عيدي أمين.. الجنرال المسلم الملقب بــ"آخر ملوك اسكتلندا"
كغيره من جنرالات الانقلاب لم يشذ عن القاعدة التي حكمت المراحل التي رافقت فترة حكمهم دوما والتي اتسمت بالعنف والدماء.
قد يكون استلهم نموذج القذافي حين قام بانقلابه وصار الرجلان يتنافسان في إظهار القدر الأكبر من الغرابة والفكاهة أحيانا والتوشح بالألقاب الوهمية كقاهر الإمبراطورية البريطانية وفخامة الرئيس المشير الحاج الدكتور عيدي أمين دادا.
في مثل هذا اليوم كان الجنرال عيدي أمين يفر من بلاده هارباً باتجاه ليبيا، ليتنهي به الحال منزويا في السعودية.
الرئيس الذي كان يحلم بالحكم للأبد ولد عام 1925 لقبيلة كاكواس المسلمة في مدينة كوبوكو بوادي النيل الغربي وعاش طفولة بائسة سببها افتراق أمه عن أبيه التي عادت لقبيلتها فعاش على بيع المأكولات المحلاة وتعلم اللغة السواحلية التي قادته لاحقا لاعتناق الإسلام.
في فترة شبابه خدم في الجيش البريطاني وشارك في قمع اضطرابات قبائل الماو في كينيا، وكان عمله في البداية مساعد طباخ في الكتيبة البريطانية ثم أصبح ضابطا مع إعلان استقلال أوغندا عام 1961، وكان معروفا بقوته الجسدية التي جعلته بطل أوغندا في الملاكمة وبقي يترفع في الجيش بأمر من الرئيس ميلتون أوبوتي الذي كان يكافئه بالترفيع مقابل ولائه المطلق إلى أن وصل لمنصب قائد الجيش عام 1966.
مع دخول عام 1971 قام أمين بانقلاب أطاح بنظام أوبوتي بعد أن ساءت العلاقة بينهما لعلم أمين أن أوبوتي كان ينوي اعتقاله لسوء استخدام أموال الجيش، فكان أن بادر للانقلاب قبل أن تتطور الأمور ضده.
أسس أمين نظاما حديديا مستغلا وجود سلفه في زيارة لسنغافورة، حيث قام بإعدام القادة العسكريين الذين لم يؤيدوا الانقلاب، وبدأت ثماني سنوات عجاف في أوغندا إلا من تصرفات رجل غريب الأطوار لم يتورع عن اعتقال وتعذيب الآلاف وإحاطة نفسه بالكثير من النياشين والألقاب التي لا تنتهي والتي كان أغربها ملك اسكتلندا، التي لم يكن يتوقف عن كيل قصائد الإعجاب والمديح لها.
كان أمين يتطلع لأن يصبح ملك ملوك أفريقيا كما عبر صديقه القذافي ذات مرة فكان يلمح إلى نيته احتلال الجارة تنزانيا بالقوة والتي عملت على استقبال معارضيه ومدهم بالسلاح، ما أجبر أمين عام 1978 على دخول تنزاينا واحتلال مثلث كاجيرا فجاء الرد من تنزانيا بمساعدة المعارضة الأوغندية على التوحد ومدها بالسلاح تحت اسم الجبهة الشعبية لتحرير أوغندا بزعامة الرئيس المعزول أوبوتي، حيث نجح فعلا بطرد أمين لخارج البلاد.
توجه أمين إلى ليبيا حيث استقر بضيافة رفيقه القذافي ثم استقر به الحال في السعودية التي أقام فيها حتى وفاته عام 2003 عن عمر ناهز 78 عاما.
رحل أمين بعد أن خلد اسمه في سجل الطغاة الذين ولغوا بدماء شعوبهم ونعتته صحيفة الغارديان البريطانية بقولها "وفاة أحد الحكام العسكريين المستبدين الأكثر وحشية ممن تسلموا السلطة في مرحلة ما بعد الاستقلال في أفريقيا"، وأبدله شعبه لقب "جزار أفريقيا" بدلا من ملك اسكتلندا الذي كان يحلم به.