مصادرة أموال الفلسطينيين .. سرقة اسرائيلية منظمة بمبررات باطلة
نابلس (فلسطين) الاثنين 24 إبريل 2017
في الوقت الذي تواصل فيه قوات الاحتلال تنفيذ عمليات اقتحام ودهم للمدن والبلدات الفلسطينية، وما يتخللها من حملات اعتقال وتنكيل بالمواطنين الفلسطينيين، تعمل قوات الاحتلال على مصادرة مبالغ مالية ومصاغات ذهبية، متذرعة بحجج واهية لتبرير هذه الإجراءات ومن بينها علاقة هذه الأموال بدعم أنشطة "المنظمات الإرهابية"، بالإشارة إلى فصائل المقاومة الفلسطينية.
مئات الحالات التي وثقتها مؤسسات حقوقية تم خلالها مصادرة مئات آلاف الشواكل من منازل الفلسطينيين، يعود كثير منها لعائلات أسرى وشهداء، فيما برزت ظاهرة سرقة المقتنيات المنزلية من أجهزة تلفزيونية وخلوية، ناهيك عن المركبات الخاصة، الأمر الذي اعتبره مختصون حقوقيون بأنه يندرج في إطار السرقة الإسرائيلية المنظمة والمبررة بحجج وادعاءات باطلة وكاذبة.
ومن بين مئات القصص في مصادرات قوات الاحتلال لممتلكات الفلسطينيين، استيلائها مؤخرا على مبلغ مالي قُدّم كهدية في عطوة عشائرية في مدينة جنين (شمال القدس المحتلة).
فقد اقتحم جيش الاحتلال منزلا في بلدة "السيلة الحارثية" غربي جنين، وقام بمصادرة ما مقداره 55 آلف دينار أردني (77.8 ألف دولار)، ومصاغ ذهبية تقّدر بألفي دينار (2800 دولار)، حيث كان جلّ هذا المبلغ دُفع ضمن صلح عشائري بالبلدة إثر مقتل فلسطيني في شجار عائلي قبل سنوات.
وأوضح عضو لجنة الإصلاح في مدينة جنين، الشيخ أحمد صلاح لـ "قدس برس"، أن إبرام الصلح العشائري بين العائلتيـْن الفلسطينيتيْن، ومن ضمنه دفع مبلغ قيمته 60 ألف دينار (85 ألف دولار) لعائلة القتيل، تم بحضور وشهادة محافظ مدينة جنين، وقيادات العمل الفصائلي والخيري، وضمن خطوات قانونية سليمة.
وذكر أن اللجنة ومؤسسات المدينة تفاجؤوا بإقدام الاحتلال على دهم منزل العائلة الفلسطينية في بلدة السيلة الحارثية ومصادرة ما تبقى من مبلغ الدية وقيمته 49 ألف دينار (70 ألف دولار)، بالإضافة إلى أموال خاصة ومصاغ ذهبي تعود لصاحب المنزل، وتقدر بقيمة 6 آلاف دينار (8500 دولار)، كونها أموال معروف مصدرها.
وأعرب رجل الإصلاح الفلسطيني عن استهجانه للخطوة الإسرائيلية، خاصة إن أن تلك الأموال تم جمعها بإشراف الجهات الرسمية والأهلية في المدينة، وضمن القانون المعمول به محليا، ولا حجة للاسرائيليين بمصادرتها.
المحامي ساهر صرصور، من مركز القدس للمساعدات القانونية، رأى في تلك المصادرات بأنها تأتي في إطار الحرب الاقتصادية التي يشنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني.
وأضاف صرصور، خلال حديث مع "قدس برس"، أن المركز رصد العشرات من الشكاوى التي تقدم بها مواطنون فلسطينيون وتضمنت إقدام الاحتلال على مصادرة أموالهم وممتلكاتهم الخاصة، دون أي مبرر أو مسوّغ قانوني.
وأضاف أن العائلات الفلسطينية لا تمتلك أمام إجراءات الاحتلال وطريقة اقتحام المنازل ومصادرة الأموال، سوى اللجوء إلى القضاء لاسترداد أموالهم وتفنيد الرواية الإسرائيلية وراء مصادرتها.
وبيّن المحامي الفلسطيني، أن ذريعة الاحتلال جاهزة دائما إزاء كل عملية مصادرة للأموال والممتلكات الفلسطينية، وهي علاقة هذه المصادرات بالتنظيمات الفلسطينية، ودعمها لما يسميه الاحتلال "الأنشطة الإرهابية".
وشدد على ضرورة تمسك العائلات الفلسطينية المستهدفة بأخذ أوراق من القوة الإسرائيلية تثبت قيمة ما تمت مصادرته، للاستعانة بهذه الوثائق أمام المحاكم الإسرائيلية.
وأوضح المحامي صرصور، أنهم يتواصلوا وعبر الجهات الحقوقية المختصة مع سلطات الاحتلال لاستفسار عن سبب المصادرات، وتقديم الطلب باسترجاعها، لافتا إلى أن الاحتلال يرفض غاليا هذه المطالبات للذريعة التي يسوقها دائما بعلاقتها بـ"الإرهاب"، الأمر الذي يدفع المراكز القانونية إلى اللجوء للمحاكم الإسرائيلية العليا لتقديم التماس على قرار مصادرة الأموال والممتلكات.
وذكر أنهم يحرصوا على إرفاق كل الأوراق الثبوتية التي تظهر مصدر هذه الأموال، وتفنّد رواية جيش الاحتلال حول علاقتها بالعمل والأنشطة التي يدرجها الاحتلال ضمن خانة "الإرهاب".
وقال إن المؤسسات الحقوقية نجحت عدة مرات باسترداد ما تم مصادرته، غير أن محكمة الاحتلال العليا تساوقت في كثير من الأحيان مع موقف جيش ومخابرات الاحتلال، وقبلت التبرير وراء مصادرة هذه الأموال والممتلكات.
وأكد الناشط الحقوقي، على ضرورة رفع الوعي لدى العائلات الفلسطينية، ومعرفة آلية التعامل مع قوات الاحتلال المقتحمة للمنازل، ورفض التسليم بمصادرة أي من ممتلكاتها دون الحصول على أوراق تثبت ذلك، ولمنع أي حالات سرقة يمكن أن يلجا لها جنود الاحتلال.
كما دعا لأهمية لجوء العائلات الفلسطينية المتضررة للمؤسسات الحقوقية ورفع شكاوى لاسترداد ممتلكاتهم المصادرة، مضيفا أن هذه الشكاوى تحرج سلطات الاحتلال أمام الإعلام وأمام المجتمع الدولي، خاصة عند تفنيد رواياتها واسترجاع ما تمت مصادرته لثبوت بطلان المبررات الإسرائيلية.