منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر   حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر Emptyالسبت 17 يونيو 2017, 12:08 am

ثورة يوليو 1952م و عزل فاروق من تاريخ مصر


كانت هزيمة فلسطين هي الصخرة التي تحطم عليها الكيان الملكي في نظر الجيش، فحينما عاد الضباط من الحرب مهزومين و مقهورين، تحولوا إلي خلايا نشطة ذات طابع تنظيمي، لأنهم رأوا أن فاروقا هو السبب وراء هزيمة العسكرية المصرية، سواء بالقيادات الفاشلة التي تجهل أساليب الحرب، أو بقلة الإمداد و التموين أو بالأسلحة و الذخيرة الفاسدة. و في خضم التنظيمات السرية التي تكونت في الجيش تكونت الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار في سبتمبر 1949م برئاسة البكباشي جمال عبد الناصر. و كانت المنشورات هي سلاح التنظيمات ضد الملك. و حاول البوليس السياسي معرفة اسماء الضباط الذين يقفون وراء هذا التنظيم، و لكنهم لم يفلحوا .
و تمثلت المعركة الكبري بين الملك و قيادة الجيش الموالية له من ناحية و الضباط الأحرار من ناحية أخري في انتخابات نادي الضباط في أواخر عام 1951م. فكان مرشح الملك لرئاسة مجلس إدارة النادي حسين سري عامر صاحب السمعة السيئة و صاحب الاتهامات الخطيرة التي شملت تهريب المخدرات و بيع الأراضي بطرق غير مشروعة و سرقة و نهب البدو و الرشوة و التزوير و شراء الأسلحة الفاسدة و تهريب معدات البترول و الأسلحة لإسرائيل. أما مرشح الضباط الأحرار فكان محمد نجيب و هو صاحب السمعة الطيبة و البطولات في حرب فلسطين و المواقف الرافضة لتسلط الملك علي الجبش.
لما علم فاروق بالاتجاه  السائد رأي تأجيل الانتخابات التي كان مقرر إقامتها في 31 ديسمبر 1951م. و لكن الضباط لم يمتثلوا لرغبة الملك ، بل إنهم أيضاً استبعدوا مرشح الملك حسين سري عامر علي اعتبار أن سلاح الحدود الذي كان يرأسه لا يعد فرعاً في الجيش. و أقيمت الانتخابات و فاز محمد نجبيب برئاسة مجلس إدارة نادي الضباط،  كما فاز خمسة من الضباط الأحرار في عضوية المجلس.
و حدثت محاولة اغتيال حسين سري عامر في 8 يناير 1952 م اشترك فيها عبد الناصر و حسن ابراهيم و كمال الدين حسين و حسن التهامي. مما أثار فزع الملك فاروق و تحرك الحرس الحديدي للملك و قام باغتيال عبد الحميد طه في 25 مارس 1952 الساعد الأيمن لمصطفي كمال صدقي المتهم في محاولة اغتيال حسين سري عامر.
واصل فاروق عناده و رفض تعيين محمد نجيب وزيراً للحربية لتهدئة الأوضاع في الجيش و مهادنة الضباط الأحرار، بل إنه قام بحل مجلس إدارة نادي الضباط و منع دخول الضباط النادي القوة ، كما ظل يتحين الفرصة لتعيين حسين سري عامر وزيراً للحربية.
توصل البوليس السياسي لبعض أسماء أعضاء الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار و أصبح فاروق علي وشك التخلص منهم و تعيين حسين سري عامر وزيراً للحربية ليسحق تمردهم، مما دعي التنظيم للتبكير بموعد القيام بالتحرك العسكري ليكون يوم 23 يولية 1952م.
حاول نجيب الهلالي تطهير القصر من حاشية الملك الفاسدة التي تكاد تطيح بعرشه، و لكن رجال الحاشية تآمروا ضده و قلبوا فاروق ضد رئيس وزرائه فاستقال في 28 يونيه 1952 بعد أن استمرت وزارته أربعة أشهر فقط.
تشكلت وزارة حسين سري في 2 يولية و لم تمض أكثر من 20 يوماً في الحكم و استقالت في 22 يولية ، و كلف الملك نجيب الهلالي مرة اخري بتشكيل الوزارة التي استمرت يوم واحد ثم تحرك ضباط الجيش صباح اليوم التالي للاستيلاء علي الحكم.
في مساء 22 يولية 1952 أقام الملك فاروق حفلاً ساهراً في قصر المنتزه بالأسكندرية احتفالاً باسماعيل شرين زوج اخته الذي تولي وزارة الحربية و البحرية. كان فاروق مطمئناً أن وزارة نجيب الهلالي ستعيد الاستقرار للبلاد، و أن اسماعيل شرين سيسحق تمرد الضباط في الجيش.
و في أثناء الحفلة دخل الشماشرجي محمد حسن ليبلغ الملك أن الضباط الأحرار استولوا علي مقر قيادة الجيش في القاهرة.
نجح الضباط الأحرار في دخول مقر قيادة الجيش في القاهرة في مساء يوم 22 يولية، و تولي الإخوان المسلمون مسئولية حماية الأماكن العامة و طرق القناة حيث تتمركز القوات البريطانية. و قامت كردونات الجيش الموالية للضباط الأحرار بمحاصرة قصر المنتزه حيث يتواجد الملك و لكنها لم تحاول دخوله.
بعد الاستيلاء علي مقر قيادة الجيش، كانت خطة الضباط تقضي بإذاعة بيان الضباط في الإذاعة المصرية صباح يوم 23 يولية. و عندما علم فاروق بأمر البيان أمر كريم ثابت بمنع إذاعة البيان و تفكيك المحطة في الحال، و لكن الضباط الأحرار كانوا أسرع  فهددوا القائمين علي المحطة بالسلاح، و بالفعل ألقي أنور السادات بيان الضباط في الإذاعة في السابعة و النصف صباحاً باسم محمد نجيب الذي أعلن نفسه قائداً عاماً للقوات المسلحة. لم يتعرض البيان للملك فاروق و إنما تحدث عن الرشوة و الفساد و عدم استقرار الحكم و هزيمة فلسطين و الخيانة، و بين دور الجيش و هدفه، و طالب بالتزام الهدوء و السكينة، و طمأن الأجانب علي أرواحهم و مصالحهم.
كان الضباط الأحرار يخشون من تدخل القوات البريطانية لصالح الملك كما حدث إبان الثورة العرابية عندما تدخلت بريطانيا لحماية الخديو توفيق ضد الجيش المصري بقيادة عرابي، و كما تدخلت القوات البريطانية في حادثة فبراير 1942م. لذلك عمد الضباط إلي توصيل الرسائل إلي القائم بالأعمال البريطاني و السفير الأمريكي تفيد بأن هذه حركة داخلية في الجيش تهدف إلي تطهير الجيش من الفساد، و أن الضباط يتعهدون بضمان أمن و سلامة الرعايا الأجانب.
و علي ذلك عندما انعقد مجلس الوزراء البريطاني لمناقشة الأمر أتُفق علي أنه ليس من مصلحة بريطانيا التدخل لصالح الملك فاروق ضد الجيش المصري بعد أن فقد الملك كل أهلية لقيادة البلاد، و أن بريطانيا لن تتحرك إلا في حالة انتماء حركة الضباط  الأحرار للشيوعية و للاتحاد السوفيتي.
وقع اختيار الضباط الأحرار علي علي ماهر ليكون رئيس الوزارء الجديد بدلاً من نجيب الهلالي، و ذلك ليعطي الأمان للملك و في نفس الوقت لعلاقته الطيبة بمحمد نجيب، و تولي علي ماهر توصيل مطالب الضباط للملك.
كانت مطالب الضباط للملك سطحية وفقاً للخطة لتعطي الأمان للملك حتي لا يفكر في طلب التدخل العسكري من القوات الإنجليزية لصالحه. كانت المطالب هي : تعيين محمد نجيب قائداً عاماً للقوات المسلحة بعد إعطائه السلطة لإحالة ستة و خمسين من كبار الضباط الذين اعتقلتهم الحركة للمعاش ، و حل الحرس الملكي، و فصل أفراد الحاشية بوللي و محمد حلمي حسين و محمد حسن و يوسف رشاد و حسن عاكف و كريم ثابت و أندرواس.
رفض الملك فاروق التخلي عن أفراد حاشيته السبعة و تمسك بهم إلي أقصي درجة و لكنه وافق في النهاية بعد ضغوط كثيرة من علي ماهر و أخته فوزية و زوجها اسماعيل شرين.
انتقل الضباط الأحرار بعد ذلك لتنفيذ المرحلة الأخيرة من خطتهم و هي عزل فاروق و تولية أحمد فؤاد تحت مجلس وصاية. و كان فاروق قد انتقل بأسرته و حاشيته إلي قصر رأس التين حيث وسائل الدفاع و التحصينات أفضل و حيث يرسو يخت المحروسة لمغادرة البلاد إن استدعي الأمر.
أحكم الضباط الأحرار سيطرتهم علي الاسكندرية و انتقل محمد نجيب مع ستة من الضباط إلي الأسكندرية مساء يوم 25 يولية لوضع خطة عزل فاروق و تنفيذها.
كان هناك اتجاهان لدي الضباط ، اتجاه لمحاكمة فاروق و الحكم باعدامه، و الاتجاه الآخر نفيه خارج البلاد.
و كان محمد نجيب و أنور السادات و يوسف صديق يعارضون استخدام العنف، و ارسلوا جمال سالم إلي القاهرة لاستطلاع رأي جمال عبد الناصر فرد عليهم ” ليذهب فاروق إلي المنفي، و يُترك للتاريخ الحكم عليه”.
و ما أن أشرقت شمس يوم 26 يولية، حتي كانت الأسكندرية قد تحولت إلي ثكنة عسكرية فحاصر الجيش القصور الملكية رأس التين و المنتزه في الاسكندرية و عابدين و القبة في القاهرة. و حلقت الطائرات العسكرية و صوبت المدافع تجاه رأس التين. و توجه محمد نجيب و أنور السادات و جمال سالم لعلي ماهر بإنذار الجيش للملك و الذي يقضي بتنازله عن العرش لابنه و مغادرة مصر قبل السادسة من مساء اليوم.
حمل علي ماهر الإنذار و ذهب لمقابلة الملك في رأس التين، و استطاع اقناع فاروق بالتخلي عن العرش مذكراً إياه أن الشعب لن ينحاز لصفه و أن المصلحة الشخصية في تولي أحمد فؤاد العرش تقضي بعدم المقاومة و الموافقة علي التنازل و الخروج من مصر.
طلب فاروق الخروج من مصر بحراً علي يخته المحروسة و اصطحاب زوجته وولي عهده و بناته، و طلب أن تحفظ كرامته في وثيقة التنازل، فوعده علي ماهر أن تكون مثل وثيقة تنازل ملك بلجيكا عن العرش، و تولي كتابة الوثيقة القانوني الشهير عبد الرزاق السنهوري.
انتقل سليمان حافظ المكلف بتوقيع وثيقة التنازل عن العرش إلي قصر رأس التين و سلمها للملك الذي قرأها أكثر من مرة و حاول التظاهر بالهدوء ، ثم قام بالتوقيع عليها.
ارتدي فاروق السترة البحرية و اعدت الحقائب التي بلغت مائة و خمسين حقيبة، و تهيأ الملك للرحيل. و حضر إلي القصر علي ماهر و كافري السفير الأمريكي و قاما بتوديع الملك الذي بدا عليه الحزن و التأثر.
غادر الملك قصر رأس التين و عزفت الموسيقي السلام الوطني، و حلقت أربع طائرات نفاثة مشاركة في التحية، و أطلقت المدفعية إحدي و عشرين طلقة، و أدي حرس الشرف التحية العسكرية، و صافح فاروق علي ماهر الذي لم فاضت عيناه بالدموع فهو الذي رافق الملك منذ قدومه من إيطاليا لتولي حكم مصر سنة 1936م. و ركب فاروق زورقاً بخارياً ليقله إلي يخته المحروسة الراسي في الميناء الخارجي.
حضر محمد نجيب متأخراً، و استقل زورقاً آخر إلي يخت المحروسة، و أدي التحية العسكرية للملك السابق. و كان بصحبته أحمد شوقي و جمال سالم و حسين الشافعي و إسماعيل فريد.
استمر اللقاء الصعب ثلث الساعة و قال الملك لمحمد نجيب أن مهمته صعبة للغاية لأنه ليس من السهل حكم مصر. و الطريف أن الملك لاحظ أن جمال سالم يحمل عصاه فأمره بإلقائها، و حين أظهر جمال سالم شيئاً من الامتعاض، أمره القائد الأعلي فانصاع.
رحلت المحروسة مع غروب شمس ذلك اليوم و رحل معها ملك مصر فاروق الأول و الأخير بعد أن استمر حكمه من 29 يولية 1937م إلي 26 يولية 1952 م أي قرابة 15 عاماً.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في السبت 17 يونيو 2017, 12:10 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر   حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر Emptyالسبت 17 يونيو 2017, 12:09 am

حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر

قضية الأسلحة الفاسدة هي من أشهر القضايا التي ارتبطت بحوادث جسيمة في تاريخ مصر ، أهمها هزيمة مصر في حرب فلسطين عام 1948 م و قيام ثورة يوليو عام 1952 م.
و نظراً لهذا الارتباط الوثيق بهذين الحدثين الكبيرين في تاريخ مصر، وجدنا أنه من المهم أن نفصل في هذه القضية بين ما ثبت أنه حقائق تاريخية، و بين ما هي استنتاجات و مبالغات روجت لها وسائل الإعلام بطرق متعددة و في عهود مختلفة لتكوين انطباعات معينة لدي الشارع المصري عن هذه القضية.
في البداية من الأفضل أن نبدأ بسرد المعلومات الأساسية عن قضية الأسلحة الفاسدة التي تم توريدها للجيش المصري أثناء حرب فلسطين 1948م.
قررت القيادة السياسية المصرية ممثلة في الملك فاروق و رئيس الوزراء النقراشي باشا دخول حرب فلسطين عام 1948م قبل نهاية الانتداب البريطاني علي فلسطين باسبوعين فقط. و أقر البرلمان المصري دخول الحرب قبلها بيومين فقط.
حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر Nokrashy1-150x150
النقراشي باشا
و نظراً لضيق الوقت و القصور الشديد في السلاح و العتاد الحربي اللازم لدخول الجيش الحرب، تم تشكيل لجنة سميت لجنة احتياجات الجيش يوم 13 مايو كانت لها صلاحيات واسعة بدون أي قيود أو رقابة لاحضار السلاح من كل المصادر و باسرع وقت ممكن.
و كان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد أصدر قراراً بحظر بيع الأسلحة للدول المتحاربة في حرب فلسطين. و هو قرار كان يقصد منه الدول العربية بالذات. لذلك اضطرت الحكومة المصرية للتحايل علي هذا القرار أن تجري صفقات الأسلحة مع شركات السلاح تحت غطاء اسماء وسطاء و سماسرة مصرييين و أجانب، مما فتح الباب علي مصرعيه للتلاعب لتحقيق مكاسب ضخمة و عمولات غير مشروعة. فكان التلاعب يتم في شيئين أساسيين هما: سعر شراء السلاح الذي كان مبالغ فيه بدرجة كبيرة، و مدي مطابقة السلاح للمواصفات و صلاحيته للاستعمال.
و في 24 فبراير 1949 م تم توقيع اتفاق الهدنة بين مصر و إسرائيل، و بذلك انتهت حرب فلسطين فعلياً بهزيمة مصر و الدول العربية و استيلاء إسرائيل علي كل أرض فلسطين ما عدا قطاع غزة و الضفة الغربية و القدس العربية، و هو أكثر بكثير مما كان مقرراً لليهود وفقاً لقرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة.
حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر 220px-UN_Partition_Plan_For_Palestine_1947_Arabic-164x300
تقسيم فلسطين وفقاً لقرار الأمم المتحدة 1947
فمتي تفجرت قضية الأسلحة الفاسدة ؟
تفجرت القضية في أوائل عام 1950 م بسبب تقرير ديوان المحاسبة ( مثل الجهاز المركزي للمحاسبات الآن) الذي ورد فيه مخالفات مالية جسيمة شابت صفقات أسلحة للجيش تمت في عامي 1948 و 1949 م.
و لما حاولت الحكومة برئاسة مصطفي النحاس الضغط علي رئيس الديوان لحذف ما يتعلق بهذه المخالفات من التقرير، رفض و قدم استقالته. فقدم النائب البرلماني مصطفي مرعي من المعارضة استجواب للحكومة عن اسباب الاستقالة و فضح في جلسة مجلس الشعب يوم 29 مايو 1950 للمجلس المخالفات الجسيمة التي شابت صفقات الأسلحة.
و للأسف استخدمت الحكومة الوفدية برئاسة مصطفي النحاس و الملك فاروق كل الوسائل المشروعة و غير المشروعة لاسكات أصوات المعارضة التي أرادت فتح ملفات القضية للوصول إلي المتورطين فيها.
و يرجع الفضل إلي احسان عبد القدوس و مجلته روزاليوسف أن وصلت أخبار هذه الصفقات المشبوهة إلي الرأي العام الذي هاله مبلغ الفساد الذي استشري في كل شئ حتي وصل إلي المتاجرة بدماء جنود مصر في أرض المعركة.
و نجحت روزليوسف في تكوين ضغط شعبي كبير اضطر معه وزير الحربية مصطفي نصرت في ذلك الوقت أن يقدم بلاغ للنائب العام لفتح تحقيق فيما نشر بصحيفة روزليوسف عدد رقم 149 بتاريخ 20 يونيو 1950م عن صفقات الأسلحة الفاسدة في حرب فلسطين.
هل تم التحقيق في القضية و محاكمة المتورطين فيها ؟
بعد أن قدم وزير الحربية مصطفي نصرت بلاغ للنائب العام، قام النائب العام محمود عزمي بفتح باب التحقيق في القضية، و انقسمت القضية إلي شقين، قضية اتهام أفراد الحاشية الملكية، و قضية اتهام أفراد من الجيش و المدنيين.
أما في قضية اتهام الحاشية الملكية، فقد قرر النائب العام في 27 مارس 1951 م تحت ضغط الملك و موافقة الحكومة حفظ التحقيقات فيها.
أما الشق الثاني من القضية المتهم فيه أفراد من رجال الجيش و المدنيين فقد تم إحالته للمحكمة، و استمرت جلسات القضية حتي تحدد يوم 10 يونيو 1953 م للنطق بالحكم، أي بعد قيام ثورة يوليو بحوالي سنة.
و قضي الحكم ببراءة كل المتهمين من كل التهم المنسوبة إليهم، ما عدا متهمين فقط حكم عليهما بغرامة 100 جنيه علي كل منهما، و  هما القائمقام عبد الغفار عثمان و البكباشي حسين مصطفي منصور.
و الحقيقة أن هذا الحكم بالبراءة نزل كالصاعقة علي الرأي العام في داخل و خارج مصر، و خاصة بعد قيام الثورة، فلم يكن هناك سبب للتستر علي المتورطين. و نحن لا نعرف يقيناً السبب الرئيسي في أحكام البراءة فربما يرجع ذلك إلي عدم كفاية الأدلة، لأن حيثيات حكم المحكمة اختفت من سجلات القضاء و لم تظهر حتي الآن.
أما عن مدي تسبب الأسلحة الفاسدة في هزيمة الجيش المصري في حرب 1948م ، فقد ثبت بالدليل القاطع و من خلال تحقيق أكثر من جهة و شهادات الجنود و الضباط أن الأسلحة الفاسدة التي تم توريدها في صفقات سلاح مشبوهة قام بها سماسرة و من وراءهم الملك فاروق لم يكن لها تأثير في مجريات الحرب.
فعندما وجدت لجنة احتياجات الجيش أن الوقت ضيق جداً للحصول علي السلاح الذي يحتاجه الجيش للحرب، قررت اللجوء إلي مصادر كثيرة و منها مصادر سريعة و غير مضمونة لتوريد السلاح، و هي:
أولاً: تجميع الأسلحة و المعدات من مخلفات الحرب العالمية الثانية في الصحراء الغربية و اختيار الصالح منها و ارساله للجيش. و لقد وصلت من هذه المعدات إلي أرض المعركة، ذخيرة مدافع عيار 20 رطلاً، و التي ثبت في التحقيق أنها كانت غير صالحة للاستعمال و تسببت في انفجار أربعة مدافع يومي 7 و 12 يوليو 1948م، مما أدي إلي مقتل جنديين و جرح ثمانية.
ثانياً: كان الجيش المصري يحتاج إلي دبابات لاقتحام المواقع الحصينة التي أقامها اليهود في مستعمراتهم،. و لكن بريطانيا كانت ترفض أت تبيع دبابات للجيش المصري خوفاً أن يستخدمها ضد قواتها في القناة.
لذلك قامت لجنة الاحتياجات بارسال ضباط في زي مدني لشراء دبابات انجليزية من طراز لوكاست تباع خردة في المزاد العلني في معسكرات الإنجليز بقناة السويس بعد نسف فوهات مدافعها. و بالتالي فكان مدي اطلاق كل مدفع يختلف حسب الطول المتبقي من الفوهة. و لقد أدي استخدام هذه المدافع في ميدان المعركة إلي سقوط قتلي كثيرين في الوقت الذي كان فيه الجيش الإسرائيلي مزود بأحدث الدبابات.
ثالثاً: تسببت قنابل يدوية إيطالية الصنع في جرح جندي واحد هو النقيب مختار الدسوقي يوم 4 يناير 1949م. و هي القنابل اليدوية التي وردها أحد سماسرة السلاح للجيش المصري. و هي تعد صفقة السلاح الوحيدة المشبوهة التي ظهر ضررها في أرض المعركة.(2)
و بالتالي فيمكن القول أنه كانت هناك بالفعل صفقات أسلحة فاسدة لا تصلح لاستعمال الجيش قام سماسرة مصريين و أجانب بتوريدها للجيش المصري بمبالغ طائلة يفوق سعرها الأصلي بكثير. و لقد حقق من وراء  هذه الصفقات سماسرة السلاح و الحاشية الملكية و الملك نفسه ثراء غير مشروع.
و لكن هذه الأسلحة لم تستخدم في ميدان القتال، فقد ظل معظمها في صناديقها في المخازن، فيما عدا صفقة القنابل اليدوية الإيطالية التي ثبت بالفعل أن الجيش المصري استخدمها في المعارك و كانت غير صالحة للاستعمال، و أحدثت أصابات.
أما باقي القتلي و الإصابات التي حدثت من أسلحة غير صالحة للاستعمال فكان يرجع ذلك إلي استخدام أسلحة من مخلفات الحرب في الصحراء الغربية و استخدام أسلحة تباع خردة في معسكرات الإنجليز بمنطقة القناة.
و لكن يجدر الإشارة أيضاً أن لجنة احتياجات الجيش قد نجحت في توريد أسلحة أخري كثيرة متطورة أنقذت الجيش المصري من هزيمة أبشع و من سقوط قتلي أكثر مما حدث. فبسبب الحظر علي توريد السلاح لمصر، لجأت اللجنة إلي تهريب السلاح من دول كثيرة أوروبية. و بلغ مقدار ما استطاعت أن تورده للجيش الذي يحارب ما يعادل جملة ما تسلمه الجيش المصري من بريطانيا خلال العشرين عاماً التي سبقت الحرب. و من هذه الأسلحة الطائرات سبيت فاير البريطانية و ماكي و فيات الإيطالية.
و يجب أيضاً أن نذكر تضحيات جماعات الفيدائيين المصريين في الإسماعيلية بزعامة عبد الحميد صادق الذين كانوا يقومون بحملات سرقة سلاح من مخازن الجيش الإنجليزي في القناة لإمداد الجيش المصري بما يحتاجه. و مات و جرح الكثير في هذه العمليات. و قاموا بتزويد الجيش المصري بسلاح بما يعادل قيمته 6 ملايين جنيه.
إن يتبقي السؤال الأخير، و هو ما هي الأسباب الحقيقية وراء هزيمة الجيش المصري في حرب فلسطين 1948 م ؟
و الحقيقة أن هذا الموضوع ما زال قيد البحث و التأريخ. و لكن وفقاً لما صدر من شهادات و دراسات صادقة في هذا الموضوع علي الجانب المصري،  فيمكن القول أن:
كان هناك أسباب سياسية مهدت لهذه الهزيمة و أسباب أخري عسكرية علي أرض المعارك.
أما الأسباب السياسية فهي:
أولاً: مساندة إنجلترا و الولايات المتحدة و فرنسا لليهود في الحصول علي دولة خاصة بهم علي أرض فلسطين. هذه المساندة تمثلت في تشجيع هجرة اليهود بأعداد ضخمة لفلسطين، و إمدادهم بالأسلحة و الذخيرة ، و منعها عن الجانب المصري، و تدريب اليهود علي الفنون العسكرية.
و علي الرغم أن إنجلترا وافقت علي دخول الدول العربية الحرب بجيوشها، إلا أنها كانت تعلم تمام العلم أن القوات العربية بتسليحها و قدرتها لن تستطيع أن تحقق نصراً علي قوات اليهود التي تفوقها عدداً و تسليحاً و قدرات عسكرية. كما أنها مارست ضغطاً كبيراً علي حكومات الدول العربية لكي تضمن قيام دولة يهودية في الأرضي التي خصصت لها بموجب قرار التقسيم.
ثانياً: غياب استراتيجية واضحة لدي القيادة السياسية في مصر التي لم يكن لديها الدراسات السياسية و العسكرية و التاريخية عن فلسطين و خطورة المخطط الصهيوني، و طبيعة و اسباب و ابعاد المساندة الغربية لقيام هذه الكيان فوق أرض عربية. كما لم يكن لديها مخابرات بالمعني الاحترافي، بحيث تكون قادرة علي معرفة ابعاد المخطط الإنجليزي  اليهودي، و فارق التسليح بينا و بينهم، و مدي تواطؤ الملك عبد الله في هذا المخطط.
حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر Azzam-ibnsaud-farooq-150x150
الملك فاروق و الملك عبد العزيز بن سعود
ثالثاً: دخول الملك عبد الله في اتفاق سري مع  الإنجليز و الوكالة اليهودية، و هو ما أحدث تصدع في الجبهة العربية، لأن الأردن كانت هي الدولة الأولي المعنية بموضوع فلسطين، و لكنها في نفس الوقت كانت هي الدولة التي قرر ملكها ألا يدافع عن فلسطين و ألا يسمح حتي بقيام دولة فلسطينية لها حدود مع دولته، و إنما قرر أن يلتهم الأرض الفلسطينة لتكون ضمن حدود مملكته. كما أن قيادات الجيش الإردني ( الفيلق العربي) كانت كلها من الضباط الإنجليز. مما يعني أن الفيلق العربي كان يأتمر بأمر الإنجليز و ليس بأمر لقيادة العربية.
أما علي أرض المعارك، فكانت أسباب الهزيمة كالتالي:
فارق الخبرة العسكرية و العدد و العدة بين الجيش المصري و جيش الهاجاناه اليهودي، فلم تكن لدي قيادة الجيش المصري سابق خبرة في قيادة أي معارك حربية، لأن الخطط الحربية ليست معلومات مكتوبة في الكتب و إنما تجارب و ممارسات  علي أرض الواقع. فآخر الحروب التي خاضها الجيش المصري كانت بقيادة إبراهيم باشا في الشام سنة 1839م. و منذ ذلك الحين لم يشارك الجيش المصري في أي معارك حربية. أما جيش الهاجاناه اليهودي فقد شارك جنوده و ضباطه في الفيلق اليهودي في الحرب العالمية الأولي ثم في الحرب العلمية الثانية، و أعطيت له مهام عسكرية في الحرب العالمية الثانية مثل طرد حكومة فيشي من سوريا. فأكتسب اليهود خبرات كبيرة في هذه الحروب متعددة الجبهات. و من حيث العدد و العدة نقل حسنين هيكل في كتابه ( العروش و الجيوش 1) عن اللواء حسن البدري، المؤرخ العسكري للجيش المصري، أن القوات الإسرائيلية كانت تفوق القوات المصرية في العدد بنسبة 1:2. و بلغت نسبة تفوق القوات الإسرائيلية علي المصرية في المعدات و الذخائر من حيث الكم و الكيف نسبة 1:3،5 ( ثلاثة و نصف إلي واحد)

