الأسلحة التركية... حداثة وتطور ومنافسة عالمية
أدركت تركيا منذ وقت طويل أن قوّتها فيما تصنعه وتنتجه بنفسها، سواء من الغذاء أو السلاح أو الصناعات الأخرى، فهي الدولة التي اقتربت من تحقيق اكتفاء ذاتي بشكل تام.
واللافت أنه حتى وقت قريب وقبل تولي العدالة والتنمية حكم البلاد في عام 2002 لم تكن تركيا البلد الذي عانى من الفساد لعقود، يصنع أسلحته بنفسه ويطورها بل ويصدرها للعالم وتكون جيوشه في مقدمة جيوش العالم و أقواها بمعنى الكلمة.
فما هي الأسلحة التي تصنعها تركيا؟ وإلى أين وصلت صادرات هذه الأسلحة؟ وما هي القوة التي وصل لها الجيش التركي اليوم.
تركيا وصناعة الأسلحة
في العام 2011 رصد تقرير صادر عن «شبكة الدراسات الأمنية الأكاديمية» في زيورخ ارتفاعا ملحوظا في صناعة السلاح في تركيا خلال السنوات الأخيرة، انعكس على زيادة صادراتها في هذا المجال، بدعم من سياسة خارجية نشطة لهذا البلد، ووطّد قدراتها الاقتصادية.
ويستند التقرير في تحليله إلى بيانات وزارة الدفاع التركية، التي أوضحت تضاعف صادرات المعدات الدفاعية خلال أربع سنوات، حيث بلغت وفق بيانات العام 2009 نحو 669 مليون دولار، في مقابل 337 مليون دولار في العام 2005
كما أوضح أن الحكومة التركية تقوم بجهود محلية لدعم صناعة السلاح، مثل نظام ائتمان منخفض الفائدة لتغطية التكاليف التي تكبّدتها من تصدير الصناعات الدفاعية وإنشاء منظمة تضم أكثر من 60 مؤسسة صغيرة ومتوسطة تعمل في هذا المجال.
وأشار التقرير إلى أن مشاريع التصنيع العسكري التركية طَموحة، وتتضمن مثلا إنتاج طائرات من دون طيار، ومقاتلات نفاثة ومروحيات عمودية، ما سيؤدي أيضا إلى خفض نفقات تركيا من استيراد السلاح بنسبة تصل إلى 30 بالمئة عمّا هي عليه وقت صدور الدراسة.
وتوقعت الدراسة الصادرة منذ أربعة أعوام أن تصل تركيا إلى الاكتفاء الذاتي في الصناعات الدفاعية، حيث ستكون زيادة الصادرات نقطة تحول مهمة للشركات العاملة في هذا القطاع، كما سيؤدي هذا إلى تقليص ميزانيات استيراد السلاح تدريجيا.
وفي 2012 قالت صحيفة “راديكال”- وفقا للأرقام الصادرة عن معهد “الماكينة والكيمياء”-، بأن هذه الطفرة في مبيعات السلاح جاءت بعد بيع الأسلحة والمعدات العسكرية المختلفة والمتفجرات وصواريخ طراز (إس إس 30) إلى 29 بلدا أجنبيا ممتدة على خمس قارات من الفلبين إلى سويسرا وأمريكا والسعودية، أشارت الأرقام إلى أن السعودية احتلّت المرتبة الأولى في صادرات الأسلحة التركية.
حتى أن تركيا اليوم قادرة على فرض نفسها كمزوّد أساسي للأسلحة لدول الخليج وجنوب شرق آسيا، خاصة بعد ما باتت مجموعتا تاي وأسيلسان ضمن قائمة أول 100 مجموعة في الصناعات الدفاعية العالمية.
وفي العام الماضي أعلن فريق البحث المختص بتكنولوجيا الدفاع والأمن التركية، عن أن تركيا خصّصت ميزانية بحجم 41 مليون ليرة تركية، لـ 3 مشاريع ضخمة جديدة في مجال الصناعة الدفاعية، هادفة بذلك إلى الاعتماد على الذات في صناعاتها المحلية دون الارتباط بالخارج.
