منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  قلب أمي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70387
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 قلب أمي Empty
مُساهمةموضوع: قلب أمي    قلب أمي Emptyالخميس 16 مارس 2017, 8:37 pm

قلب أمي
[size=32]
[/size]نايف النوايسة

.. الشارع خال إلا من بعض السيارات .. يتوالى مرورها على لحظات متقطعة .. قلب أمي Galbomy

.. ظلال الأشجار المرتسمة على أطراف الرصيف توحي بالوحشة ..

.. لا أدري لماذا أخاف من هذه الأشياء عندما تكون سيدة الزمن ؟ ..

.. هذه العمارات المتناثرة أمامي على جانبي الشارع ..

.. تخفي داخلها الترجمة الحقيقية لأثر الزمن ..

.. الذي نظنه يمر ؛ بينما نحن الذين نمرق منه مسرعين ..

.. (مطبات) الرصيف تذكرني بأمي التي احملها على ظهري ..

.. لأوصلها إلى المستشفى .. دفء أمي يردني إلى عالم الطمأنينة ..

.. كلما أوغلت في تفرس الأشياء ..

.. دقات قلبها الضعيفة .. ترتب مع خطواتي المتعجلة ..

.. متحديا .. واثقا .. لكل هواجس الصمت التي تحاصرني ..

.. تمر السيارات مسرعة .. المستشفى يتباعد ..

.. كلما تذكرت مرض أمي قبل دقائق ..

.. يتباعد كثيرا مع كل سيارة تمر دون أن تتوقف ..

.. لا بأس سأصل مادام هناك مستشفى .. ولي قدمان ..

.. أثق بقدرتهما على إنهاء هذه المهمة ..

.. فقد كنت اقطع أكثر من هذه المسافة .. أيام كنت جنديا ..

.. فالسفر الطويل مع كامل التجهيزات العسكرية ..

.. درس جيد أستفيد منه الآن ..   قلب أمي Galbomy1

.. ولا انسي تلك الليلة .. التي قطعت فيها عشرين كيلوا مترا ..

.. في ارض وعرة .. دون توقف .. إنها ليلة لا تنسى ..

.. صوت أمي الضعيف .. يعيدني إلى عالم الشعور ..

.. لقد أتعبتك يا ولدي .. "ربنا يوفقك" ..

.. حملتني تسعة أشهر في أحشائها .. وتعتذر ! ..

.. الإنسان الطيب .. هكذا يعتذر إلى الآخرين ..

.. حفيف الأشجار .. وانعكاس أشعة المصابيح على الأشياء ..

.. وأملي بان تعيش والدتي .. كلها تغاريد حب ومودة تنتقل معي ..

.. اكفّي تساعدني في حملها .. ولساني يتعثر بالكلمات العارية المكشوفة ! ..

.. التي تعوّد الإنسان .. على مجاملة الآخرين بها ..

.. لا لا ! .. بالنسبة إلي هي حمل مقدس ..

.. لا أخاطبه في هذه اللحظة .. كما يخاطب الناس العاديّون ..

.. قدماي تسرعان أكثر .. والشارع ثعبان أسود .. لا يكاد ينتهي ! ..

.. سيارة تقترب وخلتها ستمر مثل غيرها ! ..

.. تقف بمحاذاتي ! .. ويطل السائق برأسه .. ويطلب مني مالا ! ..

.. ليوصلنا إلى المستشفى ..

.. لم تعد المسافة طويلة .. نصف ساعة وأصل ..

.. لكنّني حريص على سلامة أمي ..

.. وافقت على ذلك وأنزلت أمي على الرصيف ..

.. لأفتح باب السيارة ..

.. لفت انتباهي خطوط (البيجاما) التي ألبسها ..

.. ارتبكت بشدة ..

.. سألني السائق عما بي .. أعلمته إني لا أحمل نقودا الآن ..

.. يقهقه ظاحكا .. ويسحب سيارته بسرعة ..

.. ما هذا ؟ .. أيظن أني احمل كيس ملابس ؟! ..

.. أتمتم غاضبا .. فتدرك أمي حرجي ..

.. والحزن الذي طغى على حركاتي ..

.. تمسح على رأسي .. وتقول : " اللهم أهده " ..

.. نصف ساعة عن المستشفى .. لكن لماذا أفكر في الوقت ..

.. وأنا لا استطيع تجاوزه بغير هاتين القدمين ..

.. ليكن ما يكون ! .. فحرصي على حياة أمي شي آخر ! ..

.. أرقام السيارات التي تعكسها الأضواء الخلفية تهزأ مني .. ومن قدرتي ..

.. وكأنها تقول : "متى ستصل يا مسكين ؟ .. يا للفقير ! ..

