ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: المفتول.. أكلة شعبية تحميها الأيدي من الاندثار الجمعة 05 مايو 2017, 3:54 am | |
| المفتول.. أكلة شعبية تحميها الأيدي من الاندثار
عانقت الأكلات الشعبية التراثية الحضارات، ورسمت عنهم صورة جميلة ليحافظوا على أكلاتهم الشعبية، وتشابهت مكونات الأكلات عند العديد من الشعوب بمختلف أنحاء العالم، إلا أن بعض الشعوب ابتكرت طرقا لصناعة أغذيتها، وتفنتت بها، وتبقى لكل حضارة وشعب خصوصيته التي يستمدها من ما يتوفر في بيئته من مصادر، فالفسلطينيون لم يكونوا يشترون المعلبات على الإطلاق، فمعظم حاجاتهم متوافرة ومتواجدة، مثل الخضار والفاكهة والحبوب يأخذونها من بساتينهم وأراضيهم، والحليب من ماشيتهم، ويصنعون مشتقات الحليب داخل بيوتهم، والمربّى «التطلي» من فاكهة مزارعهم التي كانت تعجُ بالأصناف المختلفة من الفواكه نتيجة لتعدد التضاريس والمناخات، فقد كانت الأسر الفلسطينية تستعمل عدة طرق في حفظ أغذيتها وأطعمتها، حتى كانت شبه مكتفية ذاتياً، تأكل مما تنبت الأرض، وما تجود به ضروع الماشية وأبدانها من حليب ولحوم، وما تنتجه همم الأهالي والأسر العالية التي مزجت عطاء الأرض في عرق العمل ومهارة السيدة الفلسطينية، التي حرصت على استخدام مصادر الطبيعة الفلسطينية لتقدمها حياة وتبقى صورة مشرقة عن التراث. وعبر السنوت والهجرات الدائمة والمستمرة، ونتيجة لكون فلسطين تتمتع بأهمية دينية؛ يتوافد إليها دائماً العديد من الشعوب الأخرى التي تنتمي لحضارات مختلفة، حاملين معهم حصاد تجاربهم من بلدانهم، لتختلط خلاصة مهاراتهم وتجاربهم إلى أهالي فلسطين، عبر تمازج وتآلف ثقافي يزيد المعارف وأساليب العيش الفلسطينية. تتوارث الأمم طرق طهي أكلاتها وكيفية تقديمها، كما تتوارث لغتها وفنونها وأغانيها وأمثالها الشعبية وطرق العيش فيها، وتختص فلسطين بأنواع من الأكلات والتي تتفنن الفلسطينيات بطرق صنعها، حتى تصبح احدى مميزاتها التي تميزها عن باقي بقاع ومدن العالم. « المفتول « أكلة شعبية وتراثية اشتهرت في دول حوض البحر المتوسط، ويطلق عليها أهل المغرب اسم (الكسكس)، بينما يعرفها الفلسطينيون وأهل بلاد الشام بـ (المفتول). المفتول والذي يجمع الكل على حبه. والمفتول ليس مجرد أكلة تقدم على مائدة الطعام، بل هو تراث قديم وعريق معروف لدى الفلسطينيين، إذ اشتهروا به منذ القدم، حيث كانت الفلسطينيات يجتمعن أثناء المناسبات السعيدة والحزينة لصنعه، يفترشن الأرض ويضعن أمامهن سدراً كبيراً من الألومونيوم، و(يفتلن) الدقيق ليتحول إلى حبيبات صغيرة شبيهة بالسمسم، ثم يقمن بطهي حبيبات المفتول ب»طناجر» تسمى ( المفتولية،القصرية، الكربالة) وهي تشبه المصفاة، يوضع المفتول داخلها وتوضع القصرية فوق « الطنجرة العادية،ليستوي على البخار المتصاعد من أسفل الطنجرة. تقول الأربعينية جميلة عواد « أصبحت هوايتي مداعبة حبات الدقيق بين يدي وتحويلها إلى مفتول، عملت منذ عشرة سنوات في صنع المفتول وتسويقه، فقد شكّل لي مصدر دخل لأسرتي في ظل مساعدة زوجي بالظروف الاقتصادية الصعبة «. بداية صنعها للمفتول تقول جميلة : « بالبداية كنت أصنع المفتول للأقارب، وكان زوجي حرجا من أنني أسوقه للناس، لكني أرغمته على ذلك، كوني لا أخجل من عمل المفتول وبيعه للناس فالشغل ليس عيباً، وبعدها تطورت الفكرة حتى فتحت مطبخاً صغيراً في بيتي، ومن المذاق الطيب والسمعة الجيدة، بدأ كثير من الناس يتوافدون لشراء المفتول وتخزينه، وأصبحت