وكشفت التقارير الصحفية التركية وقتها، أن تركيا التي بدأت العمل في المرحلة الأولى في صناعة الآليات التي تعدّ مهمة جدا في مجال الدفاع، ستنتقل فيما بعد للعمل بجهد كبير في صناعة الأسلحة ذات التأثير القليل، وبهذا ستكون دولة تطوّر الأسلحة التي تملكها خلال فترة قصيرة وتبيع للعالم تكنولوجيا دفاعية خاصة بها.
حيث أُعلن وقتها عن “مشروع تطوير أنظمة سونار” و”مشروع المتفجرات غير الحساسة” و”مشروع كشف الأشعة تحت الحمراء” ، وأعلنت تركيا وقتها أن هدف مشروع تطوير أنظمة سونار هو جعلها محلية الصنع لأنها تتمتع بقدرة كبيرة في مجال قياس المسافات والاتجاهات في الغواصات البحرية.
ويهدف مشروع المتفجرات غير الحساسة إلى تأمين متفجرات ذات صناعة خاصة وذات تأثير كبير وبإمكانيات وطنية، في سبيل تطوير القدرات الحربية التركية
ويهدف مشروع كشف الأشعة تحت الحمراء إلى تطوير الأنظمة الموجودة والوصول إلى ابتكار أجهزة جديدة في مجال تكنولوجيا الرؤية الليلية.
يُذكر أن الصادرات الدفاعية التركية بلغت في العام 2008 حوالي 600 مليون دولار، لتتضاعف في نهاية العام 2012 وتصل إلى 1.2 مليار دولار، أما في العام 2013 فقد تجاوز عدد الشركات العاملة في المجال العسكري الـ500 شركة، لتُصدّر ما قيمته 1.5 مليار دولار، بينما من المتوقع أن تتجاوز قيمة الصادرات الدفاعية التركية في العام 2014 الـ1.8 مليار دولار، وتوقّعت تقارير أن يصل حجم الصناعة إلى 8مليار دولار في2017.
وفي تقارير صحفية أيضا صدرت نهاية العام الماضي أكّدت أن وكالة صناعات الدفاع التابعة لوزارة الدفاع التركية المحرك والدافع لنمو هذه الصناعات، والتي تُعتبر مركز صنع القرار فيما يخص الشؤون السياسية والاقتصادية والاستراتيجية المتعلقة بصناعات الدفاع، استطاعت رفع قيمة العقود في السنوات الخمسة الماضية إلى 20 مليار دولار بزيادة قدرها 85 في المائة.
وتستهدف الوكالة الوصول إلى عائدات قدرها 8 مليار دولار سنويا في قطاع الدفاع والفضاء والوصول إلى صادرات بقيمة ملياري دولار.
وتدير الوكالة عدة مشاريع أهمها مشروع إنتاج مقاتلات الضربة المشتركة بقيمة 16 مليار دولار، ومشروع الطائرة المروحية “أتاك” بقيمة 3.3 مليار دولار، ومشروع إنشاء الغواصات الجديدة بقيمة 2.56 مليار دولار.
واليوم بإمكان الشركات الصناعية الدفاعية التركية، أن تنافس في الأسواق الدفاعية الدولية، وتستقبل طلبات أجنبية لتصنيع معدات دفاعية متقدمة.
ويتيح انخراط شركات القطاع الخاص التركي في أنشطة الصناعة الدفاعية مقرونا بالتمدّد السريع لعدد كبير من المقاولين الصناعيين الفرعيين في عدة تخصصات دفاعية، الفرصة لمتعهدي الدفاع التركي بميزات كبيرة في الأسواق الدولية سواء من ناحية التكلفة أو من ناحية التقدم التكنولوجي.
شركات الصناعات الدفاعية التركية وتأتي في الصدارة
- شركة الصناعات الجوفضائية التركية “Turkish Aerospace Industries (TAI)“
- شركة توساس لصناعة المحركات “Tusas Engine Industries (TEI)“
- شركة أسلسان “FNSS Aselsan“
- شركة أوتوكار “Otokar“
- شركة هافلسان “Havelsan“
- “شركة روكستان Rocketsan“
تأسست شركة الصناعات الجوفضائية التركية عام 1984وتعتبر مركز التقنية في تصميم وتطوير وتصنيع وإدماج الأنظمة الجوفضائية، علاوة على برامج التحديث وخدمات دعم ما بعد البيع.