  1. قيام القوات الأردنية بالانسحاب من مواقعها بأوامر من قيادتها السياسية المتواطئة مع الإنجليز و اليهود ضد العرب. فأدت بانسحابها خسارة أراضي واسعة كانت مخصصة للدولة العربية وفقاً لتقسيم فلسطين، و هي الجليل الأعلي و صحراب النقب. كما أن الانسحابات الأردنية أدت إلي كشف المواقع المصرية و محاصرتها من قبل قوات العدو كما حدث في الفالوجا.
  2. كان الإنجليز يتحكمون في توريد الأسلحة للجيش المصري، و عندما بلغ تقدم الجيش المصري في فلسطين مبلغاً مقلقاً بالنسبة لهم، رفضوا طلبات مصر بتوريد الأسلحة و الذخيرة، و بدأ الجيش في الجبهة يعاني من نقص شديد في الأسلحة و الذخيرة.
  3. فرق المقاومة الفلسطينية المساندة للجيش المصري كانت أضعف من التصدي للهاجانا، و كانت تتمثل في قوات الجهاد المقدس بقيادة عبد القادر الحسيني و قوات الإنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي، فانكسرت بسرعة أمام اليهود لأنها كانت أقل تنظيماً و خبرة و تسليحاً.
  4. استخدام الجيش المصري لأسلحة فاسدة من مخلفات الحرب العالمية الثانية، فقيادة الجيش المصري اعتمدت علي سماسرة السلاح لشراء أسلحة  الجيش، و أصر الملك علي شراء الأسلحة من إيطاليا التي كانت تربطه بها علاقات قوية، و كانت النتيجة أن الأسلحة جاءت من مخلفات الحرب العالمية الثانية في مخازن الجيش الإيطالي، فكان بعضها فاسد و أدي إلي إصابات في صفوف الجيش المصري

