للعتاب أسرار .. ما هي؟
«زوجي لا يراعي مشاعري أحياناً، يتفوه بكلمات تؤذي أحاسيسي، ويقوم ببعض التصرفات تزعجني دون ادراك منه، أغضب منه كثيراً..
.. ماذا أفعل؟
.. هل أعاتبه؟
.. وما الطريقة المُثلى لعتابه؟
.. وما الوقت المناسب الذي أبوح بما في جوفي له؟ «.. هذا ما صرّحت به الثلاثينية «أم أحمد» لـ «أبواب - الرأي».
حال «أم أحمد» يشبه حال كثيرين ممن يعتبون على غيرهم أكانوا من أفراد أسرتهم أو أقاربهم ومعارفهم أو حتى ممن يصادفونهم في حياتهم جراء إزعاجات تصدر من قبلهم.. ويقعون في حيرة من أمرهم هل يعاتبونهم ليرتاحوا نفسياً أم يتغاضوا عن الموضوع وينسوا..
هل العتاب على قدر المحبة؟
كما يُقال «العتاب على قدر المحبة».. فهل تعاتب كل من أخطأ بحقك؟ وما الوقت والطريقة المناسبتان للعتاب؟ تساؤلات طرحها «أبواب-الرأي» على عدد من المواطنين وجاءت إجاباتهم كالآتي:
الموظفة «أم زيد»: قالت: «لا أعاتب كل مَنْ يغضبني، لأنني أشعر اذا عاتبت بعض الأشخاص لن تتصافى قلوبنا، بل على العكس تماما، سندخل في مرحلة مشاحنات وصراع، فأرى أنه من الأفضل أن أسأل نفسي: هل سأصل الى الهدف المنشود اذا عاتبته أم لا؟ فإذا كانت الاجابة بالنفي فإنني أنسى الموضوع وابتعد عنه وعن طاقته السلبية». وتتابع: «ومن الممكن أن أغضب من والدتي أحياناً، وعندها أسأل نفسي ذات السؤال: هل سأستفيد عند معاتبتها؟ وهل سيتغير شيء؟ فإذا كانت الاجابة أيضاً ب «لا» فأنسى الموضوع عندها أيضاً، لأن والدتي تبلغ 80 من العمر ومهما أقول لها لن تتغير طريقة تفكيرها ورؤيتها للأمور، فبالتالي ألتمس لها عذرا وأنسى الموضوع».
وتشدّد ربة المنزل «أم راكان» على ضرورة اختيار الوقت المناسب للعتاب.. فتبين ذلك بقولها: «أحيانا لا أختار الوقت المناسب للمعاتبة فتتفاقم المشاكل وندخل في دوامة لها بداية وليس لها نهاية، فأصبحت أنتقي الوقت والمكان المناسبين، وأختار ساعة صفو وجوا مريحا وخال من المنغصات لأفرغ الغضب الساكن في داخلي بأسلوب هادئ لأنال ما اريد».
اسس المعاتبة
ويذكر الموظف «رأفت عوابدة» بعض أسس المعاتبة قائلاً: «عندما أريد البوح عمّا في جوفي من مشاعر تزعجني، لا أوصلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأن التعابير تغيب بها، ولا تتضح المشاعر فيها، فلا تستطيع معرفة مشاعر المرسل إليك هل هو مبتسم أم عابس؟، مرتاح أم غاضب؟ وأحياناً نسقط ما نشعر به على ما نقرأه، وبالأسلوب الذي نراه نحن ليس بأسلوب المرسل».
ويتابع: «في احد الأيام أرسلت رسالة عادية الى بعض الأشخاص فتفاجأت بسؤاله عن سبب غضبي، فأرسلت له بأنني على عكس ما يقول، وعندها أيقنت بأنه ليس كل ما يرسل يصل الى الهدف المنشود، فأصبحت أستعين ببعض رسومات الوجوه المرفقة ببرنامج الواتساب والماسنجر محاولة لتوضيح الرسالة بشكل أكبر، ولكنني أبتعد كل البعد عن وسائل التواصل الاجتماعي عند العتاب».
الغضب.. يسلب الطاقة الايجابية
المستشارة الإعلامية وسفيرة المحبة والسلام ومدير عام مجموعة الليث ميديا «سالي الأسعد» تقول: «بالنسبة لرأيي الشخصي اذا بدر أي تصرف أو موضوع أزعجني أفكر به بطريقتين، الأولى: لأي مدى يعني لي هذا الشخص الذي بدر منه الازعاج أو المضايقة؟ هل هو مهم بالنسبة لي؟ اذ أننا أحيانا نتعرض لمواقف من أشخاص لا نهتم لهم، ونخسر وقتا وجهدا كبيرين في تحليل سبب التصرف، مما يأخذ من طاقتنا الايجابية، ويشحن أذهاننا بالشحنات السلبية على موضوع بسيط جدا، فهؤلاء الأشخاص الذين لا يحظون بأهميتي يجب أن لا أشغل نفسي بهم، وأن آخذ الأمور بأن كل شخص يتصرف حسب بيئته وتربيته، واذا هو أخطأ يعني بأن أسلوبه خطأ ولست أنا بالخاطئة».
وتتابع «الأسعد»: «أما اذا صدرت الإساءة من شخص أهتم لأمره كثيراً، وأكترث بالمحافظة على علاقتي به، ورأيه بي يعني لي الكثير، هنا يجدر بي أخذ الموضوع بجدية أكبر، وبتحليل أعمق، ومراجعة نفسي اذا أخطأت بحقه، كما يجب التماس الأعذار للآخرين، والرسول عليه الصلاة والسلام قال بما معناه التمس لأخيك سبعين عذراً، لأن الشخص لا يعلم ماهية ظروف الطرف الآخر».
وتضيف «الأسعد»: إنما اذا كان الطرف الثاني كثير الانتقاد، أو من الأشخاص الذين لا يرون الا الأمور السلبية في الحياة، أو من الأشخاص الذين يتمتعون بتحطيم معنويات الآخرين، ويقدمون لهم ملاحظات سلبية، يجب أن يكون لديك القدرة لإيقافه عند حدّه، وتفهيمه بأن طريقته بالانتقاد مزعجة، واذا كان هدفه مصلحتي فذلك لا يصب بمصلحتي بل على العكس يزعجني».
وتلفت «الأسعد» الى الأهمية البالغة في العتاب أن لا يتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك يعني عدم إرسال كلمات العتاب لأخت أو لصديقة أو لزوج أو لأب أو لأحد المعارف رسالة عبر الواتساب أو أو الفيسبوك أو الماسنجر وغيرهم.. لأن العتب يجب أن يكون به إحساس ونظرة العين ونبرة الصوت، فالكتابة جافة ولا توصل فكرة العتب بأنه محبة بل قطيعة وتوجيه وانتقاد، وبدلا من حل المشكلة أزيدها «بزيد الطينة بلّة».
وتنهي «الأسعد» حديثها بقولها: «إنني أنصح الجميع عن خبرة ووعي، العدّ للعشرة من القيام بأي تصرف أو التفوه بأي كلمة..