منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 نائلة لبس - الفولكلور الفلسطيني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Empty
مُساهمةموضوع: نائلة لبس - الفولكلور الفلسطيني   نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Emptyالثلاثاء 18 يوليو 2017, 10:06 pm

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Image001[size=48] [/size]
[rtl]نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Image002  [/rtl]
[rtl]نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Image003[/rtl]
[rtl]
[size=48]نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Image005[/size][/rtl]
 
[rtl]     نائلة عزام لِبَّس من مواليد حيفا عام 1948 ، هي الباحثة المتميزة في مجال الفولكلور الفلسطيني وتعمل جاهدة لتوثيق هذا الموروث التراثي من اجل ألمحافظة عليه وتوعية الأجيال الناشئة على أهمية هذا التراث وأهمية الحفاظ عليه .نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Image007
و السيدة نائلة هي ابنة لعائلة عربية فلسطينية بدأت حياتها في حيفا . وفي سنة 1948 انتقلت العائلة للعيش في الناصرة لتبدأ حياتها من جديد .
الأب عمل في مجال التصوير الفوتوغرافي وساعده جميع افراد الأسرة في عمله . العائلة سكنت في بيت ذا غرفتين الأولى للسكن والثانية كانت بمثابة ستوديو للعمل . تضيف نائلة وتقول أن جميع أفراد العائلة عشقوا الموسيقى ، ففي سنوات الستينات أسست العائلة فرقة بيت الفن المكونة من أفرادها السبعة بقيادة الأب المرحوم سليم عزام الذي كان أيضا مصورا وصاحب الأستوديو المشهور (فوتو نبيل  ).
و تميزت السيدة نائلة عزام لبس بالأغاني النسائية في التراث الفلسطيني، و أغانيها لاقت تجاوب كبير من طرف الجمهور الفلسطيني في كل مكان.
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Image009

الباحثة في الفلكلور الفلسطيني نائلة لبّس , والتي أصدرت عدة
كتب تضم الأغنيات الفلسطينيّة الشعبيّة بهدف إحياء الفلكلور وذلك لعشقها
الاغنيات الفلكلورية ولهدفها في ان يتعرف الجميع على قيمة هذه الأغنية
وهذا الفلكلور .
السيدة نائلة واجهت بعض الصعوبات خلال عملية جمع الفلكلور التي بدأت منذ عام 1984 ولا تزال تحافظ على مسيرتها بالاندفاع نفسه.
قالت نائلة: لقد بدأت أجمع أغنيات الفلكلور الفلسطيني منذ عام 1984 بعد
أن أقامت المدرسة التي كنت أعمل فيها أسبوعًا للتراث حيث قررت حينها أن
أبدأ بجمع تراثنا واغنياتنا خوفًا من اندثارها وتوجهت لأشخاص كثر كان لهم
وتجربة غنيّة مع الأغنيات الشعبية والتراثية لأنال معلومات تفيدني لكي
أحقق هدفي ..
اضافت: لا بد من التوضيح إن عملية جمع الفلكلور لم تكن صعبة بقدر الخطوة
التي تلتها وهي عملية تركيز أبيات الأغنيات والبحث عن النصوص والمفردات
الصحيحة في كل بيت في الأغنية ، حيث إننا لا نزال نغنّي الكثير من هذه
الأغنيات بكلمات خاطئة ، وبرأيي فإن أي خطأ في الكلمات من الممكن أن
يغيّر المضمون الذي تقصده الأغنية ..
في عام 1989 قمت بإصدار كتابي الأول "الأغاني الفلكلورية النسائية"
لمناسبة الخطبة والزواج" وبالرغم من استغراق هذا الكتاب خمسة أعوام من
العمل الشاق لإصداره إلاّ أن استقبال الناس له بتقدير بالغ كان يكفيني
لكي أنسى الجهد الذي تكبدته وأتابع مسيرتي حيث أصدرتُ حتى الآن أربعة كتب
أخرى كان أولها في عام 1992 وهو كتاب بعنوان "أغانينا النصراوية شاميّة
وجاي من الشام" ، وفي عام اصدرت كتابا اخر بعنوان "من معتقداتنا الشعبيّة
.." بالاضافة إلى كتابين للأطفال وهما "الأمومة والطفولة في الفلكلور ..
يا ستّي ويا ستّي" عام 2003 و"قريمشة يا قريمشة" في العام الماضي .
ختمت نائلة حديثها قائلة : آمل أن أجد من يتابع مسيرتي في جمع الفلكلور
الفلسطيني لأضمن أن تبقى رسالتي موجودة وأن يظل تراثنا محفوظًا لا يندثر
[/rtl]




[rtl]
نائلة لبس تسعى لإنقاذ تراث فلسطين الغنائي[/rtl]


نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني 441


تعرفت نائلة لبس على التراث الغنائي الفلسطيني في صباها فوقعت بغرامه، وما لبثت أن صارت واحدة من أبرز الباحثات فيه وتعمل على إحيائه بعدة طرق.
وتروي لبس (68 عاما) للجزيرة نت من مكان إقامتها في مدينة الناصرة أن ما دفعها للتراث الغنائي الفلسطيني يعود لنكبة 48 التي هجّرت أسرتها من حيفا للناصرة.
في الناصرة، باتت لبس قريبة من بيت جدتها فريدة في قرية يافة المجاورة، وهناك تعرفت مبكرا على الأغاني الفولكلورية التي استهوتها.
كما تقول لبس -التي ولدت ببيت موسيقي- إن الفضل يعود أيضا لبلدة عين ماهل بقضاء الناصرة المتميزة بمحافظة أهلها على التراث الغنائي، والتي درست فيها الموسيقى مدة طويلة.
أغان ريفية
وينقسم التراث الغنائي في فلسطين لغناء الرجل وغناء المرأة، واختصت نائلة لبس بالنصف الأخير، وهي توضح أن المرأة ألفت القصيدة ولحّنتها وغنتها بالأفراح والأتراح، وأن أكثر من امرأة شاركت بكتابة الأهزوجة.
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Fba009bf-1850-4730-9e33-d0c379a3f6dc
[size=13]كتب وأقراص أصدرتها الباحثة الفلسطينية نائلة لبس[/size]
كما تشير الباحثة الفلسطينية إلى اختلاف لهجات الأغاني بين المناطق الجغرافية، وتقول إن الأغاني الفلسطينية في الجليل تأثرت باللحن البيزنطي من خلال الكنائس.
ومعظم الأغاني التراثية الفلسطينية زراعية أو ريفية، لكن لبس تتحفظ من مصطلح "تراث فلسطيني" وتفضل استخدام "التراث الشامي"، مع وجود خصوصية محلية بتأثير الجغرافيا والتاريخ وغيرهما.
وبرأيها، فإن فلكلور الفلسطينيين هو التاريخ غير المكتوب لحياتهم الاجتماعية، وهو يجمع الفكر الشعبي من أمثال وأغنيات ويوثّق أحداثا بارزة كالثورة الكبرى عام 1936 ونكبة 1948 كما جاء في قصيدة "سيروا على ما قدر الله والكاتب الله"، أو أغنية "منهجم على أبواب السرايا".
أجمل الأغنيات
وأمام كثرة واختلاف النصوص وعدم وضوحها أحيانا، لا تكتفي نائلة لبس بجمع ما تسمعه وأرشفته، بل تدأب على القيام بمهمة التعديل، مستعينة بنساء ورجال ومؤرخين وباحثين في مجالات أخرى.
وتعتبر أغاني الأفراح أجمل الأغاني التراثية، وبرأي لبس فإن "المهاهاة" هي درة التاج، ومن أجمل أزهار "بستان المهاهاة" أغان كثيرة منها "أنا بغني ومثلي ما حدا غنى وطير الحمام بالساحة بستنى ريتك بالعروس تتهنى وانت أخذت الأصيلة خلي الغير يستنى".نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Top-page
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Fba009bf-1850-4730-9e33-d0c379a3f6dc
نائلة لبس مع الرئيس محمود عباس في مكتبه تقديرا لبحثها في التراث الغنائي بفلسطين
ومن هذه الدرر التراثية قصائد جميلة ألفها أدباء وانتشرت على لسان العامة منها "مهاهاة" لجبران خليل جبران، وجاء فيها "يا بي فلان ويا ما عايروني فيك/ كل ما عايروني زاد حبي ليك/ انت الحبق على الطبق وأنا اللي بسقيك/ وأنت الثريا وأنا الميزان برعى فيك".
لبس التي اهتمت أساسا بجمع النصوص أكثر من دراستها علميا تعتبر أن سر جمال المهاهاة هي سلاسة وبساطة كلماتها وتنوع أهدافها، موضحة أن المرأة لم تترك حالة اجتماعية إلا وغنت لها، مما أثرى الفلكلور، فمثلا أغنية العروس المتوفى والدها مختلفة عن العروس التي والدها حي.
وجمعت لبس التراث الغنائي الشامي في فلسطين بستة مؤلفات أولها "الأغاني الفولكلورية النسائية لمناسبة الخطبة والزواج"، وستصدر تباعا أقراص مضغوطة تحمل هذه الأغاني.
وتشكو نائلة لبس انحسار هذا التراث وتلاشي طقوس الزفة وسهرات "التعاليل"، مؤكدة أن الأغاني الشعبية العامية تكمل القصيدة الفصيحة وتوصلها لكل الناس.
ولإحياء هذا التراث تقترح أن يقوم الكبار بإسماع الأطفال هذا الموروث الغنائي منذ صغرهم بالبيت، وحتى بالمدارس، والاحتفاظ بمسحة تراثية في حفلات الزفاف الحديثة.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الثلاثاء 18 يوليو 2017, 10:16 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Empty
مُساهمةموضوع: رد: نائلة لبس - الفولكلور الفلسطيني   نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Emptyالثلاثاء 18 يوليو 2017, 10:12 pm

نائلة لبّس - زغاريد واعراس من بلادنا - تراث فلسطيني

زغاريد واغاني من التراث الفلسطيني الاصيل بصوت النساء ... النسوان
من اغاني النساء الفلسطينيات في العرس الفلسطيني التراثي
اغاني النسوه الفلسطينيات في الاعراس


























































الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Empty
مُساهمةموضوع: رد: نائلة لبس - الفولكلور الفلسطيني   نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Emptyالثلاثاء 18 يوليو 2017, 10:14 pm

نائلة لبس تثير حنيننا لأيام طفولتنا


نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني 4601


الكتاب: قريمشه يا قريمشه (أغنيات للأطفال بطعم التراث الشعبي)
تاليف: نائلة عزام لبس
تلحين: نبيلة ابو شقارة
رسومات: سسيل كاحلي

فاجأتني نائلة عزام لبس بمؤلفات عديدة اعادتني الى ايام طفولتي، واغرقتني بنوسطالجيا آسرة، أيقنت ان لا فكاك لي منها الا اذا سجلت انطباعاتي عن مؤلفاتها التي خصت بها الأطفال، الأجيال الناشئة، الأمومة، الأمثال، الحكايات والمعتقدات حيت غاصت عميقا بتراثنا الشعبي، بمختلف تنوعاته وأشكاله. اول ما شد نظري واهتمامي كتابها عن التراث الغنائي للأطفال الذي اطلقت عليه تسمية لأغنية من المستحيل ان يكون الانسان طفلا ولم يرددها مع أترابه.. اغنية: "قريمشه يا قريمشه". تقتبس في كتابها اغنيات من التراث وتؤلف أغاني للأطفال بنكهة التراث، محافظة على الأجواء التراثية الأصيلة، كلمة ولحنا، مجددة ومبتكرة كلمات والحانا بالتعاون مع شقيقتها نبيلة عزام أبو شقارة، التي لحنت الأغنيات.

لا بد لي من الخروج عن الموضوع لتوضيح الخلفية التي جاءت منها نائلة لبس وشقيقتها نبيلة ابو شقارة.

هنا استعيد بذاكرتي طيب الذكر الأب سليم عزام الذي اشتهر كصاحب ستوديو للتصوير باسم "فوتو نبيل"، وكنت كلما دخلت الأستوديو يحدثني بحماسة كبيرة عن ابنائه الذين يتعلمون العزف على مختلف القطع الموسيقية التي وفرها لهم، وكانت العائلة أشبه بفرقة موسيقية كاملة، واذكر ان الأب كان يعزف على العود.. وقد يكون المرحوم سليم عزام من أوائل المواطنين العرب الذين وظفوا الكثير من الأموال والجهد والنشاط في سبيل ان تصبح الموسيقى جزء لا يتجزأ من ثقافة ابنائه.

