مع جون كيري في العقبة..
هآرتس تكشف تفاصيل قمة سرية جمعت السيسي ونتنياهو وعبد الله الثاني
كشفت صحيفة "هآرتس" اليوم الأحد 19 فبراير 2017 ما قالت إنه "لقاء سري" جمع وزير الخارجية الأمريكي السابق [url=http://www.masralarabia.com/hashtag/%D8%AC%D9%88%D9%86 %D9%83%D9%8A%D8%B1%D9%8A]جون كيري[/url] وكلا من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين
نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح
السيسي والملك الأردني عبد الله الثاني.
اللقاء الذي جرى قبل عام في مدينة العقبة الأردنية، عرض خلاله كيري مبادرة سلام إقليمية، تضمنت الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بدعم دول عربية.
بحسب المراسل السياسي للصحيفة "باراك رفيد" تهرب
نتنياهو من المبادرة بدعوى أنه سيتعذر عليه الحصول على أغلبية مؤيدة لها في ائتلافه اليميني الحاكم، واقترح سلسلة من الخطوات تقدمها إسرائيل لأجل الفلسطينيين مقابل قمة مع ممثلي السعودية والإمارات.
مع ذلك، كانت القمة الأردنية هي الأساس الذي أجرى عليه
نتنياهو بعد ذلك بأسبوعين اتصالات مع زعيم المعارضة الإسرائيلية "إسحاق هارتسوج" لإقامة حكومة وحدة، فشلت المفاوضات بشأنها بعد ذلك.
وتابع "رفيد":تفاصيل القمة في العقبة ومضمونها كشفها حديث لـ"هآرتس" مع مسئولين بارزين سابقين في إدارة باراك أوباما. هؤلاء المسئولون المحيطون بتفاصيل القمة، طلبوا عدم نشر أسمائهم لما ينطوي عليه الموضوع من حساسية سياسية، ونظرا لأن حقيقة انعقادها تكشف للمرة الأولى. وقد رفضوا في مكتب رئيس الحكومة (الإسرائيلية) التعليق على تصريحاتهم".
وأوضحت الصحيفة أن كيري كان صاحب المبادرة، وبعد أن انهارت مبادرة السلام التي قادها في أبريل 2014 وتم تجميد المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، تركزت جهود وزير الخارجية الأمريكي آنذاك في استئناف عملية السلام بين الطرفين. وفي العام والنصف بعد ذلك تركزت جهود كيري في إتمام الاتفاق النووي مع إيران الذي وُقع في يوليو 2015 وصدق عليه الكونجرس الأمريكي في سبتمبر من نفس العام.
في أكتوبر 2015 جدد كيري نشاطاته في الشأن الإسرائيلي الفلسطيني على خلفية التصعيد حول المسجد الأقصى والمواجهات التي اندلعت في القدس الشرقية والضفة الغربية.
نجح كيري في نهاية نفس الشهر في التوصل لتفاهمات بين إسرائيل والأردن والفلسطينيين حول الوضع القائم بالمسجد الأقصى. وكجزء من التفاهمات ذاتها بدأت مفاوضات بين إسرائيل والأردن حول وضع كاميرات في المسجد، وهي الفكرة التي لم تخرج فيما بعد حيز التنفيذ.
بعد ذلك بأسبوعين وصل
نتنياهو لواشنطن في لقاء هو الأول مع الرئيس باراك أوباما منذ أكثر من عام. خلال اللقاء دار جدل غير مسبوق بين الرجلين بخصوص الاتفاق النووي مع إيران الذي تعارضه تل أبيب. زعم
نتنياهو في لقائه مع أوباما في 10 نوفمبر بالمكتب البيضاوي في البيت الأبيض أن لديه أفكارا لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، وطالبه أوباما الذي لم يصدق جدية نواياه ببحث الموضوع من كيري.
في صبيحة اليوم التالي التقى
نتنياهو وزير الخارجية الامريكي واقترح القيام بسلسلة من الخطوات الهامة تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك إعطاء تصريح لبناء الفلسطينيين بشكل موسع في المنطقة "سي"، التي تخضع لسيطرة مدنية وأمنية إسرائيلية كاملة.
