لم تجتمع حكومة العدو في الأقصى؟!
-1-
القدس ليست عاصمة فلسطين فحسب، ولا قدس أقداسها، ولا قبلة المسلمين الأولى، ولا بوابة السماء وأرض المحشر، بل هي أيضا، إضافة لكل هذا، باروميتر لكرامة وعزة العرب والمسلمين، فمن يسيطر عليها يعز ويسود ومن يخسرها يذل ويُساد عليه، ولها لم يجرؤ أحد من العرب كبارهم وصغارهم على التصريح بأي إمكانية للتنازل عنها، ويروى عن غير زعم عربي قوله أنها القدس، ولا يوجد من يستطيع التصريح أو التلميح بالتنازل عنها، خاصة لليهود!
بالأمس نقل عن جبريل الرجوب، أمين سر مركزية حركة فتح خلال لقاء مع القناة 2 العبرية قوله: نقترح أن يكون حائط البراق ملكية لليهود « حائط المبكى» في حين يكون الأقصى للفلسطينيين، نحن نتفهم ضرورة بقاء « حائط المبكى « تحت سيادة إسرائيل . وطار التصريح عبر منصات شبكات التواصل الاجتماعي وملأ الافق!
وما لبث الرجوب أن رد بإيضاح ما حدث، فأصدر تصريحا نفى فيه ما نسب له، وأورد تفاصيل ما قاله، وهو وفق روايته كما يلي: ما وردَ على لساني هو أن ترامب عندما زار حائط البراق المقدس عند اليهود ، لم يسمح أن يرافقه أي إسرائيلي ، وهذه رسالة بعدم إقراره بشرعية سيادتكم على المكان .. هذا حدود ما قلته في القناة الثانية ولم أذكر كلمة سيادة أو إسرائيل بالمطلق ، وهذا ما ورد على لساني نصاً (نقلا عن صفحة بورين في فيسبوك)..
-2-
الغريب أن خبر الرجوب أخذ مدى واهتماما في الصحافة والإعلام الشعبي والتقليدي اكثر مما أخذ الخبر الأبرز والأخطر في الآونة الأخيرة وهو خبر عقد جلسة لحكومة العدو الصهيوني في حرم الأقصى، ليس في القدس فحسب!
الحدث الجلل الذي مر بصمت رهيب ومريب، جاء في أجواء الذكرى الخمسين لاحتلال المسجد الأقصى وكامل القدس، وفي ظلّ تراجع الموقف العربيّ والإسلاميّ الداعم لقضية فلسطين، وفي ظل تفرّد الاحتلال الإسرائيليّ في تهويده للقدس، وتكثيف اقتحامات مستوطنيه للمسجد الأقصى، وفي خطوة تعكس تمادي الاحتلال في تزوير الحقائق التاريخية وإبراز نفسه كمرجعية وحيدة متحكمة بمصير القدس، حيث اجتمعت حكومة الاحتلال برئاسة مجرم الحرب نتنياهو في إحدى القاعات التاريخية أسفل الأرض في محيط الأقصى يوم 28/5/2017 وهي قاعة مملوكية استولت عليها الجمعيات الاستيطانية وحولتها إلى قاعة لتنظيم المناسبات اليهودية.
«اجتماع الحكومة الإسرائيلية في أحد تلك الأنفاق التي لا تبعد سوى 20 مترًا عن سور المسجد الأقصى الغربي مقابل باب السلسلة هُو تحدٍّ لكلّ عربي ومسلم يؤمن بأحقيته الناصعة في القدس، ولكل حرّ في هذا العالم يرى في تمادي الاحتلال في التمرد على القرارات الدولية مصدر إرهاب وإجرام بحق البشر والحجر في القدس، ولذلك ندعو إلى حملة إعلامية وسياسية وقانونية وشعبية لكشف جرائم الاحتلال وأكاذيبه، وإظهار الحق العربي والإسلامي في القدس...» هذا أقصى ما صرحت به مؤسسة الأقصى الدولية، ودعت إلى تحدي قرار العدو بتكثيف المرابطة في القدس، والتضامن مع صوت الجهات المقدسية التي أعلنت يوم الجمعة 2/6/2017 يوم غضب ورفض لسياسات الاحتلال بحق القدس والأقصى، وطبعا دعت الشعوب العربية والإسلامية عمومًا، والقوى والحركات الفلسطينية خصوصًا إلى التجاوب مع حراك أهل القدس ودفاعهم عن شرف الأمة. وهذا ما لم يحصل!
وخلاف هذا، لم أقع على رد فعل معتبر تجاه خطوة العدو الكبرى تلك!
وبالطبع، ذهبت دعوتها بإنشاء حملة إعلامية وسياسية وقانونية وشعبية لكشف جرائم الاحتلال وأكاذيبه أدراج الرياح!
-3-
ترى ماذا ينتظر العرب والمسلمون أن يحدث كي يشعروا بخطورة ما يجري في القدس؟ لعلهم ينتظرون هدم الأقصى مثلا؟ أم ماذا؟ ولماذا يحرك تصريح كتصريح الرجوب المياه الراكدة أكثر مما يحركها اجتماع لحكومة العدو بكامل هيئتها في حرم الأقصى الشريف؟