الثورة البلشفية ونشأة الإتحاد السوفييتي - فلاديمير لينين..

فلاديمير لينين.. الشيوعي الذي قاد الثورة البلشفية

الثورة البلشفية و نشأة الاتحاد السوفياتي
المقدمة : شاركت روسيا في الحرب العالمية الاولى الى جانب دول الوفاق ، فساهم ذلك الى جانب اسباب اخرى في اندلاع الثورة التي أدت الى سقوط النظام القيصري سنة 1917 .
- فماهي أسباب هذه الثورة؟
- وماهي مراحلها؟
- و ماهي ملامح النظام الجديد المنبثق عنها؟
- أسباب الثورة :
1 – اضطهاد القوميات غير الروسية:
تضم روسيا عديد القوميات غير الروسية(اتراك، يهود، بولونيون...) التي كانت تعاني الاضطهاد السياسي و الثقافي و قد بدأ الوعي القومي يتصاعد في أواخر القرن19 في شكل احتجاجات .
2- التخلف الاقتصادي و التأزم الاجتماعي:
يتميز الاقتصاد الروسي بالتدهور و اعتماده أساسا على القطاع الفلاحي.
- الأرياف : يعتمد الاقتصاد الروسي على الفلاحة التي تمثل 80 % من الناتج الق الخ ويستحوذ الفلاحين الميسورين (الكولاك) على أغلب الأراضي الزراعية و في المقابل لا يملك أغلب المزارعين إلا مساحات ضيقة . فاحتد التناقض بين أقلية من الملاكين الكبار و أغلبية من المزارعين المتعطشين للأرض.
- المدن: يعاني العمال في المدن من طول ساعات العمل و ضعف الأجور و غياب الضمانات الاجتماعية. وهو ما جعلهم ينخرطون في النضال الاجتماعي و السياسي.
3- نظام مستبد و معارضة متنامية:
- كان النظام السياسي السائد في روسيا قبل الحرب نظاما أوتوقراطيا* تدعم في عهد نيكولاي الذي كان تحت تأثير زوجته ، ففقد نظامه تأييد الأرستقراطية و خاصة البرجوازية.
وهو ما ادى الى تنامي قوى المعارضة التي انقسمت الى تيارين كبيرين:
- تيار ليبرالي تقوده البرجوازية.
- تيار اشتراكي ينقسم إلى قسمين ♣الاشتراكيون الثوريون الذين يعتمدون على العنف و الاغتيالات ضد رموز النظام القيصري. ♣ الاشتراكيون الديمقراطيون الذين يمثلهم حزب العمال الاشتراكي الذي انقسم بدوره إلى منشفيك، و بلشفيك بزعامة لينين .
4 – تأثير الحرب :
دخلت روسيا الحرب إلى جانب دول الوفاق و تواصلت مشاركتها في الحرب إلى سنة 1917 و قد منيت بعديد الخسائر الترابية و البشرية (1.7 مليون جندي) و تضرر اقتصادها و بنيتها الأساسية فتضررت أوضاعها المعيشية بتضاعف الأسعار أكثر من 6 مرات، و فر آلاف الجنود من جبهات القتال مما زاد في عدد المعارضين.
← ساعدت هذه الظروف لينين على تمرير مشروعه الثوري الاشتراكي .
II- الثورة ومواجهة الصعوبات :
1 – من الثورة الليبرالية الى الثورة الاشتراكية :
أ- الثورة الليبرالية فيفري 1917
- انطلقت الثورة بالعاصمة الروسية بيتروغراد و بدأت بمظاهرات نظمها الاشتراكيون و انضم إليهم العمال و الجنود حيث و قع الاستيلاء على العاصمة في 28 فيفري 1917 و وقع اقتسام السلطة بين الاشتراكيين الذين اعتمدوا على السوفياتات و البرجوازيين الذين اعتمدوا على الدوما .
← وقع تشكيل حكومة مؤقتة بزعامة الأمير" لفوف" وهي حكومة ليبرالية قررت مواصلة الحرب ولم تقدر على حل المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية . فعادت الاضطرابات من جديد لكن هذه المرة ضد الحكومة المؤقتة.
ب- الثورة الاشتراكية اكتوبر 1917
استغل لينين زعيم البلاشفة هـذه الظروف لإنجاح الثورة الاشتراكية التي اندلعت في
24 اكتوبر1917 و لقيت تأييدا جماهيريا واسعا بعد البرنامج الجديد الذي أعلنه باسم ٌ مقولات أفريل ٌ ، فتم الاستيلاء على السلطة و تعيين حكومة جديدة بزعامة لينين حملت اسم مجلس مفوضي الشعب الذي اتخذ جملة من القرارات من أبرزها :
- التفاوض مع الألمان للخروج من الحرب(معاهدة براست ليتوفسك في مارس 1918) التي خسرت روسيا بمقتضاها جزء كبير من اراضيها و ربع سكانها.
- توزيع أراضي كبار الملاكين ( الكولاك ) على الفلاحين الصغار وتحويل المصانع و البنوك تحت رقابة العمال .
