16 أبريل.. الذكرى الـ 30 لاغتيال خليل الوزير "أبو جهاد"
يصادف اليوم الاثنين، الذكرى السنوية الـ 30 لاستشهاد أبرز قيادات العمل الفلسطيني، وأحد أهم قيادات حركة "فتح" التاريخيين وقائد جناحها العسكري، خليل الوزير، والذي اشتهر بلقب "أبو جهاد" قبل اغتيال الاحتلال له في عملية تولّى قيادتها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك.
أبو جهاد .. في سطور
ولد الوزير عام 1935 في مدينة الرملة (شمال غرب القدس المحتلة)، قبل أن يهجّره الاحتلال وعائلته التي قصدت غزة بعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، وتلقّى تعليمه في جامعة الإسكندرية، ثم انتقل إلى السعودية فأقام فيها مدّة أقل من عام، توجّه بعدها إلى الكويت التي لازمها حتى عام 1963، وفيها تعرّف على الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وشارك معه في تأسيس حركة "فتح".
في عام 1963، غادر خليل الوزير الكويت قاصداً الجزائر التي سمحت سلطاتها آنذاك بافتتاح أول مكتب لحركة "فتح" فيها؛ حيث تولّى "أبو جهاد" مسؤولية ذلك المكتب، كما حصل أيضاً على إذن من الحكومة بالسماح لكوادر الحركة بالاشتراك في دورات عسكرية وإقامة معسكر تدريب للفلسطينيين الموجودين في الجزائر.
مهام جديدة
غادر الشهيد أبو جهاد الجزائر عام 1965 إلى دمشق؛ حيث أقام مقر القيادة العسكرية وكُلف بالمسؤولية عن العلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين، كما شارك في حرب 1967 وقام بتوجيه عمليات عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي في منطقة الجليل الأعلى، وتولّى المسؤولية عن القطاع الغربي في حركة "فتح"، وهو القطاع الذي كان يدير العمليات في الأراضي المحتلة.
عكف خلال توليه قيادة هذا القطاع في الفترة ما بين 1976 - 1982 على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة الفلسطينية، كما كان له دور بارز في قيادة معركة بيروت عام 1982 والتي استمرت 88 يوماً خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
خرج أبو جهاد مع قيادات وعناصر الثورة الفلسطينية من بيروت بعد حصارها عام 1982، متّجهاً إلى تونس؛ حيث كان مقر منظمة التحرير ومكان إقامة أسرته، وبات يتنقل بين عدد من العواصم العربية لمتابعة أحوال القوات الفلسطينية المنتشرة هناك.
عرفات وأبو جهاد
لازم الشهيد الوزير الرئيس الراحل عرفات لأكثر من ثلاثين عاما؛ شغل خلالها عدة مواقع قيادية، منها عضو المجلس الوطني الفلسطيني، عضو المجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية، عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونائب القائد العام لقوات الثورة، ويوصف بأنه "مهندس الانتفاضة الاولى".
قيادة العمليات
أشرف أبو جهاد على الكثير من العمليات العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي وشارك في تنفيذ عدد منها، وأبرزها عملية نسف خط أنابيب المياه (نفق عيلبون) عام 1965، وعملية فندق (سافوي) في تل أبيب وقتل 10 إسرائيليين عام 1975، وعملية انفجار الشاحنة المفخخة في القدس عام 1975، إضافة إلى عملية "الساحل" بقيادة الشهيدة دلال المغربي التي قتل فيها أكثر من 37 إسرائيلياً عام 1978، وعملية قصف ميناء "إيلات" (أم الرشراش) عام 1979، وقصف المستوطنات الشمالية بصواريخ من نوع "كاتيوشا" عام 1981.
كما تحمّل "إسرائيل" الشهيد المسؤولية عن أسر 8 من جنودها في لبنان ومبادلتهم بـ 5 آلاف معتقل لبناني وفلسطيني وعربي، وكذلك وضع خطة اقتحام وتفجير مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في صور، الأمر الذي أدى إلى مصرع 76 ضابطا و جنديا بينهم 12 ضابط يحملون رتبا رفيعة عام 1982، وعملية مفاعل "ديمونا" عام 1988 والتي كانت السبب الرئيسي لاغتياله، بحسب المصادر الاسرائيلية.
الاغتيال
فجر السادس عشر من نيسان/ أبريل 1988، وصلت فرق "كوماندوز" إسرائيلية بالزوارق المطاطية إلى شاطئ تونس، وتم إنزال عناصرها من أربع سفن وغواصتين وزوارق مطاطية وطائرتين عموديتين للمساندة، على شاطئ الرواد قرب ميناء قرطاجة، قبل أن تقتحم منزله وتقتله مع حراسه الشخصيين.
وفي الأول من تشرين ثاني/ نوفمبر لعام 2012، كشفت الاستخبارات الإسرائيلية عن هوية وصورة قائد وحدة "الكوماندوز" الذي تولّى تصفية أبو جهاد في تونس، كما نشرت كامل تفاصيل العملية التي نفذتها وحدة تابعة لجهاز الـ "موساد" وأشرفت عليها هيئة الأركان العامة بمشاركة 26 عنصرا.
وبحسب المعلومات التي كشف عنها جهاز الـ "موساد"؛ فإن من قاد عملية اغتيال أبو جهاد إلى جانب الرئيس الأسبق للحكومة الإسرائيلية إيهود باراك وموشيه يعالون نائب رئيس أركان جيش الاحتلال آنذاك، هو المدعو ناحوم ليف، الذي سرد تفاصيل العملية قائلاً "توجّهت برفقة زميل لي تخفّى على هيئة امرأة إلى منزل خليل الوزير الكائن بالقرب من الشواطئ التونسية وقمنا باغتيال الحراس وعامل الحديقة، ومن ثم قمنا برفقة بقية أفراد الفرقة باقتحام المنزل، لأبادر بإطلاق وابل من رصاص مدفعي الرشاش على جسد أبو جهاد على مرأى من زوجته".
وأضاف ليف في حديث أجراه قبل سنين طويلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية قبل مصرعه في حادث سير عام 2000، أنه لم يتردد قط في إطلاق النار على الشهيد خليل الوزير، مشيراً إلى أن الأمر تطلّب منه دراسة كل ما يتعلّق بحياة القيادي الفلسطيني الذي كان يقف خلف العديد من العمليات العسكرية التي نفذّت ضد إسرائيل وراح ضحيتها العديد من الإسرائيليين، كما قال.
دُفن أبو جهاد في العشرين من نيسان/ أبريل 1988 في دمشق، فيما شهدت مختلف الأراضي الفلسطينية مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال إثر مسيرات غضب شهدتها تنديدا بجريمة اغتيال الرجل الثاني في حركة "فتح".
"فتح" في ذكرى الوزير
أكدت حركة "فتح" في الذكرى الـ 30 لاستشهاد "أبو جهاد"، على تمسكها بـ "جمرة الثورة التي أوقدها مع إخوته القادة المؤسسين، لينقلوا شعبنا من أزقة اللجوء إلى آفاق الثورة، ولينتزعوا قضية شعبنا من أدراج النسيان ليجعلوا منها البند الأول على قائمة اهتمامات العالم"، كما قالت.
وقالت الحركة في بيان لها اليوم الاثنين "لقد شكل أمير الشهداء طوال مسيرته الرائده حالةً خاصةً ليس هناك ما يشبهها، فقد كرّس كل حياته لمقارعة المحتل باحثاً عن نقاط ضعفه ليضربه فيها، فكان قادراً على إيجاع العدو ومباغتته من حيث لا يحتسب".
وأضافت "لقد كان (الوزير) كابوساً دائماً لقادة الإحتلال، وقامة تجلّت بأبهى صورها في أدق تفاصيل الإنتفاضة الأولى بكل ما كانت تعنيه من نسف للمشروع الصهيوني برمته"، على حد تعبير البيان