طالب رئيس الحكومة الإسرائيلية في المقابل أن تمنح الإدارة الأمريكية إسرائيل اعترافًا بإمكانية البناء في الكتل الاستيطانية، لكنه لم يوضح ما إن كان ذلك يعني تجميد البناء خارج تلك الكتل.
خلال أسبوعين بعد ذلك أجرى
نتنياهو اجتماعين طويلين لمجلس الوزراء المصغر (الكابينت)، حاول خلالهما حشد الدعم لحزمة الخطوات الذي أراد اتخاذها في الضفة الغربية. مع ذلك، فترت حماسة
نتنياهو في أعقاب سلسلة عمليات الطعن والدهس التي نفذها فلسطينيون في تلك الأيام إلى جانب معارضة شديدة من قبل وزراء البيت اليهودي، أحد شركاء
نتنياهو في الائتلاف.
عندما وصل كيري إلى إسرائيل في 24 نوفمبر، أوضح له
نتنياهو أنه في حل من الاقتراحات التي قدمها له قبل أسبوعين. كيري الذي كان حزينًا لتراجع
نتنياهو، التقى في ذلك اليوم أيضًا زعيم المعارضة "إسحاق هارتسوج" لاستيضاح ما إن كان انضمام "المعسكر الصهيوني" الذي يقوده "هارتسوج" للائتلاف سيناريو واقعيًا.
رد "هارتسوج" لم يحسن مزاج الوزير الأمريكي، إذ قال له "الإشارات صفرية لحدوث تغير من قبل
نتنياهو، في هذه الحالة ليست هناك من فرصة أو سبب للانضمام للحكومة".
بحسب توصيف "هآرتس" غادر كيري المنطقة غاضبًا ومحبطًا. وفي الخطاب الذي ألقاه في "منتدى سابان" بواشنطن بعد مرور أسبوع، انتقد بشدة
نتنياهو.
في أعقاب فشل كيري، عاد الفلسطينيون لتبني خطوات دولية ضد إسرائيل في مؤسسات الأمم المتحدة، بما في ذلك مسودة مشروع قرار بمجلس الأمن حول الاستيطان. في المقابل بدأ "الكابينت" الإسرائيلي مناقشة إمكانية انهيار السلطة الفلسطينية، وفي أوروبا بدأت فرنسا الاستعداد لعقد مؤتمر بمشاركة العشرات من وزراء الخارجية لمناقشة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
رغم النفق المظلم، لم يستسلم كيري. في شهري ديسمبر ويناير 2016 بلور مع مستشاريه المقربين وثيقة تضمنت مبادئ لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في إطار مبادرة سلام إقليمية بمشاركة دول عربية. يتطابق المخطط الذي بلوره كيري مطلع 2016 مع ذلك الذي طرحه في خطابه نهاية العام الماضي، قبل دخول دونالد ترامب للبيت الأبيض بثلاثة أسابيع.
تضمنت خطة كيري 6 مبادئ * حدود دولية آمنة ومعترف بها بين إسرائيل ودولة فلسطينية قابلة للحياة ومتواصلة على قاعدة حدود 1967، مع تبادل متفق عليه للأراضي.
* تحقيق رؤية القرار رقم 181 للأمم المتحدة (مخطط التقسيم) الخاصة بدولتين لشعبين- واحدة يهودية والأخرى عربية- تعترف كل منهما بالأخرى وتمنحان مساواة كاملة في الحقوق لمواطنيها.
* حل عادل، متفق عليه، نزيه وواقعي لمسألة اللاجئين الفلسطينيين، يتسق مع حل دولتين لشعبين ولا يؤثر على الطابع اليهودي لإسرائيل.
* حل متفق عليه لمسألة القدس كعاصمة لدولتين معترف بهما من قبل المجتمع الدولي، وضمان الوصول للأماكن المقدسة بما يتفق مع الوضع الراهن.
* الاستجابة للاحتياجات الأمنية لإسرائيل، ضمان قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها بشكل فاعل وضمان قدرة فلسطين على تقديم الأمن لمواطنيها في دولة سيادية منزوعة السلاح.
