ليلة القـَدر
قد أنزل الله عز وجل القرآن في ليلة مباركة هي خير الليالي ،
ليلة العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر
وهي ثلاث وثمانين سنة وثلاثة أشهر تقريباً،
قال تعالى :
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِوَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ
لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ
تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِ ّأَمْرٍ
سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)
لما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:
لما حضر رمضان قال رسول الله صل الله عليه وسلم:
((قد جاءكم رمضان، شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه،
تفتح فيه أبواب الجنة، وتغـلق فيه أبواب الجحـيم،
وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر،
من حُرِم خيرها فقد حُرِم))
سبب التسميه
أخِتلف العلمـآء في سبب تسميتهـآ:
الأول:لأن الله تعالى يقدّر فيهاالأرزاق والآجال وما هو كائن.
أي يقدر فيها ما يكون في تلك السنة
الثـآني : أنها مأخوذة من عِظَم آلقدر والشرف والشأن
الثـآلثَ: لأنّ العمل فيها له قدرٌ عظيمٌ.
الرآبـع: لأن الله تعالى قدّر فيهاإنزال القرآن
فضل ليلة القدر:
لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ: فإن ليلة القدر هي أفضل ليالي العام
والموفق والسعيد من يسر الله له قيامها واجتهد في فعل الأعمال الصالحة فيها
فإن العمل فيها ليس كالعمل في غيرها بل أعظم أجراً وثواباً،
تنزل ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا: قال البغوي:
"قوله عز وجل: {تَنَزَّلُٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ}
يعني جبريل عليه السلام معهم {فِيهَا}
أي: ليلة القدر
{بِإِذْنِ رَبّهِم} أي: بكل أمرٍ من الخير والبركة"
من قامها إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه
تقدير الأرزاق والآجال والمقادير فيها
تحري ليلة القدر
يمكن التماسها في العشر الأواخر من رمضان ، وفي الأوتارخاصة ،
والصحيح أن ليلة القدر لا أحد يعرف لها يوماً محدداً ، فهي ليلة متنقلة ،
فقد تكون في سنة ليلة خمس وعشرين ،
وقد تكون في سنة ليلة إحدى وعشرين ، وقد تكون في سنة ليلة تسع وعشرين
والحكمة من ذلكّ أخفى الله تعالى علمها ، حتى يجتهد الناس في طلبها ،
فيكثرون من الصلاة والقيام والدعاء في ليالي العشر من رمضان رجاء إدراكها ، وهي مثل الساعة المستجابة يوم الجمعة
وقد كان النبي صل الله عليه وسلم يتحرى ليلة القدر ،
ويأمرأصحابه بتحريها ، وكان يوقظ أهله في ليالي العشر الأواخر من رمضان رجاء أن يدركوا ليلة القدر
علآمآت ليلة القـَدر
عنْ ابنِ عَباسٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُما عَنْ النَّبيِّ صل الله عليه وسلم
في لَيْلَةِ القَدْرِ:
«لَيْلَةٌطَلْقَةٌ لا حَارَّةٌ ولا بَارِدَةٌ تُصْبِحَ الشَّمْسُ يَوْمَهَا حَمْرَاءُضَعِيفَة»
رواه ابن خزيمة
والشَّمْسَ تَطْلُعُ صَبِيحَتَهَا بَيْضَاءَ لا شُعَاعَ لها.
أَنَّ مِنْ صِفَاتِهَا أَنَّها لَيْلَةٌ صَافِيَةٌ سَاكِنَةٌ لا بَارِدَةٌ ولا حَارَةٌ،
وهَذَا أَمْرٌ نِسْبِيٌ يَخْتَلِفُ باخْتِلافِ البُلْدَانِ بُرودَةً وحَرَارَةً،
والمَعْنَى: أَنَّها لا بَارِدَةٌ ولا حَارَّةٌبالنِّسْبَةِ لِلَّيَالي الَّتي قَبْلَهَا والَّتي بَعْدَهَا.
أَنَّالشَّيْطَانَ لا يَخْرُجُ مَعَ شَمْسِ صَبيحَتِهَا؛
ذَلكَ أَنَّ الشَّمْس تَطْلُعُ بَينَ قَرْنَي الشَّيْطَانِ إِلا صَبيحَةَ لَيْلَةِ القَدْرِ.
أَنَّ أَكْثَرَ العَلامَاتِ المذْكُورَةِ لا تَبِيْنُ لِلنَّاسِ إلا بَعْدَ انْتِهَاءِ لَيْلَةِ القَدْرِ،
وفَائِدَةُ ذَلكَ: أَنْ يَشْكُرَ مَنْ أَدْرَكَهَا رَبَّهُ عَلى تَوْفِيقِهِ لِقِيامِهَا،
ويَنْدَمَ المُفَرِّطُ فِيهَا،ويَعْزِمَ عَلى تَدَارُكِهَا في السَّنَةِالقَادِمَةِ.
وأَنَّ هَذِهِ العَلاماتِ رَاتِبةٌ لِكُلِّ لَيْلَةِ قَدْرٍتَأْتي،
ولَيْسَتْ خَاصَّةً بِوَقْتِ النَّبيِّ صل الله عليه وسلم
الدعاءُ ليلةَ القدر
عَنْ عَائشةَ رَضيَ الله عَنْهَا قَالَتْ:
قُلتُ: «يارَسولَ الله، أَرأَيتَ إنْ عَلِمْتُ أيَّ ليلَةٍ ليلَةَ القدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟
قَالَ:قولي: اللَّهُمَّ إنَّك عَفُوٌّ كَريمٌ تُحبُّ العَفوَ فَاعْفُ عنِّي»
رَوَاهُ التِرمِذيُّ وقَالَ: هَذا حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ([1])
فَضيلَةُ الدُّعَاءِلَيْلَةَ القَدْرِ، وأَنَّهُ حَريٌّ بالإجَابَةِ.واسْتِحبَابُ الدُّعَاءِبِجَوَامِعِ الكَلِم،
وعَدَمُ تَكَلُّفِ الأَدعِيةِ التي فِيهَا سَجْعٌ أَوْ لا يُفهَمُ مَعْنَاهَا.
و أنَّ هَذا الدُّعَاءَ الَّذي أَرْشَدَ إليه النَّبيُّ صل الله عليه وسلم
مِن أَجْمَعِ الدُّعَاءِ وأَنْفعِه، وأنَّهُ جَامعٌ لخَيرَيْ الدُّنيَا والآخِرَةِ؛
ذَلِكَ أنَّ الله تَعَالى إذا عَفَا عَنِ العِبادِ في الدُّنيا رَفَعَ عَنهُمُ العُقُوباتِ،
وتَابَعَ عَلَيهمُ النِّعَمَ، وإذا عَفَا عَنهُم في الآخِرةِ سَلَّمَهُم مِنَ النَّارِ، وأَدْخَلَهُم الجَنَّة.
أسأل الله العلي العظيم من فضله أن يبلغنآ وأيآكم ليلة القدر ويرزقنـآ حسُن القيام
أقتبآسآت
من كتآب:ليلة القدرنفحات وبركآت
للمؤلف:للدكتور محمدعبد الغني