النتيجة اليوم ان ابنه الدكتور نبيل عزام هو موسيقار معروف، يقيم في الولايات المتحدة، اكتسبت موسيقاه وقيادته لفرقة ميستو (MESTO ) مكانه متقدمة وبارزة في الموسيقى الشرقية، تأليفا وتوزيعا وقيادة ، حصل على الدكتوراة، اذا لم أخطئ... بدراسة هامة عن الموسيقار محمد عبد الوهاب.

ها هما شقيقتيه نائلة ونبيلة تبدعان بمجال فني تربوي من المجالات الهامة جدا لكل مجتمع يطمح بتنشئة ابنائه تنشأة جمالية وفنية تفتح امامهم عوالم من الإبداع والنجاح، والأهم الحفاظ على الفولكلور (التراث الشعبي) الفلسطيني، بكل ما يخص الغناء للأطفال وطبعا الأمومة هي وجه العملة الثاني في هذا اللون الغنائي.

الكتاب الأول الذي فاجأتني به الفنانة نائلة يحمل عنوان لأغنية من تراثنا الشعبي، اعادتني الى ذكريات طفولتي، أغنية "قريمشه يا قريمشه" التي كنا نغنيها في العابنا ومختلف المناسبات التي تجمعنا، تقول كلماتها:

قريمشه يا قريمشه يا حبة قريمشه
بعثتني معلمتي اشتري كوز البصل
وقع مني وانكسر حلفت معلمتي
لتعلقني بالشجر والشجر ملان فلوس
صبي ايدك يا عروس يا ام الحلق والدبوس

الشيء الرائع في هذا الجهد الفني الابداعي والتربوي، ان المؤلفة اضافت كاسيت سجلت عليه بصوتها اغنيات الكتاب، ليقرأ الطفل ويستمع أيضا الى اللحن.

ما اود اضافته ان نائلة لبس أخذت على عاتقها مهمة كبيرة جدا، وعظيمة جدا، جمع الذاكرة الجماعية الفنية والثقافية لشعبنا، وفي مقدمة ذلك الأغاني التي تخص الأطفال ، الى جانب الأغاني الفولكلورية النسائية بمناسبات الأفراح والأغاني المشهورة باسم نصراويات، وهي اغاني من تراث مدينة الناصرة، الى جانب اغاني الأمومة والطفولة، والأمثال، المعتقدات والحكايات الشعبية.. أي تسجيل وتوثيق ذاكرتنا الجماعية وهي مهمة كنت آمل ان تقوم بها مؤسسات متخصصة لأني اعرف ان هذه المهمة مكلفة جدا وصعبة جدا ، لكن نائلة لبس اخترقت الصعاب وتقوم بعمل ونشاط اقل ما يقال عنه انه تحد للمستحيل، وها هي تثبت في كتبها المنشورة ان لا شيء مستحيل امام الارادة والعشق للتراث والفن .

لي عودة الى كتبها الأخرى، واعتبر مقالي هذا ، مقدمة لتناول مختلف اعمالها الرائعة، أجل نائلة لبس وضعت يدها على كنز تراثي كبير، لتحفظه لنا ولأبنائنا وأحفادنا.. ولتقول للجميع: نحن شعب له تاريخ، جذور، تراث، فن راق وانساني ولسنا مجرد طوائف بلا جذور كما تحاول الدعاية العنصرية ان تصورنا.







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Empty
مُساهمةموضوع: رد: نائلة لبس - الفولكلور الفلسطيني   نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Emptyالثلاثاء 18 يوليو 2017, 10:25 pm

حوار مع نائلة لِبّس!

