محللون إسرائيليون: إلى أين يأخذ ترامب العالم؟
التاريخ:15/4/2017 -
أكد الخبير العسكري الإسرائيلي أليكس فيشمان أنه لا يوجد زعيم في العالم لا يفغر فاه الآن لمشاهدة صور القصف العظيم لـ "أم كل القنابل" في أفغانستان ويسأل نفسه: إلى أين يقود ترامب العالم؟ ما هي الرسالة التي يبثها؟ الجميع حتى حلفاء الولايات المتحدة قلقون.
وقال في مقالة نشرتها الصحف الإسرائيلية إن القنبلة العظمى، التي لم يتجرأ أي رئيس أمريكي على استخدامها حتى اليوم، وان كان فقط لحقيقة أنها أبقيت للوضع الأقصى من "يوم الدين"، باتت خطوة ثالثة في سلسلة أحداث غير متوقعة تخرج من الغرفة البيضاوية في غضون أسبوع واحد.
وأكد فيشمان أن هذا تصعيد بوتيرة مفزعة: فقد بدأ بوابل من 59 صاروخ جوال (تومهوك) أطلقت نحو مطار عسكري في سوريا، كان يتواجد فيه عسكريون روس. في حينه صفقوا لترامب على شطب السياسة الخارجية الهزيلة لسلفه براك أوباما. ولكن بعد ذلك بُشرنا بجيش أمريكي يبحر نحو كوريا الشمالية. وأمس أنزلت كاسحة المحصنات الأكبر في العالم – GBU 43 - على نطاق بري لداعش في أفغانستان.
وقال المحلل الإسرائيلي إن السبب، ظاهرا، كان موت جندي أمريكي في اشتباك مع رجال داعش في هذه الجبهة قبل بضعة أيام. الحدث الذي بحث عن رد فعل سرعان ما تحول – بأمر من الرئيس ترامب – إلى استعراض للقوة الاستراتيجية الوحيدة التي تقف خلفه هي: أنا أعيد أمريكا إلى عظمتها. أحد لن يناطحنا. لا كوريا الشمالية، لا الإيرانيين، وكذا يجدر بالروس أن يعرفوا بأننا غير متوقعين.
20 قنبلة مماثلة
وتابع فيشمان حديثه بالقول إنه وبالإجمال، أنتجت الولايات المتحدة نحو عشرين قنبلة كهذه، استخدمت منها حتى يوم أمس قنبلتين لأغراض التجربة على تدمير منشآت تحت أرضية تشبه تلك التي في إيران أو في كوريا الشمالية. وقد تمت التجربة أمام زعماء أصدقاء كي "يثقوا" بقدرات الولايات المتحدة – وإلا يأخذوا المبادرة في أيديهم.
وأشار إلى أنه يدور الحديث عن قنبلة موجهة بالـ جي.بي.اس، مع منظومة صواعق ذكية على نحو خاص. وهي تلقى من ارتفاع عال من طائرة قصف من طراز بي 2، أو طائرة النقل والهجوم – MC 130 C - (والتي من بوابتها الخلفية القيت أمس). ويبلغ وزن القنبلة نحو 10 طن. وهي تحمل أكثر من 8 طن من المواد المتفجرة، وحسب الأدبيات المهنية يمكنها أن تخترق، بسرعة الصوت، بين 12 و 20 متر من الاسمنت المسلح – وان تنفجر في داخل فضاء.
وأكد أنه في التجربة التي أجراها الأمريكيون في الولايات المتحدة "شطب" جبل في داخله سلسلة من الأنفاق. وهذا ما حصل في أفغانستان أمس.
وخلص فيشمان إلى أنه إذا فهم الكوريون الشماليون الرسالة – فهذا خير. ولكن إذا كان رد فعل كوريا الشمالية سيكون إطلاق صاروخ باليستي أو تجربة نووية – فما الذي يتبقى في الترسانة الأمريكية؟ أن تقصف كوريا الشمالية وتدخل في مواجهة عسكرية مع الصين؟ وماذا ينتظر العالم في المرحلة التالية؟ رد فعل عاطفي من رئيس ليس واضحا إذا كانت له أي سياسة مرتبة لليوم التالي؟ هذا ما ينبغي أن يقلق حقا، ليس فقط أعداء الولايات المتحدة بل وأصدقائها أيضا.
