الإنفاق العسكري.. الصين وأمريكا
الثلاثاء, 07 آذار/مارس 2017
جاين بيرليز– بكين- نيويورك تايمز
أعلنت الصين، يوم السبت، رفع ميزانيتها العسكرية بنحو 7% هذا العام، في ما يبدو أقل زيادة في ظرف سبع سنوات، ما يؤشر على أن زعماءها لا يعتزمون الدخول في سباق تسلح مع الولايات المتحدة حتى في وقت يسعى فيه الرئيس ترامب إلى زيادة إنفاق البنتاجون. وفي مؤتمر صحفي قبل بدء دورة الكونجرس الشعبي الوطني السنوي، قالت المتحدثة باسم البرلمان الصيني «فو ينغ» إن الزيادة «ستناهز» 7%، مضيفةً أن الإنفاق العسكري سيبلغ نحو 1.3% من الناتج المحلي الخام للصين. ويذكر هنا أن الزيادة التي اقترحت العام الماضي بلغت 7.6%، وإنْ كانت الصين لم تفرج بعد عن الأرقام النهائية التي تُظهر كم تم إنفاقه فعلياً. وينتظر أن يتم الكشف عن تلك الأرقام، والعدد الدقيق للزيادة المتوقعة لهذه السنة، خلال الدورة الجديدة للبرلمان الوطني.
ويقول خبراء صينيون إن الميزانية الجديدة ستبقي على الإنفاق العسكري منسجماً مع الصيغة المألوفة للحكومة المتمثلة في نمو الناتج المحلي الخام زائد التضخم. وبينما يواصل الاقتصاد الصيني التباطؤ، يتوقع أن يناهز النمو السنوي في الناتج المحلي الخام 6.5%، بينما يبقى التضخم في حدود 2%. ويتعين على الحكومة إيجاد مزيد من الأموال من أجل الرعاية الصحية والتعليم واحتياجات اجتماعية باهظة أخرى. ويقول محللون عسكريون صينيون وغربيون إنه من اللافت أن تعهد ترامب الأخير بزيادة الإنفاق العسكري الأميركي بـ54 مليار دولار لم يدفع الصين لزيادة إنفاقها العسكري أكثر.
وأكدت «فو» أن الصين ترغب في علاقات جيدة مع إدارة ترامب، لكنها سترد على أي تحديات. وقالت في هذا الصدد: «لقد أجرى الرئيس شي جينبينغ والرئيس ترامب اتصالين هاتفيين مباشرين، والرسالة كانت واضحة جداً، وهي أنه يجب أن يكون ثمة مزيد من التعاون بين الصين والولايات المتحدة حتى نصبح شريكين جيدين». لكنها أوضحت أن الصين ستراقب سياسات ترامب العالمية، إذ قالت: «بالطبع إن الجميع يأمل أن يكون تأثيرها إيجابياً، غير أنه إذا كانت ثمة تحديات، فإن الصين سترد على ذلك بهدوء». كما لفتت «فو» إلى أن الجيش الأميركي أكثر قوة بكثير من الجيش الصيني قائلة: «إن الأمر يتعلق في الجوهر بتخوف الولايات المتحدة من إمكانية أن تلحق بها الصين وتتجاوزها في قدراتها. والحال أنه مازالت ثمة هوة كبيرة بخصوص القدرات بين الولايات المتحدة والصين التي مازالت بلداً نامياً». وللتشديد على نيته تقوية الجيش الأميركي، زار ترامب حاملة الطائرات الأميركية الجديدة الأسبوع الماضي. حاملة الطائرات «جيرالد فورد» تشتغل بالطاقة النووية، ومن المرتقب أن تدخل هذه القلعة العائمة المصنوعة من 100 ألف طن إلى الخدمة هذا العام، وهي الأولى ضمن جيل جديد من حاملات الطائرات الكبرى. وتمتلك الولايات المتحدة 10 حاملات طائرات كبرى من فئة «نيميتز». وبالمقابل، تقوم الصين حالياً بصناعة أول حاملة طائرات لها، وهي سفينة تعمل بالديزل، ولديها أخرى تم تجديدها من أوكرانيا. العقيد المتقاعد في القوات الجوية الصينية «وانج شيانج سو»، الذي يعمل حالياً مديراً لمركز الشؤون الإستراتيجية بجامعة بكين لعلوم الطيران والفضاء، يرى أن اعتزام ترامب زيادة الإنفاق العسكري من المستبعد أن تدفع الصين إلى أن تحذو حذوها، إذ يقول: «لا أعتقد أن الصين ستكون حساسة جداً بشأن هذا الأمر». وقال: «رغم كل الخطاب الشرس، فإنه لا أحد يرغب في الحرب»، مضيفاً أنه ولئن كانت زيادة حجمها 54 مليار دولار تبدو ضخمة، فإن «الأميركيين لم يحققوا أي شيء بعد أن أنفقوا 6 تريليونات دولار في العراق وأفغانستان».
أما الخبير الأميركي في الجيش الصيني دنيس بلاسكو، فيرى أن الدبلوماسي الصيني رفيع المستوى يانغ جيتشي، الذي زار واشنطن الأسبوع الماضي والتقى مع ترامب في البيت الأبيض، ربما كان موضوع الميزانية العسكرية حاضراً في ذهنه عندما سعى إلى تقييم مزاج الإدارة الأميركية الجديدة. ويقول بلاسكو، وهو مقدم متقاعد في الجيش الأميركي ومؤلف كتاب «الجيش الصيني اليوم»، «تخميني هو أن يانغ جيتشي كُلف بتقييم حالة العلاقة الثنائية ليرى ما إن كانت ثمة حاجة ربما لتغيير في اللحظة الأخيرة في رد الفعل على الزيادة المطلوبة في ميزانية الدفاع الأميركية». وربما وجد يانغ أن العلاقة ترتكز على أساس قوي بما يكفي، يقول بلاسكو الذي يضيف: «لا أعتقد أنهم يرغبون في الدخول في تنافس ميزانية عسكرية معنا، ولا حتى في تنافس كلامي».