خرف المرأة الاجتماعي
دة. عصمت حوسو
لا أتحدث هنا عن الخرف كمرض من ناحية طبية وإنما أتناوله كمرض اجتماعي من ناحية فكرية وسلوكية، ومن منطلق واقعي بحت بناءً على مشاهداتي في الحياة بشكل عام وبعض الحالات (المرضية) بشكل خاص.
غدت مقولة "الشباب والزهايمر لا يجتمعان " محض خرافة، حيث شكّك الأطباء في بعض من أبحاثهم العلمية الحديثة في صحة ذلك الاعتقاد السائد: بأن الخرف وأشهر أشكاله (الزهايمر) لا يحدث الا في سنّ الخمسين وما فوق، فرصدوا علامات أولية للإصابة به مبكراً في مرحلة (الثلاثين) من العمر أيضاً.
الخرف الاجتماعي والمبكر منه على وجه الخصوص يتفشى في العقول ويصيب المتلقي سواء المشاهد أو القارئ أو المستمع بالذهول ، وربما علينا هنا إدراك حجم الفجيعة وتقبّل الحقيقة المُرّة بأن هذا المرض يصيب (النساء) أكثر من الرجال للأسف الشديد ؛ فتظهر على المرأة الأعراض بحيث تبدو أكثر اضطراباً وتميل إلى زجّ نفسها في معترك متشعّب " أخلاقيا " وفكرياً وحياتياً وعلائقياً، طبعاً هذا بسبب معاناة شديدة نتيجة لصراعات داخلية ناجمة عن عدم (الثقة بالنفس) وعدم الرضى عن وضعها الاجتماعي. وتتفاقم تلك المعاناة بتفاقم شعورها (بالدونية) اتجاه من هن أفضل منها، أو من هن محبوبات ومشهورات وناجحات أكثر منها، وربما من هن سعيدات في الحب والزواج وهي لا تشعر بذلك، وقد يكون السبب أحياناً الطمع وفراغة العين والنظر الدائم لما في يد الغير.
(خرف الشيخوخة) عادة يبدأ بتراجع في حاسة الشمّ بين معظم المرضى، ثم يزداد تطوراً الى أن يُصيب قدرات الانسان اللغوية والتعبيرية التي تتناقص بتزايد ملحوظ مع الوقت الى أن تُصيب قدراته الحركية ومهاراته الانتقالية.
هي نفسها تلك الأعراض السابقة التي تظهر على (الخرف المبكر للمرأة) من زاوية اجتماعية ولكن بشكل مختلف، فمثلاً تراجع حاسة الشمّ في خرف الشيخوخة تعادل قلة الذوق والتبجّح اللاأخلاقي في الخرف الاجتماعي، أما القدرات الفكرية فتُصاب في هذه الحالة بالوهم والخيالات والتهيؤات، وتصاب القدرة التعبيرية واللغوية بنشاط حادّ في مهارة التأليف ونسج الأكاذيب والقصص الوهمية؛ فتكون كلها من نسج الخيال والبناء عليها قصة لمسلسل من إخراج هندي أو ربما تركي. ثم تبدأ المحاولات الحثيثة اللامتناهية لإقناع من حولها بصحة أكاذيبها على الرغم أنها عارية تماماً عن الحقيقة، ومن يسعفهن الحظ بامتلاك قدرة الكتابة والتأليف يلجأن لها للترويج لقصص الخيال المرغوبة في (العقل الباطن) بغطاء الأدب. أي (كذبت الكذبة وصدقتها )..
أعراض خرف المرأة الاجتماعي المبكر يبدأ بداء (التقمّص)؛ إما تقمّص شخصية معينة -بنسخة مزيفة قريبة من الأصل- للاستحواذ عليها ولفت نظرها، أو بتقمّص فكر ولغة ومظهر شخصية ما مبهورة بها لحين الوصول اليها والى مآربها لاحقاً، بمعنى آخر ممارسة داء التقمّص بجميع أشكاله لهدف ما، وهذا أول وأهم عرض لمرض الخرف النسوي . بالإضافة الى ممارسة لعبة الضحية والمظلومة وأنها دائماً على صواب وصاحبة حق ومحيطها كله لا يقدرها ولا يفهمها، علاقات مشبوهة مع الرجال بحجة (الصداقة)، كما أنها تحافظ على وضعها الحالي -وإن كان متعباً- لحين عثورها على (البديل) وإن لم يكن متاحاً أو حتى ليس من حقها. هنا تبدأ ألاعيبها الخرفية المصاحبة للوساوس فغالباً المخرفنات يعانين من جميع أنواع الوساوس خصوصاً (وسواس الحب القهري)، وهنا لا يسعنا الا أن ندعو لمن يقع عليه أو عليها وسواس تلك المرأة بالرحمة والحماية من ربّ العباد فهو وحده القادر على تخليصه من قرف وسواسها المزعج والمتعب جداً حدّ الموت البطيء أو ربما الجلطة القاتلة..