أعمل كميات حسب الطلب، وأصبحت المحلات الصغيرة يشترون أكياس المفتول مني». صنع المفتول وضحت كيفية صنع المفتول : « أستعمل قدراً كبيراً من الألومونيوم والمفتولية والكربالة، وهي عبارة عن غربال مصنوع من السلك الناعم له فتحات ضيقة، والمكونات كيلو ونصف الكيلو من الدقيق والسميد، نضع السميد ونرش الماء ونحرك باليد براحة ونرش كمية من الدقيق، وأكرر الحركة الدائرية وأستمر برش الماء ثم الدقيق حتى يصبح الخليط بحجم حبات الخرز، بعدها أحضر القدر الخاص وأدهن المصفاة بزيت الزيتون ويوضع المفتول فيها وترفع فوق القدر، ومن ثم أقوم بإنزال المفتول من المفتولية ونضيف له البصل المفروم وعين جرادة خضراء أو ناشفة والفلفل الأخضر والملح، ثم نضع المفتول في المفتولية التي يوجد أسفلها ماء ليتم إنضاجه على البخار المتصاعد، قبل أن أقوم بسكب المفتول في صحن العجين «الطشت» أضيف إليه الماء وأفركه حتى لا يتكتل، وأضع عليه قليلاً من الزيت، وبعدها بربع ساعة في المفتولية يكون جاهزاً «. المفتول مبينة كيفية صنع ( يخنة ): « اليخنة وهي شوربة المفتول، وهي عبارة عن مرق الدجاج أو اللحم، نضيف له الحمص و البصل والبهارات اللازمة، ونزين على وجه الصينية الحمص والبصل وفوقها الدجاج، ليصبح جاهزاً للأكل». السيدة الستينية سميرة غنيم تقول: « المفتول أكلة تراثية قديمة من زمان، نفتخر بها وكان الضيف العزيز القادم إلينا نقدم له المفتول على الغذاء، خاصة أكل المفتول يفضل بالشتاء فهو يعطي الطاقة». مبينة: « أن صناعة المفتول بكميات كبيرة يحتاج إلى ( لمة) كبيرة من الجارات لـ»نفتل « كيسين من الدقيق، يستهلك فتله جهداً ووقتاً كبيراً، إلا أن الجمعة لا نشعر بالتعب، ومذاقه الرائع والطيب له يدفعنا أن نعمل بنشاط بهدف إعداده، وصنع المفتول يدويا أمر جميل وممتع رغم الجهد الذي يتطلبه منا، والاجتماع لصنعه يمثل عادة اجتماعية، تنبثق من خلالها روح التشاركية والتعاون». تعلمت السيدة غنيم المفتول من صغرها خلال مشاركتها وهي فتاة بجانب والدتها وجداتها في صنعه بالمناسبات حتى أتقنته، ولفتت أن المفتول يباع في المحلات التجارية، ليسهل على النساء صنعه، لكن طعم المفتول الذي يصنع في البيت له طعمه الخاص. تقول غنيم : « أجلس على الأرض وأضع أمامي قدراً كبيراً من الألمونيوم (صحن العجين)، والمفتولية (مصفاة من الألمونيوم )، والكربالة (غربال مصنوع من السلك الناعم، فتحاته ضيقة). مكونات المفتول أوضحت غنيم المكونات « كيلو ونصف الكيلو من الدقيق، ملح –سيرج، (عين جرادة خضرا وناشفة )، بصل قطع صغيرة جداً،كمون،ملح. نصف كيلو بصل مقطع شرائح، نقلبه بقليل من الزيت، ونضيف إليه حمصا مسلوقا، والقليل من المرقة، والملح، والفلفل الأسود، وعندما ينضج نرفعه عن النار. ثم نضيف الماء إلى الدقيق، يتم تدبيسه في الكربالة ( ليتم تحويلة إلى حبات صغيرة جداً «، لتنزل من أسفل الكربالة، ثم نضع القليل من الزيت،لتسهيل العمل. نضع نصف كمية المفتول في المفتولية، يكون أسفلها ماء، ليتم طبخ المفتول على البخار، ويتم سكب المفتول بصحن العجين، ونضيف إليه القليل من الماء، نفركه لكي لا يتكتل، ونضع النصف منه في المفتولية ونضع فوقها الدفنة (التي تعطيه نكهة لذيذة جداً)، ثم نضيف النصف المتبقي منه فوق الدفنة، ثم نطرق على المفتول باليد، نرفع المفتولية عن النار ونضع عليه القليل من الزيت، ومن ثم نضيف إليه مرقة الدجاج ، واليخنة ( عبارة عن دجاج، مع بصل، وإضافة ماء للحصول على المرقة).
|
|