 نائلة لِبِّس حدّثينا عن البداياتِ، وكيف ومِن أين انطلقَ اهتمامُكِ بالتّراث؟
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 كان ياما كان .. عائلة صغيرة هادئة تتكوّن من أب وأم وطفلتهما، تسكنُ في حيفا تنتظرُ مولودُهما الثاني، عندما اندلعت حربُ الاغتصاب المعروفة بالنكبة، نكبة فلسطين التي عصفت وهزّت أركانَ البلادِ والعباد. وكان النزوح.. هجرة داخليّة وخارجيّة غيّرت خريطةَ الأرض ومواقعَ سكّانِها، مِن لاجئٍ هاربٍ عبْرَ الحدود، إلى طالبٍ لحمايةِ الأهل في الجوار.
ومن حيفا لفظتْ أمواجُ بحرِها تلكَ العائلةِ إلى النّاصرة التي بها استقرّت ولا تزال. النّاصرة مدينة البشارة التي استقبلتني جنينًا في شهرِهِ الخامس، مع أبٍ كان موظّفًا في شركةِ بترول العراق في حيفا، وأمٍّ ربّة منزل تربّي طفلتها وتنتظر مولودَها، حيث كان لهذهِ العائلةِ حقُّ الأولويّة في استئجارِ غرفةٍ في ديرِ المطران الأرثوذكسي، كوْنَ أمّي حفيدةَ كاهن الطّائفة في قرية يافا النّاصرة.
ولمّا خسرَ أبي وظيفتَهُ، أخذ يبحثُ عن عملٍ يكفلُ لهُ الحياةَ الكريمة، ولم يَطُلْ بحثُهُ، إذ كانَ قد تعلّمَ مهنةَ التّصويرِ الفوتوغرافي بنفسِه، وبها بدأ عملَهُ في تصويرِ كلّ مَن أرادَ استصدارَ بطاقةِ هُويّةٍ مع بدايةِ الاحتلال.
كانَ عملُهُ شاقًّا بل مُضنيًا، خصوصًا بعدَ ولادتي، وثمّ أخي الذي وُلدَ بعدي بسنة، وكان لوالدتي دورُها في معاونةِ زوجها المُصوّر الشّابّ، الّذي يعملُ بطريقةٍ بدائيّةٍ في إخراج الصّور.
نعودُ للغرفةِ الصّغيرةِ الّتي تحمّلتْ ضغطًا فوقَ إمكانيّاتِ مساحتِها، فهي غرفة نوم ومطبخ وحمّام وصالة استقبال ضيوفِنا القليلين مِن سكّانِ الحيّ الشّعبيّ، وهي فوقَ هذا وذاك استوديو للتّصوير، وفي اللّيلِ تتحوّلُ لمعملٍ لتحضيرِ الصّور...
لم أحتمل أنا الطفلة الوسطى كلّ هذا الضّغطِ الحياتيّ والعاطفيّ، وقد ملأتُ المكانَ بكاءً وصراخًا، جعلَ الحياةَ معي أمرًا لا يُطاق، حتى حضرت جدّتي لوالدتي في أحدِ الأيّام، وعرفت ما تعاني والدتي مِن مختلفِ أنواع الضّغوطِ الّتي أهمَّها أنا، فاقترحت أن تنتزعَني مِن وسطِ العائلة لتربيتي، ولتتركَ والدتي لمساعدةِ زوجِها وتربيةِ طفليْها، وهكذا كان.
لقد كانَ لحياتي في كنفِ جدّي وجدّتي الأثرَ الأهمَّ في توجّهي نحوَ كلّ ما هو متعلّقٌ بالمأثوراتِ الشّعبيّة، عِلمًا بأنّ قرية يافا النّاصرة قريةٌ زراعيّة، وسكّانُها بأغلبيّتِهم السّاحقةِ مِن الفلاّحين، علمًا بأنّ جدّي لوالدتي كان شرطيًّا في زمنِ الانتدابِ البريطانيّ، وقد استعفى مِن الخدمةِ قبلَ الحرب بأشهرٍ قليلة، لخوفِهِ مِن تدهورِ الأوضاع الأمنيّة، وهو المالكُ لمساحةٍ مِنَ الأرضِ لا يُستهانُ بها.
هناك، في يافا الناصرة عشتُ حياةَ الفلاّحين بحُلوِها ومُرّها، بمُكوّناتِها المادّيّةِ والفكريّة، بمواسمِها الزّراعيّةِ واحتفالاتِها الشّعبيّةِ، هناكَ قطفتُ الزّيتون، وجمعتُ البيضَ مِن قنّ الدّجاجاتِ، وشاركتُ في حلْبِ البقرة التي كنتُ أشربُ لبنَها مباشرةً مِن ضرعِها، وكذلك شاركتُ في أفراحِها وكلّ مناسباتِها. وكم شدّني ذاك الغناءُ الذي كانَ يَصدرُ مِن حناجرِ النّسوةِ المشاركاتِ في الأعراس، كم وكم حفظتُ مِن أبياتٍ مبعثرةٍ مِن أغانيهنّ، تلكَ الأغاني الّتي كانت "الخميرة" الّتي تكاثرتْ مع تقدّمي في العّمر.
بعدَ إنهائي فترة الدّراسةِ الثّانويّةِ، كنتُ قد عدتُ لكنفِ عائلتي النّواة، عُيّنتُ كمعلّمةٍ لموضوع الموسيقا في مدرسةِ قريةِ عين ماهل الابتدائيّة، ولم يكن بالقريةِ مدرسةٌ سواها، حيثُ التّراث يُزيّنُ أثيرَها بكلّ مُركّباتِه، فزادَني ذلك تعرّفًا على التّراثِ وتمسّكًا به، وكانَ أسبوعُ التّراثِ الذي أقمناهُ في المدرسة عام 1948، نقطة الانطلاق والشّرارة الأولى التي ألهبتْ مشاعري للعملِ الجادّ بالموضوع، ولم أستطع الخروجَ منه أو التّخلّي عنه، حتّى اليوم ولآخر أيّامي، إذ غرقت فيهِ بمتعةٍ لا تُدانيها متعة.
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008  عناصرُ لا بدّ منها لتمكين أيّ هاوٍ لإنجازِ المُهمّة.. ما هي العناصر التي استندت عليها لتنفيذِ هذا العمل؟
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 مثلّث المحاور لا بدّ مِن وجودِهِ كي أقوم بما قمت، في ظلّ غيابِ التّشجيعِ المعنويّ والمعونيّاتِ المادّيّةِ مِن الألف حتى الياء.
المحورُ الأوّل هو المناخ الفلاّحيّ الزراعيّ، فهو الدّفيئة التي حضنت وأنتجت الفلكلور بكلّ نواحيهِ، القوْليّة والموسيقيّة والترفيهيّة وسواها.. إذ لا بدّ ممّن يتعاملُ معها مِن معايشةِ الفلكلور مِن خلال الحياة، في كنفِ المجتمع الّذي أنتجَهُ، كي نستطيعَ فهْمَ وهضمَ النّصوص والصّورِ التي تعبقُ بها الأغاني والحكايات، وهي الطُّعمُ المميّزُ للمادّة، مع غيابِ المُركّباتِ الاجتماعيّةِ الّتي أنتجت التراث، نتيجةَ تبدّل نمطِ الحياة، مِن الزّراعيّةِ المُنتِجةِ إلى الحديثةِ المُستهلِكة، بمعنى؛ أنّنا نغنّي مثلاً:
ذبحنا ذبايحنا على المرج الأخضر
واللّي ما يْصدّق ييجي اليوم ويحضر
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 لماذا قمنا بذبح الذّبائح في المرج وليسَ في ساحاتِ البيوت؟
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 أنّ بعضَ سهراتِ الأعراسِ كانت تُقامُ في خيامٍ يَنصبُها الأهلُ على أحفافِ البلد، كي تتّسعَ لأكبر عددٍ من المَدعوّين، وهذهِ إشارةٌ للعرسِ الكبيرِ الذي لا يُقيمُهُ عامّةُ الشّعب بل عُلّيّةِ القوْم.
المحورُ الثّاني هو مهارةُ الباحثِ في التّعبيرِ عمّا يختلجُ في صدرِهِ، وعمّا يملأ رأسَهُ مِن أفكارٍ وتحليلاتٍ، كي تصلَ الفكرةُ للقارئِ بشكلٍ سلسٍ بعيدّا عن الرّكاكة، وهذا ما حباني الله بهِ مِن قدرةٍ على التّعبير، كانت قد فاقت ميولي الموسيقيّة، وقد تميّزتُ منذ طفولتي بمواضيعي الإنشائيّة، ممّا أثارَ إعجابَ معلّمتي للّغةِ العربيّةِ السّيّدة مريم بقلي أمدّ الله في عمرِها.
وأهمّ المحاور هو الاطّلاعُ بموضوعِ الموسيقى، كوْني أتحدّثُ عنّي كباحثةٍ في "الأغنيةِ"، وتحديدًا الأغاني النّسائيّة في الفلكلور، ، والإلمامُ بأبسطِ أُسسِها ومعرفةِ الإيقاعاتِ الّتي تُبنى عليها الأغاني، مع قدْرٍ متواضعٍ مِن إتقان تأديةِ الغناء، إذ كنتُ أملكُ صوتًا جهوريًّا قويًّا.
تلكَ هي أهمُّ العناصرِ الّتي اتّكلتُ عليها، وكان لا بدّ منها لإخراجِ أبحاثي للنّور.
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 ما الذي دفعَكِ للاهتمامِ بالموْروثاتِ الشّعبيّةِ على اختلافِها؟
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 أوّلاً: أنا لا أدّعي بأنّي مهتمّة بمعنى باحثة بكلّ الموروثاتِ الشّعبيّة، لأنّ ذلكَ ضربٌ مِن المستحيل، عندها يتحوّلُ البحثُ إلى سرْدٍ ركيكٍ لمركّباتِ الفلكلور، وهذا ليس بحثًا.
أمّا عن اهتمامي بالموْروثاتِ الشّعبيّة، وتحديدًا بالأغاني النّسائيّة وما يدورُ حولَها مِن مواضيع، وهي كثيرة جدًّا، فقد جاءتْ لإيماني بكوْنِ هذهِ الموْروثاتِ ضرورةً مُلِحّةً لأيّ شعب، خاصّةً في غيابِ المُؤسّساتِ الحكوميّةِ التي تحفظُ وتُحافظُ على الموروثاتِ الشّعبيّة، كوْنَها مِن أهمّ مُركّباتِ الحياةِ النّفسيّةِ والعاطفيّةِ للمجتمع، وهي الشّاهدُ على تطوّرِ أيّةِ مجموعةٍ تعيشُ على بقعةٍ مِن الأرض تُسمّى "وطن"، وتُدحرجُ المُتغيّراتِ في مسارِ المجتمع مِن البدائيّةِ الأولى حتّى أقصى درجاتِ الازدهار، خاّصةً ونحنُ نتحدّثُ عن الأغاني النّسائيّة، الّتي لم تتركْ أيَّ جانبٍ مِن الجوانبِ إلاً وتحدّثتْ عنهُ بكلّ تفاصيلِهِ.
مِن هنا جاءَ إيماني بما عملت، وصبري الطّويلِ لإنجازِ ما أنجزت، وأنا سائرةٌ في الدّرب إلى ما شاءَ الله لي مِن عمر.
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 الفلاح.. هل لا زالَ فارسَ الأحلام؟ وأينَ هو اليوم؟
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 مِن المُتّبعِ والمعروف بأنّ الإنسانَ كثيرًا ما يهربُ مِن واقعِهِ، ويلوجُ في عبابِ أحلامِهِ بما يُسمّى "أحلام اليقظة"، وهو ما تمّ المتعارفُ عليه في ظلّ المُتغيّراتِ التّكنولوجيّةِ في لغةِ الحاسوب "بالعالم الافتراضيّ"، حينَ يصعبُ على الفردِ تحقيقَ ما حلمَ بهِ أو أرادَ تحقيقهُ في واقعِه.
ولا أُخفي هذهِ الحالةَ التي تُرافقُني في كلّ فترةٍ يخلو فيها عقلي مِن مشاكل أو أحداثٍ يوميّة أو انشغالاتٍ تحتاجُ لترتيب، ففي فترة الخلوّ تلك والخلوة، ألجأ لتحقيقِ أحلامي الفلاّحيّةِ في عالمي الافتراضيّ، فتريْنَني أزرعُ وأحصدُ وأتصدّى لتغييراتِ المناخ، وأجمعُ محصولي تمامًا كما أردتُ أن أكون، لكن بدونِ الفلاّح رفيق الدّرب/ الزّوج، لأنّ أحلاميَ "الفلاّحيّة" كانتْ تستندُ للعملِ الزّراعيّ لشديدِ حبّي وهُيامي بها.
أمّا عن الفلاّح اليوم، فكيف لنا أن نتحدّثَ عنهُ بغيابِ الأرض؟ ماذا بقيَ مِن مُركّباتِه؟
الفلاّحُ هو نمطُ حياة، يُفكّرُ بشكلٍ مُغايرٍ، يتفاعلُ معَ الأحداثِ بشكلٍ مغاير، يفهمُ الخبرَ الصّادرَ عبْرَ المذياع وينقلُهُ لصديقِهِ بشكلٍ مختلف.
الفلاّحُ هو الأبدُ والأزل.. هو الحياةُ المُشبَعةُ بالخيرِ والعطاء.. هو الجنديُّ المجهولُ الّذي يُقدّمُ لنا الكثيرَ مقابلَ القليل.. يُذيبُ عمرَهُ في خُضارِهِ الّتي يَزرعُ وفاكهتِهِ الّتي يغرسُ ويقطفُ، ولم يعُدْ للفلاّحِ في ناحيتِنا الفلسطينيّةِ الإسرائيليّةِ سوى اسمٍ على غيرِ مُسمّى، وعليه، فقد غابَ عن ذاكرتي كيانُ الفلاّح الّذي تمنّيتُ في شبابي أن أحيا في كنفِهِ، وبقيَت الممارسةُ والحياةُ الافتراضيّةُ الّلتانِ لا أستطيعُ التّخلّصَ مِن عِشقِهما.
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 العائلةُ الموسيقيّة أثرُها في بلورةِ مواهبِكِ حدّثينا عنها..
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 لعائلتي الموسيقيّةِ بدايةٌ تعودُ إلى ما قبل كوْنها أسْرة، فكانَ هناك حبٌّ وشغفٌ بالموسيقا لكلٍّ مِن أمّي وأبي – رحمهما الله – في شبابهما، وكانَ طموحُ والدي أن يُتقنَ العزفَ على آلةِ العودِ منذ كانَ في حيفا، يستمعُ للمرحوم حليم الرّومي في صالون الحلاقةِ الّذي كان يُديرُهُ فيلومون وهبة، حيثُ اشترى عودَهُ الأوّلَ ممّا ادّخرَ مِن دخلِهِ القليل، في ظلِّ عائلةٍ فقيرةٍ عديدةِ الأولاد، وجميعُهم مِن الذّكور. وبما أنّ والدي هو الابنُ البكر، كانَ عليهِ أن يُعينَ والدتَهُ في أعمالِ المنزلِ مِن مسْحٍ للأرضيّة والكنس والعجْن وغيره.. وعندَ الفراغِ كانَ يلجأ "للسّدّه"؛ المكان المُرتفع في البيتِ لتخزين المُؤن، كي يُمارسَ موهبتَهُ للعزف على عودِه. وفي إحدى المرّات، كانت والدتُهُ بحاجةٍ لمساعدتِهِ ولم يستجبْ لندائِها، فصعدت إلى حيث كان، وحملت العودَ وكسرَتْهُ على رأسِهِ، ولم يكن أمامَهُ إلاّ الانصياع لأمرِها، بينما حملَ شغفَهُ بالموسيقا حتّى آخرِ أيّامِه. وقبلَ الدّخولِ في تفاصيلِ المسيرةِ الموسيقيّةِ للعائلة، أعودُ لعلاقةِ والدتي بالموسيقا:
فكانت والدتي تملكُ صوتًا رخيمًا مِن فئةِ صوتِ القديرة فيروز، ومِن محاسنِ الصُّدفِ أنّها تحملُ نفسَ الاسم، وكانت في مطلع شبابِها تُرافقُ جدَّها المرحوم "الخوري خليل" كاهن طائفة الرّوم الأرثوذكس في يافا النّاصرة، في أداءِ القدّاس الإلهيّ، الّذي يتطلّبُ الترتيلَ والنّشيدَ والتّسبيحَ البيزنطيّ، مِن أوّلِ القدّاسِ حتّى نهايتِه، وكانَ المُصلّونَ يغمرونَها بكلماتِ التّشجيع، نتيجةً لِما كانَ ينتابُهم مِن مشاعرِ النّشوةِ لرخامةِ صوتِها.. وهكذا، التقى عازفُ عودٍ لم تُسعفْهُ ظروفُ الحياة لإتمام قواعد موهبتِه، مع صبيّةٍ يملؤُها حبُّ الفنون، خاصّةً الغناء. وكانت مغامرتُهما الأولى بعدَ الزّواج أن التحقا بفرقةٍ للتّمثيل في حيفا، ومثّلا معًا مسرحيّةً بعنوان "ليلى بنت الصّحراء"، وهنا حلّ الغضبُ وقامت الدّنيا ولم تقعد..
أرسلَ أحدُ أقرباءِ جدّي لوالدتي برسالةٍ مِن حيفا، حيث كان يسكنُ ذاكَ القريبُ معَ عائلتِهِ، يستعرضُ فيها "العار" الذي لحقَ بالعائلة، نتيجة اعتلاءِ "فيروز" خشبةَ المسرح، وأخذ يتلو عليهِ مِن خلالِ الرّسالةِ ما سيحلُّ بالعائلةِ نتيجةَ هذا العملِ الطّائش، واختتمَ الرّسالةَ بأن استحلفَهُ بالأنبياءِ والصّالحين، بأن "يمحو عنهم هذا العار"، ويَثني والدتي عن التمثيل.. وهكذا كان.
كانت هديّةُ والدي الأولى لوالدتي بمناسبةِ عيدِ زواجِهما الأوّل آلةَ "هارمونيكا"، وهي آلةٌ موسيقيّةٌ تشبهُ "الأكورديون"، وبدأت تتعلّمُ العزفَ عليها، أمّا هو فقد أعادَ تصليحَ عودِهِ الذي كُسرَ على رأسِه، وعاودَ التّمرينَ والتدريبَ عليه.
