الأردن وإسرائيل: تقييم جديد
صحف عبرية
عندما قتل جد والد الملك عبد الله الثاني في تموز/يوليو 1951 في نفس المكان الذي قتل فيه شرطيان في يوم الجمعة الماضي، قام رئيس الحكومة الأردنية في حينه، توفيق أبو الهدى، بفرض حالة الطواريء في شرقي القدس، بما فيها أماكن الصلاة، واستخدم القبضة الحديدية ضد سكان المدينة. واذا كانت هناك توقعات بأن يهتم الملك عبد الله في ازمة الحرم الحالية بأنه في نفس الساحة التي طلب فتحها بسرعة، قبل أن يجف دم القتيلين، هايل ستاي وكميل شنان، وقبل تعلم الدروس الأمنية، فقد خابت هذه التوقعات. وبدل ذلك طلب الملك الأردني من إسرائيل «أن تكبح وتفتح»، ونحن كالعادة استجبنا لطلبه. لماذا؟ لأن الأردن هو ذخر استراتيجي.
كل شخص جديد على الدبلوماسية يعرف كيف يردد شعار أن اتفاقيات السلام هي ذخر استراتيجي. هل هذا صحيح؟ كيف يتم قياس ذخر كهذا؟ إذا كان هذا الاتفاق مبنيا على المصالح فأين ينعكس الربح بالنسبة لإسرائيل؟ أليس هناك خطر من أنه عند حدوث ازمة سيخيب هذا الذخر الآمال، ويضيع سنوات كثيرة من الاستثمار فيه؟.
هناك اتفاق سلام بين المملكة الأردنية وبين إسرائيل من العام 1994، لكن قبل ذلك بسنوات كثيرة، في عهد الأمير عبد الله، كانت هناك علاقة سياسية بين امارة شرق الأردن وبين الكيان الصهيوني. أي دولة إسرائيل التي قامت في 1948، والتي وافقت على اعتبار عبد الله حليفا، لكن في الفرصة الاولى التي كان فيها على الامير الهاشمي أن يثبت تمسكه بالاتفاق، التقى مع غولدا مئير وقال لها «أنا آسف، سأخل بالاتفاق وسأنضم إلى الدول العربية في الحرب ضدكم».
حفيده الملك حسين ايضا، الذي كانت له علاقة سرية مع إسرائيل في الستينيات ـ ما عرف باسم «قناة الضباط» ـ زعم أنه يؤمن بتعايش الافعال. وبدأ الحسين بشكل مفاجيء في حرب الايام الستة، بأمر من الرئيس المصري جمال عبد الناصر، بقصف القدس. وكانت أوامر الملك التنفيذية أكثر تشددا من أوامر السوريين، حيث طلب من ضباطه عدم أخذ أسرى يهود.
إسرائيل لم تنس له ذلك، بل على العكس، في ازمة «ايلول الاسود» في 1970، عندما كانت سوريا والعراق تريدان تعليم الملك درسا في التضامن العربي لأنه قام بتدمير نصف «م.ت.ف»، توجهت الولايات المتحدة إلى إسرائيل وطلبت منها المحاربة من اجل الملك. المبادرة الأمريكية والرفض الإسرائيلي أديا في نهاية المطاف إلى وضع فرقة مدرعات إسرائيلية لخدمة الملك.
وبوساطة أمريكية نشأ تحالف استراتيجي إسرائيلي ـ أردني غير مكتوب، الذي يستمر إلى الآن. اتفاق السلام الذي تم توقيعه في العربه بين رابين والملك حسين، كان مثابة مصادقة على هذا التحالف. وقد تعهدت إسرائيل بمنح الأردن في كل سنة 50 مليون متر مكعب من المياه من مصادرها.
الكثيرون تساءلوا وبحق، ما هو نصيب إسرائيل من هذا التحالف؟ ما الذي يجب على الأردن القيام به في هذه التحالفات المعقدة؟ هذا الاتفاق لا توجد له تقريبا ثمار السلام، باستثناء العلاقات الدبلوماسية التي تقتصر على السفارة الإسرائيلية المنغلقة في عمان، ولا توجد سياحة إسرائيلية تقريبا في الأردن باستثناء بعض الرحلات إلى البتراء والعقبة، والعلاقة التجارية والاكاديمية ضئيلة جدا.
«من المفروض أن يكون الأردن، «أردناً»، هذا ما يقوله الدبلوماسيون الذين عملوا في عمان. لا يوجد أي التزام من قبل هذه المملكة. ويقولون «يجب تفهم الملك. فلديه معارضة إسلامية متشددة تهدد نظامه وتمنع كل محاولة للتطبيع مع إسرائيل».
ومن اجل تطبيق الوضع القائم الداخلي مع قادة الحركة الإسلامية في المملكة، يقوم الملك بين الفينة والاخرى بالتضحية برأس إسرائيل والقائه إلى الجمهور الواسع الغاضب.
هذا ما حدث في قضية خالد مشعل في العام 1996، وفي ازمات اخرى في المنطقة. يمكن أنه قد حان الوقت لإعادة تقييم الفائدة من الذخر الاستراتيجي الذي يسمى المملكة الأردنية.
موشيه العاد
إسرائيل اليوم 19/7/2017