها عدة تعديلات:

ففي 11 ايلول 1926 عُدلت هيئة المجلس التنفيذي بحيث انفصل آلن كركبرايد من عضوية المجلس التنفيذي وتولى الرئيس مسؤولية دائرة المالية، وعُين اديب وهبة مديرا للمعارف وعضوا في المجلس التنفيذي.

وصدر قرار ببقاء المستر آلن مستشارا للمالية، وبتعيين المستر سيتون مستشارا للعدلية «دون ان يكونا عضوين في المجلس التنفيذي».

وفي 17 نيسان 1927 انفصل عبدالرحمن غريب مدير النافعة من عضوية المجلس التنفيذي، وحل محله ابراهيم هاشم مديرا للخزينة في 1 ايار 1927.

وفي 11 ايلول 1928 انفصل د.رضا توفيق من عضوية المجلس التنفيذي، وحل محله توفيق ابو الهدى مديراً لتسجيل الاراضي.

وفي 1 شباط 1929 عُين توفيق ابو الهدى سكرتيراً عاماً للحكومة وعضواً في المجلس التنفيذي (حل محل السيد عارف العارف) الذي انتهت مدة اعارته في 31 آذار 1929.

كما عُين الدكتور سليم ابو رحمة مديراً للصحة العامة وعضواً في الوزارة.

ومن أبرز الأحداث في عهد هذه الوزارة:

- نشر القانون الاساسي للإمارة الاردنية بتاريخ 19 نيسان 1928.

- اجتماع اول مجلس تشريعي في الاردن بتاريخ 2 نيسان 1929.

- وافق المجلس التنفيذي في 8 كانون الثاني 1928 على منح امتياز لشركة كهرباء فلسطين (روتنبرغ) الذي خوّل الشركة حق استخدام مياه نهري الاردن واليرموك لتوليد الطاقة داخل فلسطين وشرقي الاردن.

وزارات اخرى:

وبعد ذلك ألّف الوزارة للمرة الثالثة حسن خالد ابو الهدى، ثم وزارة الشيخ عبدالله سراج عام 1931، ثم وزارة ابراهيم هاشم الأولى عام 1933، ثم توفيق ابو الهدى الاولى عام 1938 ثم انه أعيد تكليفه لرئاسة الوزراء 12 مرة!! منها 5 مرات في عهد الامارة و7 مرات في عهد المملكة، ثم كلف سمير الرفاعي في عهد الامارة بتأليف الحكومة عام 1944، ثم ابراهيم هاشم للمرة الثانية عام 1945.