وكان ما كان مِن حربٍ وتهجير، حيثُ استقرّت العائلة في النّاصرة، وما هي إلاّ سنواتٍ قليلة، حتى استأجرَ والدي بيتًا في حيّ السّوق؛ أحدِ أكثر أحياءِ النّاصرةاكتظاظًا وحيويّة، وافتتحَ استوديو للتّصوير، وكان الاستوديو جزءًا مِن البيتِ الّذي سكنّاه، فاكتفى بشراءِ بعضِ متطلّباتِ المنزل مِن أثاثٍ متواضع، إذ أصبحَ عددُ الأولادِ خمسة، وآلة البيانو كانت أوّلَ القِطعِ التّرفيهيّة الّتي دخلت البيت، إذ كنّا قد بدأنا أنا وأختي وأخي نتعلّم الموسيقا والعزف لدى راهبات الفرنسيسكان في النّاصرة، في نفسِ المدرسةِ التي نتعلّمُ فيها، وكانت أعمارُنا بين 6-9 أعوام، وبعدَ سنتين تحوّلَ أخي نبيل؛ ولاحقا د. نبيل عزام في الموسيقا وقائد فرقة "ميستو" العالميّة في لوس أنجلس، بدأ التّعلّمَ على آلةِ الكمان في حيفا في معهدِ روبين، وكانَ يُسافرُ لوحدِهِ مرّتيْن في الأسبوع. أمّا أنا فقد تحوّلتُ للعزفِ على آلةِ الأكورديون، بينما بقيت شقيقتي الكبرى نبيلة تُتابعُ دراسة البيانو، وهي اليوم معلّمة للموسيقا في كليّةِ إعدادِ المعلّمين في حيفا، وكلّيّةِ القاسمي في باقة الغربية، وأمّا شقيقتي الأصغر فقد برزت في مجال التّمثيلِ لاحقًا، فقد اختارَ لها الوالدُ مجموعةَ الآلاتِ الإيقاعيّةِ كي تُشاركَنا العزف، إذ بدأت فكرةُ تكوين الفرقةِ العائليّةِ تتبلورُ لديه، وكانت وقتَها في العاشرة مِن عمرِها، وحاولَ أخي الأصغر أن يتولّى هذه المُهمّة، لكنّ الوالدَ رفضَ ذلك، لأنّهُ لم يتجاوز السّادسة مِن عمره. وفي أحدِ الأيّام سمعَ عزفًا متقنًا على الإيقاعات "درامز"، ولمّا تفحّصَ الأمرَ وجدَ أنّ العازفَ هو الأخ الأصغر "حليم"، وهو اليوم طبيبٌ متخصّصٌ بالأمراض الجلديّة، ومنذ تلكَ الواقعة أصبحَ "حليم" ضابطَ إيقاعِ الفرقةِ الموعودة، إذ برعَ بالعزفِ وضبطِ الإيقاع، ممّا أذهلَ كلَّ مَن سمعَنا لاحقًا، وفي أوّل يومِ أحدٍ بعدَ انتقالِ مهمّةِ العزف على الإيقاع لحليم، سافرنا إلى حيفا، وتمّ اختيار آلة "اكسولوفون"، لتبدأ ناهدة التّعلّم عليها.
بدأنا نعزفُ كلٌّ على آلتِهِ بشكلٍ منفرد، حتى شاءت الأقدارُ وزارَنا المرحوم الموسيقيّ مارون أشقر لغايةِ التّصوير، فشرحَ لهُ الوالد عن مشروعِهِ بإقامةِ فرقةٍ موسيقيّةٍ عائليّة، وأسمعَهُ عزفَنا الواحد تلوَ الآخر، ولم يتوانَ الوالدُ بأن عزَفَ هو نفسُهُ على عودِهِ، ومِن هنا كانت البداية. لم يفوّت الأستاذ مارون هذهِ الفرصة، فعرضّ على الوالدِ أن يقومَ بتدريبنا في فرقةٍ واحدة.
لكن والدي لم يسمحْ بأن تبقى والدتي خارجَ السّرب، فاستشارَ الأستاذ مارون في نوعيّةِ الآلة التي تتخصّصُ بها الوالدة، تكون مناسبةً لها وتسدُّ فراغًا في الفرقة، واستقرّ الرّأيُ على آلة "التّشلو" التي تُعطي الطّبقةَ المنخفضة في العزف، وتُشكّلُ الأرضيّة الّتي تحتضنُ أصواتَ الآلاتِ الموسيقيّة، وهي مِن الآلات الهامّةِ في أيّةِ فرقةٍ موسيقيّةٍ تؤدّي المعزوفاتِ بعيدًا عن أغاني الأعراس.
وانطلقت هذه الفرقة التي اختارَ لها والدي اسمَ "فرقة بيت الفن"، وأخذنا نجوبُ البلادَ في عروضٍ مميّزةٍ لمناسباتٍ خاصّةٍ أو خيريّة، أو استقبال شخصيّاتٍ رفيعة، ولم نتقاضَ أيّ مقابلٍ لعزفِنا سوى أجورِ وسائطِ النقل التي كانت تُقلُّنا حيثُ المناسبة.
مِن هنا بدأ يتحقّقُ حلمُ الوالدِ بمحاكاةِ عائلة "دار الخِلّ" النصراويّة، والّتي كانت رمزًا مميّزًا للموسيقا، إذ كانَ الوالدُ المرحوم جريس الخل يعزفُ على آلةِ "الهرمونيكا"، وولدُهُ الأستاذ يوسف الخل، أمدّ الله في عمرِهِ كانَ يعزفُ على آلةِ البيانو، والابنة ماري تعزفُ على النّاي، وباعتقادي أنّها كانت أوّلَ معلّمةٍ للموسيقا في البلاد، فهذه العائلة التي كانت المثلَ الأوّل، تأثرَ بها والدي عندما وضعَ خطّة إنشاءِ فرقتنا الموسيقيّة.
وفعاليات الفرقة طويلة وعريضة في الأحوالِ الموسيقيّةِ التي كانت تسودُ الناصرة والمنطقة، إذ كانَ بيتُ العائلة منتديًا للمواهبِ الموسيقيّةِ والمسرحيّةِ والأدبيّة، مع غياب وندرةِ المحاور التي تحتضنُ كلَّ ما ومَن ذكرت، ممّا أكسبَني العديدَ مِن المعارفِ التي يصعبُ الحصولُ عليها في الظّروفِ العاديّةِ بعدَ نكبةِ الشّعب الفلسطينيّ، إذ كان همُّ النّاسِ الأوّل تأمينَ لقمةِ العيش، والبحثَ عن مسارٍ اجتماعيٍّ بديلٍ ومُغايرٍ لِما اعتادتهُ معَ اختلافِ الحُكم والحاكم.
لقد تأثّرتُ بالغ الأثر بهذهِ الأجواء التي سادت البيت، ولملمتُ معارفَ وثقافاتٍ لم تُتحْ لسواي، ممّا تركَ بصماتِهِ على تكوين شخصيّتي، وساعدني في التّعرّفِ على مختلفِ الفنونِ الموسيقيّةِ والمسرحيّةِ والأدبيّة. واعتقادي بأنّ المثقّفَ هو الذي يعرفُ شيئًا عن كلّ شيء، كانَ بوّابةَ ثقافتي، ممّا ساعدَني كثيرًا بكتابةِ أبحاثي في مجالِ الفلكلور، علمًا بأنّي لم ألتحقْ بالجامعة، ولم يكن لي نصيبٌ في الدّراسة فيها، ممّا شكّلَ "كابوسًا" لاحقني في فترةٍ مِن عمري، ظننتُ فيها أنّ حياتي خاليةً خاويةً لا طعمَ لها ولا رائحة، لأنّ تربية أولادي قد استحوذت على كلّ قوتي وعزّ شبابي، لكنّي عدتُ وانتفضتُ على الظّروف، وبدأتُ مسيرتي المعرفيّة في زمنٍ متأخّر نوعًا ما، ووصلت لدرجةٍ أرضت بعضَ طموحي.
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 حدّثينا عن إنتاجِكِ في مجال الفلكلور، وما هي المراحل الّتي ابتدأتِها واجتزتِها..
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 لم أكنْ أتصوّرُ بعدما انفضَّ أسبوعُ التّراث في مدرستي، بأن أبحرَ في هذا العالم المُسمّى فلكلور، فتصفّحتُ ودرستُ المادّةَ الغنائيّة التي جمعتُها مِن قريةِ عين ماهل لإنجازِ الأسبوع، ووجدتُها ثروةً لغويّةً تراثيّةً اجتماعيّةً قد فاقت تصوّري، وتراكمت في ذهني مجموعةٌ مِن التّساؤلات: لماذا، كيف، أين، وما الهدف، والكثيرُ مِن الأسئلةِ التي لم أستطع الإجابةَ عليها، لكنّي أردتُ أن أجيب...
حملتُ تصوّري الأوّليّ لِما سوف يكونُ عليهِ التّعاملُ معَ الأغاني النّسائيّة، ورتّبتُها في بطاقاتٍ صغيرة، واتّصلتُ بد. منعم حدّاد، صاحب أوّل رسالة دكتوراة في التّراثِ الشّعبيّ، الذي كانَ مِن بين الحضورِ في أحدِ مهرجاناتِ أسبوع التّراث، واتّفقنا على اللّقاء الأوّلِ لأعرضَ عليهِ برنامجي، وكانَ لهُ الفضلُ الأكبرُ في تشجيعي للمضيّ في هذا الدّرب، وأهمُّ ما منحَني هو إمكانيّةُ الدّخولِ لمكتبةِ جامعةِ حيفا، واستعارة الكتب الّتي أريدُ على اسمِه. وبدأتُ في جمْعِ المزيدِ مِن الأغاني، وسِرتُ في خطوتي الأولى التي تدحرجت بعدَها، ولم أستطع التّوقّف، فكان عملاً مضنيًا في فترةٍ زمنيّةٍ كان أولادي بأمَسّ الحاجةِ لوقوفي إلى جانبهم، فترةِ دراستِهم الثّانويّة، ناهيك عن عملي في التّدريس، ومسؤوليّة الزّوج والبيت، إضافةً إلى أنّ مهمّتي هذهِ غيرُ مسبوقة، ولا مصادرَ مِن تجارب سابقة. إنّه الإيمانُ بالمهمّةِ والإصرار شدّاني للاستمرارِ والمواظبة.
وبعدَ أربع سنواتٍ مِن العمل الدؤوب من عام 1989، وتحت عنوان "الأغاني الفلكلوريّة النّسائيّة لمناسبةِ الخطبةِ والزّواج"، صدر بحثي الأوّل وعمّمتُهُ بين أبناء البلد، وضمّنتُهُ دراسةً مستفيضةً لمجموعةٍ مِن أغاني الأعراس النّسائيّةِ لمختلفِ طقوس العرس، وقد أعدتُ طباعةَ البحث عام 2006، نظرًا لتراكُمِ الموادّ الّتي واصلتُ جمْعَها على مدى سنوات، فأخذت تتعالى أصواتٌ تُطالبُني بجمْع أغانينا النّصراويّة بهدفِ تعميمِها على الجيل الجديد، خاصّةً وأنّ الشبابَ لا يجدون ما يغنّونَهُ معًا لدى إقامةِ المؤتمراتِ العالية، وكان بحثي الثاني تحت عنوان "أغانينا النّصراويّة، شاميّة وجاي مِن الشام" عام 1993.
ومِن الأغاني النّسائيّةِ في العرس وقفتُ على أهمّيّةِ بعضِ معتقداتِنا الشّعبيّة، وأخضعتُ إحداها للبحث، وكانت عن الحسد "صيبة العين"، وصدرَ كرّاس يحملُ ذاك البحث.
أمّا المهمّةُ الأصعب فكان بعنوان" الأمومة والطّفولة في الفلكلور الفلسطينيّ "يا ستّي ويا ستّي"، البحث الخاصّ بعالم الأطفالِ والطّفولة، وسبب التّسميةِ كان للفترة الزمنيّةِ التي جمعتُ فيها مضمونَ البحث، منذ كنتُ أقول لجدّتي "يا ستّي"، حتى أصبحَ لي أحفاد يُنادونني "يا ستي". وكانت مجازفةً كبيرة يومَ أن قرّرتُ إخراجَ هذا البحثِ للنّور، لِما يحملُهُ مِن توضيحٍ لحالِ المجتمعاتِ العربيّةِ التّعيسة، خاصّة الفلسطينيّ.
وآخرُ إنتاجي كتاب "قريمشِه يا قريمشة"، ومِن أكثرِ الأمور التي قرّبت موادّ الأبحاثِ لنا، كانت فكرةُ إصدارِ أسطواناتٍ مُدمجةٍ لمجموعةٍ مختارة مِن جميع الأبحاث التي أصدرْتُ، ولها حكاياتٌ لأسبابِ صدورها.
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 منهاجُ تعليم التّراثِ في مدارسِنا العربيّة، أين هو اليوم؟
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 في الحقيقةِ قمتُ بوضعِ تصوّرٍ لمنهاج تعليم التّراث الشعبيّ ليسَ للمدارس، إنّما لجيلِ الطّفولةِ المُبكّرة لمختلفِ فنون التّراثِ الشّعبيّ؛ أغنية، حكاية، أمثال، ألعاب، حزازير وسواها من موروثِنا الشّعبي، وقطعتُ بذلك شوطًا كبيرًا، لكن "النّصيب" قد حالَ دون ذلك، إذ تعطّلَ الحاسوب الذي وضعتُ بهِ برنامجي، وأُتلفت جميعُ الموادّ التي جمعت، وبعدَ فترةِ الصّدمةِ الّتي هزّتْني عدتُ لأراجعَ أفكاري، لاعتقادي أنّ ما حصلَ هو مؤشّرٌ لي لإعادةِ التفكيرِ بطريقةٍ أخرى لتنفيذِ ما خطّطت، وقد تعلّمتُ مِن تجاربي الكثيرة أن لا أعاندَ قدري، وما دامَ نتاجُ جهدي قد ضاعَ في بطن الحاسوب المُعطّل، فلا بدّ أنّ المنهاجَ أو طريقةَ وضعِ المنهاج بحاجةٍ لتعديل. فبدلَ مِن قولي "يجب أن." و"عليّ أن.." جاءت فكرةُ الكتابِ الأخيرِ الذي صدرَ لي بعنوان "قريمشه يا قريمشه"، والّذي ضمّنتُهُ مجموعةً مِنَ الأغاني الّتي قمتُ بتأليفِ مجموعةٍ منها على أُسُسِ تصوّري للمنهاج، إذ بنيتُ الأغاني على مجموعةٍ مِن موروثاتِنا الشّعبيّة، مِن أمثالٍ ونباتاتٍ وألعاب وسواها.. فمن "الأمثال" على سبيل المثال قلت:
أوّل مثل حلو كثير/ وتا الواحد يْصير كبير/ "نام بكير وقوم بكير وشوف الصّحة كيف بتصير"...
أمّا ثاني نصيحة/ للصّحّة كثير مليحة/ بيوصّونا نوكل زيت/ تنصير نناطح الحيط...
وفي مجال الألعاب الشّعبيّة: تعو نعمل دوريّة/ أوسع مِن الطبليّة/ ونقرمز سوا ونلعب/ "طاق طاق طقية".
وكذلك: إحنا في شهر تشرين/ بردو بيكتّ المصارين/ والحبوب أحسن مأكول/عدس وحمص وفول...
ولم يغِبْ عن بالي تفسيرُ معظم الكلمات والعبارات التي لها خصوصيّة شعبيّة قد غابت أو كادت تغيبُ عن فهْم الجيل الجديد، ولعلّ ذلك يُفيدُ في الإبقاءِ على تراثِنا حيًّا في أوساطِنا الشّعبيّة، ولا أبالغُ إذا قلت أنّ العديدَ مِن الأهل لا يفقهونَها. مثلاً: عندما كتبت أغنية "العجين" وعمليّة العجن، وورد ما يلي:
لمّا بتخلص العجنة منرَدّدْها/ نريِّحها ونقطِّعها ونْكَوْبِجها/ وبالشّوبك عّالطبليّة ومنِفْرِدُها/ بتصير كماجة بتخْمَر ومنخبزها...
فما معنى "منرددها" وكذلك "نكوبجها" و "شوبك" و "كماجه"، فهذه الكلمات قد غابت عن قاموسِنا البيتيّ مع انتشارِ المخابز والخبز الجاهز.
ومِن الجدير ذكرُهُ أنّ شقيقتي نبيلة قامت بتلحينِ جميع الأغاني، وكتابةِ النّوتة الموسيقيّة، والصّديقة سسيل كاحلي رسمت لوحاتِ الكتاب، وتألّقت الصّبيّة جيهان أبو آمنه في غناءِ جميع أغاني الكتاب، حيثُ أصدرت اسطوانة مدمجة ألحقتها بالكتاب، وأنا الآن بصددِ إصدار مجموعةٍ مِن الحكاياتِ الشّعبيّة التي قمت بحكايتِها لأطفالِ الرّوضات التي أشاركُ بالإشرافِ عليها متطوّعة، والتي هي ضمنَ مؤسّساتِ مجلس الطائفةِ الأرثوذكسي، الّذي أشغلُ فيه مقعدًا في هيأتهِ التمثيليّة، وكذلك أحاولُ إصدارَ كتابٍ آخر لمجموعة أخرى مِن الأغاني.
كونك (عضوة ومتطوّعة) في مجلس الطّائفة الأرثوذكسيّ في النّاصرة، حدّثينا عن نشاطِكِ الآخر معه!
أنا عضوةٌ في اللّجنةِ المُشرفةِ على مؤسّسةٍ تابعةٍ للمجلس، وهي "دارة الثقافة والفنون وبيتِ الكاتب"، فإلى جانبِ الدّوراتِ المتعدّدةِ لتعليم العزفِ على الآلاتِ الموسيقيّةِ المختلفة، نقومُ بتحضيرِ برنامجٍ شهريٍّ بعنوان "صالون الدارة"، نقدّمُ مِن خلالِهِ شخصيّاتٍ أدبيّةً وفنّيّةً لمختلفِ المجالات، وقد وضعنا هدفًا واضحًا للبرنامج الشّهريّ، أن يُرافقَ أيَّ ضيفٍ أدبيّ موهبةً مِن مواهبِنا الموسيقيّة المَحلّيّة، تشجيعًا لتلكَ المواهبِ للاستمرارِ في مسيرتِهم الفنّيّة. ولا يفوتُني في هذهِ المناسبةِ التنويه، بأنّنا أقمْنا أوّلَ وأهمَّ جاليري على درجةٍ عاليةٍ مِن المهنيّةِ في الدّارة، لعرْضِ لوحاتٍ لفنّانينَ تشكيليّينَ مِن جميعِ المناطق، وقد نجحْنا في ذلك نجاحًا باهرًا.
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 باعتقادِك، هل يستطيعُ فلسطينيّو الدّاخلِ الحفاظَ على موروثاتِهم الشّعبيّة؟ وما دوْرُ المؤسّساتِ في ذلك؟
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 باعتقادي أنّ موضوعَ التّراثِ الشّعبيّ مِن أكثرِ المواضيعِ تعقيدًا في ظلّ الظّروفِ الّتي نحياها في الدّاخل. فمِن جهةٍ هو الهُويّةُ والوجود، والشّاهدُ على كينونةِ الشّعب، وهو مِن أكثرِ المواضيع التي لها علاقةٌ "بالتاريخ والجغرافيا"، هذا مِن بابِ الحفاظِ على الموروثاتِ الشّعبيّةِ بكلّ فروعِها. فكيفَ تتصوّرين مصيرَ التّراثِ مع تطوّرِ الزّمنِ وغيابِ المناخ العامّ، كتحوّلِ المجتمعاتِ الزّراعيّةِ المُنتِجة، والدّفيئة لإنتاج الموروثاتِ الشّعبيّة والحفاظ عليها، وتحوُّلِ مجتمعِنا كما سوانا إلى مجتمعاتٍ مُستهلِكةٍ بامتياز!؟
الحفاظُ على موروثاتِنا الشّعبيّةِ بحاجةٍ إلى مؤسّساتٍ تقومُ بجمْعٍ مُمنهَجٍ للموادّ المبعثرةِ في عقولِ وشفاهِ وذاكرةِ أفرادٍ مِن فئةٍ عمريّةٍ معيّنة، وممّا يُؤسفُ له أنّ تلكَ المجموعة، أعني كبار السن، قد بدؤوا يتناقصون بشكلٍ كبير، وعليهِ، فإنّ الحفاظَ على موروثاتِنا هو مِنَ المُعضلاتِ الّتي نُواجهُها، ولا أدري كيف نستطيعُ حلّها، إلاّ ما قامَ ويقومُ بهِ بعضُ أفرادٍ مِن مجهودٍ شخصيّ وميزانيّاتٍ خاصّة، ومِن بينِهم أنا، حيث استطعنا التقاطَ الجزءِ اليسيرِ قبلَ فواتِ الأوان، وذلك لغيابِ المؤسّساتِ الّتي ترعى ذلك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Empty
مُساهمةموضوع: رد: نائلة لبس - الفولكلور الفلسطيني   نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Emptyالثلاثاء 18 يوليو 2017, 10:28 pm

