على ضوء التقدم الكبير للجمهورية الإسلامية الإيرانية في مجال تقنية النانو، تحاول الكثير من دول العالم الاستفادة من خبرات إيران في هذا المجال وإبرام صفقات تجارية وتعليمية معها.
وهذا ما لاحظناه في الآونة الأخيرة من خلال زيارات قام بها رؤساء ووزراء دول إقليمية وعالمية إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية لكسب هذه التقنية.
ما هي تقنية النانو؟
تقنية النانو او (تقنية الصغائر) هي التكنولوجيا المستخدمة في معالجة المواد على المستوى الصغير من مكوناتها الأساسية مثل الذرات والجزيئات، عبر استبدال ذرات العناصر وتركيبها وتجميعها لصناعة مواد جديدة تتسم بخصائص كيميائية وفيزيائية فريدة.
وتعتمد هذه التقنية مقياس النانومتر وهو جزء من المليون من الملليمتر، مما يعني قياسات بين 0.1 و 100 نانومتر تتيح التعامل مع تجمعات ذرية تتراوح ما بين خمس إلى ألف ذرة. وهي أبعاد أصغر بكثير من أبعاد أدق الخلايا الحية.
وقد أدركت إيران أهمية هذه التكنولوجيا الحديثة الولادة ودخلت السباق التقني بخطوة أولى تمثلت بتشكيل لجنة الدراسة لتقنية النانو قي 2001 ومن ثم إنشاء المجمع الخاص لتقنية النانو في إيران (INIC) في عام 2003.
وبالرغم من الحصار الإقتصادي والعقوبات الشديدة التى حاولت أمريكا وحلفاؤها من خلالها تقويض التقدم المتسارع للدولة الاسلامية في مختلف المجالات، وصلت ايران خلال سنوات قليلة إلى المرتبة السادسة عالميا في تقنية النانو، متقدمة على اليابان.
وأثار التميز الإيراني النانوي ضجة عالمية، حيث تضم ايران ما يزيد عن 28 الف خبير في المجال وعشرات مراكز البحث والتطوير بالإضافة إلى الكليات الجامعية المتخصصة في المجال، ناهيك عن ذكر أكثر من 160 شركة إيرانية ناشطة مع ما يفوق الـ330 منتج إيراني نانوي متوفر في الأسواق.
هذا وكان يحقق قطاع تكنولوجيا النانو في إيران نمو سنويا هائلا بحوالي 100 في المائة في السنوات الثلاث الأخير، وارتفع حجم مبيعات الشركات الإيرانية من منتجات النانو إلى أكثر من 3500 مليار ريال في 2015.
ميزانية إيران لتقنية النانو
واللافت في الأمر أن ميزانية الدولة الإسلامية المرصودة لتطوير قطاع الصغائر أصغر بكثير من الأموال التي تنفقها دول أخرى في نفس الصدد، حيث أن كل هذا التقدم الإيراني أنجز بميزانية سنوية تقدر بعشرين مليون دولار، بينما تنفق الولايات المتحدة مئتي مليار دولار سنويا واليابان حوالي مليار ونص المليار دولار.
إنجازات إيران
ومن جملة انجازات الدولة الإسلامية في مجال تقنية النانو أمثلة عديدة ومتنوعة منها: تسخير تقنية النانو في تشخيص ومعالجة الأمراض والكتل السرطانية في المستشفيات، صناعة نانو مركب يستخدم في مجسات الكشف عن الغازات السامة، تصميم حفاز ضوئي لتنقية مياه المجاري، تعديل العقارات المضادة للسرطان من أجل تلافي مشكلات الخصوبة، خلق تغييرات نانوية في هياكل الخلايا الشمسية لرفع كفائتها، اختراع حاضنات من ألياف النانو لنمو الخلايا الجذعية، تحسين الخصائص المضادة للتآكل في الطلاء المستخدم في خطوط أنابيب النفط...
إبرام صفقات
التقى وزير الصناعة الأندونيسي "ايرلنكا هارتارتو" مع "سعيد سركار" أمين اللجنة الإيرانية العليا لتطوير تقنية النانو في يوم أمس، من أجل توسيع التعاون بين البلدين في مجال تقنية النانو ونقلها إلى قطاع الصناعات في اندونيسيا.
وأعرب الوزير "هارتارتو" خلال اللقاء عن أمله في التعرف أكثر على قدرات إيران في هذا المجال وآخر انتاجاتها الصناعية ومنجزاتها التقنية التي تعتمد تكنولوجيا النانو.
و بناء على ذلك ستقوم اندونيسيا بالاستفادة من الخبرة الإيرانية عن طريق توريد أجهزة وتقنيات لتطوير مجالات مختلفة مثل تصنيع الأدوية والزراعة وصناعة النسيج والسيارات.
من جانبه، قال سركار بأن اندونيسيا دولة شقيقة ومسلمة وتربطها مع إيران علاقات تاريخية كبيرة، ما يجعلها في رأس قائمة الدولة التي ستتعاون معها إيران في التطوير العلمي والتطبيقي.
وسبق هذا اللقاء زيارة الرئيس الاندونيسي جوكو ويدودو في العام الفائت، حيث قام بمباحثات مع الرئيس حسن روحاني حول توسيع التعاون ومستقبل العلاقات بين البلدين.
ولم تكن اندونيسيا الدولة الأولى في السعي وراء التفوق الإيراني في مجال النانو، حيث شاركت شركات أجنبية إقليمية وعالمية في النسخة التاسعة من مهرجان إيران الدولي لتكنولوجيا النانو والذي تم عقده في الشهر العاشر من العام المنصرم، وكانت كوريا الجنوبية وتايوان من بين الدول المشاركة.
نذكر أيضا تايلاند التي قامت مسبقا بتوقيع مذكرة تفاهم مع إيران في مجال تكنولوجيا النانو، حيث زار ايران نائب رئيس الوزراء التايلندي ضمن وفد رفيع المستوى، والتقى سركار لتوقيع المذكرة التي كان في بنودها: تعزیز و ترویج تبادل الباحثین، الخبراء و العلماء والطلاب بین البلدین فی مجال النانو و إقامة الندوات المشتركة والحلقات التدريبية وتبادل المعلومات والتقنيات بما يخص معايير النانو وعلم القياس النانوي وسلامة النانو.
والجدير بالذكر أن العملاق الصيني رأى في المعدات الإيرانية الصنع فرصة لا تعوض لتدريب وتمرين طلابه وباحثيه.