2- صعوبات الثورة و مواجهتها:
أ- الحرب الأهلية و شيوعية الحرب : دارت هذه الحرب بين الجيوش البيضاء التي كونها انصار النظام القيصري و القوى السياسية المعارضة بمساعدة الدول الرأسمالية المتخوفة من الخطر البلشفي . والجيش الأحمر بقيادة ترو تسكي الذي تمكن من تنظيم الجيش بانتهاج سياسة شيوعية الحرب* و الانتصار على الاعداء في الداخل و الخارج. ( 1921)
ب- الرجوع إلى الرأسمالية(1921-1927): بعد تأزم الوضع نتيجة للحرب الأهلية قرر البلشفيك تشجيع المبادرة الخاصة وتشجيع الرأسمال الأجنبي مع مواصلة تكوين التعاضديات الفلاحية
و التجارية وقد مكنت هذه الإجراءات من تحسين الوضع الاقتصادي إلا أنها تسببت في ظهور الكولاك من جديد و بروز الخلافات بين تروتسكي و ستالين الذي تمكن من التخلص من خصمه
و التخلي عن السياسة الاقتصادية الجديدة و الانصراف نحو بناء المجتمع الاشتراكي.
III – النظام السوفياتي الجديد :
1- النظام السياسي:
أ- تكون الاتحاد السوفياتي: اعلن عن قيام اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية خلال انعقاد المؤتمر العام للسوفيات سنة 1922 حيث ضم الاتحاد في البداية 4 بلدان وهي روسيا و بيلاروسيا و أرمينيا و أوكرانيا و منذ 1924 ارتفع عدد جمهوريات الاتحاد إلى 11 ثم 15 جمهورية منذ 1940 (جمهورية وهي أوزباكستان و تركمانستان و طاجاكستان و أذربيجان و جورجيا
و كازاخستان و كيرغزستان و استونيا و ليتونيا و ليتوانيا و ملدافيا). كما وقع اقرار الدستور الفدرالي منذ 1924 و الذي اقر المساواة التامة بين الجمهوريات و تمتع القوميات بصلاحيات عديدة.
ب- دكتاتورية البروليتاريا*: تميزت الحياة السياسية بهيمنة السوفياتات و الحزب الشيوعي.
– مجالس السوفياتات : تتكون هذه المجالس من نواب العمال و المزارعين و الجنود وهم الذين ينتخبون مختلف السوفياتات التي تم تنظيمها هرميا
← تنتخب هذه المجالس اللجنة التنفيذية المركزية، و هذه اللجنة ينبثق عنها مجلس السوفيات الأعلى و مجلس مفوضي الشعب و قد ضمن دستور 1936 الحريات الأساسية مثل حرية التعبير
و المعتقد.
– الحزب الشيوعي البلشفي: وهو الحزب الوحيد منذ1918، و يتمتع بنفوذ واسع، لكن تتميز العلاقة بين قادته بالصراع خاصة منذ وفاة لينين. وقد سيطر على الحزب كاتبه العام منذ 1922 ستالين الذي تمكن من تصفية منافسيه سواء عن طريق الاغتيال أو عن طريق مجموعة من المحاكمات السياسية وقد تم في هذا الإطار القضاء على العديد من الإطارات في الحزب بين 1936 و 1940 ومن بينهم ترو تسكي.
2- النظام الاقتصادي السوفياتي:
يعتمد النظام الاقتصادي السوفياتي على التخطيط و التأميم و التركيز على التصنيع.
- التخطيط و التصنيع: و ذلك بصياغة المخططات الخماسية من 1928 حتى الحرب العالمية الثانية، و قد تميزت هذه المخططات بالشمولية و الالزام.
- التاميم: و ذلك بالغاء الملكية الخاصة على مراحل و تعويضها بالملكية الاشتراكية ، فبالمدن وقع تاميم كامل القطاع الصناعي و المالي و التجاري، اما بالارياف فقد تم تعميم الملكية الاشتراكية في اطار نوعين من الوحدات الانتاجية: السوفخوزات و الكولخوزات*
و ركزت على التصنيع.
3- المجتمع السوفياتي:
تمثلت ملامح المجتمع الاشتراكي السوفياتي في القضاء على استغلال العمال من طرف الخواص .
← تدعم الطبقة الشغيلة بارتفاع عدد العمال من 4 ملايين سنة 1928 إلى 20 مليون سنة 1940 .
← ارتفاع قدرتهم الشرائية بنسبة 25 %.
← التمتع بإجبارية التعليم ومجانيته .
← المساواة بين الرجل و المرأة.
← أدت مختلف هذه الإجراءات إلى تنشيط الحياة الثقافية في البلاد رغم تقلص الحريات في عهد ستالين .
الخاتمة: أثرت الثورة البلشفية في مناطق عديدة من العالم و ساندت حركات التحرر في العالم،
و رغم ذلك لم تفلح في تكريس ديمقراطية البروليتاريا.