نائلة لِبِّس حدّثينا عن البداياتِ، وكيف ومِن أين انطلقَ اهتمامُكِ بالتّراث؟
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 كان ياما كان .. عائلة صغيرة هادئة تتكوّن من أب وأم وطفلتهما، تسكنُ في حيفا تنتظرُ مولودُهما الثاني، عندما اندلعت حربُ الاغتصاب المعروفة بالنكبة، نكبة فلسطين التي عصفت وهزّت أركانَ البلادِ والعباد. وكان النزوح.. هجرة داخليّة وخارجيّة غيّرت خريطةَ الأرض ومواقعَ سكّانِها، مِن لاجئٍ هاربٍ عبْرَ الحدود، إلى طالبٍ لحمايةِ الأهل في الجوار.
ومن حيفا لفظتْ أمواجُ بحرِها تلكَ العائلةِ إلى النّاصرة التي بها استقرّت ولا تزال. النّاصرة مدينة البشارة التي استقبلتني جنينًا في شهرِهِ الخامس، مع أبٍ كان موظّفًا في شركةِ بترول العراق في حيفا، وأمٍّ ربّة منزل تربّي طفلتها وتنتظر مولودَها، حيث كان لهذهِ العائلةِ حقُّ الأولويّة في استئجارِ غرفةٍ في ديرِ المطران الأرثوذكسي، كوْنَ أمّي حفيدةَ كاهن الطّائفة في قرية يافا النّاصرة.
ولمّا خسرَ أبي وظيفتَهُ، أخذ يبحثُ عن عملٍ يكفلُ لهُ الحياةَ الكريمة، ولم يَطُلْ بحثُهُ، إذ كانَ قد تعلّمَ مهنةَ التّصويرِ الفوتوغرافي بنفسِه، وبها بدأ عملَهُ في تصويرِ كلّ مَن أرادَ استصدارَ بطاقةِ هُويّةٍ مع بدايةِ الاحتلال.
كانَ عملُهُ شاقًّا بل مُضنيًا، خصوصًا بعدَ ولادتي، وثمّ أخي الذي وُلدَ بعدي بسنة، وكان لوالدتي دورُها في معاونةِ زوجها المُصوّر الشّابّ، الّذي يعملُ بطريقةٍ بدائيّةٍ في إخراج الصّور.
نعودُ للغرفةِ الصّغيرةِ الّتي تحمّلتْ ضغطًا فوقَ إمكانيّاتِ مساحتِها، فهي غرفة نوم ومطبخ وحمّام وصالة استقبال ضيوفِنا القليلين مِن سكّانِ الحيّ الشّعبيّ، وهي فوقَ هذا وذاك استوديو للتّصوير، وفي اللّيلِ تتحوّلُ لمعملٍ لتحضيرِ الصّور...
لم أحتمل أنا الطفلة الوسطى كلّ هذا الضّغطِ الحياتيّ والعاطفيّ، وقد ملأتُ المكانَ بكاءً وصراخًا، جعلَ الحياةَ معي أمرًا لا يُطاق، حتى حضرت جدّتي لوالدتي في أحدِ الأيّام، وعرفت ما تعاني والدتي مِن مختلفِ أنواع الضّغوطِ الّتي أهمَّها أنا، فاقترحت أن تنتزعَني مِن وسطِ العائلة لتربيتي، ولتتركَ والدتي لمساعدةِ زوجِها وتربيةِ طفليْها، وهكذا كان.
لقد كانَ لحياتي في كنفِ جدّي وجدّتي الأثرَ الأهمَّ في توجّهي نحوَ كلّ ما هو متعلّقٌ بالمأثوراتِ الشّعبيّة، عِلمًا بأنّ قرية يافا النّاصرة قريةٌ زراعيّة، وسكّانُها بأغلبيّتِهم السّاحقةِ مِن الفلاّحين، علمًا بأنّ جدّي لوالدتي كان شرطيًّا في زمنِ الانتدابِ البريطانيّ، وقد استعفى مِن الخدمةِ قبلَ الحرب بأشهرٍ قليلة، لخوفِهِ مِن تدهورِ الأوضاع الأمنيّة، وهو المالكُ لمساحةٍ مِنَ الأرضِ لا يُستهانُ بها.
هناك، في يافا الناصرة عشتُ حياةَ الفلاّحين بحُلوِها ومُرّها، بمُكوّناتِها المادّيّةِ والفكريّة، بمواسمِها الزّراعيّةِ واحتفالاتِها الشّعبيّةِ، هناكَ قطفتُ الزّيتون، وجمعتُ البيضَ مِن قنّ الدّجاجاتِ، وشاركتُ في حلْبِ البقرة التي كنتُ أشربُ لبنَها مباشرةً مِن ضرعِها، وكذلك شاركتُ في أفراحِها وكلّ مناسباتِها. وكم شدّني ذاك الغناءُ الذي كانَ يَصدرُ مِن حناجرِ النّسوةِ المشاركاتِ في الأعراس، كم وكم حفظتُ مِن أبياتٍ مبعثرةٍ مِن أغانيهنّ، تلكَ الأغاني الّتي كانت "الخميرة" الّتي تكاثرتْ مع تقدّمي في العّمر.
بعدَ إنهائي فترة الدّراسةِ الثّانويّةِ، كنتُ قد عدتُ لكنفِ عائلتي النّواة، عُيّنتُ كمعلّمةٍ لموضوع الموسيقا في مدرسةِ قريةِ عين ماهل الابتدائيّة، ولم يكن بالقريةِ مدرسةٌ سواها، حيثُ التّراث يُزيّنُ أثيرَها بكلّ مُركّباتِه، فزادَني ذلك تعرّفًا على التّراثِ وتمسّكًا به، وكانَ أسبوعُ التّراثِ الذي أقمناهُ في المدرسة عام 1948، نقطة الانطلاق والشّرارة الأولى التي ألهبتْ مشاعري للعملِ الجادّ بالموضوع، ولم أستطع الخروجَ منه أو التّخلّي عنه، حتّى اليوم ولآخر أيّامي، إذ غرقت فيهِ بمتعةٍ لا تُدانيها متعة.
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008  عناصرُ لا بدّ منها لتمكين أيّ هاوٍ لإنجازِ المُهمّة.. ما هي العناصر التي استندت عليها لتنفيذِ هذا العمل؟
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 مثلّث المحاور لا بدّ مِن وجودِهِ كي أقوم بما قمت، في ظلّ غيابِ التّشجيعِ المعنويّ والمعونيّاتِ المادّيّةِ مِن الألف حتى الياء.
المحورُ الأوّل هو المناخ الفلاّحيّ الزراعيّ، فهو الدّفيئة التي حضنت وأنتجت الفلكلور بكلّ نواحيهِ، القوْليّة والموسيقيّة والترفيهيّة وسواها.. إذ لا بدّ ممّن يتعاملُ معها مِن معايشةِ الفلكلور مِن خلال الحياة، في كنفِ المجتمع الّذي أنتجَهُ، كي نستطيعَ فهْمَ وهضمَ النّصوص والصّورِ التي تعبقُ بها الأغاني والحكايات، وهي الطُّعمُ المميّزُ للمادّة، مع غيابِ المُركّباتِ الاجتماعيّةِ الّتي أنتجت التراث، نتيجةَ تبدّل نمطِ الحياة، مِن الزّراعيّةِ المُنتِجةِ إلى الحديثةِ المُستهلِكة، بمعنى؛ أنّنا نغنّي مثلاً:
ذبحنا ذبايحنا على المرج الأخضر
واللّي ما يْصدّق ييجي اليوم ويحضر
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 لماذا قمنا بذبح الذّبائح في المرج وليسَ في ساحاتِ البيوت؟
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 أنّ بعضَ سهراتِ الأعراسِ كانت تُقامُ في خيامٍ يَنصبُها الأهلُ على أحفافِ البلد، كي تتّسعَ لأكبر عددٍ من المَدعوّين، وهذهِ إشارةٌ للعرسِ الكبيرِ الذي لا يُقيمُهُ عامّةُ الشّعب بل عُلّيّةِ القوْم.
المحورُ الثّاني هو مهارةُ الباحثِ في التّعبيرِ عمّا يختلجُ في صدرِهِ، وعمّا يملأ رأسَهُ مِن أفكارٍ وتحليلاتٍ، كي تصلَ الفكرةُ للقارئِ بشكلٍ سلسٍ بعيدّا عن الرّكاكة، وهذا ما حباني الله بهِ مِن قدرةٍ على التّعبير، كانت قد فاقت ميولي الموسيقيّة، وقد تميّزتُ منذ طفولتي بمواضيعي الإنشائيّة، ممّا أثارَ إعجابَ معلّمتي للّغةِ العربيّةِ السّيّدة مريم بقلي أمدّ الله في عمرِها.
وأهمّ المحاور هو الاطّلاعُ بموضوعِ الموسيقى، كوْني أتحدّثُ عنّي كباحثةٍ في "الأغنيةِ"، وتحديدًا الأغاني النّسائيّة في الفلكلور، ، والإلمامُ بأبسطِ أُسسِها ومعرفةِ الإيقاعاتِ الّتي تُبنى عليها الأغاني، مع قدْرٍ متواضعٍ مِن إتقان تأديةِ الغناء، إذ كنتُ أملكُ صوتًا جهوريًّا قويًّا.
تلكَ هي أهمُّ العناصرِ الّتي اتّكلتُ عليها، وكان لا بدّ منها لإخراجِ أبحاثي للنّور.
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 ما الذي دفعَكِ للاهتمامِ بالموْروثاتِ الشّعبيّةِ على اختلافِها؟
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 أوّلاً: أنا لا أدّعي بأنّي مهتمّة بمعنى باحثة بكلّ الموروثاتِ الشّعبيّة، لأنّ ذلكَ ضربٌ مِن المستحيل، عندها يتحوّلُ البحثُ إلى سرْدٍ ركيكٍ لمركّباتِ الفلكلور، وهذا ليس بحثًا.
أمّا عن اهتمامي بالموْروثاتِ الشّعبيّة، وتحديدًا بالأغاني النّسائيّة وما يدورُ حولَها مِن مواضيع، وهي كثيرة جدًّا، فقد جاءتْ لإيماني بكوْنِ هذهِ الموْروثاتِ ضرورةً مُلِحّةً لأيّ شعب، خاصّةً في غيابِ المُؤسّساتِ الحكوميّةِ التي تحفظُ وتُحافظُ على الموروثاتِ الشّعبيّة، كوْنَها مِن أهمّ مُركّباتِ الحياةِ النّفسيّةِ والعاطفيّةِ للمجتمع، وهي الشّاهدُ على تطوّرِ أيّةِ مجموعةٍ تعيشُ على بقعةٍ مِن الأرض تُسمّى "وطن"، وتُدحرجُ المُتغيّراتِ في مسارِ المجتمع مِن البدائيّةِ الأولى حتّى أقصى درجاتِ الازدهار، خاّصةً ونحنُ نتحدّثُ عن الأغاني النّسائيّة، الّتي لم تتركْ أيَّ جانبٍ مِن الجوانبِ إلاً وتحدّثتْ عنهُ بكلّ تفاصيلِهِ.
مِن هنا جاءَ إيماني بما عملت، وصبري الطّويلِ لإنجازِ ما أنجزت، وأنا سائرةٌ في الدّرب إلى ما شاءَ الله لي مِن عمر.
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 الفلاح.. هل لا زالَ فارسَ الأحلام؟ وأينَ هو اليوم؟
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 مِن المُتّبعِ والمعروف بأنّ الإنسانَ كثيرًا ما يهربُ مِن واقعِهِ، ويلوجُ في عبابِ أحلامِهِ بما يُسمّى "أحلام اليقظة"، وهو ما تمّ المتعارفُ عليه في ظلّ المُتغيّراتِ التّكنولوجيّةِ في لغةِ الحاسوب "بالعالم الافتراضيّ"، حينَ يصعبُ على الفردِ تحقيقَ ما حلمَ بهِ أو أرادَ تحقيقهُ في واقعِه.
ولا أُخفي هذهِ الحالةَ التي تُرافقُني في كلّ فترةٍ يخلو فيها عقلي مِن مشاكل أو أحداثٍ يوميّة أو انشغالاتٍ تحتاجُ لترتيب، ففي فترة الخلوّ تلك والخلوة، ألجأ لتحقيقِ أحلامي الفلاّحيّةِ في عالمي الافتراضيّ، فتريْنَني أزرعُ وأحصدُ وأتصدّى لتغييراتِ المناخ، وأجمعُ محصولي تمامًا كما أردتُ أن أكون، لكن بدونِ الفلاّح رفيق الدّرب/ الزّوج، لأنّ أحلاميَ "الفلاّحيّة" كانتْ تستندُ للعملِ الزّراعيّ لشديدِ حبّي وهُيامي بها.
أمّا عن الفلاّح اليوم، فكيف لنا أن نتحدّثَ عنهُ بغيابِ الأرض؟ ماذا بقيَ مِن مُركّباتِه؟
الفلاّحُ هو نمطُ حياة، يُفكّرُ بشكلٍ مُغايرٍ، يتفاعلُ معَ الأحداثِ بشكلٍ مغاير، يفهمُ الخبرَ الصّادرَ عبْرَ المذياع وينقلُهُ لصديقِهِ بشكلٍ مختلف.