و من المهم أن نورد رأي الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين في الأداء العربي في الحرب، و الذي ارسله لمحمد حسنين هيكل، و ذكره الأخير في كتابه ( العروش و الجيوش 1) : ” أن
حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر Amin-el-Husseiny-200-150x150
الحاج أمين الحسيني
بعض المسئولين في الدول العربية الذين كانت في أيديهم مقاليد الأمور، لم يكونوا جادين و لا مصممين في مواجهة هذه المشكلة و لم يعالجوها بما تتطلبه خطورتها من الحزم و الاهتمام، بل كانوا هازلين، خائرين، مترددين، بينما كان اليهود جادين كل الجد”
و نقطة أخري مهمة أوردها الحاج أمين في شهادته تستحق أن نوردها هي ” أنه بينما كان اليهود يعملون بقوة و تصميم بوحي من مصالحهم العامة و تنفيذاً لبرنامجهم الصهيوني الخطير، كان بعض المسئولين في بعض الدول العربية يعملون إما بوحي الاستعمار الأجنبي أو بتأثير مصالحهم الخاصة . و قد نتج عن تضارب الأهواء و المصالح، و تباين الغايات و الأهداف و التخاذل بين دول الجامعة، وقوع هذه الكارثة الأليمة. ”
المراجع:

  1. العروش و الجيوش ، محمد حسنين هيكل ، الطبعة السابعة، دار الشروق، 2002 م
  2. أسرار ثورة 23 يوليو – الجزء الأول، جمال حماد، الزهراء للإعلام العربي، 2006م
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر   حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر Emptyالسبت 17 يونيو 2017, 12:13 am

