الهيئات الأرثوذكسية بالأردن وفلسطين تطالب بوقف "البيوعات" وإعادة أوقاف وأملاك الكنيسة
البطريركية الأرثوذكسية ‘‘تبيع‘‘ 600 دونم للاحتلال
الاثنين 14 آب / أغسطس 2017.
نادية سعد الدينعمان- كشف مسؤولون في الهيئات الأرثوذكسية بالأردن وفلسطين عن "صفقات" بيع جديدة لزهاء 600 دونم من الأراضي الفلسطينية التابعة للكنيسة الأرثوذكسية إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، والتي جرى عقدها مع البطريرك ثيوفولوس الثالث، بطريرك المدينة المقدسة وسائر أعمال الأردن وفلسطين، بقيمة تزيد عن 15 مليون دولار.
وتسرّبت الأملاك الأرثوذكسية للسيطرة الإسرائيلية بموجب خمس "بيوعات" تمّت، في فترات متلاحقة مؤخراً، "لمساحات شاسعة من الأراضي والأملاك، التي تحمل إرثاً تاريخياً دينياً وحضارياً وأثرياً غنياً"، وفق عضو المجلس المركزي الأرثوذكسي، عدي بجالي، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة.
وتدور تلك "الصفقات"، بحسب بجالي، حول "استيلاء الاحتلال على أراضي كل من؛ أبو طور، الواقعة في قسم منها عند حدود العام 1967، بمساحة تبلغ نحو عشرة دونمات، ورحافيا والطالبية، في القدس المحتلة، بحوالي 570 دونماً، وطبريا بحوالي 11 دونم، والقدس- البقعة، والقدس- شارع الملك داوود، بإجمالي زهاء عشرة دونمات".
وتزامن ذلك مع الحديث، أيضاً، عن "صفقتيّ" بيع 58 دونماً من الأراضي الأرثوذكسية في الرملة، وحوالي ثمانية دونمات من أملاك الكنيسة في يافا، لسلطات الاحتلال.
واعتبر بجالي إن "للبطريركية دوراً وازناً في تمكين الاحتلال من تهويد الأوقاف والأملاك العربية الأرثوذكسية في فلسطين المحتلة، واستهداف الحضارة والتاريخ والوجود الفلسطيني العربي المسيحي، وذلك عبر إتمام صفقات البيع".
وأوضح أن "السلطات الإسرائيلية لا تستطيع، قانونياً ودولياً، مصادرة أي وقف فلسطيني مسيحي إلا من خلال صفقات البيع الخطيرة، التي تستهدف الأراضي الفلسطينية المحتلة برمتها".
ويشار إلى أن "صفقة" رحافيا تبعد مئات الأمتار فقط عن سور القدس، لاسيما باب الخليل، بالبلدة القديمة، الذي تدور حوله مقولات بيع أملاك أرثوذكسية للاحتلال، الذي أقام عليها 1200 وحدة استيطانية، وهو الأمر الذي نفته البطريريكية.
إلا أن عضو المجلس المختلط المعيّن من قبل البطريرك، الفريق الدكتور داوود حنانيا، دعا إلى التريث لحين "انتظار تبيان كل الحقائق المتعلقة بما يدور من أحاديث حول صفقات بيع أملاك الكنيسة الأرثوذكسية".
وقال حنانيا، لـ"الغد"، وهو عضو المجلس الذي لم يجتمع لمرّة واحدة منذ تشكيله قبل أربعة أشهر تقريباً من ثمانية أعضاء من الأردن وفلسطين، إن "أملاك الكنيسة لا يجوز بيعها، من الناحيتين الوطنية والسياسية، باعتبارها أراضي فلسطينية لا يجوز بيعها للاحتلال".
ونوه إلى أهمية "إعادة النظر في قانون بطريركية الروم الأرثوذكسي، رقم 27 لعام 1958، لجهة وضع ضوابط تمنع التصرّف بأملاك الكنيسة الأرثوذكسية من قبل شخص بمفرده، من أجل وضع الموضوع في نصابه القانوني".
وتوقف عند ضرورة حصر أملاك الكنيسة الأرثوذكسية، التي تملك أجزاء كبيرة ومهمة في فلسطين، لاسيما في القدس المحتلة.
إلا أن المفارقة تكمن هنا في تجاوز سجل البيوعات الأحدث لأوقاف وأملاك الكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين المحتلة لنطاق "التأجير طويل الأمد" صوبّ تنفيذ عمليات نقل ملكية بالكامل، بما يشكل أمراً خطيراً، وفق قول عضو المجلس المركزي الأرثوذكسي بالأردن وفلسطين، المهندس إميل غوري.
وأوضح غوري، لـ"الغد"، إن "مجاهرة البطريركية بالإعلان عن البيوعات ونقل الملكية لأملاك وأوقاف الكنيسة إلى الاحتلال تعدّ مسألة خطيرة على القضية الوطنية الفلسطينية".