الفلاّحُ هو الأبدُ والأزل.. هو الحياةُ المُشبَعةُ بالخيرِ والعطاء.. هو الجنديُّ المجهولُ الّذي يُقدّمُ لنا الكثيرَ مقابلَ القليل.. يُذيبُ عمرَهُ في خُضارِهِ الّتي يَزرعُ وفاكهتِهِ الّتي يغرسُ ويقطفُ، ولم يعُدْ للفلاّحِ في ناحيتِنا الفلسطينيّةِ الإسرائيليّةِ سوى اسمٍ على غيرِ مُسمّى، وعليه، فقد غابَ عن ذاكرتي كيانُ الفلاّح الّذي تمنّيتُ في شبابي أن أحيا في كنفِهِ، وبقيَت الممارسةُ والحياةُ الافتراضيّةُ الّلتانِ لا أستطيعُ التّخلّصَ مِن عِشقِهما.
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 العائلةُ الموسيقيّة أثرُها في بلورةِ مواهبِكِ حدّثينا عنها..
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 لعائلتي الموسيقيّةِ بدايةٌ تعودُ إلى ما قبل كوْنها أسْرة، فكانَ هناك حبٌّ وشغفٌ بالموسيقا لكلٍّ مِن أمّي وأبي – رحمهما الله – في شبابهما، وكانَ طموحُ والدي أن يُتقنَ العزفَ على آلةِ العودِ منذ كانَ في حيفا، يستمعُ للمرحوم حليم الرّومي في صالون الحلاقةِ الّذي كان يُديرُهُ فيلومون وهبة، حيثُ اشترى عودَهُ الأوّلَ ممّا ادّخرَ مِن دخلِهِ القليل، في ظلِّ عائلةٍ فقيرةٍ عديدةِ الأولاد، وجميعُهم مِن الذّكور. وبما أنّ والدي هو الابنُ البكر، كانَ عليهِ أن يُعينَ والدتَهُ في أعمالِ المنزلِ مِن مسْحٍ للأرضيّة والكنس والعجْن وغيره.. وعندَ الفراغِ كانَ يلجأ "للسّدّه"؛ المكان المُرتفع في البيتِ لتخزين المُؤن، كي يُمارسَ موهبتَهُ للعزف على عودِه. وفي إحدى المرّات، كانت والدتُهُ بحاجةٍ لمساعدتِهِ ولم يستجبْ لندائِها، فصعدت إلى حيث كان، وحملت العودَ وكسرَتْهُ على رأسِهِ، ولم يكن أمامَهُ إلاّ الانصياع لأمرِها، بينما حملَ شغفَهُ بالموسيقا حتّى آخرِ أيّامِه. وقبلَ الدّخولِ في تفاصيلِ المسيرةِ الموسيقيّةِ للعائلة، أعودُ لعلاقةِ والدتي بالموسيقا:
فكانت والدتي تملكُ صوتًا رخيمًا مِن فئةِ صوتِ القديرة فيروز، ومِن محاسنِ الصُّدفِ أنّها تحملُ نفسَ الاسم، وكانت في مطلع شبابِها تُرافقُ جدَّها المرحوم "الخوري خليل" كاهن طائفة الرّوم الأرثوذكس في يافا النّاصرة، في أداءِ القدّاس الإلهيّ، الّذي يتطلّبُ الترتيلَ والنّشيدَ والتّسبيحَ البيزنطيّ، مِن أوّلِ القدّاسِ حتّى نهايتِه، وكانَ المُصلّونَ يغمرونَها بكلماتِ التّشجيع، نتيجةً لِما كانَ ينتابُهم مِن مشاعرِ النّشوةِ لرخامةِ صوتِها.. وهكذا، التقى عازفُ عودٍ لم تُسعفْهُ ظروفُ الحياة لإتمام قواعد موهبتِه، مع صبيّةٍ يملؤُها حبُّ الفنون، خاصّةً الغناء. وكانت مغامرتُهما الأولى بعدَ الزّواج أن التحقا بفرقةٍ للتّمثيل في حيفا، ومثّلا معًا مسرحيّةً بعنوان "ليلى بنت الصّحراء"، وهنا حلّ الغضبُ وقامت الدّنيا ولم تقعد..
أرسلَ أحدُ أقرباءِ جدّي لوالدتي برسالةٍ مِن حيفا، حيث كان يسكنُ ذاكَ القريبُ معَ عائلتِهِ، يستعرضُ فيها "العار" الذي لحقَ بالعائلة، نتيجة اعتلاءِ "فيروز" خشبةَ المسرح، وأخذ يتلو عليهِ مِن خلالِ الرّسالةِ ما سيحلُّ بالعائلةِ نتيجةَ هذا العملِ الطّائش، واختتمَ الرّسالةَ بأن استحلفَهُ بالأنبياءِ والصّالحين، بأن "يمحو عنهم هذا العار"، ويَثني والدتي عن التمثيل.. وهكذا كان.
كانت هديّةُ والدي الأولى لوالدتي بمناسبةِ عيدِ زواجِهما الأوّل آلةَ "هارمونيكا"، وهي آلةٌ موسيقيّةٌ تشبهُ "الأكورديون"، وبدأت تتعلّمُ العزفَ عليها، أمّا هو فقد أعادَ تصليحَ عودِهِ الذي كُسرَ على رأسِه، وعاودَ التّمرينَ والتدريبَ عليه.
وكان ما كان مِن حربٍ وتهجير، حيثُ استقرّت العائلة في النّاصرة، وما هي إلاّ سنواتٍ قليلة، حتى استأجرَ والدي بيتًا في حيّ السّوق؛ أحدِ أكثر أحياءِ النّاصرةاكتظاظًا وحيويّة، وافتتحَ استوديو للتّصوير، وكان الاستوديو جزءًا مِن البيتِ الّذي سكنّاه، فاكتفى بشراءِ بعضِ متطلّباتِ المنزل مِن أثاثٍ متواضع، إذ أصبحَ عددُ الأولادِ خمسة، وآلة البيانو كانت أوّلَ القِطعِ التّرفيهيّة الّتي دخلت البيت، إذ كنّا قد بدأنا أنا وأختي وأخي نتعلّم الموسيقا والعزف لدى راهبات الفرنسيسكان في النّاصرة، في نفسِ المدرسةِ التي نتعلّمُ فيها، وكانت أعمارُنا بين 6-9 أعوام، وبعدَ سنتين تحوّلَ أخي نبيل؛ ولاحقا د. نبيل عزام في الموسيقا وقائد فرقة "ميستو" العالميّة في لوس أنجلس، بدأ التّعلّمَ على آلةِ الكمان في حيفا في معهدِ روبين، وكانَ يُسافرُ لوحدِهِ مرّتيْن في الأسبوع. أمّا أنا فقد تحوّلتُ للعزفِ على آلةِ الأكورديون، بينما بقيت شقيقتي الكبرى نبيلة تُتابعُ دراسة البيانو، وهي اليوم معلّمة للموسيقا في كليّةِ إعدادِ المعلّمين في حيفا، وكلّيّةِ القاسمي في باقة الغربية، وأمّا شقيقتي الأصغر فقد برزت في مجال التّمثيلِ لاحقًا، فقد اختارَ لها الوالدُ مجموعةَ الآلاتِ الإيقاعيّةِ كي تُشاركَنا العزف، إذ بدأت فكرةُ تكوين الفرقةِ العائليّةِ تتبلورُ لديه، وكانت وقتَها في العاشرة مِن عمرِها، وحاولَ أخي الأصغر أن يتولّى هذه المُهمّة، لكنّ الوالدَ رفضَ ذلك، لأنّهُ لم يتجاوز السّادسة مِن عمره. وفي أحدِ الأيّام سمعَ عزفًا متقنًا على الإيقاعات "درامز"، ولمّا تفحّصَ الأمرَ وجدَ أنّ العازفَ هو الأخ الأصغر "حليم"، وهو اليوم طبيبٌ متخصّصٌ بالأمراض الجلديّة، ومنذ تلكَ الواقعة أصبحَ "حليم" ضابطَ إيقاعِ الفرقةِ الموعودة، إذ برعَ بالعزفِ وضبطِ الإيقاع، ممّا أذهلَ كلَّ مَن سمعَنا لاحقًا، وفي أوّل يومِ أحدٍ بعدَ انتقالِ مهمّةِ العزف على الإيقاع لحليم، سافرنا إلى حيفا، وتمّ اختيار آلة "اكسولوفون"، لتبدأ ناهدة التّعلّم عليها.
بدأنا نعزفُ كلٌّ على آلتِهِ بشكلٍ منفرد، حتى شاءت الأقدارُ وزارَنا المرحوم الموسيقيّ مارون أشقر لغايةِ التّصوير، فشرحَ لهُ الوالد عن مشروعِهِ بإقامةِ فرقةٍ موسيقيّةٍ عائليّة، وأسمعَهُ عزفَنا الواحد تلوَ الآخر، ولم يتوانَ الوالدُ بأن عزَفَ هو نفسُهُ على عودِهِ، ومِن هنا كانت البداية. لم يفوّت الأستاذ مارون هذهِ الفرصة، فعرضّ على الوالدِ أن يقومَ بتدريبنا في فرقةٍ واحدة.
لكن والدي لم يسمحْ بأن تبقى والدتي خارجَ السّرب، فاستشارَ الأستاذ مارون في نوعيّةِ الآلة التي تتخصّصُ بها الوالدة، تكون مناسبةً لها وتسدُّ فراغًا في الفرقة، واستقرّ الرّأيُ على آلة "التّشلو" التي تُعطي الطّبقةَ المنخفضة في العزف، وتُشكّلُ الأرضيّة الّتي تحتضنُ أصواتَ الآلاتِ الموسيقيّة، وهي مِن الآلات الهامّةِ في أيّةِ فرقةٍ موسيقيّةٍ تؤدّي المعزوفاتِ بعيدًا عن أغاني الأعراس.
وانطلقت هذه الفرقة التي اختارَ لها والدي اسمَ "فرقة بيت الفن"، وأخذنا نجوبُ البلادَ في عروضٍ مميّزةٍ لمناسباتٍ خاصّةٍ أو خيريّة، أو استقبال شخصيّاتٍ رفيعة، ولم نتقاضَ أيّ مقابلٍ لعزفِنا سوى أجورِ وسائطِ النقل التي كانت تُقلُّنا حيثُ المناسبة.
مِن هنا بدأ يتحقّقُ حلمُ الوالدِ بمحاكاةِ عائلة "دار الخِلّ" النصراويّة، والّتي كانت رمزًا مميّزًا للموسيقا، إذ كانَ الوالدُ المرحوم جريس الخل يعزفُ على آلةِ "الهرمونيكا"، وولدُهُ الأستاذ يوسف الخل، أمدّ الله في عمرِهِ كانَ يعزفُ على آلةِ البيانو، والابنة ماري تعزفُ على النّاي، وباعتقادي أنّها كانت أوّلَ معلّمةٍ للموسيقا في البلاد، فهذه العائلة التي كانت المثلَ الأوّل، تأثرَ بها والدي عندما وضعَ خطّة إنشاءِ فرقتنا الموسيقيّة.
وفعاليات الفرقة طويلة وعريضة في الأحوالِ الموسيقيّةِ التي كانت تسودُ الناصرة والمنطقة، إذ كانَ بيتُ العائلة منتديًا للمواهبِ الموسيقيّةِ والمسرحيّةِ والأدبيّة، مع غياب وندرةِ المحاور التي تحتضنُ كلَّ ما ومَن ذكرت، ممّا أكسبَني العديدَ مِن المعارفِ التي يصعبُ الحصولُ عليها في الظّروفِ العاديّةِ بعدَ نكبةِ الشّعب الفلسطينيّ، إذ كان همُّ النّاسِ الأوّل تأمينَ لقمةِ العيش، والبحثَ عن مسارٍ اجتماعيٍّ بديلٍ ومُغايرٍ لِما اعتادتهُ معَ اختلافِ الحُكم والحاكم.
لقد تأثّرتُ بالغ الأثر بهذهِ الأجواء التي سادت البيت، ولملمتُ معارفَ وثقافاتٍ لم تُتحْ لسواي، ممّا تركَ بصماتِهِ على تكوين شخصيّتي، وساعدني في التّعرّفِ على مختلفِ الفنونِ الموسيقيّةِ والمسرحيّةِ والأدبيّة. واعتقادي بأنّ المثقّفَ هو الذي يعرفُ شيئًا عن كلّ شيء، كانَ بوّابةَ ثقافتي، ممّا ساعدَني كثيرًا بكتابةِ أبحاثي في مجالِ الفلكلور، علمًا بأنّي لم ألتحقْ بالجامعة، ولم يكن لي نصيبٌ في الدّراسة فيها، ممّا شكّلَ "كابوسًا" لاحقني في فترةٍ مِن عمري، ظننتُ فيها أنّ حياتي خاليةً خاويةً لا طعمَ لها ولا رائحة، لأنّ تربية أولادي قد استحوذت على كلّ قوتي وعزّ شبابي، لكنّي عدتُ وانتفضتُ على الظّروف، وبدأتُ مسيرتي المعرفيّة في زمنٍ متأخّر نوعًا ما، ووصلت لدرجةٍ أرضت بعضَ طموحي.
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 حدّثينا عن إنتاجِكِ في مجال الفلكلور، وما هي المراحل الّتي ابتدأتِها واجتزتِها..