حرب فلسطين 1948م من تاريخ مصر

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية زادت الهجرة اليهودية بصورة مكثفة لفلسطين بتشجيع من إنجلترا و الولايات المتحدة الأمريكية و رئيسها هاري ترومان نفسه، و ذلك لتغيير كثافة اليهود علي أرض فلسطين استعدادً لقرار التقسيم.
و بالفعل صدر قرار التقسيم من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947م، و يقضي بتقسيم أرض فلسطين إلي دولة عربية و دولة يهودية.
حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر 220px-UN_Partition_Plan_For_Palestine_1947_Arabic-164x300
خريطة نوضح قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الأمم المتحدة 1947م
الحقيقة أن القيادة السياسية في مصر لم تكن علي وعي تام بما يجري علي الساحة الدولية، حتي أن الملك فاروق نفسه كان مندهشاً من حماسة الأمريكان و السوفيت لإقامة وطن قومي لليهود.
في نفس الوقت، كان الملك عبد الله يسعي إلي توسيع مملكته الجديدة في شرق نهر الأردن ، و من أجل هذا الهدف باع الملك عبد الله أرض فلسطين في اتفاق سري مع الإنجليز و الوكالة اليهودية يقضي بضم الضفة الغربية لنهر الأردن إلي مملكته في شرق الأردن، بدلاً من أن تقوم بها دولة فلسطينية ، و في المقابل تنسحب القوات الأردنية من الأراضي المخصصة للدولة اليهودية وفقاً لقرار التقسيم.
حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر King-abdullah--150x150
الملك عبد الله ملك الأردن
لم يكن الملك فاروق و لا الساسة المصريون علي علم بهذا الاتفاق، و إنما كانت تساورهم الشكوك في نوايا الملك عبد الله.
و كان الملك عبد الله يمني نفسه ألا تدخل مصر الحرب، و ذلك حتي يقود هو الفيلق العربي إلي الضفة الغربية لنهر الأردن و القدس و يضمها لمملكته في الشرق، و حتي لا تفسد مصر عليه اتفاقه السري مع الإنجليز و اليهود. و كان يعرف أنه إذا لم تدخل مصر الحرب، فإن السعودية و سوريا و العراق لن تدخلها. لذلك عمل الملك عبد الله علي الاتصال بالملك فاروق بالقنوات السياسية ليوصل له فكرة عدم جدوي دخول مصر بجيشها في الحرب، لأن النتائج محسومة لصالح اليهود و الإنجليز الذين يقفون وراءهم.
قبل حرب فلسطين بستة أشهر لم تكن القيادة السياسية في مصر قد خططت لما ستفعله عند إعلان نهاية الانتداب البريطاني في 14 مايو 1948، و كان أقصي ما قام به رئيس الوزراء النقراشي هو إقامة مركز قيادة عسكري في العريش فيه كتيبة مشاة معززة بمدافع هاون لمنع الاضطرابات التي قد تحدث في فلسطين أن تعبر إلي مصر.
كان إسماعيل صدقي و النقراشي يعارضان تدخل عسكري مصري في فلسطين علي اعتبار أن مصر عسكرياً ليست مستعدة. و كان رأي إسماعيل صدقي أن مصر ممكن أن تتعايش مع دولة يهودية علي حدودها الشرقية وفقاً لقرار التقسيم. أما الملك فاروق فكان يتنازعه آراء ساسته من ناحية و تشجيع السعودييين و العراقيين له لدخول الحرب من ناحية أخري، و كذلك رغبته في إثبات قيادة مصر للعالم العربي و قيادته هو شخصياً للأمة العربية و ما يترتب علي ذلك من مسئوليات.
حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر Nokrashy1
النقراشي باشا
و لكن قبل انتهاء الانتداب البريطاني لفلسطين بأسبوعين، حدث تغير كبير في الموقف المصري، و أصبح الملك فاروق و رئيس وزرائه النقراشي من المؤيدين لدخول جيش مصر الحرب. حدث هذا التغير كنتيجة لما لمسه النقراشي من رضا الإنجليز و موافقتهم علي دخول جيش مصر الحرب. كان الإنجليز يريدون أن تكون هناك مقاومة عربية إلي حد ما حتي لا يتحول انسحاب الإنجليز من فلسطين إلي قيام اليهود بمذابح و حمامات دم لعرب فلسطين.
و بالفعل عرض النقراشي المسألة علي مجلس النواب في جلسة سرية مساء يوم 12 مايو 1948م أي قبل إعلان انتهاء الانتداب بيومين،  ووافق المجلس علي دخول الحرب.
أما علي الجانب اليهودي، فقد كانت الوكالة اليهودية تمثل القيادة السياسية اليهودية و يرأسها ديفيد بن جوريون، و القوة العسكرية متمثلة في الهاجانا و هو جيش الدفاع، بالإضافة إلي جماعات أخري متطرفة مثل جماعتي أرجون و شتيرن الإرهابيتين.
اقتباس :
كانت أهداف اليهود واضحة، و شرعوا في تنفيذها منذ بدأ الهجرة اليهودية لفلسطين، و سابقوا الوقت في تغيير معالم الواقع لصالحهم بعد صدور قرار التقسيم من الأمم المتحدة. أما الهدف الرئيسي فتمثل في مقولة بن جوريون ” لاحظوا أن خطوط التقسيم (يقصد تقسيم الأمم المتحدة) هي البداية و ليست النهاية”.
أما استراتيجية التنفيذ لليهود علي الأرض فكانت تتلخص في ثلاث نقاط:
أولاً: تأمين احتلال و السيطرة علي الأراضي المخصصة للدولة اليهودية وفقاً لقرار التقسيم سواء بالتعاون مع الإنجليز أو بالعمل المسلح ضدهم، و هو ما حدث في احتلال يافا و حيفا مباشرةً بعد انسحاب القوات البريطانية منها.
ثانياً: السيطرة علي كل التلال و المواقع المرتفعة الكاشفة لما حولها، و كل مفارق الطرق المهمة، و كذلك المناطق القريبة من حدود الدول العربية المجاورة، دون النظر إلي كون هذه المناطق تخضع للجزء اليهودي أو العربي، و ذلك لتطويق ميدان الصراع و التحكم فيه.
ثالثاً: العمل بكل الوسائل علي دفع أكبر عدد ممكن من السكان العرب إلي الهرب من أراضيهم و بيوتهم و مزارعهم. فكانت مذبحة دير ياسين الذي كان هدفها الأساسي زرع الرعب في قلوب العرب ليهربوا بأنفسهم و أولادهم من المذابح التي تنتظرهم. و لقد ورد في مذكرات اسحاق رابين الذي كان في ذلك الوقت ماجور في الهاجاناه أنه قام وحده بطرد ما بين خمسين و ستين ألفاً من العرب من بيوتهم و قراهم في المنطقة الواقعة بين اللد و الرملة.
اقترب موعد انتهاء الانتداب البريطاني علي فلسطين، و اتفقت الدول العربية علي أن يتولي الملك عبد الله مركز القائد الأعلي للجيوش العربية في فلسطين، و تولي المصري  اللواء محمد أحمد المواوي القيادة العامة للقوات العربية، بالإضافة إلي قوة خفيفة من المتطوعين يقودها البكباشي أحمد عبد العزيز تعمل علي المحور الشرقي من خط العوجة إلي بير سبع إلي الخليل و بيت لحم.
كانت الجيوش العربية تتكون من الفيلق العربي الأردني و الجيش المصري و فرق من العراق و سوريا و متطوعين ليبيين و مصريين.
و في مساء يوم 13 مايو  1948م  عبرت أول كتيبة للجيش المصري كوبري الفردان عند قناة السويس متجهة إلي فلسطين.
و لقد كان دخول الجيش المصري إلي فلسطين علي ثلاث محاور رئيسية : محور الطريق الساحلي من خان يونس إلي مستعمرة نتسانيم شمال غزة ، و محور العوجة إلي بيت لحم ثم الخليل و تعمل عليه قوات المتطوعين بقيادة أحمد عبد العزيز، و محور شمال النقب الممتد عرضاً من الخليل إلي الفالوجاً و عراق المنشية و المجدل علي ساحل البحر المتوسط.
و لم تكن هذه المحاور متصلة ببعضها، لذلك كانت الطرق الفاصلة بينها الأكثر خطراً، لأن استيلاء العدو علي هذه الفواصل يعني فصل محاور الجيش المصري عن بعضه ، و تحويل كل محور إلي جيب شبه محاصر. و هو ما حدث بالفعل بعد ذلك في حصار قوات الجيش في الفالوجا.
بدأت العمليات يوم 14 مايو 1948م ، و بدأ هجوم الجبش المصري علي المستعمرات اليهودية في منطقة غزة، و قامت بطائراته بالإغارة علي تل أبيب فضربت محطات توليد الطاقة و المطار العسكري. و في يوم 15 مايو، وصلت طلائع القوات المصرية مدينة غزة.
و في 20 مايو اقتحمت القوات المصرية مستعمرة دير سنيد الاستراتيجية لليهود علي الطريق من غزة إلي تل أبيب بعد قتال استمر عشر ساعات، فقد كانت المستعمرة محصنة تحصيناً شديداً “علي أحدث فنون الهندسة العسكرية” كما جاء في إشارة قائد القوات المصرية إلي عثمان باشا المهدي رئيس أركان حرب. و استمرت المعارك داخل المستعمرة حتي حسمها الجيش المصري لصالحه و رفع العلم المصري علي المستعمرة يوم 24 مايو.
