الرواتب المتضخمة لرؤساء الشركات … فساد مقونن
2017-08-11
جوردن ديلي – كتب : نضال الزبيدي – تعتبر الرواتب والمكافآت المتضخمة للرؤساء التنفيذيين إحدى أشكال الهدر المالي وتعدياً على حقوق المساهمين وترقى تلك الممارسات التي يتم فيها تنفيع كبار الموظفين في الشركات المساهمة العامة الى مستوى الفساد القانوني .
ولعل نظرة سريعة على كشف لرواتب عدد من الرؤساء التنفيذيين لنكتشف هول المصيبة : فما بين رئيس تنفيذي لأحد البنوك المحلية يتعدى راتبه الشهري 75 الف دينار الى رئيس تنفيذي آخر لشركة تعمل في مجال العقارات يصل راتبه 20 الف دينار ويزيد ، لم يحقق ذلك الرئيس فلساً واحدا لمساهمي الشركة ولسنوات خلت .
شركة “المستثمرون المتحدون ” مثال صارخ على الممارسات اللاقانونية واللاخلاقية التي أتت على كل موجوداتها ، حيث تبخرت عشرات الملايين من خزائنها في بعض سنين . سهم الشركة يعرض الآن في قاعات التداول بـ ” قرش ” واحد ولا تجد من يشتريه !
قد يتطلب الامر أياماً لسرد قصص الفساد ” القانوني ” الذي يعشعش في كل زاوية وركن من مكاتب تلك الشركات وتحت سمع وبصر الهيئات الرقابية والتي تتذرع في اغلب الاحيان – معذورة- بالتشريعات والقوانين التي تجيز لمجالس الإدارات تحديد رواتب ومكآفات المدراء العامين وأعضاء مجالس الإدارة .
أذكر انه في العام 2008 وعندما ضربت الأزمة العالمية الولايات المتحدة ودول العالم ، أفلست على إثرها عدد من كبرى الشركات في أمريكا واوشكت أخرى على الانهيار ، تعهد رؤساء شركات كـ ” فورد ” ، “جنرال اليكتريك ” و “جي أم سي ” بعدم تقاضي دولاراً واحداً حتى تنتهي الأزمة وتزول الغمة وتعود الاوضاع لسابق عهدها .
في الاردن ، الوضع مخلتف تماماً ، فكلما زادت خسائر الشركات زادت معها النفقات الادارية والمكافآت والمزايا والتنفيعات حتى بلغت خسائر بعضاً من تلك الشركات الى اكثر من 75 بالمئة من رأس المال ، ما يستوجب تصفيتها إجبارياً . إمعان في نهب وسلب المساهمين آخر دينار في جيوبهم !
لم يقتصر الامر على الفساد المالي انما تعداه الى فساد اداري وهو الاخطر ، حيث تحولت بعضاً من تلك الشركات المساهمة وبقدرة قادر الى عائلية ! ، حيث الاخ والاخت وابن العم والنسيب يسرحون ويمرحون ويتنعمون بخيرات لم يكونوا يحلمون بتقاضي قرش واحد لو كان كانت شركة خاصة لمن عينَهم .ظاهرها عام وباطنها خاص ، كل ذلك بالقانون !
إزاء هذا الواقع المرير وفي ظل عدم اكتراث الحكومات المتعاقبة لهكذا ممارسات وعلى الرغم من تقديم حكومة الدكتور الملقي مؤخراً قانوناً معدلاً للشركات إلا انه لم يعالج بشكل جوهري تلك الثغرات وتطرق باستحياء الى ضرورة فصل منصب رئيس مجلس الادارة عن المدير العام . السؤال الذي يتبادر لذهن المساهم والقارىء : متى تقَدم الحكومة مشروع قانون يُلزم مجالس ادارة الشركات المساهمة العامة بوضع سقف لرواتب ومكافآت الرؤساء التنفيذيين للبنوك والشركات ؟! . إيقاف النزيف فوراً أولى من طلب سيارة الإسعاف .