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 لم أكنْ أتصوّرُ بعدما انفضَّ أسبوعُ التّراث في مدرستي، بأن أبحرَ في هذا العالم المُسمّى فلكلور، فتصفّحتُ ودرستُ المادّةَ الغنائيّة التي جمعتُها مِن قريةِ عين ماهل لإنجازِ الأسبوع، ووجدتُها ثروةً لغويّةً تراثيّةً اجتماعيّةً قد فاقت تصوّري، وتراكمت في ذهني مجموعةٌ مِن التّساؤلات: لماذا، كيف، أين، وما الهدف، والكثيرُ مِن الأسئلةِ التي لم أستطع الإجابةَ عليها، لكنّي أردتُ أن أجيب...
حملتُ تصوّري الأوّليّ لِما سوف يكونُ عليهِ التّعاملُ معَ الأغاني النّسائيّة، ورتّبتُها في بطاقاتٍ صغيرة، واتّصلتُ بد. منعم حدّاد، صاحب أوّل رسالة دكتوراة في التّراثِ الشّعبيّ، الذي كانَ مِن بين الحضورِ في أحدِ مهرجاناتِ أسبوع التّراث، واتّفقنا على اللّقاء الأوّلِ لأعرضَ عليهِ برنامجي، وكانَ لهُ الفضلُ الأكبرُ في تشجيعي للمضيّ في هذا الدّرب، وأهمُّ ما منحَني هو إمكانيّةُ الدّخولِ لمكتبةِ جامعةِ حيفا، واستعارة الكتب الّتي أريدُ على اسمِه. وبدأتُ في جمْعِ المزيدِ مِن الأغاني، وسِرتُ في خطوتي الأولى التي تدحرجت بعدَها، ولم أستطع التّوقّف، فكان عملاً مضنيًا في فترةٍ زمنيّةٍ كان أولادي بأمَسّ الحاجةِ لوقوفي إلى جانبهم، فترةِ دراستِهم الثّانويّة، ناهيك عن عملي في التّدريس، ومسؤوليّة الزّوج والبيت، إضافةً إلى أنّ مهمّتي هذهِ غيرُ مسبوقة، ولا مصادرَ مِن تجارب سابقة. إنّه الإيمانُ بالمهمّةِ والإصرار شدّاني للاستمرارِ والمواظبة.
وبعدَ أربع سنواتٍ مِن العمل الدؤوب من عام 1989، وتحت عنوان "الأغاني الفلكلوريّة النّسائيّة لمناسبةِ الخطبةِ والزّواج"، صدر بحثي الأوّل وعمّمتُهُ بين أبناء البلد، وضمّنتُهُ دراسةً مستفيضةً لمجموعةٍ مِن أغاني الأعراس النّسائيّةِ لمختلفِ طقوس العرس، وقد أعدتُ طباعةَ البحث عام 2006، نظرًا لتراكُمِ الموادّ الّتي واصلتُ جمْعَها على مدى سنوات، فأخذت تتعالى أصواتٌ تُطالبُني بجمْع أغانينا النّصراويّة بهدفِ تعميمِها على الجيل الجديد، خاصّةً وأنّ الشبابَ لا يجدون ما يغنّونَهُ معًا لدى إقامةِ المؤتمراتِ العالية، وكان بحثي الثاني تحت عنوان "أغانينا النّصراويّة، شاميّة وجاي مِن الشام" عام 1993.
ومِن الأغاني النّسائيّةِ في العرس وقفتُ على أهمّيّةِ بعضِ معتقداتِنا الشّعبيّة، وأخضعتُ إحداها للبحث، وكانت عن الحسد "صيبة العين"، وصدرَ كرّاس يحملُ ذاك البحث.
أمّا المهمّةُ الأصعب فكان بعنوان" الأمومة والطّفولة في الفلكلور الفلسطينيّ "يا ستّي ويا ستّي"، البحث الخاصّ بعالم الأطفالِ والطّفولة، وسبب التّسميةِ كان للفترة الزمنيّةِ التي جمعتُ فيها مضمونَ البحث، منذ كنتُ أقول لجدّتي "يا ستّي"، حتى أصبحَ لي أحفاد يُنادونني "يا ستي". وكانت مجازفةً كبيرة يومَ أن قرّرتُ إخراجَ هذا البحثِ للنّور، لِما يحملُهُ مِن توضيحٍ لحالِ المجتمعاتِ العربيّةِ التّعيسة، خاصّة الفلسطينيّ.
وآخرُ إنتاجي كتاب "قريمشِه يا قريمشة"، ومِن أكثرِ الأمور التي قرّبت موادّ الأبحاثِ لنا، كانت فكرةُ إصدارِ أسطواناتٍ مُدمجةٍ لمجموعةٍ مختارة مِن جميع الأبحاث التي أصدرْتُ، ولها حكاياتٌ لأسبابِ صدورها.
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 منهاجُ تعليم التّراثِ في مدارسِنا العربيّة، أين هو اليوم؟
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 في الحقيقةِ قمتُ بوضعِ تصوّرٍ لمنهاج تعليم التّراث الشعبيّ ليسَ للمدارس، إنّما لجيلِ الطّفولةِ المُبكّرة لمختلفِ فنون التّراثِ الشّعبيّ؛ أغنية، حكاية، أمثال، ألعاب، حزازير وسواها من موروثِنا الشّعبي، وقطعتُ بذلك شوطًا كبيرًا، لكن "النّصيب" قد حالَ دون ذلك، إذ تعطّلَ الحاسوب الذي وضعتُ بهِ برنامجي، وأُتلفت جميعُ الموادّ التي جمعت، وبعدَ فترةِ الصّدمةِ الّتي هزّتْني عدتُ لأراجعَ أفكاري، لاعتقادي أنّ ما حصلَ هو مؤشّرٌ لي لإعادةِ التفكيرِ بطريقةٍ أخرى لتنفيذِ ما خطّطت، وقد تعلّمتُ مِن تجاربي الكثيرة أن لا أعاندَ قدري، وما دامَ نتاجُ جهدي قد ضاعَ في بطن الحاسوب المُعطّل، فلا بدّ أنّ المنهاجَ أو طريقةَ وضعِ المنهاج بحاجةٍ لتعديل. فبدلَ مِن قولي "يجب أن." و"عليّ أن.." جاءت فكرةُ الكتابِ الأخيرِ الذي صدرَ لي بعنوان "قريمشه يا قريمشه"، والّذي ضمّنتُهُ مجموعةً مِنَ الأغاني الّتي قمتُ بتأليفِ مجموعةٍ منها على أُسُسِ تصوّري للمنهاج، إذ بنيتُ الأغاني على مجموعةٍ مِن موروثاتِنا الشّعبيّة، مِن أمثالٍ ونباتاتٍ وألعاب وسواها.. فمن "الأمثال" على سبيل المثال قلت:
أوّل مثل حلو كثير/ وتا الواحد يْصير كبير/ "نام بكير وقوم بكير وشوف الصّحة كيف بتصير"...
أمّا ثاني نصيحة/ للصّحّة كثير مليحة/ بيوصّونا نوكل زيت/ تنصير نناطح الحيط...
وفي مجال الألعاب الشّعبيّة: تعو نعمل دوريّة/ أوسع مِن الطبليّة/ ونقرمز سوا ونلعب/ "طاق طاق طقية".
وكذلك: إحنا في شهر تشرين/ بردو بيكتّ المصارين/ والحبوب أحسن مأكول/عدس وحمص وفول...
ولم يغِبْ عن بالي تفسيرُ معظم الكلمات والعبارات التي لها خصوصيّة شعبيّة قد غابت أو كادت تغيبُ عن فهْم الجيل الجديد، ولعلّ ذلك يُفيدُ في الإبقاءِ على تراثِنا حيًّا في أوساطِنا الشّعبيّة، ولا أبالغُ إذا قلت أنّ العديدَ مِن الأهل لا يفقهونَها. مثلاً: عندما كتبت أغنية "العجين" وعمليّة العجن، وورد ما يلي:
لمّا بتخلص العجنة منرَدّدْها/ نريِّحها ونقطِّعها ونْكَوْبِجها/ وبالشّوبك عّالطبليّة ومنِفْرِدُها/ بتصير كماجة بتخْمَر ومنخبزها...
فما معنى "منرددها" وكذلك "نكوبجها" و "شوبك" و "كماجه"، فهذه الكلمات قد غابت عن قاموسِنا البيتيّ مع انتشارِ المخابز والخبز الجاهز.
ومِن الجدير ذكرُهُ أنّ شقيقتي نبيلة قامت بتلحينِ جميع الأغاني، وكتابةِ النّوتة الموسيقيّة، والصّديقة سسيل كاحلي رسمت لوحاتِ الكتاب، وتألّقت الصّبيّة جيهان أبو آمنه في غناءِ جميع أغاني الكتاب، حيثُ أصدرت اسطوانة مدمجة ألحقتها بالكتاب، وأنا الآن بصددِ إصدار مجموعةٍ مِن الحكاياتِ الشّعبيّة التي قمت بحكايتِها لأطفالِ الرّوضات التي أشاركُ بالإشرافِ عليها متطوّعة، والتي هي ضمنَ مؤسّساتِ مجلس الطائفةِ الأرثوذكسي، الّذي أشغلُ فيه مقعدًا في هيأتهِ التمثيليّة، وكذلك أحاولُ إصدارَ كتابٍ آخر لمجموعة أخرى مِن الأغاني.
كونك (عضوة ومتطوّعة) في مجلس الطّائفة الأرثوذكسيّ في النّاصرة، حدّثينا عن نشاطِكِ الآخر معه!
أنا عضوةٌ في اللّجنةِ المُشرفةِ على مؤسّسةٍ تابعةٍ للمجلس، وهي "دارة الثقافة والفنون وبيتِ الكاتب"، فإلى جانبِ الدّوراتِ المتعدّدةِ لتعليم العزفِ على الآلاتِ الموسيقيّةِ المختلفة، نقومُ بتحضيرِ برنامجٍ شهريٍّ بعنوان "صالون الدارة"، نقدّمُ مِن خلالِهِ شخصيّاتٍ أدبيّةً وفنّيّةً لمختلفِ المجالات، وقد وضعنا هدفًا واضحًا للبرنامج الشّهريّ، أن يُرافقَ أيَّ ضيفٍ أدبيّ موهبةً مِن مواهبِنا الموسيقيّة المَحلّيّة، تشجيعًا لتلكَ المواهبِ للاستمرارِ في مسيرتِهم الفنّيّة. ولا يفوتُني في هذهِ المناسبةِ التنويه، بأنّنا أقمْنا أوّلَ وأهمَّ جاليري على درجةٍ عاليةٍ مِن المهنيّةِ في الدّارة، لعرْضِ لوحاتٍ لفنّانينَ تشكيليّينَ مِن جميعِ المناطق، وقد نجحْنا في ذلك نجاحًا باهرًا.
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 باعتقادِك، هل يستطيعُ فلسطينيّو الدّاخلِ الحفاظَ على موروثاتِهم الشّعبيّة؟ وما دوْرُ المؤسّساتِ في ذلك؟
نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Puce_rtl-df008 باعتقادي أنّ موضوعَ التّراثِ الشّعبيّ مِن أكثرِ المواضيعِ تعقيدًا في ظلّ الظّروفِ الّتي نحياها في الدّاخل. فمِن جهةٍ هو الهُويّةُ والوجود، والشّاهدُ على كينونةِ الشّعب، وهو مِن أكثرِ المواضيع التي لها علاقةٌ "بالتاريخ والجغرافيا"، هذا مِن بابِ الحفاظِ على الموروثاتِ الشّعبيّةِ بكلّ فروعِها. فكيفَ تتصوّرين مصيرَ التّراثِ مع تطوّرِ الزّمنِ وغيابِ المناخ العامّ، كتحوّلِ المجتمعاتِ الزّراعيّةِ المُنتِجة، والدّفيئة لإنتاج الموروثاتِ الشّعبيّة والحفاظ عليها، وتحوُّلِ مجتمعِنا كما سوانا إلى مجتمعاتٍ مُستهلِكةٍ بامتياز!؟
الحفاظُ على موروثاتِنا الشّعبيّةِ بحاجةٍ إلى مؤسّساتٍ تقومُ بجمْعٍ مُمنهَجٍ للموادّ المبعثرةِ في عقولِ وشفاهِ وذاكرةِ أفرادٍ مِن فئةٍ عمريّةٍ معيّنة، وممّا يُؤسفُ له أنّ تلكَ المجموعة، أعني كبار السن، قد بدؤوا يتناقصون بشكلٍ كبير، وعليهِ، فإنّ الحفاظَ على موروثاتِنا هو مِنَ المُعضلاتِ الّتي نُواجهُها، ولا أدري كيف نستطيعُ حلّها، إلاّ ما قامَ ويقومُ بهِ بعضُ أفرادٍ مِن مجهودٍ شخصيّ وميزانيّاتٍ خاصّة، ومِن بينِهم أنا، حيث استطعنا التقاطَ الجزءِ اليسيرِ قبلَ فواتِ الأوان، وذلك لغيابِ المؤسّساتِ الّتي ترعى ذلك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Empty
مُساهمةموضوع: رد: نائلة لبس - الفولكلور الفلسطيني   نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Emptyالثلاثاء 18 يوليو 2017, 10:41 pm

