لماذا يحارب السيسي الأزهر؟
التاريخ:29/4/2017
سلطت صحيفة ميديابار الفرنسية في تقرير لها الضوء على الصراع الذي يديره الجنرال عبد الفتاح السيسي ضد الأزهر ما تسبب بأزمة بين الطرفين خلال الأيام الماضية.
ويؤكد التقرير أن وراء تحرك السيسي ضد الأزهر هدف يسعى له قائد الانقلاب على أول رئيس شرعي منتخب بمصر وهو احتكار السلطة الدينية والاستيلاء عليها، مؤكدة أن مطالبات السيسي بإصلاح الخطاب الديني التي رفضها الأزهر أسهمت بزيادة التوتر.
(البوصلة) رصدت التقرير الذي ترجمته صحيفة "عربي21"، ولأهميته نضعه بين يدي قرائنا.
ميديابار: السيسي يحارب الأزهر للسيطرة على الخطاب الديني
نشرت صحيفة "ميديا بار" الفرنسية؛ تقريرا سلطت فيه الضوء على تحول النقاش الحاد حول إصلاح الخطاب الديني ومكافحة الأفكار المتطرفة في مصر؛ إلى مصدر احتقان وتوتر بين النظام والأزهر، في حين يرى مراقبون هذه المعركة مجرد ذريعة لاحتكار السلطة الدينية داخل هذا البلد.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن زيارة البابا فرانسيس الثاني إلى مصر، بهدف إحياء الحوار الإسلامي المسيحي، تتزامن مع الخلاف في حول خطة إصلاح الخطاب الديني التي أقرها نظام عبد الفتاح السيسي.
وأوردت الصحيفة أن الأزهر، الذي يُمثل أعلى وأهم مرجعية إسلامية في العالم، صار مستهدفا من قبل النظام المصري. فمنذ الهجوم المزدوج الذي تبناه تنظيم الدولة ضد كنيستين قبطيتين يوم 9 نيسان/ أبريل، بالتزامن مع الاحتفال بيوم الشعانين، اتهمت الصحافة المقربة من السلطة؛ الأزهر بدعم وتسهيل انتشار الإرهاب. وكان رفض الاستجابة للدعوة التي أطلقها الرئيس السيسي لـ"إصلاح الخطاب الديني" السبب وراء هذه الاتهامات.
ونقلت الصحيفة عن المذيع أحمد موسى، أحد مؤيدي نظام السيسي وأشدهم حماسة، قوله عبر قناة "صدى البلد"؛ بأن "الأزهر فشل في مكافحة الإرهاب وفي خطاباته الدينية". وذهبت الكاتبة فاطمة ناعوت إلى أبعد من ذلك، حين أوردت في مقابلة تلفزيونية عبر برنامج "العاشرة مساء"؛ أن "دماء الأقباط في رقبة الأزهر".
ويتولى مشيخة الأزهر "الإمام الأكبر" أحمد الطيب؛ الذي انتقد بشدة هذه الاتهامات، خلال مؤتمر عُقد يوم الأربعاء. ووصف الطيب هذه الاتهامات بـ"الأكاذيب التي تجاوزت كل الحدود".
وفي بيان صدر يوم 18 نيسان/ أبريل، تحدثت هيئة كبار علماء الأزهر عن "خيانة لضمير الشعب المصري والأمة بأكملها". وقد اعترف أحد المقربين من الإمام الأكبر أنه "ينبغي لنا بكل تأكيد القيام بجملة من التحسينات في الأزهر. لكن هذه الاتهامات الموجهة ضد قلعة الإسلام مستمدة إما من جهل بعض التوجهات العلمانية، أو من مصالح سياسية واضحة".
وبينت الصحيفة أن الاحتقان الحالي بين السيسي وشيخ الأزهر قضى على الانتقادات السابقة والمتكررة التي وجهها العديد من طلاب هذه الجامعة لدعم الإمام الأكبر لإسقاط الإخوان المسلمين خلال سنة 2013.
