فورين بوليسي: تفاصيل سرية في اتفاق للهدنة بجنوب سوريا تتعلق بالقوات الإيرانية
واشنطن: قالت 3 مصادر دبلوماسية لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إن مذكرة وقف إطلاق النار بجنوب غرب سوريا تنص على منع "مقاتلين أجانب" من الدخول إلى الشريط الاستراتيجي على حدود سوريا مع إسرائيل والأردن.
وأوضحت المجلة، أن الاتفاق الروسي الأمريكي بشأن وقف إطلاق النار في جنوب سوريا يرمي إلى الاستجابة لمطالب إسرائيل والأردن (الأخير يشارك باعتباره طرفا في الاتفاقية) بمنع القوات الإيرانية وحلفائها، بما في ذلك حزب الله، من الاقتراب من الجولان المحتل أو الحدود الأردنية.
لكن دبلوماسيين ومحلليين أمريكيين تحدثوا للمجلة، تساءلوا حول مدى قابلية هذه الاتفاقية للتنفيذ، مشككين في قدرة روسيا على لعب دور الضامن لوقف إطلاق نار يشارك فيه الجيش السوري وإيران والقوات المدعومة من قبل طهران.
وفي هذا السياق اعتبر بريد هوف، المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، الذي كان يتولى مسائل الانتقال السياسي في سوريا، أن "مفتاح بقاء" حكومة الأسد هو بأيدي الإيرانيين وليس بأيدي الروس. كما عبر الخبير عن خشيته من أن تحاول روسيا فرض هذه الاتفاقية على الأمريكيين بسرعة دون أن تتوصل إلى تفاهم ثابت مع دمشق بشأن شروط الهدنة.
واعتبرت المجلة أن الروس "فشلوا" في إقناع القوات الموالية لطهران باحترام حدود "منطقة منع الاشتباك" التابعة للأمريكيين، قرب قاعدة التدريب الأمريكية في جنوب شرق سوريا. وذكرت "فورين بوليسي" أن الجانب الأمريكي أبلغ العسكريين الروس بإقامة هذه المنطقة في محيط معبر التنف الحدودي، لكن القوات الموالية لإيران والطائرات الحربية السورية تجاهلت التحذير الأمريكي وواصلت تقدمها نحو المناطق حيث ينشط "الكوماندوز" الأمريكيون وشركاؤهم الأكراد والعرب.
وأوضحت "فورين بوليسي"، أن مذكرة التفاهم الموقعة حول مناطق تخفيف التوتر في جنوب سوريا، تؤسس لوقف إطلاق النار بين القوات السورية الحكومية وفصائل المعارضة المسلحة، وتنص على تحويل مناطق جنوبي القنيطرة والسويداء إلى شريط مغلق أمام "المقاتلين من أصول غير سورية"، بمن فيهم العسكريون الإيرانيون وأنصارهم، والمقاتلون الدائرون في فلك تنظيمي "القاعدة" و"داعش".
وقال "هوف" للمجلة: إن هذا الإجراء يرمي إلى إزالة قلق إسرائيل من أنشطة أولئك المقاتلين، على مقربة من الجولان المحتل من قبل الجيش الإسرائيلي.
كما ينص الاتفاق على الحفاظ على مؤسسات الحكم ونظام الأمن القائم في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية بجنوب غرب سوريا، للحيلولة دون فرض وقوع هذه المناطق تحت سيطرة الجيش السوري. وفي هذا السياق، حذرت مصادر دبلوماسية في تصريحات للمجلة من أن هذا الاتفاق قد يسهم في تحويل التقسيم الفعلي الحالي لأراضي الجنوب السوري إلى نظام دائم يكرس التفكك.
كما يدعو الاتفاق إلى ضمان وصول العمليات الإنسانية إلى المنطقة، دون أي عوائق، وتوفير الظروف المواتية لعودة اللاجئين إلى المنطقة.
وقال مسؤولون بوزارة الخارجية الأمريكية، إن الولايات المتحدة وروسيا تواصلان العمل على صياغة تفاصيل الخطة المتعلقة بتطبيق الاتفاق، بما في ذلك تحديد كيفية الرقابة على وقف إطلاق النار والتفاصيل المتعلقة بنشر المراقبين.
وذكرت المجلة، أن مركزا مشتركا مقره عمان سيضم مسؤولين من الولايات المتحدة وروسيا والأردن، ليتولوا الرقابة على وقف إطلاق النار. كما أكدت "فورين بوليسي" أن إسرائيل التي ليست طرفا في الاتفاق، شاركت بنشاط "وراء الكواليس" في المناقشات التي مهدت لتوقيع الاتفاقية.
كما أكدت المجلة، نقلا عن ضابط أمريكي، صحة تقارير إعلامية أمريكية أخرى، أفادت بأن الإدارة الأميركية أقدمت على مذكرة التفاهم مع روسيا دون إشراك البنتاغون أو القيادة المركزية للجيش في عملية التفاوض بشأن الوثيقة، ودون إبلاغ العسكريين عن دورهم المستقبلي في فرض نظام الهدنة.
وقال الضابط إن البنتاغون كان يحصل على معلومات قليلة جدا أثناء إعداد الاتفاقية. وتابع أن الطائرات الأمريكية قلما تعمل في أجواء جنوب غرب سوريا، لكنه أكد أن الطيران الأمريكي سيلتزم بوقف إطلاق النار. وأضاف أن الجيش الأمريكي لم يقرر بعد ما إذا كان عليه أن يرسل دوريات جوية تضم طائرات حربية لفرض نظام الهدنة في المنقطة.
ورجح الضابط أن يكتفي الأمريكيون بالرقابة "عن بعد"، إذ سيجلس ممثلوهم مع الضباط الروس في مركزهم بعمان. وأكد أن العسكريين الأمريكيين لا يخططون للعمل مباشرة مع الإيرانيين أو الجيش السوري، إذ ستلعب روسيا دور الوسيط.