أمسية التراث الفلسطيني تستقطب جمهورًا نصراويًا واسعًا

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Turath-zayyad

* الجمهور يثني على تميز هذه الأمسية * مؤسسة توفيق زيّاد تتعهد بمواصلة الاهتمام بقضية التراث *


نظمت مؤسسة توفيق زيّاد للثقافة الوطنية والإبداع أمسية التراث الفلسطيني في فاخورة عائلة مسمار في الناصرة، بمشاركة جماهيرية.

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Turath-mosmar2
وقد أدار الأمسية الصحافي سامي الحاج مرحبًا بالجمهور والمشاركين في الأمسية، السيدة مها السّـقّـا – مديرة مركز التراث الفلسطيني في بيت لحم والمربية نائلة عزّام لبّس – الباحثة في التراث، والفنان النصراوي بشارة الديب، مؤكدًا على ضرورة زيادة الاهتمام بقضية التراث والفولكلور بالنسبة للشعب الفلسطيني، كونه مكوّنًا من مكونات هويته القومية والوطنية في وجه محاولات طمس التاريخ والجغرافيا والهوية الفلسطينية، مستذكرًا نداء توفيق زيّاد في هذا الخصوص: "يا كل الأدباء والشعراء والمثقفون، إرموا بحجارتكم في هذا الدلو".

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Turath-mosmar3

وفي معرض حديثها، تطرقت السيدة مها السقا الى الجهد الكبير الذي بذلته في جمع كنوز التراث الفلسطيني وخاصة الأزياء الفلسطينية لكل بلدة وقرية فلسطينية، والتي تعكس نمط الحياة الاجتماعية لأهل فلسطين، إضافة الى الأشغال اليدوية من تطريز وغيره.

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Untitled-maha
وفي أثناء شرحها استعانت السيدة السقا بنماذج من الأثواب الفلسطينية المطرزة، شارحة تفاصيل كل ثوب. كما تحدثت عن دور مركز التراث الفلسطيني في بيت لحم، والذي أسسته وتديره منذ الانتفاضة الاولى، ومشاركة المركز في العديد من المعارض في البلاد والخارج.

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Turath-naila

أما السيدة نائلة لبس فقد تحدثت بإسهاب عن أغاني المناسبات وخاصة الأغاني النسائية في التراث الفلسطيني، ومنها المرتبط بالزي الفلسطيني، وقدمت نماذج مغناة تجاوب معها الجمهور بشكل كبير، شارحة معاني هذه الأغاني ودورها في إلهاب المشاعر في المناسبات المختلفة، وتحدثت عن مشوارها في جمع هذا التراث على مدى ثلاثين عامًا.

ومن وحي البلدة القديمة في الناصرة قرأ عريف الأمسية قصيدة للشاعر تميم الأسدي ألهبت حماس المشاركين.

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Turath-deeb
وأجاد الفنان بشارة الديب في تقديم مجموعة من الاغاني النصراوية – الشامية – التي تخصص في تقديمها، وتجاوب معها الحضور.

وقد نظم على هامش الأمسية معرض للأزياء الفلسطينية والتطريز من تجميع وإنتاج مركز التراث الفلسطيني في بيت لحم، إضافة إلى معرض الخزف من إنتاج عائلة مسمار في الناصرة، وقد اقتنى الجمهور العديد من هذه المعروضات.

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Turath-mosmar

وقد أثنى المشاركون في هذه الأمسية على تنظيم مثل هذه البرامج المميزة، داعين للاستمرار في تقديم هذه الأمسيات، وقد تعهدت إدارة المؤسسة بمواصلة هذا النهج وإعطاء قضية التراث المزيد من الاهتمام، من خلال برامج ستنظمها مستقبلا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Empty
مُساهمةموضوع: رد: نائلة لبس - الفولكلور الفلسطيني   نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Emptyالثلاثاء 18 يوليو 2017, 11:04 pm








Palestinian Wedding Mashup - مزيج العرس الفلسطيني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Empty
مُساهمةموضوع: رد: نائلة لبس - الفولكلور الفلسطيني   نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Emptyالثلاثاء 18 يوليو 2017, 11:14 pm

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Empty
مُساهمةموضوع: رد: نائلة لبس - الفولكلور الفلسطيني   نائلة لبس  -  الفولكلور الفلسطيني Emptyالأربعاء 19 يوليو 2017, 2:58 am







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
نائلة لبس - الفولكلور الفلسطيني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  موسم التين في الفولكلور الفلسطيني
»  العرس الفلسطيني: ماذا عن كسوة العروس؟ التطريز الفلسطيني
» من التراث الفلسطيني
» حوار مع نائلة الوعري | كيف أصبحت القدس عاصمة فلسطين السياسية والروحية؟
» المسخن الفلسطيني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: تاريخ وحضارة :: من التراث-
انتقل الى: