ما هو السيئ في الأرض مقابل السلام؟
الأربعاء 16 آب / أغسطس 2017.
صبي فلسطيني يقف على أنقاض بيت أسرته الذي هدمه الاحتلال الإسرائيلي في القدس يوم الاثنين الماضي
هآرتسشاؤول اريئيليالمبعوث الأميركي جيسون غرينبلت دخل إلى حذاء كل من حاول إيجاد حل بين اليهود والعرب في ارض إسرائيل. المطلعون على لقاءاته وزياراته قالوا إنه رغب في تعلم دروس الماضي. وحتى لو كانت المبادرة الأميركية تبدو بعيدة الآن بسبب قضايا نتنياهو ووضع ترامب، فنحن نأمل أن يتعلم غرينبلت من ظروف التدخل الدولي في الصراع.
إن العودة إلى مئة عام من الصراع تؤكد على أن المجتمع الدولي لم ينجح في فرض قراراته على الطرفين. جميع اقتراحات التقسيم، بدءا بلجنة بيل وحتى قرار التقسيم في العام 1947، تم رفضها من طرف أو من الطرفين. وجميع القرارات الدولية يعلو عليها الغبار في ارشيف الامم المتحدة، الأمر الذي يؤكد أنه لا يمكن فرض حل نهائي على الطرفين.
رغم هذا الفشل يمكن التحدث عن نجاحين. الاول، نجاح المجتمع الدولي في تحديد موضوع الصراع في العام 1922 – ارض فلسطينية، أرض إسرائيل الانتدابية – بين البحر والنهر. وقد نجح هذا دائما، رغم تدخل الدول العربية، في ابقاء الصراع الجغرافي داخل حدود ارض إسرائيل فقط.
بعد انتهاء حرب الاستقلال أبقى المجتمع الدولي إسرائيل والأردن ومصر مسيطرة على الاراضي التي احتلتها، لكنه فرض على إسرائيل الانسحاب إلى حدود الانتداب من المناطق التي احتلتها في سيناء ولبنان. وبعد حرب سيناء في العام 1956 فرض على إسرائيل الانسحاب حتى الخط الاخضر. هذا النجاح في جميع الحالات كان بسبب ضعف إسرائيل النسبي في تلك الفترة. صحيح أن إسرائيل تعتبر قوة عظمى اقليمية، لكن لدى الفلسطينيين ايضا قوة: ضعفهم يمنحهم القدرة على الصمود في وجه الضغوط التي تسعى إلى الاضرار بمصالحهم الجوهرية.
النجاح الثاني هو انشاء أطر سياسية من اجل حل الصراع. ونجاح هذه الأطر مشروط بأن تعتبرها الاطراف مناسبة لتحقيق مصالحها. قرار التقسيم من العام 1947 لم ينفذ، لكنه أوجد المفتاح لحل الصراع عن طريق التقسيم. لأن المجتمع الدولي اعتقد في حينه وما زال يعتقد أن المطالب العربية واليهودية لا يمكن أن تتوافق، وأن التقسيم هو الحل العملي، الذي وافق عليه اليهود فقط.
يستطيع المجتمع الدولي التأثير على تحديد مصالح الطرفين واستغلال الاطار السياسي الذي أنشىء من اجل حل الصراع. ميزان القوى في المعسكرات المختلفة للجمهور والساحة السياسية هو الذي يحدد المصالح. والجمهور في إسرائيل يخضع منذ بضع سنوات لمحاولة حكومات نتنياهو الابقاء على الصراع ورفض حل الدولتين. وقد أصبح هذا الامر في السنوات الاخيرة مقرونا بالقوانين التي تضع العقبات أمام من يؤيدون حل الدولتين.
في الطرف الفلسطيني يوجد تهديد حماس التي تعتبر أن فلسطين وحدة واحدة، وأن الحل الوحيد للصراع هو عودة اللاجئين. ايضا المنظمات الفلسطينية الاخرى توجد عليها قيود فيما يتعلق بعلاقاتها مع نظيراتها في إسرائيل. يستطيع المجتمع الدولي زيادة تأثير هذه المنظمات وبالتالي التأثير على نقاش الجمهور.
من اجل النجاح في المكان الذي فشل فيه الآخرون، من الافضل أن يضع غرينبلت إطارا ومعايير واضحة للاتفاق الدائم وأن يعمل من أجل عقد صفقة شاملة تشمل "العصي" الرادعة و"الجزر" المشجع وايجاد الاجواء الدولية التي تُمكن المجتمع المدني للطرفين من التأثير على تحديد المصالح والمواقف القومية.