مؤرخ عسكري إسرائيلي: هكذا هزم إميل الغوري اسحق رابين في باب الواد
شهادة عدو عمرها 69 عاما
الناصرة ـ «القدس العربي»: يقدم مؤرخ عسكري إسرائيلي بارز « شهادة عدو « عن بسالة مقاتلين فلسطينيين بقيادة إميل الغوري في واحدة من المعارك الهامة على القدس الغربية التي وقعت في مثل هذا اليوم قبل 69 عاما وفيها تغلب على اسحق رابين الجنرال الذي لمع نجمه وقتها وصار لاحقا وزيرا للأمن ورئيسا للحكومة في إسرائيل مرات عدة. وإميل الغوري من رواد النهضة الفكرية والصحافية والعمل الوطني في فلسطين وعمل سكرتيرا للمفتي أمين الحسيني وهو ينتمي لأسرة أورثوذوكسية وطنية وكان جده سابا الغوري مؤسِّسًا في أول حركة وطنية أرثوذكسية لإعادة تعريب الكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين. ويقدم ميليشطاين في حديث لإذاعة تل أبيب شهادة عدو سبق وكتبها بالتفصيل في كتابه عن دير ياسين وهي عن بسالة مقاتلين عرب بقيادة المحامي الكاتب الصحافي الراحل إميل الغوري (1907-1984) دافعوا عن القدس وتمكنوا من اعتراض قافلة صهيونية عملاقة كانت تتجه من تل أبيب لفك الحصار عن القدس. ويتطرق ميليشطاين لمعركة باب الواد في 20 أبريل/نيسان 1948 التي قتل فيها 13 جنديا إسرائيليا وأصيب ثلاثون آخرون وكانت النتائج وخيمة أكثر بكثير لولا النجدة البريطانية وما زالت عشرات المركبات المعطوبة مركونة على هوامش الطريق للقدس من جهة يافا.
ويرى ميليشطاين أن الكثير من المؤرخين والباحثين الإسرائيليين كتبوا عن سيرة اسحق رابين بشكل غير موضوعي ومنحاز ولاعتبارات غريبة تتعلق بتمويل مركز أبحاث « غليلي « الذي عمل به بعيل لافتا إلى أن اغتياله منح الشرعية لتوجهاتهم. ويوجه ميليشطاين سهام نقده للمؤرخ العسكري الراحل مئير بعيل ويتهمه بتحريف تاريخ رابين وبنسج أساطير حوله من خلال التقليل من إخفاقاته وتضخيم بطولاته. ويستذكر ميليشطاين أن الهجاناه أوكلت رابين قيادة جبهة الطريق إلى القدس في 1948. ويقول إن الحركة الصهيونية منيت بهذه الجبهة بهزائم كثيرة كادت أن تفشل المشروع الصهيوني وتحول دون إقامة إسرائيل. ويتابع « بنهاية تلك الفترة الممتدة على طول الثلث الأول من 1948 تمت الإطاحة برابين من وظيفته واستبدل بشاؤول يافه.
وضمن النماذج التي يقدمها يعود ميليشطاين لتعيين رابين قائدا لوحدة « هارئيل « التي عملت في جبهة القدس ويقول إنها منيت بهزائم عدة. ويضيف « القضية الأخطر في تلك الفترة تتمثل بهرب رابين من أرض المعركة عقب التعرض للقافلة الصهيونية من تل أبيب للقدس لهجوم فلسطيني واسع في « باب الواد في 20 نيسان 1948». ويقول ميليشطاين إن اليهود خسروا مساحات حيوية في تلك المنطقة بسبب قيادة رابين وإنهم بقوا يسيطرون على القسم الغربي من القدس دون جدارة بل رغم أدائه السيء. وتابع «وعن النتائج الكارثية لتلك المعركة كتب الباحث يوسف طبانكين الذي حل مكان رابين بقيادة « هارئيل « بعد إقالته منها : كانت القوة الفلسطينية التي هاجمتنا هزيلة لا يتجاوز عدد أفرادها ثلاثين فردا بحوزتهم أسلحة خفيفة فقط مقابل وحدة للقوى الضاربة للهجاناه « البلماح « مع كامل هيبتها وعتادها الذي يشمل عشرين مجنزرة. تلك المعركة في 20 نيسان/ابريل كانت حاسمة وفشلها تسبب بسد الطريق إلى القدس «.
كما يوضح ميليشطاين أن الباحث آرييه يتسحاقي لم يتجاهل الحقائق في كتابه « لطرون « بيد أنه حوّل هرب رابين من ساحة المعركة لقصة بطولة وصمود زاعما أنه عندما أدرك أن القوة الإسرائيلية التي وقعت بالكمين عاجزة عن تخليص ذاتها بقواها الذاتية بادر للانتقال بشكل عاجل لاستدعاء قوة مدد من مستوطنة كريات عنفيم لأنه لم يكن يملك وسائل اتصال معها. وفي نقده يقول ميليشطاين إن يتسحاقي اعتمد في كتابه على كتاب رابين نفسه دون التثبت من الحقائق من مصادر أخرى. من جهته يروي ميليشطاين وهو مؤرخ عسكري بارز ونقدي أن رابين كان قد أصدر في 19 نيسان/ابريل تعليماته لقائد الفيلق الخامس التابع لـ « البلماح « مناحم روسك بضم جنوده للقافلة التي سارت للقدس وشملت 350 سيارة وامتدت على طول 50 كيلومترا. وينقل ميليشطاين عن روسك قوله إن نفذ التعليمات بقلب ثقيل لأنها لم تكن مهنية، مشيرا لحالة فوضى كبيرة عمت القافلة المذكورة ولازدحامات شديدة داخل السيارات ولقلة الجاهزية العملياتية . ويضيف « في صباح اليوم التالي انطلقت القافلة ومعها 655 جنديا. وينقل ميليشطاين عن أحد قادة العملية يوسيف يهلوم قوله إنه وجنوده قد خرجوا سيرا على الأقدام من مستوطنة « كريات عنفيم « عند الساعة الرابعة والنصف فجرا لافتا إلى أن طبانكين أمرهم بالبحث عن مقاتلين عرب في طريقهم لمواقعهم على حافة الطريق للقدس لتأمين القافلة الضخمة إليها لكنهم لم يجدوا الجنود العرب الذين كانوا يختبئون في مواقعهم بصمت. ويضيف « كانت قوة عربية قد كمنت في موقع غربي الموقع الذي استقر به يهلوم وجنوده.
كما يؤكد أنه رغم اختلال موازين القوى بالكم والكيف تغلب إميل الغوري على اسحق رابين وهذه ليست المرة الأولى في جبهة القدس فقد سبقه عبد القادر الحسيني الذي تغلب عليه بالشهور الأولى للحرب ولم يتعلم رابين وجنوده من هزيمتهم. ويتابع « حقق المقاتلون العرب انتصارا هاما في باب الواد بيد أنه لم يحررهم من صدمة دير ياسين التي وقعت قبل أسبوعين.