منطقة الأزرق .... سحر الطبيعة وإرث تاريخي وتراثي ثري
تتميز منطقة الأزرق، التي تقع في الجزء الشمالي الشرقي من الأردن، بوجود أضخم مصايد العالم القديم، كما شهدت أول محاولة بشرية لرسم خريطة السماء وبرك مائية لا يوجد شبيه لها في العالم .
واستقطبت منطقة الأزرق بعثات التنقيب والمسوحات الميدانية الأجنبية منذ مطلع القرن الماضي، ذلك أنها كانت نابضة بالحياة، إذ إن ما يتم اكتشافه يؤكد بما لا يقبل الشك أن الأردن يمتلك واحدة من أجمل الواحات في العالم القديم وارثا حضاريا وتاريخيا ثريا .
ويقول الباحث في علم التاريخ والآثار الدكتور محمد وهيب لـوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان منطقة الأزرق تميزت بموقعها الجغرافي الاستراتيجي على مفترق الطرق الواصل إلى كل من العراق والسعودية وسوريا،حيث كانت هذه المنطقة حلقة وصل بين هذه البلدان في العصور التاريخية المبكرة و تعاقبت الحضارات في منطقة الأزرق ابتداءً من العصور الحجرية وانتهاء بالفترات الإسلامية .
ويرى الباحث وهيب، ان منطقة الأزرق بلغت أهميتها خلال العصور الرومانية وتم انشاء العديد من القلاع والحصون المتواجدة فيها وحول منطقة الأزرق مثل قلعة « العويند « و « اصيخم «، حيث برز دور الرومان الحضاري في منطقة الأزرق والمخلفات العمائرية التي قاموا بإنشائها وخاصة طرق المواصلات والتحصينات الدفاعية .
وحول قلعة الأزرق، يبين أنها شهدت مراحل تطور عمائرية متعددة ابتداءً من العصر الروماني وانتهاءً بالعصر الاسلامي الذي يمثل نقلة نوعية في تطور العمارة،وخاصة بناء القصور واستخدام المباني الرومانية، لافتا الى ان بعض القصور ما زالت تحير العلماء بارثها الكبير مثل قصير عمره والقبه الفلكية السماوية التي تمثل أول محاولة لرسم خارطة السماء في العالم،اضافة لمناظر الصيد والبيئة الطبيعية .
كما أكدت نتائج البحث العلمي ان الأزرق كانت نابضة بالحياة منذ العصور الجيولوجية المبكرة، حيث تم الكشف عن عظام حيوان « الماموث « و «فيل النفود»، وهو ضمن مؤشرات من عظام أخرى لحيوانات مختلفة من أصل أفريقي كانت تعيش بالمنطقة، إذ إن الاستنتاج الأولي هو ان منطقة الأزرق وامتدادها في الجزيرة العربية كان يعتبر امتدادا لأفريقيا قبل مليون سنة، و يتمتع بطقس شبه استوائي ماطر وغطاء نباتي كاف لحياة الفيلة.
ويوضح الباحث وهيب، ان الفيل ليس بحيوان غريب على الأردن، وخاصة سلالة « الماموث «الذي وجد بالأزرق، فبالإضافة الى العثور على بعض عظامه في محيط واحة الأزرق، فان الفيل كان معروفا لدى الأنباط، حيث تم العثور على تاجيه عامود نبطيه تم زخرفتها برؤوس فيلة.
ويشير الى ان البعثة الكندية برئاسة الدكتورة «ابريل نويل» الى الأزرق،اكتشفت أقدم دليل على مخلفات بقايا دم وأنسجة «حيوانية» موجودة تضم أكثر من عشرة آلاف قطعة من الأدوات الحجرية على قطع من الأدوات الصوانية وبقايا لحصان ووحيد القرن وبعض المواشي البرية والبط، والفيل والابل والمواشي البرية والغزال وحيوانات آكلة اللحوم مثل الأسد .
مثلما تؤكد هذه الاكتشافات للكائنات الحية أهمية الأردن من الناحية البيولوجية وما فيها من مصادر طبيعية،الأمر الذي يرفع من مكانته على خريطة العالم الجيولوجية الأحفورية ويستقطب العلماء من شتى بقاع الأرض حاليا وفي المستقبل لاجراء الدراسات والبحوث العلمية، وبالتالي ينعكس ذلك ايجابا على نواح عديدة تنشط السياحة البيئية والطبيعية.