وأكد أنه "يُمنع بيع أوقاف وأملاك الكنيسة الأرثوكسية باعتبارها أراضي وقفية، أوقفها أهالي البلاد باسم البطريركية في خدمة الصالح العام للشعب العربي الفلسطيني، وليس للتفريط بها وتسريبها للاحتلال".
ودعا إلى "وقف النهج البطريريكيّ الراهن، وتعديل قانون بطريركية الروم الأرثوذكسي، لجهة الحدّ من السلطة المطلقة للبطريرك، ومن صلاحيات "أخويّة القبّر المقدّس"، التي تشرف على الأماكن والوقف الأرثوذكسيّ، مقابل توسيع مشاركة الأرثوذكس العربّ في الأردن وفلسطين".
وطالب غوري "بإبطال صفقات بيوعات أملاك وأوقاف الكنيسة، بكل شفافية ومصداقية"، مؤكداً بأن "التحركات المضادّة لسياسة البطريركية لا تعدّ مناهضة لشخص البطريرك، وإنما للنهج المتبع حالياً، وذلك لنصرّة القضية الوطنية بعيداً عن مقولات العنصرية والطائفية، والتي تعتبر مرفوضة بشكل مطلق".
بدوره؛ قال عضو المجلس المركزي الأرثوذكسي بالأردن وفلسطين، زياد العمش، إن "هناك مخططاً إسرائيلياً ممنهجاً لتهويد الأماكن المقدّسة، من خلال البطريركية، التي باتت تشكل أداة طيّعة بيدّ الاحتلال"، بحسبه.
وأضاف العمش، لـ"الغد"، إن "صفقات البيع مستمرة، برغم نفي البطريركية"، موضحاً أنه "لا يمكن تمريرها إلا بإمهار البطريرك، وموافقة المجمع الكنسيّ المقدّس، الذين هم أيضاً يشتركون بأمر التفريط بالأوقاف والأملاك الأرثوذكسية وتحويلها للاحتلال".
وحذر من خطورة ما يدور حول "صفقة" باب الخليل"، التي تتعلق بثلاث عقارات تابعة للبطريركية في البلدة القديمة، وتقدر قيمتها بنحو 2 مليون دولار.
وأكد بأن "الهيئات الأرثوذكسية ستواصل نضالها ضدّ سياسة البطريركية الحالية"، منوهاً إلى "قرار المجلس المركزي الأرثوذكسي، مؤخراً، بتشكيل لجنة قانونية لحضور الجلسات في محاكم الاحتلال الإسرائيلي التي يتم فيها عمليات البيع".
ودعا "الحكومتين الأردنية والفلسطينية لتحمل مسؤولياتهما الوطنية والتاريخية ضمن الصلاحيات التي كفلها قانون بطريركية الروم الأرثوذكسي، لوقف ما وصفه "بمسلسل بيوعات الأملاك الأرثوذكسية وتأجيرها واتخاذ كل الإجراءات القانونية لإبطالها".
وشدد على ضرورة "تعديل هذا القانون للحدّ من الصلاحيات المطلقة للبطريرك، وتوسيع مشاركة الأرثوذكس العرب في صنع القرار الكنسيّ، وإلغاء كل صفقات البيع التي تمت مع الاحتلال، واسترجاع الأملاك المستلبّة ووضعها في خدمة الصالح العام للشعب العربي الفلسطيني".
فيما كان رئيس أساقفة سبسطية الارثوذكس، المطران عطا الله حنا، قد أكد استنكار ورفض "هذه الصفقات المشبوهة، والتي كان آخرها ما تم الإعلان عنه مؤخراً من صفقة باب الخليل التي تعتبر من أخطر الصفقات، إزاء تداعياتها الخطيرة على الحضور المسيحي في القدس، ولأنها ستساعد في تشويه معالم البلدة القديمة وسياسة تغيير ملامحها، فضلاً عن اندراجها في اطار سياسات الاحتلال الذي يستهدف القدس بكافة مكوناتها".
من جهتها، قالت بطريركية الروم الأرثوذكس إنها "لم تقم ببيع أراض أو عقارات كانت بحوزتها أو تحت تصرفها في الأراضي المحتلة"، كما نفت ما ورد في الصحف الإسرائيلية حول وجود مخططات لإقامة مشروع استيطاني على أراضي البطريركية في أبو طور بالقدس المحتلة.
وكانت سلطات الاحتلال قد استولت سابقاً على 500 دونم من الأراضي الفلسطينية التابعة للكنيسة الأرثوذكسية في القدس المحتلة، بقيمة 40 مليون دولار، وذلك عقب استلاب نحو 900 دونم في مدينة قيسارية، جنوب حيفا، التاريخية، بقيمة مليون دولار.
بينما يستهدف الاحتلال زهاء 7500 دونم من حجم الأملاك والأوقاف الأرثوذكسية في القدس المحتلة، والتي بات "مصيرها قريبا من القبضة الإسرائيلية"، وفق بجالي.