عين السخنة .. حلم وأمل
حمزة حماد
لقد غادرنا مصر والأمل يتفاقم في كل لحظة في ظل المناخ الرامي إلى توحيد الجهود المصرية الفلسطينية الداعمة لحل أزمات كلا الطرفين من الناحية الأمنية والسياسية، التي عثرت طريق الكثير من الشباب الفلسطيني الطامح والشعب بأسره، وما نتج ذلك من إفرازات كانت قاتلة لروح الحياة، فكانت جلسات قيمة تحمل الكثير في جعبتها من تفهم وتعاطي مع تلك المداخلات القوية التي كانت تنقل إلى القيادة المصرية (المتحدثين) الناتجة عن آلم ووجع شعب (غزة) الذي يعاني من الأمر الواقع والتهميش من قبل قيادته الغير حكيمة، والتي رمت بنا إلى حوض عميق لا نجد له مخرج سوى اللجوء إلى مصر الأم، والتي تعتبر الرئة التي نتنفس بها في ظل الحصار والأزمات التي تتفاقم يوم بعد يوم، بل على مدار التاريخ لها دورها الهام الايجابي أيضاً.
ونقلت أبرز المشكلات التي نتمنى حلها من الوفد المشارك الذي حضر بمختلف الأطياف السياسية ومن إعلاميين ونشطاء ومحامين، والذين رسموا مظهراً جميلاً غُيب منذ سنوات، وكانوا قد نقلوا رسالتنا لمصر، والذين جعلوا من أنفسهم مرآة حقيقية لشعبنا، وكانت تشمل محاور الحديث حول المعبر بكل حيثياته، وملف العمرة، وتطوير التبادل التجاري بيننا، والمنح الدراسية، والانقسام الفلسطيني وأهمية دور مصر فيه، وهذا يحسب للشباب الذين مثلوا شبابنا في الحديث بعيداً عن الإقصاء أو التجاهل، بل ساد جوا من التفاهم والحوار وحقق مبتغاه بكل جرأة ووضوح، وهذا ما جعل بنا أن نكون أقوياء أمام الجميع من أجل توصيل رسالتنا، حيث انتهى عمل الوفد الشبابي الفلسطيني وقد لامس القضايا المجتمعية ومعاناة الناس بشكل خاص.
وحول الأخوة المصريين المتحدثين الذين لم نجد منهم سوى الاهتمام والتأكيد على حضور القضية الفلسطينية في أولوياتهم، لكن تبقى المحاولات الباطلة تشكل عقبة أمام ذلك وكان أبرزها الانقسام الفلسطيني الداخلي، والظرف الأمني الصعب، والحالة الاقتصادية المتردية بمصر، وصولاً للمؤامرة التي تحاك ضد المنطقة وعلى أرسها مصر (أم الدنيا) باعتبارها رائدة المشروع العربي، والحاضنة الأساسية للقضية الفلسطينية.
الجميع يعلم جيداً أن الفترة الماضية التي تلقينا بها تسهيلات من قبل مصر كانت رافعة للمعنويات عند أبناء غزة، وهذا مما جعل الأمل يزداد مما ساهم في خلق مناخ أكثر ايجابية بين الطرفين المصري والفلسطيني شعباً وقيادة. حيث كانت التطمينات المصرية تطلق بنفس وطني يسعى إلى توحيد الجهود والتخفيف من حدة الأزمة بغزة، في ظل الظرف الأمني الصعب الذي كنا نقدره إلا أننا رأينا بأعيننا حجم المأساة والظرف الصعب الذي يواجهه خير أجناد الأرض (الجيش المصري) الذي لم يبخل ولو للحظة عن تأمين الوفد، بل كان خير مثال لأن نشكر مصر على ذلك.
لا يوجد اثنان يختلفوا على أن مصر هي الحاضنة للأمة العربية وليس غزة أو فلسطين فقط، بل رائدة المشروع العربي بالمنطقة وبدون مصر لن نتقدم خطوة للأمام، ولو أردنا أن نستحضر دور مصر في ذلك نحتاج إلى وقت طويل، مع أننا ندرك أن مصر أكبر من ذلك بكثير بتاريخها وحضارتها ودورها الجامع للكل العربي. وإن حالة التقارب التي لاحظتها بين القيادة والشباب الممثلين بالوفد تؤكد أن مصر بحاجة إلى قيادة جديدة قادرة أن تتحلى بالعقلانية والاتزان قبل أي شي وهذا للأسف نفتقده في قيادتنا المنقسمة في فلسطين، وهنا استحضر قول احد المتحدثين المصريين عندما قال أن النضال الفلسطيني يجب أن يأخذ شكلاً ونمق عصري من الحياة والتكنولوجيا والتواصل والتخلص من العقد القديمة، وذكر مثالاً حين قام الرئيس الراحل ياسر عرفات بدعم الغزو العراقي للكويت، كما أن حركات التحرر الوطني يجب أن تمسك العصا من الوسط، لا أن تتعاطى مع حديث الوهم والـخ، حيث ذكر المتحدث المصري نائب وزير الخارجية أنه 23 يوليو عام 1990 قال صدام حسين سوف أعطي أفقر مصرية صعيدية حقها في البترول من أجل أن تنحاز مصر لإحدى المواقف لكن رفضنا ذلك.
وهنا أريد التذكير أن الحالة تحمل شقين أساسيين بالنسبة لأهل قطاع غزة الأمني والسياسي، فيما يتعلق بالأمني هو أن من حق مصر الدفاع عن مصالحها بما تراه مناسباً من أجل الحفاظ على سيادتها ومواجهة الإرهاب مع مراعاة معاناة الناس بغزة وهذا تقوم به مصر بقدر استطاعتها، وعن دور الأمر الواقع بغزة تقوم بمكافحة تلك الأطراف المشبوهة التي لم تشكل سوى عدداً محدوداً وتسيطر عليها ولا يمكن أن نطلق على ذلك ظاهرة على الإطلاق.أما الجانب السياسي فهو يرتبط بالانقسام بشكل أساسي، وهذا يأتي في إطار العلاقة مع مصر للتعامل مع جهة شرعية، وهنا مصر تؤكد بأنها تدعم المصالحة الفلسطينية على أسس واضحة ليس استغلالية، وما علينا إلا أن نشكر مصر جملةً وتفصيلاً.
شكراً_مصر نتمنى أن يترجم ذلك قريباً ..