* إنهاء الصراع، ووضع حد للمطالب، بما يتيح تطبيع العلاقات وتوفير أمن إقليمي قوي للجميع بما يتماشى مع مبادرة السلام العربية.
في 21 يناير التقى كيري
نتنياهو في مدينة دافوس بسويسرا. خلال اللقاء الثنائي، عرض كيري على
نتنياهو وثيقة المبادئ التي بلورها والمبادرة الإقليمية، واقترح عليه عقد لقاء قمة أول من نوعه مع الملك الأردني والرئيس المصري لمناقشة سبل دفع المبادرة.
في 31 يناير تحدث كيري مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) تليفونيًا وأطلعه على تفاصيل حديثه مع
نتنياهو في دافوس. بعد أن وافق
نتنياهو على عقد اللقاء، بدأ كيري ورجاله في تنظيمه والإعداد له.
من قاد العملية كان مستشار كيري ومخزن أسرار كيري "فرانك ليفنشتاين"، الذي عمل مبعوثًا خاصًا لعملية السلام. بعد محادثات مع الإسرائيليين والأردنيين والمصريين، تحدد عقد القمة في 21 فبراير في مدينة العقبة الأردنية. واتفق على إجراء القمة في سرية تامة وألا يتحدث أحد عن تفاصيلها.
لم يشارك الرئيس عباس في القمة، لكنه كان على علم بها. صبيحة 21 فبراير التقي (عباس) كيري في عمان. وفي البيانات التي نشرها الجانبان في نهاية لقائهما لم تتم الإشارة من قريب أو بعيد للقمة التي انعقدت بعد ذلك بساعات.
أنهى كيري لقاءه مع عباس، وصعد مع عدد من مستشاريه وبصحبة وزير الخارجية الأردني ناصر جودة على طائرة صغيرة تابعة لسلاح الجو الأردني. وهبطوا بعد مرور 45 دقيقة في العقبة.
قبيل اللقاء الرباعي التقى كيري مع كل واحد من الزعماء على حدة. أشار مسئول أمريكي سابق إلى أن كيري طالب الملك عبد الله والرئيس
السيسي بدعم تصوره، وإقناع الدول العربية الأخرى كالسعودية والإمارات بدعمه. أراد وزير الخارجية الأمريكي مساهمة تلك الدول في عملية سياسية إقليمية، يكون استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين جزءا منها.
أراد كيري أن يضغط عبد الله على عباس كي يوافق على استئناف المفاوضات انطلاقًا من المبادرة الأمريكية، وأن يفعل
السيسي نفس الشيء تمامًا مع
نتنياهو. وأشار المسئول الأمريكي السابق إلى أن الملك الأردني والرئيس المصري وافقا على إبداء تأييدهما للمبادرة، رغم حقيقة أنها تضمنت الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. مع ذلك، أضاف أن
السيسي الذي لم يرغب في مواجهة
نتنياهو، أكد أمام كيري أنه يعتقد أن الإقناع سيكون أكثر فاعلية من الضغط والإجبار.
أشار مسئولون أمريكيون سابقون إلى أن
نتنياهو تملص خلال اللقاء الذي أجراه كيري معه في إطار القمة من إعطاء أجوبة واضحة على الاقتراح والمبادرة. وقالوا إنّ
نتنياهو طرح سلسلة من التحفظات، وزعم أن المبادئ مفصلة للغاية وأنّه سيجد صعوبة في حشد الدعم السياسي اللازم لها داخل الائتلاف اليميني الذي يقوده.
إن اللقاء الرباعي مثيرًا للغاية، ورغم أنّ الموضع الرئيس الذي تمحور حوله كان مبادرة السلام الإقليمية، خصص جزء كبير من اللقاء لبحث الوضع الإقليمي بشكل عام. وجه الملك عبد الله و
السيسي انتقادات لاذعة لكيري على سياسة إدارة أوباما في الشرق الأوسط، سواء في المسألة الإيرانية أو السورية. مع ذلك، تعامل الاثنان بإيجابية مع اقتراحه وحاولا إقناع
نتنياهو بتقبله.