كان أداء الجيش المصري في بداية الحرب جيداًً، و عند بدء سريان الهدنة الأولي في 11 يونيو 1948 ، كان الجيش المصري قد استولي علي خان يونس و دير البلح و غزة و بييت حانون و بير سبع و دير سانيد و الخليل و بيت لحم و المجدل و أسدود و الفالوجا و عراق المنشية و بيت جبرين و نيتسانيم و عجور و عرطوف. و الحقيقة أن كل هذه المدن كانت تتبع الأراضي المخصصة الدولة الفلسطينية وفقاً لقرار التقسيم. لذلك لم يبد اليهود مقاومة عنيفة إلا في دير سانيد.
أما علي الجانب الأردني ( الفيلق العربي)، فقد استولي الفيلق علي القدس القديمة يوم 21 مايو، كما حاصر الحي اليهودي (القدس الغربية) و سقط منها الجامعة العبرية و مستشفي هداسا.
و الحقيقة التي تكشفت بعد ذلك هو أنه كان هناك اتفاق مسبق بين قيادة الجيش الأردني بقيادة جلوب باشا الإنجليزي و جيش هاجاناه اليهودي علي ما هو مخصص لكل منهم وفقاً لخطة التقسيم، فلا يعتدي أي منهم علي مواقع الآخر.
و بعد سريان الهدنة الأولي في 11 يونيو 1948، تدفقت الإمدادات علي اليهود من الخارج، و بدأوا في تعزيز مواقعهم، و لم يتوقفوا عن خرق الهدنة بالهجوم علي مواقع الجيوش العربية و الاستيلاء علي الأراضي و طرد الأهالي من قراهم.
و فوق ذلك كله، بدأت الجبهة العربية في التصدع نتيجة انسحاب القوات الأردنية من المواقع التي تحتلها لتفسح المجال للقوات اليهودية لتحقيق المزيد من المكاسب علي الأرض.
يقول حسنين هيكل في كتابه ” العروش و الجيوش 1″ أن ديفيد بن جوريون أصدر تعليمات إلي رئاسة أركان جيش الهاجاناه بضرورة احتلال مثلث جنين طولكرم لاترون، و لتحقيق ذلك فإن عليها أن تبدأ بإزاحة القوات الأردنية و العراقية من اللد و الرملة ( و كلها مناطق مخصصة للعرب بمقتضي قرار التقسيم).
و كان ذلك يواجه الجنرال “جلوب”- قائد الفيلق العربي الأردني- بمعضلة لأن هذه المناطق واقعة ضمن ما هو مخصص للعرب بمقتضي قرار التقسيم. و لكنه في نفس الوقت لديه أوامر واضحة من الإنجليز بعدم مهاجمة قوات اليهود. فأرسل جلوب إلي الملك عبد الله ليعاونه في هذه المسألة.
فقرر الملك عبد الله أن يفسح لليهود لتحقيق أغراضهم.  و لكي يفعل ذلك دون أن يثير الشكوك، أرسل إلي قادة الدول العربية يطلب منهم المدد العسكري بدعوي أن القوات الأردنية المدافعة عن اللد و الرملة ليس لديها ذخيرة كافية للدفاع عن المنطقة ، و هي تتعرض لضغوط القوات اليهودية. و كان الملك عبد الله يعلم أن القوات العراقية و المصرية ليس لديها ما يكفيها هي أصلاً،  و بالتالي لن تستطيع أن ترسل ذخيرة إضافية للقوات الأردنية.
و بالفعل انسحبت القوات الأردنية من اللد و الرملة، و بدأت القوات اليهودية دخول المناطق المخصصة للعرب وفقاً لقرار التقسيم بدون قتال، و هو ما تكرر بعد ذلك في الجليل الأعلي و في النقب حتي شاطئ خليج العقبة.
و ليس أدل علي هذا التصدع الذي حدث في الجبهة العربية من الإشارة التي وردت في يوميات الحرب لحسنين هيكل ، و جاءت كالتالي:
18 يوليه 1948
الساعة 2400
من: إدارة المخابرات الحربية
إلي: الجيش بالنيابة
إدارة المخابرات الحربية      سري جداً
رسالة شفرية 2300 يوم 18/7/ 1948
وصلتنا المعلومات التالية من مندوبنا بعمان و أصبح شعور الأهالي تجاه الجيش الأردني غير مرض، تكررت حوادث إطلاق النار علي الإنجليز الضباط. بدأ الانقسام يدب بين الضباط و الجنود الأردنيين تجاه القادة الإنجليز. تكررت حوادث تعدي جنود العراق علي الأردني لعدم قيام الأردني بواجبه تماما.
و الحقيقة أن هذه الإشارة تشير إلي تقاعص الجيش الأردني في الحرب، كما تشير أيضاً إلي عدم رضاء الجنود و الضباط الأردنيين عن الأوامر التي تصدر لهم من قيادتهم العليا التي تأتمر بأمر الإنجليز.
ثم تجددت الهدنة في 18 يوليو 1948، لكن اتفاقيات الهدنة كانت بالنسبة للإسرائيليين حبر علي ورق، أما الجيوش العربية فقد ظلت حائرة لا تدري كيف ترد علي خروقات الجانب اليهودي، فاكتفت برصد الخروقات و ارسالها إلي مراقب الهدنة من الأمم المتحدة. و نورد مثال علي ذلك ما اورده حسنين هيكل من يوميات الحرب في كتابه ( العروش و الجيوش 1)  في يوم 20 يوليه 1948:
الساعة 1615
من: هيئة المستشارين
إلي: العمليات الحربية – الجامعة العربية
201600- 201/20
ع ح 1 من القيادة العراقية. يهاجم العدو القري المنعزلة جنوب حيفا. جبح و اكزم و عين غزال. فرصة الهدنة تساعده علي القضاء علي مقاومتها. سكانها 30 ألف عدا اللاجئين. نرجو إخطار الجامعة و لجنة الهدنة و الصليب الأحمر لمنع الاعتداء…أفد.
و مع تصاعد الخروقات اليهودية، بدأ اليهود في شن غارات جوية علي مدن القاهرة و عمان و دمشق، و ذلك للتأثير سلباً علي معنويات الشعوب العربية، و القيادات السياسية، حتي أن الطائرات الإسرائيلية حلقت فوق قصري عابدين و القبة يوم 18 أكتوبر.
و بسبب الخسائر التي منيت بها القوات المصرية، جري تغيير القائد العام للقوات ليصبح اللواء أحمد فؤاد صادق بدلاً من اللواء المواوي. و بعد استشهاد أحمد عبد العزيز، تولي قيادة المتطوعين القائمقام عبد الجواد طباله.
و عندما بدأت القوات الأردنية في تنفيذ مخططها بضم الضفة الغربية للأردن، بدأت المشاحنات بين القوات الأردنية و الأهالي الفلسطينيين. و منها ما ورد في يوميات الحرب في ( العروش و الجيوش 1) لهيكل، في يوم 31 أغسطس 1948
الساعة 2045
من: رئاسة القوات
إلي: راح
الآتي بعد تبلغ لنا من بيت لحم
” مرت بنا ست لوريات محملة بالجنود و ثماني مصفحات تابعين للجيش الأردني متجهين للخليل. و الأهالي ثائرين ضد الأردنيين”.
و الحقيقة أن القوات المصرية كانت من الفروسية أو السذاجة أن وثقت في القوات الأردنية علي الرغم كل الإشارات التي تنبئ بعدم جدية الموقف الأردني في الحرب.
و إذا أردنا استجلاء الحقيقة عن أسباب هزيمة مصر في حرب 1948م، يتضح لنا أنه كان هناك أسباب سياسية مهدت لهذه الهزيمة و أسباب أخري عسكرية علي أرض المعارك.
أما الأسباب السياسية فهي:
أولاً: مساندة إنجلترا و الولايات المتحدة و فرنسا لليهود في الحصول علي دولة خاصة بهم علي أرض فلسطين. هذه المساندة تمثلت في تشجيع هجرة اليهود بأعداد ضخمة لفلسطين، و إمدادهم بالأسلحة و الذخيرة ، و منعها عن الجانب المصري، و تدريب اليهود علي الفنون العسكرية.
و علي الرغم أن إنجلترا وافقت علي دخول الدول العربية الحرب بجيوشها، إلا أنها كانت تعلم تمام العلم أن القوات العربية بتسليحها و قدرتها لن تستطيع أن تحقق نصراً علي قوات اليهود التي تفوقها عدداً و تسليحاً و قدرات عسكرية. كما انها مارست ضغطاً كبيراً علي حكومات الدول العربية لكي تضمن قيام دولة يهودية في الأرضي التي خصصت لها بموجب قرار التقسيم.
ثانياً: غياب استراتيجية واضحة لدي القيادة السياسية في مصر التي لم يكن لديها الدراسات السياسية و العسكرية و التاريخية عن فلسطين و خطورة المخطط الصهيوني، و طبيعة و اسباب و ابعاد المساندة الغربية لقيام هذه الكيان فوق أرض عربية. كما لم يكن لديها مخابرات بالمعني الاحترافي، بحيث تكون قادرة علي معرفة ابعاد المخطط الإنجليزي  اليهودي، و تواطؤ الملك عبد الله في هذا المخطط.
ثالثاً: دخول الملك عبد الله في اتفاق سري مع  الإنجليز و الوكالة اليهودية ، و هو ما أحدث تصدع في الجبهة العربية، لأن الأردن كانت هي الدولة المعنية الأولي بموضوع فلسطين، و لكنها في نفس الوقت هي الدولة التي قرر ملكها ألا يدافع عن فلسطين و ألا يسمح حتي بقيام دولة فلسطينية لها حدود مع دولته، و إنما قرر أن يلتهم الأرض الفلسطينة لتكون ضمن حدود مملكته. كما أن قيادات الجيش الإردني ( الفيلق العربي) كانت كلها من الضباط الإنجليز. مما يعني أن الفيلق العربي كان يأتمر بأمر الإنجليز و ليس بأمر لقيادة العربية.
أما علي أرض المعارك، فكانت أسباب الهزيمة كالتالي:

