عمان.. امتدي.. امتدي فوق الغيم.. وطولي النجم بآمالك..
كتب: محمود كريشان
سكنت عينيك يا عمان فالتفتت.. إلي من عطش الصحراء أمواه
وكأس ماء أوان الحر ما فتئت.. ألذ من قُبلٍ تاهت بمن.. تاهوا
اذا.. هي عمان.. مثل كل طفولة بريئة.. تعشق الورد ورائحة الأصالة المتدفقة في الصباحات الجميلة من الجوري الشهري الناهض في البيوت القديمة.. وهي ايضا عمان التي حين تتطلع اليها كمدينة حالمة، يغفون أهلها بأمان ويصبحون على حلم جميل اسمه الأردن الهاشمي العزيز المفتدى ..عندها يورق القلم ..ويزهر ويثمر.. أرقّ من ورق الورد.. وأطيب من ريح المسك.. وأهدأ من يمامة البيت العماني، التي تعشش فوق أشجار الحواكير الندية.
عمان..يا كلَّ الخير..كلَّ العشقِ..كلَّ المحبة.. ويا أهلَ عمان..طبتم منبتاً.. وطبتم نشأة..ونحن نمضي بمعيتكم في جولة دستورية نغوص خلالها بلقطات سريعة من ذاكرة المكان والانسان والزمان في قاع المدينة:
اليوبيل الفضي وصرح الشهيد
في عام 1977 شهدت العاصمة وكافة محافظات المللكة احتفالات ضخمة بمناسبة اليوبيل الفضي لجلالة الملك الحسين بن طلال «طيب الله ثراه»، وكان من ضمن الاحتفالات انشاء صرح الشهيد بجوار مدينة الحسين للشباب.
الباشا الذهبي
تشير المعلومات الى ان رئيس الوزراء الأسبق الباشا نادر الذهبي احد ابرز الطلبة المتفوقين في كلية الحسين في جبل الحسين خلال دراسته الثانوية في مطلع الستينيات بعد تخرجه توجه على الفور لدراسة هندسة الطيران في كبرى الجامعات اليونانية ومن ثم التحق ضابطا في سلاح الجو الملكي الأردني.
أول طيار أردني
صادفت قبل ايام الذكرى السنوية السابعة لوفاة الفريق الركن المتقاعد عامر بسيم خماش وزير الدفاع ووزير البلاط الأسبق وأحد رجالات الأردن الذين تميزوا بالعمل والانجاز في جميع المناصب التي تقلدها. والمرحوم خماش من مواليد السلط العام 1924 وتولى منصب رئيس الاركان العامة برتبة فريق العام 1967 ووزير الدفاع ووزير البلاط الملكي العام 1972.
أتم المرحوم دراسته الثانوية في السلط العام 1941، كما درس في الكلية العربية البريطانية (الشرق الاوسط) العام 1944 وشارك في دورات في المعاهد العسكرية البريطانية بالشرق الاوسط وبريطانيا وفي كلية الطيران في بريطانيا العام 1949 وكلية الاركان العسكرية لفن ورث بأميركا العام 1958.
ويعتبر المرحوم خماش اول طيار في الاردن، حيث انخرط في دورة طيران ملاحظة جوية العام 1949 من خلال سلاح الجو البريطاني، واصبح بعد تخرجه العام 1950 أول طيار أردني ممارس ومعترف به رسمياً، مسهماً بتأسيس سلاح الجو الأردني.
الباشا بينو
رئيس هيئة مكافحة الفساد الأسبق الباشا سميح بينو كان احد طلبة مدرسة رغدان الثانوية في جبل الحسين في مطلع الستينيات وكان مدير المدرسة آنذاك التربوي مصطفى الحسن.
تواريخ هامة جدا
«من زارة لعمان» كتاب بمثابة سجل مصور وموثق، صدر عن شركة زارة للاستثمار ويتحدث عن عمان وباختصار شديد وقد جاء فيه:
أن العام 1970 قد شهد تركيب اول اشارة ضوئية بمحاذاة مطعم جبري وحلويات حبيبة في شارع السلط وسط البلد، وان العام 1972 شهد انشاء اول محطة تلفزيونية في المنطقة تبث على قناتين، وفي عام 1973 تم تأسيس مدينة الحسين الطبية، وفي عام 1974 بدأ التلفزيون الاردني بثه بالالوان، واعطيت المرأة الاردنية حق الانتخاب وحق المشاركة في الانتخابات العامة.
كما انه وفي عام 1978 تم تأسيس مؤسسة الضمان الاجتماعيي، وفي عام 1979 اسست الجمعية الملكية للفنون الجميلة.
عمان وعبدالمنعم الرفاعي
يقول د. محمد القضاة ان عمان كانت في نتاج عبدالمنعم الرفاعي وقد تغزل بها لأنه يحبها ويهيم فيها، ويقيم لها طقوسها، ينشدها ويغنيها، فهي فؤاده وعشقه ووداده ولحن ذكرياته:
حاشا لحبك إما جئت أذكره
أن أقبل الشك يوما فيه والريبا
تخطّري، فصباك الغضُ منشرحٌ
يُضفي على الصبح منك الفتنة العجبا
رسالة الحاج حبيبه
تشير المعلومات ان الحاج محمود حبيبة مؤسس حلويات حبيبه، مولود في نابلس العام 1927، وقدم إلى عمان الأربعينيات وهو في مقتبل العمر، وبدأ مسيرته التجارية مع تصنيع واعداد الحلويات في عام 1951 حيث قام بتأسيس متجر صغير في وسط مدينة عمان وتحديدا في ساحة الملك فيصل في دخلة البنك العربي مقابل مركز امن المدينة ذلك عندما كانت عمان صغيرة المساحة، في وقت كانت فيه صناعة الحلويات في تلك الحقبة الزمنية، تتم بطرق بدائية وتقليدية بحتة.