نظام عالمي جديد
وفي ذات السياق أكد المحلل الإسرائيلي الون بن دافيد أن ترامب استبدل شعاره في الانتخابات بزيادة الاهتمام بالسياسة الخارجية وهذه تعتبر فرصة لخلق نظام عالمي جديد وعودة الولايات المتحدة لتكون لاعبا دوليا مؤثرا.
وقال بن دافيد في مقالته بصحيفة معاريف إنه في هذا الأسبوع بدأ عهد دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة. بعد أشهر استمر فيها في إدارة الحملة وكأن الانتخابات لم تنته بعد، ويبدو أن إدارة ترامب بدأت أخيرا في الحكم. ما زال هناك صك للأسنان، لكن للمرة الأولى هناك علامات على عمل الهيئة وبلورة السياسة من اجل عودة الولايات المتحدة كلاعب دولي له تأثير، دون جر العالم إلى الحرب.
وأكد أن ترامب بدأ يتخلص من التعيينات الغريبة التي أجراها بعد الانتخابات. فقد أقال مايك فلين، وأقصى ستيف بانون. ومؤسس "مراكز المحرقة" المتحدث شون سبايسر حصل في هذا الأسبوع على درس هام. وزير الخارجية ريكس تالرسون ومستشار الأمن القومي هيربرت ماكماستر ووزير الدفاع جيمس ماتيس، هم جمهوريون عنيدون وجديون، أخذوا المبادرة وهم يخلقون من اجل ترامب سياسة خارجية تعيد الولايات المتحدة إلى مكانتها المناسبة في الساحة الدولية. شعار الانتخابات "أمريكا أولا" تم التخلي عنه، وبدلا منه هناك اهتمام كبير ومبرر في السياسة الخارجية.
وشدد على أن قصف سوريا كان فرصة بالنسبة لترامب لإزالة الاشتباه بأن روسيا تقوم باستخدامه وابتزازه، روسيا أيضا تجندت في جهد تطهيره. نظريات المؤامرة المشوشة في الانترنت أخذت الأمر بعيدا، وكأن الهجمة الكيميائية والرد الأمريكي تم التخطيط لهما في موسكو، وروسيا اختارت عدم إسقاط الصواريخ الأمريكية.
وقال بن دافيد إن غيمة الاشتباه حول صلة ترامب مع روسيا لم تختفي تماما. وعندما تتم قراءة تبادل الأحاديث بين البيت الأبيض والكرملين، يتضح أن هناك أمر خفي عن الأنظار. وعند اعتقال القرصان الالكتروني في اسبانيا وتقدم التحقيق في علاقة ترامب وروسيا، فان هذه الغيمة تتكدر أكثر.
ونوه إلى أن الأمر الذي يخشى منه بوتين هو وجود رئيس أمريكي يفعل به ما فعله للولايات المتحدة: تهديد استقراره من خلال الكشف عن فساده، والأمور التي قام بجمعها. لذلك مهم لبوتين بقاء ترامب في منصبه. هذه ضمانة له. قد يهاجمه بالتصريحات من اجل نفي صلته به. ولكن في نفس الوقت يقدم له انتصارات سياسية لضمان بقائه. على هذه الخلفية تزداد أهمية الثلاثة، رجل أعمال وجنرالين، كي يمكنوا الولايات المتحدة من إدارة سياسة مستقلة بقدر المستطاع أمام موسكو.
وختم المحلل الإسرائيلي حديثه بالقول إنه ما زال من الصعب معرفة إذا كان ترامب سينجح في تجاوز العقبات الداخلية. فهو ما زال يعيش أزمة أمام معظم وكالات الاستخبارات الأمريكية. وهذه الأزمة قد تدمره. ولكنه يعبر عن فرصة لإحداث نظام عالمي وإقليمي جديد يعيد شريكتنا الاستراتيجية إلى مكانتها وترتيب علاقات القوى بين السنة والشيعة في المنطقة. ومن المهم أن نكون نحن أيضا شركاء في بلورة هذا النظام الجديد.