السياسة الأميركية والانتخابات الإيرانية في ميزان الدول العربية
من المقرر أن تنطلق الانتخابات الرئاسية في إيران في 19 الشهر الحالي، وسط تنافس حاد بين الإصلاحيين والمتشددين إذ يتنافس الرئيس الحالي حسن روحاني لولاية ثانية مع أربعة مرشحين آخرين. وتعتبر هذه الانتخابات مهمة على صعيد إيران والمنطقة لأنها ستحدد مسيرة نظام الحكم خلال الأعوام القادمة وسط توقعات بفوز الإصلاحيين، إلا أن ذلك مرهون بسياسة الولايات المتحدة تجاه طهران، فإذا زادت لهجة التهديد الأميركي فسنرى رئيساً إيرانيا متشدداً بدلا من الإصلاحيين، ما يعني عودة إلى مرحلة ما قبل الاتفاق النووي مع الحكومة الإيرانية.
وفق مركز "جيوستراتيجيك ميديا"، فلمنطقة الشرق الأوسط أهمية كبيرة استراتيجياً في حسابات الولايات المتحدة الأميركية لأن واشنطن لها مصالح حيوية في عدد من دول المنطقة. كما أن الإدارة الأميركية تعي جيداً أن كلاً من طهران والرياض لاعبان أساسيان في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد حالة من عدم الاستقرار جراء حروب ونزاعات اقليمية. لذلك فإن السياسة الأميركية العامة مرتبطة بشخصية الرئيس الإيراني المقبل. وأضاف المركز أن نتائج الانتخابات لن تغير كثيراً من الأمور كون دفة الحكم بيد المرشد الأعلى آية الله على خامنئي. ومهما يكن الفائز لن يكون هناك تطبيع للعلاقات الإيرانية الأميركية في القادم من الأيام لأن سياسة إيران في المنطقة تعطل مصالح الولايات المتحدة لذلك نجد صبراً من إدارة الرئيس الأميركية دونالد ترامب حيال النفوذ الإيراني في العراق وسورية واليمن. ولطالما أن الإطار العام للحكم في إيران لن يتغير كثيراً مهما يكن الرئيس فإن المزيد من التوتر في المنطقة قد يخيم على جميع الدول، خصوصاً تلك التي لها حدود برية أو بحرية مع إيران.
ووفق صحيفة "نيويورك تايمز" فإن المنافسين لروحاني هم إبراهيم الرئيسي، وهو المرشح الأبرز للمحافظين ويتمتع بنفوذ في أوساط المؤسسة الدينية والقضائية في البلاد. أما المرشح الآخر فهو عمدة طهران محمد باقر قاليباق. كما يتنافس أيضا سعيد جليلي وهو عضو بارز في قوات الباسييج الإيرانية. والمرشح الرابع هو اسحاق جهانغيري، وهو سياسي ونائب أول للرئيس روحاني. أما المرشح الخامس فهو مصطفى هاشمي طبا وكان مساعداً للرئيس الإيراني في حكومة علي أكبر هاشمي رفسنجاني.
من هنا، يتبين لنا أن ترشح مساعد روحاني يعني أنه يريد كسب أصوات الإصلاحيين من روحاني ما يؤثر على فرص فوز الأخير في منصب الرئاسة وعلى ما يبدو فإن هذا هو ما يريد المرشد الأعلى الإيراني ايصاله للإدارة الأميركية.
لكن السؤال المطروح هو هل سيكون للرئيس المنتخب تأثير في تحسين العلاقات الإيرانية العربية، خصوصاً مع دول الخليج العربية؟ فنحن نعلم أن المملكة العربية السعودية حليف رئيس لواشنطن في الوقت الذي تنظر فيه الإدارة الأميركية إلى إيران على أنها سبب في المشاكل وليست صاحبة حل، لذلك لن تغير واشنطن سياستها تجاه الرئيس الإيراني الجديد أيا يكن لأن مصلحة الولايات المتحدة تكمن في حماية مصالحها أولاً ومن ثم حماية مصالح الآخرين، وهو ما لا تريده طهران.
وترى صحيفة "هفنجتون بوست" أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي هاجم بضراوة ايران إبان حملته الانتخابية لن يتهاون أبدا اليوم بعد ان أصبح رئيساً لأن سمعة الإدارة الأميركية ومصداقيتها تجاه حلفائها العرب باتت على المحك وهو ما يفسر الضربة الأميركية للقاعدة الجوية السورية في 6 نيسان (أبريل) الماضي. وتذكر مجلة "نيويوركر" كذلك أن ترامب يؤيد فرض المزيد من العقوبات على إيران ويرفض إعادة العلاقات الاقتصادية ويريد زيادة الشراكة الاستراتيجة مع دول الاعتدال العربي.
ويرى موقع "بوليتيكال ستديز أوف ذا ميدل إيست" أنه لا يمكن تجاهل النفوذ الإيراني في عدد من دول الشرق الأوسط وأنه لا بد من التعامل مع هذا الموضوع بحذر كبير لأنه سيؤثر في حال فوز رئيس متشدد على التحالفات الاستراتيجية في المنطقة.