وهذه التوترات العامة بين نظام السيسي والأزهر؛ لم تنطلق فقط منذ الهجمات ضد المسيحيين في الأشهر الأخيرة. فمنذ وصوله إلى السلطة في سنة 2013 وتوليه المنصب الرئاسي خلال سنة 2014، أراد السيسي أن يكون "بطل الإصلاح الديني"، فتحدى السيسي الأزهر ودعا إلى تجديد الخطاب الإسلامي منذ خطابه الشهير في كانون الأول/ ديسمبر سنة 2014. ومنذ ذلك الحين، اتّسمت تصريحاته بخصوص هذا الموضوع بالتناقض.
ورأى العديد من المراقبين أن السلطة في مصر لا تعمل، في المقام الأول، على إصلاح الخطاب الديني، بل بالعكس تهدف إلى احتكاره. فبعد قانون تنظيم وسائل الإعلام الذي صدر في كانون الأول/ ديسمبر سنة 2016، وفي الوقت الذي أقر فيه البرلمان قانونا جددا ينظم سلك القضاء، تم اقتراح نص آخر مثير للجدل يتعلق بالسلطة الدينية.
ويسعى مشروع قانون إعادة تنظيم الأزهر، الذي قدمه النائب وعضو ائتلاف دعم مصر المؤيد للسيسي، محمد أبو حمد، إلى زيادة الإشراف على المؤسسة. وسيكون ذلك من خلال تحديد المدة التي يتولى فيها "الإمام الأكبر" المشيخة بولايتين، فقط دون تجاوز فترة الست سنوات، كما تتيح لرئيس الجمهوية عزل شيخ الأزهر.
وإذا كان قانون سنة 1961 قد كرس فعليا تدخل السلطة في شؤون الأزهر، بتحويلها إلى مؤسسة عمومية يُعين شيخها من قبل رئيس الدولة، فإن التعديلات المقترحة تضم عقوبات وُصفت بالمهينة لشيخ الأزهر، ذلك أنها تتراوح بين الإنذار والإقالة، في حالة "إخلاله بواجبات منصبه".
وفي جريدة "الشروق المصرية"، يواصل النائب محمد أبو حمد الدفاع عن مشروع قانونه، معتبرا أنه "لا يتناقض مع المادة السابعة من الدستور المصري التي تضمن استقلال الأزهر فيما يتعلق بممارسة أعماله".
أما لجنة الشؤون الدينية في البرلمان، فقد رفضت من جهتها هذا القانون، حيث قال أمين سرها، عمر حمروش، إن الاستهداف المباشر لشخص شيخ الأزهر "أمر مشكوك في خلفياته"، خاصة "في ظل الهجمات غير المبررة الموجهة ضد المؤسسة في الآونة الأخيرة".
كما أشارت الصحيفة الفرنسية أيضا إلى أن موضع الانتقادات الرئيسي يتمثل في المناهج الدراسية المقدمة للتلاميذ والطلاب في الأزهر.
وفي هذا الصدد، يقول الطالب في كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، نور خليل، إن "المناهج تتضمن نصوصا تحتقر حقوق المرأة بشكل صريح، كما تحرض أيضا على قتل المرتدين وتشجع على الجهاد أو شن حرب مقدسة ضد الكفار".
وأضاف خليل أنه "من شأن هذه النصوص تشويه عقول الأطفال الصغار الذين لم يمتلكوا بعد الحس النقدي".
وفي المقابل، عبر طالب آخر يُدعى ياسين إبراهيم؛ عن أسفه لعدم تقدير المستوى العلمي لطلاب الأزهر، مبينا أن "المشاكل التي يجب النظر فيها لا تتعلق بالدروس التي تُقدمها جامعة الأزهر، وإنما بغياب تحليل حقيقي أو نقاش عميق للقضايا الدينية"، موضحا أن "وضع التعليم في مصر لا يختلف كثيرا عما عليه الحال في الأزهر".
وأفاد إبراهيم بأنه لا يعلم "كيف يمكن للدولة أو للأزهر إصلاح الخطاب الديني أو مكافحة التطرف. فانعدام الاهتمام بالتنمية البشرية والثقافية في هذا البلد يعدّ أمرا جليا للغاية".