تلخيص درس : الثورة البلشفية ونشأة الإتحاد السوفييتي

http://www.ecolenumerique.tn/wp-content/uploads/2011/11/%D8%AF%D8%B1%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%84%D8%B4%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9-2012.pdf

ماذا سيكون عليه المستقبل؟ رأسمالية، إشتراكية أم بربرية؟


هذا السؤال طرحه عالم الاجتماع الأمريكي الأستاذ ستيفن كي ساندرسون في كتابه القيم، التحولات الاجتماعية (Social Transformation). يسأل عن التحديات التي سوف تواجه البشرية في المستقبل فيما لو سلمت من كوارث الحروب النووية والبيئية ؟
يرى المؤلف أن تنبؤ ماركس في تحول الرأسمالية إلى الاشتراكية ربما كان صحيحاً، ولكنه أخطأ في تقدير عمر الرأسمالية، فبدلاً من تحول الرأسمالية إلى الاشتراكية، نرى أنه قد حصل العكس كما ذكرنا آنفاً. يرى المؤلف أن ماركس استهان بعمر النظام الرأسمالي واعتقدَ أنه على وشك الزوال في نهاية القرن التاسع عشر وأنه يحتاج إلى مجرد ركلة من الطبقة العاملة الثورية. إذ لم يدرك قدرة النظام الرأسمالي على تجديد نفسه وإعادة شبابه والتغلب على مشاكله. فالنظام الرأسمالي استطاع تحسين أحوال الطبقات الكادحة بالاستجابة إلى الكثير من مطالبهم، وبالتالي تجريد العمال من ثوريتهم.