وبعد وفاة العماني العريق الحاج محمود حبيبه قبل سنوات قليلة جدا، حافظ ابناؤه على رسالته في الصدق والأمانة والإخلاص في العمل والحرص على جودة المنتج وسلامته كما يقول نجله الخلوق هاني محمود حبيبه «ابومحمود».
خبز تنور
كان جسر الحمام في سقف السيل يضم اول مخبز مختص باعداد خبز التنور وكان مملوكا لأبوخالد الخضري.
المُستشفى الإيطالي
يعود بناء المُستشفى الإيطالي «الطلياني» في وسط البلد في عمّان إلى العام 1927 من قبل مُنظّمة ANSMI الإيطالية المُختصّة بالصحة و ذلك كأول مُستشفى في تاريخ العاصمة عمّان، و قد قامت مجموعة راهبات الـ»كومبوني» بالاعتناء بالمُستشفى و الإشراف عليه مُنذ العام 1939.
الدكتور شارلوت وأهل عمان
يقول العماني المعتق غالب ابوصالحة في كتابه «ذكريات عمان ايام زمان» عن الطبيبة البريطانية «شارلوت برنل» الشهيرة بـ»الست العرجاء» مُثنيا على جهودها الطبية والانسانية الخارقة في مدينة عمان وقد خصص لها في كتابه صفحات عديدة للحديث عنها.
ومما ذكره ابوصالحة عنها: لقد كانت ولادتي في مشفى الدكتورة شارلوت برنل، اذ كان والدي حمد يعمل في مشفاها وبعد ان افتتحت «شارلوت» عيادة خاصة لها في شارع البتراء قرب سوق السكر وسط البلد واستأجرت بيتاً لها في الاشرفية قرب شارع الطلياني.
والدكتورة شارلوت برنل تعتبر جزءاً هاماً من تاريخ عمان في الفترة (1913-1944) وهي من عائلة انجليزية عريقة ولدت عام 1870 وهي عمة السير هيلتون ينج ودرست الطب في بريطانيا، بعد ان مارست الطب قليلاً في بلدها جاءت الى فلسطين ثم الى السلط ابان الحكم التركي، ثم الى عمان حيث ظلت عزباء وماتت في عمان ودفنت في القدس حسب وصيتها عام 1944.
ويؤكد المؤلف ابوصالحة على ان الدكتورة شارلوت والتي عاش في بيتها مدة من الزمن كانت انسانة رفيعة الخلق وكريمة ومتسامحة جداً، تبذل كل جهدها من اجل رعاية وعلاج الناس الايتام والمساكين وتنتقل على حصانها من مكان الى مكان داخل وخارج عمان لعلاج الناس حتى وقعت من الحصان واصابها عرج دائم.
ويذكر ابو صالحة عدة مواقف انسانية نبيلة جداً عن الدكتورة حيث اراد احد السارقين سرقتها وقتلها لكنها عفت عنه وشغلته معها في بيتها، ثم كيف تبنت طفلاً يتيماً من البدو حتى اصبح شاباً، وأنها كانت دائماً تصلي لله وتطلب منه العون والمساعدة قبل اجراء أي عملية طبية في عمان.
اللحام.. شيخ التشكيليين
شيخ الفنانين التشكيليين الاردنيين رفيق اللحام الذي عمل رساماً معمارياً في وزارة الأشغال عام 1940، وفي عام 1942 ثم انتقل للعمل كرسام معماري في القصر الملكي وفي عام 1951 انتقل للعمل في وزارة السياحة، وفي عام 1952 أسس ندوة الفن الأردنية بالتعاون مع مجموعة من الأصدقاء، وساهم في تأسيس رابطة الفنانين التشكيليين الأردنين.
?ويقول اللحام عن ذاكرته الخصبة مع عمان انه وفي بداية الخمسينيات كنا نعرض الأعمال الفنية في صالونات الحلاقة والنوادي الرياضية والمنازل والمحال التجارية في عمان القديمة.
المدرسة العسبلية
المدرسة العسبلية وكان موقعها مقابل المدرج الروماني في شارع الهاشمي وقد استمدت اسمها من اسم صاحبها «محمد العسبلي» وهو حجازي الأصل ممن قدموا مع الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين «طيب الله ثراه».
..مجمل القول.. ستبقى عمان الاسرة الاردنية الواحدة من شتى اصول اهلها ومنابتهم الكريمة، يتشبثون بعراقة العاصمة الهاشمية الفتية الأبية، لتبقى دوما وأبدا جميلة الجميلات.. و:
عمّان في القلب أنت الجمر والجاه ببالي عودي مري مثلما الآه
لو تعرفين وهل إلاك عارفة هموم قلبي بمن بروا وما باهوا