تتميز تلك المرأة بالدهاء الثعلبي لذلك من الصعب جداً رصد خرفها لقدرتها على خداع من حولها بزيف شخصيتها وكهنها في إخفاء حقيقتها المرضية، وتغفل تلك المريضة أن حقيقتها معروفة وخباياها مكشوفة وألاعيبها مفضوحة. وحده الطبيب القادر على علاجها لخطورة حالتها فهي (كناسخ الكير) كوصف الرسول عليه الصلاة والسلام (إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة)، كان الله في عون ذلك الطبيب - وأمدّ الله في عمره- لعلاج تلك الفئة من النسوان وحماية المجتمع من الأذى الصادر عن تلك المرأة المصابة بالخرف لأنها تسبب دمار المجتمع في زوجها وأهلها وعملها وأي مكان توجد فيه..
أما أشكال الضرر الناجم عن خرف المرأة الاجتماعي يتراوح بأثره السلبي عليها (أولاً) ثم على محيطها : خيانة الأمانة بما يخدم مصالحها وبما يؤكد خرفها، تفاقم الفراغ الحياتي والخواء الفكري والأخلاقي، سرقة ممتلكات الغير، التبلّي على الآخرين، الثرثرة، القدرة الخارقة على التمثيل، احتراف الكذب، الرغبة الدائمة في الإيذاء، ظلم الزوج والأهل، كره الأطفال، التظاهر بالتعقّل أحياناً واستغلال المرض في كثير من الأحيان، الهجوم خير وسيلة للدفاع، الغاية تبرّر الوسيلة، أسوأ تلك الأعراض المضرّة جداً على الإطلاق هي التبجّح وعدم الخجل من سلوكها المشين فهي لا تؤمن بحديث (( اذا بُليتم فاستتروا)). هناك الكثير الكثير من الأعراض وأضرارها عافانا الله وحمانا من الوقوع في شرك أولئك المصابات لأن خرفهنّ قد يُلحق الضرر بالأحياء والأموات دون استثناء. وأنصح هنا بضرورة معاملة (المريضة) بحذر شديد وبطريقة تتسم بالصبر على كثرة الكلام النابع من الخيالات والتكهنات، ويُفضّل أن تكون الحوارات والزيارات من قبل الأقارب والأصدقاء قصيرة جداً حتى لا تتعب المريضة ذهنياً وتشتدّ عليها الوساوس .
الخرف الذي يصيب المرأة بحاجه الى عقاقير دوائية وأخلاقية زاجرة ورادعة في ذات الوقت حتى لا تنتقل عدوى الانحطاط الأخلاقي صوب فئات المجتمع ، خصوصاً إذا كانت تخفي مرضها وتُظهر للآخر براعة مشبوهة بالكتابة والتعقّل، وتمثيل مفضوح على التمسك بالقيم والمبادىء الوطنية لخرقها السافر للقيم الفطرية التي نشأنا عليها. إن خرف المرأة الاجتماعي خطير جداً ومرعب في ذات الوقت لأنه يقودها الى أفعال شنيعة تتسم بالخيانة أو المجاهره بالمعصية أو الفجور مع رداء (مزيف) من التعفّف ، وهذا مفاده خرف مبكر يتفاقم يوما بعد يوم !!
إن خطورة خرف المرأة المبكر يكمن في عدم ملاحظة الأعراض والأضرار بشكل مباشر الا حين يحدث ما لا يُحمد عُقباه، ويتفاقم الأذى ويعمّ الجميع في حال عدم الإدراك الحقيقي وعدم الانتباه إلى شطحاتها الذهنية واختلالاتها العصبية وتصوراتها وخيالاتها التي تتسم بالتخبط والتشرذم والنزوح الفكري وزجّ النفس في هوادة الهاوية والجنون دون تلقي علاج سريع أو حل (رادع) من الواجب تطبيقه فوراً.
غالباً لا ينتبه الشريك والأهل للتلك الأعراض الخطيرة نتيجة تمثيلها عليهم مما يؤدي لغسل أدمغتهم بمحاولات إقناعها لهم بعقلانيتها وبمواهبها، أدعو لزوج المريضة التي تُصاب بالخرف أن يصحو من غفوته وغفلته سريعاً وينتبه الى تصرفات زوجته ويعالجها فوراً قبل أن تتسع دائرة الأذى وتُصيبه ذاته بسبب سلوكاتها المرضية الطائشة ، وأنصح من يستطيع رصد تلك الأعراض إبلاغ (الأهل) فوراً بسلوك ابنتهم المشين اذا لم يحرك الزوج ساكناً..
للحديث دوماً بقية وبقية أخرى ...