كذلك التغيير الذي حصل في وسائل الإنتاج، إذ كان العامل في السابق هو الذي يكسب عيشه عن طريق قوة عضلاته، أما اليوم فقد حلت المكننة والأتمتة لزيادة الإنتاج، الأمر الذي أدى إلى انحسار العمال من ذوي الياقات الزرق وحل محلهم ذوو الياقات البيض الذي لا يعتبرون أنفسهم عمالاً كادحين. والآن نحن نعيش في مرحلة ما بعد الحداثة، أي ما بعد الثورة الصناعية ودخلنا الثورة التكنولوجية المتطورة (High Tech) ومعها الثورة الإلكترونية والثورة المعلوماتية، وقد انتهى دور الطبقة العاملة في القيام بالثورات البروليتارية. وحتى الأحزاب الشيوعية تخلت عن اللينية وأسقطت من أنظمتها الداخلية الدكتاتورية البروليتارية وتبنت الاشتراكية الديمقراطية. فهذا هو الحزب الشيوعي الصيني تخلى عن الاقتصاد الماركسي وتبنى اقتصاد السوق الرأسمالي، وبذلك حقق نجاحا باهراً في النمو الاقتصادي الذي بلغت معدلاته 10% سنوياً.

ولكن هذا لا يعني أن الرأسمالية هي نهاية التاريخ كما تنبأ المفكر الأمريكي الياباني الأصل، فرانسيس فوكوياما، والذي سحب قوله هذا فيما بعد. على أي حال، هناك بين علماء الاجتماع من يعتقد باحتمال تحقيق الاشتراكية في المستقبل فيما لو تغلبت البشرية على احتمالات فنائها بالحروب النووية والمشاكل البيئة التي تهددها. تنبأ إثنان من علماء الاجتماع الأمريكيين بولادة الاشتراكية في المستقبل وفي وقت متقارب ودون أن يعرف أحدهما بالآخر.

يستشهد المؤلف بآراء إثنين من علماء الاجتماع الأمريكيين، أحدهما هو Immanuel Wallerstien الذي قال في بحث له نشر عام 1984 أن الاشتراكية ربما ستتحقق في المستقبل ما بين 100- 150 سنة من تاريخ نشر البحث، ولكن ليس عن طريق الثورات الدموية بل عن طريق التطور السلمي التدريجي وبشكل هادئ تفرضها ظروف المرحلة ووسائل الإنتاج، وما سيطرأ على المجتمع البشري من تغييرات وتطورات اجتماعية واقتصادية وسياسية. والآخر هو Walter Goldfrank الذي نشر بحثا عام 1987، تنبأ باحتمالات عديدة، منها الهلوكوست النووي... الخ، ولكنه قال أن الرأسمالية مليئة بتناقضات فنائها، وإذا سلمت البشرية من الفناء فربما ستتحقق الاشتراكية ما بين 80 إلى 140 عاماً من نشر البحث.
(S.K. Sanderson, Social Transformation, p 370-373)

خلاصة القول، أثبتت الأحداث في العقد الأخير من قرن العشرين وإلى الآن، أن ثورة أكتوبر البلشفية كانت انحرافاً عن مسار التاريخ وضد قوانين حركته. فلو كانت منسجمة مع منطق التاريخ لبقيت وفق مبدأ البقاء للأصلح. فالتاريخ يحافظ على مساره مهما طال الزمن ومهما حصل من تعرجات وتراجعات، ولا بد أن يُسقط عن مساره ما فرض عليه بالقوة، إذ لا يمكن حرق المراحل والقفز عليها، بل لا بد وأن يحصل التطور بشكل طبيعي وتدريجي. وقد فرض لينين التحول الاشتراكي بالقوة خلافاً لمنطق التاريخ. لذلك وبعد أربعة وسبعين عاماً من القهر والاستبداد، انتفض التاريخ وانتقم لنفسه وأسقط من تاريخ روسيا المرحلة الدخيلة عليه الممتدة من بدء تاريخ الثورة البلشفية إلى نهاية حكم غورباتشوف، ليبدأ بوريس يلتسن من حيث انتهى حكم كيرنسكي، وليعيد مواصلة مسار التاريخ من جديد. وهذا هو منطق التاريخ، وهذا هو الدرس البليغ الذي يجب أن نستخلصه ونتعلمه من قراءتنا لثورة أكتوبر البلشفية.