سوق منكو.. هنا يتم تجهيز عرائس عمان القديمة
انه « سوق منكو» احد اشهر واعرق الاسواق التراثية في عمان الذي يقول عنه احد اعرق تجار السوق ابوثائر الشربجي وهو من اعرق العائلات الشامية في عمان، ان هذا السوق يعتبر أولَ سوق تجاري أنشئ في عمان منذ العام 1926 حيث تم استثماره من قبل العائلات الشامية العريقة من اوائل الذين سكنوا عمان وهم «منكو ، الطباع ، الشربجي، أبو قورة ، خير».
من هنا البداية..
هذا وكان الأخوان حمدي وابراهيم منكو من أشهر تجار عمان القديمة في بداية القرن الماضي حيث كانت لهما مصالح تجارية كبيرة جدا وشركات وأملاك عديدة وعقارات حتى اعتبرا من أغنى أغنياء عمان قديماً، وعندما توفي حمدي منكو قام بعد ذلك بسنوات أخوه ابراهيم منكو ببناء هذا السوق التجاري وعرف باسم العائلة «سوق منكو» حتى أصبح من معالم عمان التراثية العريقة.
سوق العرائس..
هذا السوق الذي عُرف سابقا بـ»سوق العرائس» لأنه متخصص بمحلاته التجارية بعرض وبيع أرقى الملبوسات والأقمشة النسائية وملابس الأفراح وتجهيز العرائس من احتياجاتهن كاملة، ويقع هذا السوق الداخلي ما بين شارعي الملك فيصل وبسمان، وله مدخلان رئيسيان أحدهما من شارع بسمان بواسطة درج متفرع يسمى «درج منكو» ومدخله الرئيسي من شارع فيصل.
اقرأ هذه القصة..
وتشير الكتب التي وثقت تاريخ عمان الى ثراء وتواضع آل منكو وهم من شوام عمان القدماء الذين اسهموا في مسيرة بناء ونهضة الأردن، كما يذكر اهل عمان القديمة انه عندما توفي ابراهيم منكو خرج وجهاء عمان لحضور جنازته الشهيرة والتي ظل سكان عمان يتناقلون اخبارها لعدة اشهر وسنوات، وذلك لسبب ان المرحوم ابراهيم منكو كان أوصى بان يتم اخراج يده أو كف يده من الكفن خارج التابوت حتى يأخذ الناس العبرة والموعظة بان منكو وهو أغنى انسان في عمان لم يأخذ معه شيئاً من هذه الدنيا الزائلة رغم كل ثرائه!!!.. حيث سارت الجنازة ومعها حشد هائل من وجهاء اهالي عمان وطلاب المدارس مشياً على الاقدام حتى المقبرة الاسلامية في طلوع المصدار.
طابع سياسي في غضون ذلك..
أخذ هذا السوق بالاضافة إلى الطابع التجاري الطابع السياسي حيث ضم بين طياته الرعيل الاول من المبايعين للعائلة الهاشمية الذين ساندوا الملك المؤسس ماليا واقتصاديا وسياسيا حيث كانت هذه العائلات من العائلات الاقطاعية الميسورة حتى ان شاعر الأردن «عرار» مصطفى وهبي التل قد اشار اليهم ببيت شعره المشهور: اما السكاكر فلينعم بمأكلها صبري ومنكو وتوفيق ابن قطان أما أنا والمناكيد الذين هم قومي وصحبي وندماني وخلاني فحسبنا نعمة الذلّ التّي نخرت عظامنا وأعزت أهل عمان وكان شاعر الاردن «عرار» يعبر عن الطبقات الاجتماعية في تلك الفترة وعن الصراع بين العوام من الفلاحين وبين الطبقة الارستقراطية البرجوازية المتمثلة بتلك العائلات الميسورة.
النجار وبنات عمان..
وتقول الدكتورة عايدة النجار في كتابها «بنات عمان أيام زمان» انها أيام كانت طالبة صغيرة في المدرسة حيث قالت: ودرج آخر ظل في الذاكرة كما ظل في الواقع وهو درج منكو، وكان لا بد لبعض البنات اللواتي يقطنّ في وسط البلد في عمان من المرور بسوق منكو والقفز على درجاته التي لا تتجاوز الثلاثين درجة، حيث يأخذهن الى شارع بسمان ثم الى جبل عمان حيث المدرسة .
وتقول ايضا: ولهذا الدرج ذكريات لدي اذ كنت اتسلقه وانا اعبر شارع منكو اليه والقريب من موقف باص الزرقاء في شارع الشابسوغ, وكان هذا الدرج صديقاً لقدميّ كل يوم وانا في طريقي لمدرسة البنات المسماة بمدرسة أروى بنت الحارث في جبل عمان في أول شارع خرفان.
الشربجي يتذكر
فيما يقول احد كبار تجار السوق رجل الاعمال جمال هاشم الشربجي وهو من اعرق عائلات شوام عمان: انه وقبل انشاء هذا السوق كان يوجد مكانه فندق قديم جداً وبيوت سكنية ولكنها هدمت جميعاً عند بناء هذا السوق في نهاية الاربعينات، وانه عند مدخل سوق منكو كان هناك موقف باصات وسيارات الحاج عبدالله ابو قورة، وهو الذي ادخل الدفعة الاولى من سيارات نقل الركاب التي كانت الاولى في العاصمة عمان، ثم كانت أيضاً وكالة سيارات منكو.
واضاف الشربجي: ان النساء قديماً كن يأتين الى محله دون الرجال لتجهيز ملابس العروس ولم يكن مسموحاً ان يصطحبن معهن أي رجل، وكانت النساء يقعدن يوماً كاملاً للتجهيز مع تناول وجبة الغداء مثلاً وكان بعض المحافظين جداً يأخذون لفات القماش النسائية الى البيت لتختار العروس ومن يخصها القماش المناسب اللون والنوع.