وفى سبيل تطوير مهارات الدفاع الجوفضائى وخلق تعاون وتلاحم بين المشاريع الصغيرة والمتوسطة والجامعات فإن جزءا مهما من أنشطتها الهندسية يرتكز على تقنية “تكنوبارك”.
وتشارك الشركة في تصميم وتطوير البرامج ذات المقاييس العالمية وتنخرط أيضا في تصميم وتصنيع المكونات الهيكلية بقيادة الشركات الجوفضائية الدولية مثل “أجوستا وستلاند”و “إيرباص” و”بوينغ” و” إيادس كاسا” .” “ألينا إيرماكى“
بالإضافة لمجموعة أخرى من الشركات. كما تقوم الشركة التركية بتطوير المنتجات الوطنية التي تلبي المتطلبات الضرورية للقوات المسلحة التركية، وأسّست منشأة جوفضائية حديثة وتعاونت بنجاح في إنتاج مكونات “إف16”.
وطوّرت صناعات الجوفضائية التركية قدراتها في مجالات التصميم والإنتاج والتحديث والتعديل وإدماج الأنظمة للمنصات الجوية غير الآهلة والأقمار الاصطناعية، والشركة هي المقاول الرئيسي لبرنامج طوافات الهجوم والاستطلاع التكتيكي “تاكا” التركي وهى أيضا المقاول الرئيسي لبرنامج إنتاج العربة الجوية غير الآهلة التركية بالإضافة لتطويرها طائرة التدريب الأولى هيركاس.
شركة روكستان نجحت في صناعة راجمة صواريخ من عيار 107 ملم ، 122 ملم ، 300 ملم مع ذخائرها، صواريخ عيار 2,75 موجّهة بأشعة الليزر خاصة بالطوافات، وقواذف مضادة للدبابات متوسطة وطويلة المدى، برامج تدريب، ومحاكاة لأنظمة الدفاع الجوي، واختبارات لإطالة عمر الذخائر، واختبار الرؤوس الحربية، والمكونات الميكانيكية للصاروخ.
شركة أسلسان التركية طورت الشركة أنظمة دفاع جوي للمدى القصير لحماية النقاط الحيوية، والقوافل والقوى العملياتية وأدمجتها في نظام رمي أوتوماتيكي بالكامل يتألف من قواذف دفاع جوي للمدى القصير جدا والارتفاعات المنخفضة، كما تقدّم الشركة أحدث الأنظمة المتقدمة في مجال إلكترونيات الطيران والملاحة وتوجيه المنصات الأرضية والجوية، وتصنع أجهزة بصريات إلكترونيات نشطة وخامدة وأجهزة رؤية ليلية.
أما
شركة فنس التركية و بشراكة بينها وبين شركة “بي سيستم” الأمريكية فقد اكتسبت سمعة عالية بإنتاجها عربات قتالية مدرّعة بأوزان متوسطة ذات نوعية عالية وبأسعار معقولة، ويتألف إنتاجها المكثف من عائلة عالمية من عربات القتال المدرعة المدولبة والمجنزرة وعربات الخدمة القتالية، كما طوّرت الشركة سلسلة من العربات الأساسية منها ناقلة الجند المدرعة المتقدمة أو عربة القتال المدرعة، كما طورت جيلا جديدا من العربات المدرعة المدولبة “بارز”.
أما
شركة هافلسان فهي تعنى بالبرمجيات والأنظمة, وتوفر حلولا متكاملة دولية في قطاعي الدفاع والاتصالات، وطورت الشركة خبراتها في مجالات القيادة السيطرة والاتصالات والكمبيوتر والاستخبار وأنظمة القتال البحرية وأنظمة والدفاع الجوي وأنظمة المحاكاة والتدريب وأنظمة الأمن الوطني وأنظمة إدارة الطاقة، وتركّز الشركة في نشاطاتها على التحليل والتصميم والتطوير والأنظمة المدمجة الواسعة النطاق وتشتمل قدراتها الهندسية على أنظمة المراقبة والاستطلاع والاستخبار.
ويحتل الجيش التركي المرتبة العاشرة على مستوى العالم، ويبلغ عدد جنوده أكثر من 423 ألف جندي، وتقدّر ميزانية الدفاع السنوية بحوالي 19.1 مليار دولار وهي تساوي 2.3% من إجمالي الناتج المحلي في تركيا في2015.
وتصنع تركيا اليوم طائرات بدون طيار ودبابات وسفنا حربية وأنظمة باتريوت للدفاع الجوي وأجزاء من الطائرة الأمريكية إف 35. ففي سنة 2003 كانت نسبة المعدات العسكرية التي يستخدمها الجيش التركي وتمّت صناعتها في تركيا لا تتجاوز 25%، لكن هذه النسبة ارتفعت إلى 60% في سنة 2012، ولم يكتفِ صانعو الأسلحة الأتراك بالسوق الداخلية بل صاروا يستهدفون السوق العالمية بأسلحتهم ذات الكفاءة العالية والصنع المتقن، وتفخر تركيا بنمو صادرات الأسلحة التركية عاما بعد عام، ولقد وصلت قيمة الصادرات العسكرية في سنة 2014 إلى 1.5 مليار دولار بزيادة 10% عن السنة السابقة.
وهذه نماذج لبعض الأسلحة التركية
الدبابة ألطاي فخر تركيا
ألطاي هى أول دبابة ثقيلة مصنّعة بالكامل في تركيا على يد مجموعة من شركات الصناعات العسكرية التركية العريقة، استغرق تصميمها أربع سنوات، ودخلت الخدمة في سنة 2015، وتصل تكلفة الدبابة الواحدة إلى 6 مليون دولار أمريكي، ويخطط الجيش التركي لشراء 1000 دبابة خلال المستقبل القريب.
المدرعة أرما
أرما هي مدرعة برمائية متعدّدة الاستخدامات تصنعها شركة أوتوكار التركية، وهي مزودة بحماية ضد الألغام والانفجارات، ويمكن تزويدها بأسلحة متوسطة أو ثقيلة، وتصلح للمهمات الحربية ولبعثات حفظ السلام وكذلك لأغراض الإغاثة والإنقاذ.
العربة كيربي
هي ناقلة جنود مصفّحة مضادة للألغام تصنعها شركة “بي إم سي” التركية.
صناعات الفضاء أما الشركة التركية لصناعات الفضاء فلها إنجازات متعددة، فهي شريك مع عدة شركات أوروبية في تصنيع طائرة الشحن العملاقة إيرباص إيه 400 إم، وهي المسؤولة عن تصنيع طائرة التدريب هركش، وهي شريك مع مؤسسات تركية أخرى في تصنيع القمر الصناعي العسكري جوكتورك 2 الذي أُطلق إلى الفضاء في ديسمبر 2012
العنقاء
طائرة من دون طيار تصنّعها الشركة التركية لصناعات الفضاء، بدأ تطويرها في مطلع الألفية، وأول تحليق لها كان في ديسمبر 2010، دخلت الخدمة في سلاح الجو في إبريل 2013، من المتوقع أن يتم تطويرها في المستقبل القريب لتتمكن من حمل الصواريخ الهجومية.
مشروع ملجم
هو مشروع لبناء سفن حربية حديثة متخفية عن الرادار، ملجم هو جمع لكلمتين تركيتين وتعنيان السفينة الوطنية، يشمل المشروع تصنيع عدة سفن بواسطة الصناعات العسكرية التركية، أول هذه السفن كانت السفينة الحربية هلبيلادا التي دخلت الخدمة في سنة 2011
ولا يشكّل سعي تركيا هذا لمجرد تحقيق الاكتفاء الذاتي فقط وتحقيق التقدم والنمو والتطور بهذه الصناعة، بل يمتد الأمر إلى وصولها نقطة تعتبر فيها أكبر مصدّر لهذه الصناعة ولعدة دول، خاصة الخليج وآسيا. وهو ما حقّقته تركيا حاليا بنسبة كبيرة، وبصدد تحقيق مزيد من التقدم محليا وعالميا.
المصدر:تركيا بوست