وسط البلد.. مذاق خاص للحياة

وسط البلد.. مذاق خاص للحياة

وسط البلد.. مذاق خاص للحياة 2068_498702

الدستور - ماجدة ابو طير

تعتبر منطقة وسط البلد ملاذا للكثيرين وخاصة بعد اسبوع عمل منهك، اذ تصبح نهاية الاسبوع ماهي الا الملجأ لمصدر السعادة، «وسط البلد» تتميز كمنطقة في كونها تختلف عن باقي اماكن العاصمة حيث تتصف في طبيعتها القديمة/ الحديثة، ووجود اماكن غير مكررة بالنسبة للكثيرين والتي لا توجد بأي بقعة اخرى، فالتجمعات التجارية في هذا الوقت «المولات» اصبحت منتشرة في كل المناطق الا ان متعة زيارة وسط البلد لها مذاق مختلف تماما لا يعرفه الا من جربه وبعد وقت قليل يصبح يدمنه.

الناس يذهبون الى وسط البلد ليس فقط لشراء الحاجيات بل ايضا للمشي بين الاسواق المتعددة، والشوارع القديمة، واشتمام روائح تخترق الذاكرة لا يستطيع الماشي بعد مدة من الزمن ان ينسى هذه الرائحة الجميلة التي تختلط بين وجوه الناس والباعة ورائحة اكواب العصائر التي تعد على اطراف الشارع، ومن هنا تصبح الزيارة لوسط البلد طقسا من الطقوس الممتعة اللصيقة بالروح قبل كل شيء آخر.

الالتقاء بالمثقفين

يحدثنا هاني بني كنان عن اسباب زيارته الدائمة لوسط البلد، وهو شاب لم يتجاوز الربع قرن من عمره، يقول هاني:» انني اذهب اسبوعيا الى وسط البلد واحياناً تتكون رغبة لدي فجائية بأن اذهب اكثر من مرة في الاسبوع الا ان عملي كمحاسب يجعلني امضي معظم الوقت في العمل، ولا يتوفر لي الا يوم واحد للذهاب، ما يجذبني في وسط البلد هو بسطات الكتب الموجودة اينما اذهب مما يجعلني اقف امام المكتبات الكثير من الوقت حتى اصبح اصحاب المكتبات يعرفونني و تكونت لدي صداقات لم اكن اتوقع ان تتكون في حياتي».

ويضيف هاني:» في وسط البلد تلتقي بالكثير من الاشخاص وخاصة المثقفين الذين يتواجدون امام المكتبات بشكل دائم، وتصبح زياراتي هذه تؤهلني الى ان التقي اكثر من مرة بنفس لوجوه، مما يتيح لي بأن نتناقش وتصبح لدي علاقات وثيقة، وبعد ان تعرفت على الكثير من الاصدقاء، اتفقنا ان نمضي يوم الخميس في بعض مقاهي وسط البلد القديمة، سواء اكان مقهى «السنترال» او مقهى «الجامعة العربية» او غيره، المهم ان نجد مكاناً يحتضن افكارنا ونجلس به بارتياح».

خبرات

لا يوجد في المولات كل ما اريده، وخاصة انني اعمل كمصممة للملابس والخياطة هي مهنتي، لقد حاولت ان ابحث في اماكن كثيرة قريبة لمكان سكني عن كلف الملابس والخيوط والاقمشة والازرار الا انني فشلت في البحث وكانت النتيجة الاكيدة ان اتوجه الى وسط البلد من اجل الاستفادة من الوقت وعدم اضاعته والحصول على ما اريده، هذا ما اكدته بيان مسلماني: «بالاضافة الى اسعار الاقمشة اقل تكلفة، ونوعيتها افضل بالكثير من مكان اخر لو كان هذا المكان بعيداً، ايضا لا اجد فقط الاقمشة بل ايضا اصحاب المحلات يشتهرون في كون معظمهم من مصممي الازياء وايضا يسوقون الملابس التي اخيطها لذلك من المهم ان اعرفهم ويعرفونني من

اجل الزبائن، وفعليا لقد قمنا بعمل الكثير من عروض الازياء سويا واستفدنا من الخبرات المتراكمة بالاضافة الى تسويق البضاعة».

