محمد علي يُعاقب البيطريين المقصرين بالجلد.. كيف انقرض حصان الصعيد بعد فتح سوريا؟ |صور
قام محمد علي بجمع الكثير من سلالات الحيوانات في مصر من أوروبا وإفريقيا لزيادة الثروة الحيوانية في مصر كما يؤكد المؤرخون، مثل ماعز المارينوس الذي أتي بها من أوروبا، والبقر السوداني والإبل السوداني وكذلك الخيول النجدية والسورية بعد فتحه لبلاد نجد بالحجاز وسوريا، التي كانت سببًا رئيسًا في انقراض حصان الوجه القبلي في الصعيد.
المؤرخ أحمد أحمد الحتة في كتابه "تاريخ الزراعة المصرية في عهد محمد علي الكبير"، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، يسرد العقوبات الكثيرة التي كان ينالها المكلفون برعاية الحيوانات الميري الحكومية من الخدم والموظفين، كما سرد الكثير من قصص فشل السلالات التي أراد محمد علي باشا تربيتها في مصر مثل ماعز المارينوس.
قرر محمد علي باشا في عقوباته، كما يقول الحتة، إن "من أتلف من الخدم والموظفين عوقب بالضرب ومن كان ما أتلف عنده زائدا عوقب بالعمل لمدة 3 سنوات والحديد بأرجلهم في نظافة الحارات وخدمة الحيوانات في المنشية وكفر الشيخ وعبرة لغيرهم"، لزيادة ما أتلفوه من الحيوانات، أما الطبيب البيطري فقد كانت عقوباته مختلفة.
إذا تكاسل الطبيب البيطري في أعمال المستشفى أو الاصطبل أو لم يعالج الحيوانات المريضة على الوجه الموافق أو أهمل المرور لتفقد أحوال الحيوانات المريضة أو قام الطبيب بعدم الإخبار عن المخالفات وأخفى العيوب يحبس في محل المصلحة من شهر لثلاثة أشهر بلا مرتب، فإن عاد إلى الإهمال والتكاسل يتم إحضاره إلى ديوان المدارس ويضرب من 100 سوط إلى 500 سوط.
وفي المرة الثالثة يعزل من رتبته ويعاد إلى مدرسة الطب البيطري يمكث فيها كتلميذ يرسل بعدها إلى المصحة، وفي المرة الرابعة يطرد من الخدمة وكذلك إذا نفق (مات) حيوان بالمرض العادي في المستشفي أو في جهات أخري وادعي الطبيب البيطري أنه نفق بالطاعون يضرب نحو 300 جلدة في المرة الأولي فإن عاد يطرد من الخدمة.
وكذلك تقرر مكافأة لمن يعتنون بالحيوانات ويصونونها بإعطائهم قرشين عن كل حيوان، ويضيف المؤرخ أحمد الحته أن الحيوانات في عصر محمد علي باشا كانت ملكًا خاصًا لأصحابها بخلاف الأطيان الخراجية، حتى أن الحكومة كانت تشتري من الأهالي مع فرض ضريبة على كل حيوان، ففي عام 1835 كانت 20 قرشًا ضريبة على كل رأس من البقر والجاموس و70 قرشًا إذا بيعت للجزار، وفي تلك الحالة يكون جلدها للحكومة أما الجمال والنعاج فكانت الضريبة 4 قروش وكانت الضرائب تجبى سنويًا.
كان محمد علي يرسل إلى كل طبيب إحصائية شهرية عن أصول الحيوانات الموجودة في الجفالك والعهد الأميرية ومقدار ما أنفق عليها، وكان يقوم بعقد مقارنة للطبيب البيطري فيما نفق منها كل شهر مع رسالة تشجيع ورضا إذا كانت نسبة الطبيب البيطري قليلة، وكان يحذره من العقاب إذا كانت أعلى، كما كانت حيوانات كل بلدة تثبت في دفتر عند القائم قام مع بيان ما زرع لها من برسيم، فإن زاد عددها أثبتت الزيادة في الدفتر وإن نقص عددها بالبيع أو غيره استبعد من الدفتر.
وكان الخيل في مصر عدة أنواع، منها: المصري، النجدي، الشامي، الدنقلي، الآسيوي والأوروبي. وكان النوع المصري يختلف حسب الجهات؛ فحصان الوجه القبلي أكثر ضخامة وأكثر طولًا من حصان الوجه البحري، وهو مفضل عمومًا، وقد فقد النوع المصري قيمته منذ فتح سوريا ونجد واستيراد الخيل منها، وكان سكان مصر يعتنون بالخيول فلا يعاملونها بسوء أبدًا ويقدمون لها المئونة من البرسيم، وكانت الخيول السورية تعرف في مصر بخيل بجير وخيل عنيزي، نسبة إلى قبيلة عنيزة، أما خيول نجد فقد كان يفضلها الأتراك والمصريون معًا، والخيول الدنقلية جلبت من النوبة العليا بعد أن فتحها محمد علي.
يقول الباحث الأثري الطيب عبدالله لــ"بوابة الأهرام" إن "الكثير من الحيوانات تواجدت في البيئة المصرية القديمة منذ 10 آلاف سنة مثل الجاموس والبقر، حيث قام المصري بالتعبير عنه ورسمه على المعابد بل قام بتقديسه في بعض الأحيان".
وأضاف الطيب أن المصري القديم عبر في نقوش عن كيفية الاستفادة من الحيوانات في بيئته المصرية، كما عبر عن زيادة الثرة الحيوانية وسلالاتها المتنوعة وأجناسها، لافتًا إلى أنه "من المعروف تاريخيًا أن الجاموس المصري كان شائعًا في مصر وهو ميال للسباحة في الماء هادئ الطبع سلس القيادة، ويرجع استخدام الجاموس في إدارة السواقي لسنة 1784م عندما حدث نقص في الثيران فاستخدم الجاموس بدلًا منه في العصور الحديثة".