أكد المسئولون الأمريكان السابقون أن
نتنياهو كان مترددًا. وقالوا، إنه بدلا من التطرق فقط لخطة كيري، طرح خلال اللقاء الرباعي اقتراحا خاصًا به باسم "خطة الخمسة نقاط". أبدى
نتنياهو في إطار هذه الخطة استعداداه لتنفيذ تلك الخطوات التي تحدث بشانها مع كيري في نوفمبر 2015 تجاه الفلسطينيين بالضفة الغربية وقطاع غزة، وقال أيضا إنه سوف ينشر بيانًا يتطرق فيه بشكل إيجابي لمبادرة السلام العربية.
في المقابل، طالب
نتنياهو استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين وعقد قمة سلام إقليمية بحضور ممثلين عن السعودية والإمارات ودول سنية أخرى.
بعد عدة ساعات من المحادثات عاد كل زعيم إلى بلده، بعد أن اتفقوا على بحث الاقتراحات المختلفة. لكن كان لهذه القمة السرية في العقبة أثرا فوريا على السياسة الداخلية في إسرائيل. عمليا، كانت البنية التي بدأت بعدها بأسبوعين- ثلاثة أسابيع، الاتصالات بين رئيس الحكومة الإسرائيلي ورئيس "المعسكر الصهيوني" حول إقامة حكومة وحدة.
أخطر
نتنياهو زعيم المعارضة بأمر قمة العقبة، وحاول "هارتسوج" الذي كان متشككا معرفة إن كان هناك شيئا وراءها. فأجرى محادثة هاتفية مع كيري، والملك عبد الله والرئيس المصري
السيسي وسمع منهم التفاصيل. كان الرئيس المصري والملك الأردني متشككين حيال قدرة
نتنياهو على دفع عملية سياسية حقيقية داخل الائتلاف اليميني الذي شكله. رأى الاثنان في دخول "هارتسوج" أو "يائير لابيد" للحكومة تعبيرا عن الجدية من قبل
نتنياهو- يبرر ضغطهما على الفلسطينيين أو جهدهما لتجنيد السعودية ودول عربية أخرى لقمة إقليمية.
وأشارت "هآرتس" إلى أن زعيم المعارضة الإسرائيلية رفض أمس السبت تأكيد حدوث المكالمات الهاتفية أو كشف أي تفاصيل حول المسألة. مع ذلك، فإن المعلومات التي تلقاها في مارس 2016 حول قمة العقبة السرية وخطة كيري ومواقف الملك عبد الله و
السيسي- هي ما أقنعته على ما يبدو على إجراء مفاوضات محمومة مع
نتنياهو، والقول علانية في 15 مايو إن هناك فرصة سياسية- إقليمية نادرة يمكن أن تمضي دون عودة.
مع ذلك، وبعد أيام قليلة فقط من حديث "هارتسوج" عن مفاوضات حكومة الوحدة وصلت المفاوضات مع
نتنياهو إلى طريق مسدود. قرر
نتنياهو التخلي عن خيار الانضمام لـ"هارتسوج" لصالح ضم حزب "إسرائيل بيتنا" المتطرف للحكومة وتعيين زعيمه "أفيجدور ليبرمان" وزيرا للدفاع.
في 31 مايو، بعد دقائق فقط من تنصيب ليبرمان في جلسة الكنيست، وقف أمام الكاميرا مع
نتنياهو وأعلنا أنهما يؤيدان حل الدولتين. وأضافا أن مبادرة السلام العربية تتضمن "عناصر إيجابية"، يمكن أن تساعد في إعادة ترميم المفاوضات مع الفلسطينيين.
خلال التسعة شهور التي مرت بعد ذلك لم يحدث أي تقدم في الاتصالات السياسية. في يوم الأربعاء الماضي، وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عاد
نتنياهو ودعا لتبني مبادرة سلام إقليمية". وقال
نتنياهو لترامب :”للمرة الأولى في حياتي، وللمرة الأولى منذ إقامة دولة إسرائيل، لم تعد الدول العربية تعتبر إسرائيل عدوا، بل حليف.. أنا مؤمن أنه تحت قيادتك، سوف يجلب هذا التغيير الذي تشهده منطقتنا معه فرصة غير مسبوقة لتعزيز الأمن ودفع السلام. فلتحقق الفرصة معا".