عدم وجود مواقف للسيارات

سلمى ابراهيم وهي ام لاربعة اطفال تبين ان الذهاب لوسط البلد يحتوي الكثير من المتعة والاستفادة بنفس الوقت، تقول سلمى من يجرب وسط البلد لمرة واحدة لا يستطيع ان يغادرها فلها بريق لا يوجد بأشهر «مولات» عمان، انني اذهب وعائلتي لنتناول المنسف الشهي ومن ثم نتجول في الاسواق، وكذلك نتعمد ان نزور وسط البلد يوم الجمعة من اجل شراء الملابس من سوق الجمعة الذي يقع في منطقة العبدلي، ومن ثم نزور الاسواق الاخرى، فنحن كعائلة نجد في سوق الجمعة ملابس لا نستطيع ان نجلبها من الاسواق المختلفة، وتكون القطع مميزة وباسعار جدا مناسبة، هذه الملابس وهي ملابس مستعملة او ستوكات اي انتهى موديلها في الدول الاخرى، هي ملابس جميلة وخامتها جيدة بل اكثر من ذلك».

مشكلة

وتضيف سلمى:» مشكلة وسط البلد هي مشكلة وحيدة وهي عدم وجود اماكن لاصطفاف السيارة، لذلك يفضل الذهاب عن طريق المواصلات من اجل ضمان الرجوع الى المنزل بشكل مريح، ولكن ما يزعجنا كعائلة اننا عندما نذهب الى وسط البلد اننا كالعادة نشتري الخضار والفاكهة النضرة والمميزة، وهذا يشكل عائقا بالنسبة لنا

في حال رغبتنا في العودة الى المنزل». يضحك ابن سلمى ويسمى بحمزة ويذكر ان ذهابه لوسط البلد لا يخلو ابدا من المغامرات، حمزة الذي يبلغ من العمرعشر سنوات يقول:» انني احب ان اذهب الى سوق الطيور واشتري ما ارغب به من الحيوانات بالرغم من ان امي لا تحب الحيوانات وخاصة العصافير كونها مزعجة بالنسبة لها، ولكنني في احد المرات غافلت امي وجعلتها تنشغل هي وابي بشراء الاسماك المعروضة، واشتريت بشكل سريع ارنباً فرنسيا، وعندما عدت للمنزل جعلته يركض بالصالون، ومن هنا امي اصبحت تراقبني كثيرا عندما نكون قريبين من سوق الحيوانات المختلفة».

اكتظاظ

الاخصائية الاجتماعية رانية الحاج علي تقول:» الناس دوما يبعدون عن الاكتظاظ والعمران وخاصة اننا في زمن يكثر فيه العمران والضوضاء لمختلفة لذلك تجد الناس يتوجهون للاسواق القديمة لما لها من بريق ومتعة، ويعتبر وسط البلد بأنه مركز عمان الاقتصادي والتجاري القديم من بداية القرن وحتى مطلع الثمانينيات. يمر من وسط البلد شارع السلط الذي يتواجد على جانبيه معالم مهمة في المدينة وكثير من المحال والمقاهي والوكالات وورش التصليح ومحلات الصرافه والأنتيك وبالبازارات الشرقية التي يتهافت عليها السياح الاجانب والتي تعكس ثقافة البلد وشعبه وتاريخه.ومن المعالم الموجودة هناك المدرج الروماني (عمان) ومتحف التاريخ الروماني والساحة الهاشمية ومكتبة عمان الوطنية وغيرها تحيط جبال عمان الشاهقة بهذه المنطقة الضيقة (جبل القلعة وجبل الجوفة (عمان) وغيرهما. لهذا ينجذب الناس لهذه المنطقة»

.