  1. فارق الخبرة العسكرية و العدد و العدة بين الجيش المصري و جيش الهاجاناه اليهودي، فلم تكن لدي قيادة الجيش المصري سابق خبرة في قيادة أي معارك حربية، لأن الخطط الحربية ليست معلومات مكتوبة في الكتب و إنما تجارب و ممارسات  علي أرض الواقع. فآخر الحروب التي خاضها الجيش المصري كانت بقيادة إبراهيم باشا في الشام سنة 1839م. و منذ ذلك الحين لم يشارك الجيش المصري في أي معارك حربية. أما جيش الهاجاناه اليهودي فقد شارك جنوده و ضباطه في الفيلق اليهودي في الحرب العالمية الأولي ثم في الحرب العلمية الثانية، و أعطيت له مهام عسكرية في الحرب العالمية الثانية مثل طرد حكومة فيشي من سوريا. فأكتسب اليهود خبرات كبيرة في هذه الحروب متعددة الجبهات. و من حيث العدد و العدة نقل حسنين هيكل في كتابه ( العروش و الجيوش 1) عن اللواء حسن البدري، المؤرخ العسكري للجيش المصري، أن القوات الإسرائيلية كانت تفوق القوات المصرية في العدد بنسبة 1:2. و بلغت نسبة تفوق القوات الإسرائيلية علي المصرية في المعدات و الذخائر من حيث الكم و الكيف نسبة 1:3،5


  1. قيام القوات الأردنية بالانسحاب من مواقعها بأوامر من قيادتها السياسية المتواطئة مع الإنجليز و اليهود ضد العرب. فأدت بانسحابها خسارة أراضي واسعة كانت مخصصة للدولة العربية وفقاً لتقسيم فلسطين، و هي الجليل الأعلي و صحراب النقب. كما أن الانسحابات الأردنية أدت إلي كشف المواقع المصرية و محاصرتها من قبل قوات العدو كما حدث في الفالوجا.