.. الذي يركب قدميه في هذه الساعة المتأخرة من الليل .. إلى أين ؟ " ..

.. الكتل اللحمية التي أراها مكومة داخل السيارات المارقة..

.. تهز أطرافها ساخرة .. يبتلعها الظلام وتختفي بين العمائر ..

.. والأشجار التي أتسلى بها كلما خلا الشارع .. تبشرني بقرب الوصول ..

.. توشوش في أذني .. أن باب المستشفى بات قريبا ..

.. صوت إسعاف طويل يوحد بين لساني ولسان أمي لنقول "يا ساتر" ..

.. تمر السيارة مسرعة .. وتدخل المستشفي دون أن تحفل بنا ! ..

.. لا بأس ها نحن قد وصلنا ..

.. حركات نشطة داخل غرفة الإسعاف ..

.. وانتشار الدم عن الباب ..

.. "يا رب ألطف" تردد أمي .. واردد معها ..

.. أنسى أن أمي مريضة .. ولا تتمكن من الوقوف على قدميها ..

.. على الكرسي في صالة العيادة ..

.. "الله لا يضره" تدعو أمي ..

.. وقفت مقابل غرفة الإسعاف .. لأستحلي حقيقة الحادث ..

.. وأنتظر أمر الطبيب المناوب .. لإدخال أمي ..

.. تخرج إحدى الممرضات مسرعتاً إلى بنك الدم ..

.. وتعود مسرعتاً أيضا لتعلم الطبيب ..

.. بعدم وجود وحدة الدم من صنف دم المصاب ..

.. أمر محيّر .. حاجة المريض إلى الدم ملحّة .. بعد أن نزف كمية كبيرة من دمه ..

.. من عساه يتبرع بدمه ؟ .. "من دمه من صنف كذا" يسأل الطبيب ..

.. لم يكن في العيادة وقتئذ إلا أنا وأمي ..

.. والسائق الذي أوصل المصاب .. والطبيب وممرضتان ..

.. يلتفت الوجود بعضهم بوجوه بعض ..

.. نداء يذكرني بداخلي .. بنوع دمي ..

.. "نعم انأ أتبرع بدمي يا دكتور" ..

.. يأخذني إلى الغرفة ..التي سجي فيها المصاب ..

.. أتملى وجهه .. يا للهول ! ..

.. انه هو ! .. أقترب منه اكثر وشريط من الذكريات ..

.. لم يمض عليه نص ساعة .. يقفز إلى عيني ولساني ..

.. هو بعينه ! .. يستغرب الطبيب من ذلك .. ويهز رأسه مستفسرا ..

.. فرددت : "لاشيء" ..

.. في الوقت الذي مددت فيه ذراعي ليأخذوا مني وحدة الدم ..

.. أسرع إلى والدتي ..

.. لأطلعها على حقيقة الحادث .. ريثما يفرخ الطبيب من توصيل الدم ..

.. إلى جسم المصاب .. أمي تتمتم "الله لا يضره" ..

.. اجلس بجانبها وأنا مازلت اردد " هو هو بنفسه ! " ..

.. "من هو يا بني ؟ " .. قالت أمي ..

.. قلت : " السائق الذي أوقف سيارته .. وقهقه وأسرع" ..

.. أمي تهز رأسها .. تمسك بيدي وتتمتم .. "لا حول ولا قوة إلا بالله" ..

.. الطبيب ينادي والدتي .. أحملها .. نظراتها تفتش في جوانب الغرفة ..

.. يسألها الطبيب .. ما تشكو .. فتصف حالتها .. يكتب وصفة ..

.. ويناولني دواء مسكنا .. حتى الصباح ..

.. ريثما يشغر سرير في القسم الباطني ..

.. والدتي ترجو الطبيب ليريها الشاب المصاب ..

.. تستند إلى كتفي بعد أن استردت شيئا من همتها ..

.. وأدخل و إياها بمرافقة الطبيب ..

.. عاد المصاب إلى شيء من وعيه .. يحدق في الآن ..

.. ابتسم له الطبيب .. يقول للشاب مشيرا إلي ..

.. "هذا الذي انقد حياتك بدمه" ..

.. خجلت من نفسي كثيرا .. لأنني لا أستسيغ طعم الخير ..

.. الذي يعذب به الآخرون ..

.. لقد تمنيت من الله ألا يذكر الطبيب ما ذكره ..

.. وطأطأت برأسي في الوقت الذي كان الشاب .. يميل برأسه إلى الجهة الأخرى ..

.. ليكتب بطاقة اعتذار من دموعه ..

.. أمي تبتسم .. ألتفت إليها ..

.. ثم تلتفت إلي وتدير لسانها ..

.. " لا حول ولا قوة إلا بالله " ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
قلب أمي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: روايات-
انتقل الى: