عن عقد المجلس الوطني الفلسطيني
الأربعاء 16 آب / أغسطس 2017.
لا نحتاج إلى كثير من الذكاء كي ندرك أن تذكّر البعض للمجلس الوطني الفلسطيني لا صلة له البتة بالمصالح العليا للقضية الفلسطينية، بقدر ما يندرج تحت معادلات الصراع على السلطة والشرعية في الساحة الفلسطينية.
في هذا السياق، تحضر نقطتان؛ الأولى تتعلق بشرعية المجلس الذي توفي حوالي 100 من أعضائه، فيما هرم أكثر من هذا العدد، ولا يمكنهم الحضور بغير سيارات إسعاف أو مساعدات من لون آخر، ومن تبقى لا صلة لهم بالمسميات التي منحتهم العضوية، إن كانت اتحادات ونقابات ذهبت مع الريح، أم فصائل غاب كثير منها، ولم يعد لها وجود على أرض الواقع.
أما النقطة الأخرى فتتعلق بمكان عقد المؤتمر، أي رام الله، وحيث ينبغي للمحتلين أن يوافقوا على حضور من سيحضرون من الخارج، وهم الغالبية، ما ينسف فكرة أن المؤتمر يصب في مصلحة القضية من أساسها، اللهم إلا إذا آمنا أن الغزاة الصهاينة حريصون على تقوية الفلسطينيين في مواجهتهم.
الكلام آنف الذكر لا ينطوي على موقف سلبي من المجلس العتيد، رغم قناعتنا التي لا تردد فيها بأنه لا يمثل واقع الحال الفلسطيني، في ظل غياب التمثيل لفصيلين كبيرين هما حماس والجهاد الإسلامي، فيما يعرف الجميع أنهما يمثلان أكثر من نصف الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات.
إنه موقف من المجلس بوضعه الراهن، وقد كتبنا مرارا خلال السنوات الماضية عن فكرة إعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية كي تكون ممثلة لكل الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وذلك لنسخ فكرة أن السلطة هي ممثلهم، وهي التي لا يمثل مجسلها التشريعي سوى أكثر من ثلثهم بقليل، ما يعني إعادة الاعتبار للشتات الفلسطيني، ولنسخ فكرة أوسلو برمتها، وجعل السلطة في الضفة والقطاع مجرد كيان إداري يُدار بالتوافق، فيما تمثل المنظمة بوضعها الجديد مرجعية سياسية للشعب ونضاله.
تلك قصة جرى التوافق عليها نسبيا في القاهرة قبل سنوات طويلة، لكن من رضوا بمسار أوسلو، ويرفضون المقاومة، لم يدعموا ذلك، وهم أنفسهم الذين يدعون المجلس للانعقاد الآن؛ لا لإعادة النظر في مسار القضية، بل بحثا عن مزيد من الشرعية لأنفسهم.
من هنا، وفي ظل رفض الجبهة الشعبية (دعك من حماس والجهاد)، وهي عمليا الفصيل الوحيد الذي لا زال يتمتع ببعض الوجود في الداخل، إلى جانب “فتح”، فإن المجلس عمليا لن يمثل سوى “فتح”.. هذا إذا افترضنا أن القيادة الحالية تمثل فعلا النبض الفتحاوي، وهي ليست كذلك، وإن فرضت القبلية الحزبية نفسها في نهاية المطاف.
من هنا على جميع القوى الحية في الساحة الفلسطينية في الداخل والخارج؛ فصائل وشخصيات مستقلة، بما في ذلك المخلصون من أعضاء المجلس أن يرفضوا فكرة عقده؛ بخاصة في رام الله، ويؤكدوا على ضرورة إعادة التشكيل الذي يمنح الحياة للمنظمة كمرجعية لكل الفلسطينيين، وليس كمؤسسة تابعة للسلطة؛ تستقوي بها قيادتها حين يلزم ذلك.