  1. كان الإنجليز يتحكمون في توريد الأسلحة للجيش المصري، و عندما بلغ تقدم الجيش المصري في فلسطين مبلغاً مقلقاً بالنسبة لهم، رفضوا طلبات مصر بتوريد الأسلحة و الذخيرة، و بدأ الجيش في الجبهة يعاني من نقص شديد في الأسلحة و الذخيرة.


  1. فرق المقاومة الفلسطينية المساندة للجيش المصري كانت أضعف من التصدي للهاجانا، و كانت تتمثل في قوات الجهاد المقدس بقيادة عبد القادر الحسيني و قوات الإنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي، فانكسرت بسرعة أمام اليهود لأنها كانت أقل تنظيماً و خبرة و تسليحاً، و الحقيقة أن هذه الفرق كانت تقاتل بشجاعة الرجال و فقط، و لم يتوفر لها أي اساليب
    حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر Abdel-kader-el-Hussini-150x150
    عبد القادر الحسيني
    أخري.


  1. استخدام الجيش المصري لأسلحة فاسدة من مخلفات الحرب العالمية الثانية، فقيادة الجيش المصري اعتمدت علي سماسرة السلاح لشراء أسلحة  الجيش، و أصر الملك علي شراء الأسلحة من إيطاليا التي كانت تربطه بها علاقات قوية، و كانت النتيجة أن الأسلحة جاءت من مخلفات الحرب العالمية الثانية في مخازن الجيش الإيطالي، فكان بعضها فاسد و أدي إلي إصابات في صفوف الجيش المصري.

اقتباس :
و من المهم أن نورد رأي الحاج أمين الحسيني في الاداء العربي في الحرب، و الذي ارسله لحسنين هيكل، و ذكره الأخير في كتابه ( العروش و الجيوش 1) : ” أن بعض المسئولين في الدول العربية الذين كانت في أيديهم مقاليد الأمور، لم يكونوا جادين و لا مصممين في مواجهة هذه المشكلة و لم يعالجوها بما تتطلبه خطورتها من الحزم و الاهتمام، بل كانوا هازلين، خائرين، مترددين، بينما كان اليهود جادين كل الجد”
و نقطة أخري مهمة أوردها الحاج أمين في شهادته هي ” أنه بينما كان اليهود يعملون بقوة و تصميم بوحي من مصالحهم العامة و تنفيذاً لبرنامجهم الصهيوني الخطير، كان بعض المسئولين في بعض الدول العربية يعملون إما بوحي الاستعمار الأجنبي أو بتأثير مصالحهم الخاصة . و قد نتج عن تضارب الأهواء و المصالح، و تباين الغايات و الأهداف و التخاذل بين دول الجامعة، وقوع هذه الكارثة الأليمة. ”
و مما لا شك فيه أن ملف هزيمة حرب فلسطين ما زال مفتوحاً، و سيظل كذلك لمدة غير قصيرة، حتي نستلهم منه الدروس الكافية و الكفيلة بعدم تكراره.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر   حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر Emptyالسبت 17 يونيو 2017, 12:13 am

الرجل الذي منع إبادة قطاع غزة

د.ناصر محمود الصوير
 هناك جنود مجهولون لم تسلط الأضواء عليهم، كان لهم أثراً كبيراً جداً في رسم معالم الأحداث في فلسطين، وكان لمواقفهم ولدورهم نتائج مفصلية وتداعيات عظيمة حددت شكل وصورة الواقع الذي نحياه في وقتنا الحاضر، من هذه الشخصيات التي سمع عنها القليل والقليل منا اللواء أركان حرب أحمد فؤاد صادق من قبل؟!! إنه قائد القوات المصرية التي حاربت في فلسطين سنة 1948م، والذي حل مكان اللواء أحمد المواوي الذي تم عزله بعد الإخفاقات الكبيرة التي لحقت بالجيش المصري في معارك النكبة  ... وللواء أحمد فؤاد صادق قصة بطولية تستحق النشر تبدأ عندما استغلت القوات الصهيونية حالة التمزق في الجيش المصري في الجبهة الجنوبية، وانسحاب الجيوش العربية خارج أرض فلسطين، فعمدت إلى تحقيق كسب سريع لمعركة حربية سريعة وحاسمة، فقامت بوضع خطتها لتطويق الجيش المصري وعزله تماماً وإرغامه على الانسحاب إلى الأراضي المصرية، وتمكنت في شهر ديسمبر1948م، من احتلال بعض المرتفعات المهمة، كمرتفع الشيخ نوران الواقع جنوب شرق مدينة خانيونس، بالقرب من الحدود المصرية الفلسطينية الدولية،كما احتلت تل حجة وتل الفارعة واستمرت في تقدمها وشنت مجموعة من الهجمات بهدف السيطرة على طريق غزة الرئيسي، الذي يربطها بمصر، وعلى خط السكة الحديدية الموازى للطريق العام، وتمكنت في22/12/1948م، من احتلال المرتفعات المعروفة بالتبة 86.
في أعقاب هذه التطورات الخطيرة في مجريات الحرب أصدر وزير الحربية المصري حيدر باشا أوامره بإخلاء غزة والانسحاب إلى رفح؛ ولكن اللواء صادق رفض الانصياع، وخالف الأوامر العسكرية ورفض تنفيذ أوامر حيدر باشا، ورفض الانسحاب وقال نصاً: ( إزاي انسحب وأسيب ربع مليون(عدد سكان منطقة غزة آنذاك) من إخوتي الفلسطينيين كالفراخ، يذبحهم اليهود وينتهكون أعراضهم ؟ أتريدون أن آخذهم معي إلى العريش؟ أم أدافع عن رفح؟ لا لن انسحب مهما كانت النتيجة ). بل وذهب إلى أبعد من ذلك عندما قرر استعادة التبة 86،على الرغم من الظروف العصيبة التي عانى منها الجيش المصري في تلك الآونة، وبعمل بطولي تمكنت القوات المصرية من استعادتها وطرد القوات الصهيونية منها بعد أن كبدتها خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات.
هذا الموقف الرافض لتنفيذ الأوامر العسكرية القاضية بالانسحاب من منطقة غزة إلى رفح من قبل اللواء أحمد فؤاد صادق كان موقفاً شجاعاً ومتفرداً،لأنه بهذا الرفض أنقذ ما تبقى من اللواء الجنوبي وهو ما عرف فيما بعد بقطاع غزة من الضياع، وأبقى الجزء الأخير من أراضي جنوب فلسطين عربياً إلى يومنا هذا، وأنقذه من سيطرة إسرائيلية صهيونية  مؤكدة، وأنقذ عشرات الآلاف من السكان من ممارسات العصابات الصهيونية الغاشمة التي ارتكبت في أنحاء متفرقة من فلسطين عشرات المذابح الدموية بحق المواطنين العزل لبث الرعب وإجبار المتبقين على الرحيل، فلو تخيلنا للحظة أن اللواء صادق انصاع لهذه الأوامر ونفذها، فان ذلك يعني أن إسرائيل سيطرت فعلياً وبالكامل على جنوب فلسطين، وأن مصير سكان هذه المنطقة أصبح بين خيارين إما القتل والإبادة وإما الطرد والتشريد.أخيراً ذكرت الوثائق التاريخية الخاصة بثورة 23الضباط الأحرار  في مصر في يوليو 1952 أنه وقع اختيار الضباط الأحرار على اللواء صادق ليقود الثورة لكنه اعتذر لأسباب خاصة به فتم الاستعانة  باللواء محمد نجيب الذي كان أول رئيس لمصر لفترة وجيزة بعد الثورة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
حقيقة الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 م من تاريخ مصر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ :: عبر التاريخ :: خط الزمن-
انتقل الى: