بغداد وليبيا ونهر البارد واليرموك وعين الحلوة .. هكذا تندثر المخيمات
د. ناصر اللحاممن بعيد يمكن رؤية الصورة بشكل أوضح ، ومن قريب يمكن رؤية الصورة بشكل مؤلم . ومن يريد أن يلحق بنظرية المؤامرة فلا ملامة عليه ، ومن يريد أن يجرد الملفات ويتعامل معها بواقعية ودون جزع فلا ملامة أيضا . لان النتيجة واحدة .
بعد تغلغل الدواعش في مخيم اليرموك قرب دمشق ، هجر نحو مليون من ساكنيه وجرى تدمير معظم أحياء المخيم أمام الكاميرات وعلى البث المباشر ، وما تبقى من أحياء في اليرموك يسيطر عليها تنظيم داعش وهي قيد القصف حتى اشعار اخر . اما مقابر الشهداء فجرى نبشها . ليطوى ملف اكبر مخيم لاجئيين فلسطينيين في العالم .
وفي معظم مخيمات لبنان المحيطة ببيروت مثل برج البراجنة وغيره ، يقطن اللبنانيون في هذه المخيمات ولم يتبق فيها سوى أقليه فلسطينية فقط ، وقبل ذلك وبالاتفاق مع القوى والفصائل جرّ الجيش اللبناني جحافله وهجم على مخيم نهر البارد ومسحته عن وجه الارض بحثا عن الارهابي شاكر العبسي ، وكانت النتيجة وامام الكاميرات وتصفيق الجمهور الفلسطيني والقوى الوطنية والاسلامية ، تدمير المخيم بالكامل .ومن قبل جرى انهاء ومسح تجمعات اللاجئين الفلسطينين في العراق ، من حي الجامعات وغيره ، حتى أنني التقيت باللاجئين الفلسطينين قد هربوا الى البرازيل . فالبرازيل كانت ارحم عليهم من بعض الدول العربية .في برلين وبراغ ولندن وباريس وحتى صوفيا وبوخارست وغيرها من العواصم الغربية تجد اللاجئين الفلسطينيين الذين هربوا من جحيم الدول العربية ومنع السفر ومنع العمل الى صقيع الغربة .ومن تبقى من اللاجئين قفز في قوارب اللجوء الى ايطاليا ، وغرق من غرق وطفى من لطف الله به ، حتى صرنا في الحال الذي نراه .
ويشرف على كل هذا جنرالات أغبياء اصحاب اجندة ، وارهابيين أصحاب مهمات من عواصم معروفة ، وسماسرة تهجير من السوق السوداء ، وسياسيين من دون عقل .بعد هروب معظم اللاجئين الفلسطينيين من ليبيا ( 70 الف لاجئ) والغالبية العظمى من لاجئي العراق ، وتهجير معظم لاجئي سوريا ، اشتعلت نيران الارهابين في داخل مخيم عين الحلوة أكبر مخيمات لبنان ، وصار اسم بلال بدر يتداول في نشرات الاخبار وكأنه تشي جيفارا . حتى ان بعض الفضائيات التابعة لدول عظمى قامت بتقديمه للجمهور وعمل تقارير عنه باعتباره معادلة دولية .والاخطر ما يحدث في مخيمات الضفة والقدس ، حيث يحاول بعض العابثين ( دون ان يعرفوا حجم المؤامرة الدولية ) التورط في صراعات مع الامن الفلسطيني ، وفي حال استمر الامر فاننا سنجد أنفسنا في نفس سيناريو المخيمات التي تحدثنا عنها في الدول العربية . وقد استمعت الى عشرات العائلات الصديقة في مخيمات الضفة وهي تقول انها لم تعد ترغب في السكن في المخيمات بسبب هذه الاحداث وبسبب اطلاق النار والفلتان الامني ، ما يعني ان مخيمات الضفة ستقوم بتفريغ نفسها من الكقاءات الوطنية والاقتصادية والاكاديمية . علما انه ومن اصل مليون و300 الف لاجئ سكنوا مخيمات الضفة قبل اربعين عاما ، لم يبق منهم سوى 160 الف فقط يسكنون هذه المخيمات .وفي حال لا تمسك دائرة اللاجئين في منظمة التحرير ( هي دائرة ضعيفة واهنة ومجردة من كل صلاحياتها المالية والادارية وتخلو من الكفاءات الثقيلة وكاريزما العمل الشعبي ) . اذا لا تمسك بمقود القيادة مرة اخرى ، فان السنوات قادمة ، ستكون وبكثافة محددة ، وزخم الاحداث الراهنة . كفيلة ان تنهي ملف المخيمات . بل وتنهي ملف حق العودة مرة والى الأبد . ولن يبقى سوى تجمعات رمزية للاجئين قرب بعض المدن وسيجري تسوية الامر معها في المستقبل بأية طريقة وبأي شكل .