زيادة الطعام في دعوات الإفطار.. إسراف أم كَرَم؟ «
أدعو الأهل والأصدقاء لتناول طعام الإفطار معنا، وكل منهم على حدة، ليصل عدد الدعوات الى 5 أو 6 خلال الشهر الفضيل، وهذا بحد ذاته يحتاج الى ميزانية خاصة به، مما نضطر في بعض الاحيان للاستدانة حتى نرد دعوات من دعانا سابقاً».. بهذه الكلمات عبر الموظف «أبو أحمد» ل «آخر الأسبوع» عمّا يتعلق بدعوات رمضان على الإفطار والعبء المادي الذي يخلفه.
حال «أبو أحمد» يشبه حال كثير من الناس الذين يدعون أهاليهم ومعارفهم على طعام الإفطار، ويقدمون لهم تشكيلة من الأطعمة والحلويات والسلطات والمشروبات، اذ أن كثيراً منهم يتعمدون زيادة كميات وأصناف الأطعمة كي لا يوصفوا بالبخل من جهة، أو ليردوا ما قدمه الضيوف لهم عند دعوتهم سابقاً.
وعن هذه القضية تقول ربة المنزل «أم محمد الكيلاني»: «أضطر لأن أزيد كمية الأطعمة والحلويات عند دعوات الإفطار، والأصناف أيضاً كي يختار المدعو ما يحب من الأطعمة المقدمة لهم، واذا كانت وجبة رئيسية واحدة ولا يحبها المدعون فسأحرج وأغضب اذ ان تعبي سيذهب سداً».
ويشاركها الرأي الموظف «أبو زيد».. ويضيف: «أعمد على زيادة أصناف الأطعمة والكميات أيضاً كي لا يصفونني بالبخيل».
وعن المبلغ المادي الذي يكلفه عند الدعوات يجيب «أبو زيد»: «يختلف وفق عدد المدعوين اذ ان أحيانا تصل تكلفة الدعوة هذه الى 200 أو 300 دينار وهذا حقاً مكلفاً، ويحتاج الى تخصيص راتب بأكمله لتغطي الدعوات جميعها».
ويتابع مبيناً مصير الطعام الزائد قائلاً: «نعيد ترتيبها ونغلفها ونرسلها الى المحتاجين، وأحياناً نرسلها لهم على شكل وجبات كأن نضع كميات محددة في أطباق صغيرة من البلاستك ونغلفها بالنايلون، ولا يقتصر الحال على الوجبة الرئيسية فقط، وانما يتعدى الى الحلويات والخبز أيضاً، بالاضافة الى أننا نوزع عليهم أنواع العصائر المختلفة».
= الإسراف على موائد رمضان
كثير من الناس يرون بأن زيادة كميات وأصناف الطعام عند الدعوات نوع من الإسراف.. بينما آخرون يرون بأن من واجبهم الزيادة في ذلك إكراماً للضيف..
أستاذ الفقه الإسلامي وأصوله في كلية الأميرة عالية الجامعية وجامعة البلقاء التطبيقية «د.محمد علي الهواري» يعرّف الإسراف قائلاً: «إن الإسراف هو مجاوزة الحد، والإسراف لا يقتصر على الطعام والشراب، فهناك الإسراف في الكلام، والإسراف في الإنفاق، وغيرهما».
وللإسراف أحكام متعددة.. يذكرها «الهواري»: « قد يكون حراما إذا كان فيه مجاوزة المباح إلى الحرام، وقد يكون واجبا إذا كان لمصلحة فيها تحقيق خير، وقد قيل «لا خير في الإسراف، ولا إسراف في الخير» شريطة أن لا يضيع حقوق الآخرين».
ويضيف «الهواري»: «وحكم الإسراف قائم في كل الأوقات والأحوال، والأماكن والأزمنة، ولكن يكثر الحديث عنه في شهر رمضان المبارك.
ينبغي التنبه إلى أن شهر رمضان ذو طبيعة خاصة عند المسلمين، فهو شهر العبادة بحيث فيه الصيام والقيام، وتكثر فيه صلة الأرحام، ويتزاور الأصدقاء، وفيه إطعام الفقراء والمساكين، ويجتمع أفراد الأسرة جميعا على مائدة واحدة، وكل ذلك من الأمور المحمودة، ولذلك نرى كثرة في أصناف الطعام والشراب.. فهل هذه الكثرة فيهما تعني الإسراف؟
1- إذا كان الطعام والشراب الذي يعد في الأسرة على قدر حاجتهم ويأكله أفراد الأسرة - وإن تعددت أصنافه، ولا يلقى في الحاويات، فلا يعد إسرافا، وأما إن كان زائدا عن حاجتهم الأصلية ويلقى بعد ذلك في الحاويات فهذا من الإسراف الحرام.
2- والطعام والشراب اللذان يقدمان للفقراء والمساكين مهما كان كثيرا، فلا يعد إسرافا، بل هو أمر مندوب إليه لأنه يسد جوعة الفقراء والمساكين، وعطشهم.
3- وأما الطعام والشراب اللذان يقدمان للضيوف والأصحاب عند العزائم فيجب أن لا يكون زائدا عن حاجتهم، حتى لا يلقى الزائد منه فيما بعد في الحاويات، فإن قام المضيف بصنع الطعام والشراب زيادة عن الحاجة حتى لا ينسب إليه أوصاف سيئة كالبخل، ويلقى الزائد فيما بعد بالحاويات، فهذا يدخل في الإسراف المحرم.