تضامن مع الجزيرة باجتماع جنيف لحماية الصحفيين
عبرت منظمات مهتمة بحرية الصحافة وحماية الصحفيين اليوم على هامش اجتماع جنيف لحماية الصحفيين ومناهضة الإفلات من العقاب، عن تضامنها مع شبكة الجزيرة الإعلامية، ونددت بالمطالبة بإغلاقها.
فقد أكد فرانك لابلو مساعد مدير الاتصال في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) على ضرورة منح المؤسسات الإعلامية الحرية كاملة كي تعمل دون قيود.
وقال لابلو للجزيرة على هامش جلسة عقدت بمقر الأمم المتحدة في جنيف خُصصت لتقييم خطة عمل الأمم المتحدة المتعلقة بسلامة الصحفيين وظاهرة الإفلات من العقاب، "نعتقد بشكل عام أن جميع المؤسسات الصحفية لها أن تعمل بحرية ولا ينبغي تقييد حركة أي طرف".
وأضاف "الهدف من الاجتماع هو الحفاظ على سلامة الصحفيين لأنها تقترن بحرية الصحافة وحرية التعبير. ومن المهم أن لا تقيد هذه المهنة بأي قيود. وسواء اتفقنا مع الصحافة في مضمونها أم لم نتفق فلا بد من السماح لها بالعمل بحرية في كل مكان".
وبدوره، قال الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود كريستوف دولوار إنه من غير اللائق، بل من المرفوض، طلب غلق قناة الجزيرة. وأضاف للجزيرة على هامش لقاء جنيف نفسه أن ما وصفه بالابتزاز السياسي لدولة قطر لا يعقل توظيفه لإغلاق الجزيرة، وإن حدث الأمر فهو سابقة خطيرة.
وقال دولوار "للجزيرة دور مهم في الفضاء الإعلامي العالمي وفي العالم العربي. ومهما تكن الانتقادات الموجهة لخطها الافتتاحي، فالأكيد أنها تؤدي وظيفتها الصحفية. وعلى هذا فإنه من غير المقبول من جوار دولة قطر أن يطلبوا إغلاق الجزيرة. ستكون سابقة خطيرة للغاية".
وفي السياق، اعتبر ممثل جمعية حرية وسائل الإعلام في المنظمة الأوروبية للصحفيين ويليام أورسلي أن مبدأ الحقوق أيا كان نوعها يقتضي فتح المجال أمام وسائل الإعلام وعدم قمع الحريات، مؤكدا أن مطلب دول الحصار غلق قناة الجزيرة لا مبرر له.
وقال أورسلي "بطبيعة الحال مطلب إغلاق الجزيرة غير سليم على الإطلاق، والحقوق العالمية لا استثناء فيها، فهي تقتضي تمكين وسائل الإعلام من العمل عبر الحدود دون تدخل في عملها. ولا يوجد مبرر مقنع لدى الدول الأخرى في المنطقة لكي تطالب بإغلاق الجزيرة".
وأضاف "لقد تعرض صحفيو الجزيرة لاعتداءات وتهديدات وأحكام سجن في بعض البلدان دون مبرر منطقي. ومجتمع الإعلام العالمي يقف إلى جانب الجزيرة ويؤيدها في حقها في مواصلة نقل الأخبار من المنطقة والعالم ككل".
وتأتي هذه التصريحات على هامش جلسة مشاورات لتقييم خطة عمل الأمم المتحدة المتعلقة بسلامة الصحفيين وظاهرة الإفلات من العقاب عقدت اليوم في جنيف بسويسرا تحت إشراف اليونسكو ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بحضور عدد من الأطراف المعنية بحرية الصحافة وحماية الصحفيين.
نيويورك تايمز: هذه أسباب الحملة المضللة لإسكات الجزيرة
شجبت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها ما أسمته الهجوم المضلل على قناة "الجزيرة" الفضائية.
وتقول الصحيفة إن "تكميم صوت (الجزيرة)، القناة الممولة من دولة قطر، التي أظهرت تأثيرها في العالم، كان على الأجندة عندما تحركت السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين واليمن لعزل الدولة الصغيرة في 5 حزيران/ يونيو".
وتضيف الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، أن "نقاد قطر يتهمون القناة بدعم الإرهاب الإسلامي السني، والطموحات الإيرانية، لكن السعودية ليست بريئة عندما يتعلق بنشر التطرف الإسلامي، ودعم جماعات الإرهاب".
وتؤكد الصحيفة أنه "من خلال الهجوم على (الجزيرة)، فإن السعودية والدول الجارة لها تحاول محو الصوت الذي قد يقود المواطنين لمساءلة حكامهم، وكانت (الجزيرة) المصدر الرئيسي للأخبار عن الربيع العربي، الذي ضرب الشرق الأوسط عام 2011".
وتشير الافتتاحية إلى أن الثورات قادت إلى الإطاحة بالديكتاتور المدعوم من الجيش حسني مبارك، وأدت إلى ثلاثة انتخابات حرة، جلبت الإخوان المسلمين إلى السلطة، وهي الحركة القائمة على شبكة ممتدة، وأنشئت عام 1928، ونبذت العنف، لافتة إلى أن "السبب الرئيسي الذي أدى إلى توصيفها بالإرهابية هو أن الأنظمة الأتوقراطية تنظر إليها على أنها تهديد شعبوي عليها".
وتقول الصحيفة إن "انقلابا عسكريا قاده الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، وأطاح بالرئيس الإخواني محمد مرسي في عام 2013، في ظل الاضطرابات التي اندلعت نتيجة السياسات الأتوقراطية لمرسي، ومنذ ذلك الوقت تحركت حكومة السيسي للتعامل بوحشية، وسحق أي دعوة للمعارضة، وإقصاء الإخوان المسلمين، وفي عام 2015 قامت محكمة تعسفية بسجن ثلاثة صحافيين من شبكة (الجزيرة) الإنجليزية؛ بتهمة دعم الإخوان المسلمين، وتم الإفراج عنهم لاحقا".
وتضيف الافتتاحية: "الآن، هناك حملة مرة أخرى ضد (الجزيرة) وحرية التعبير في المنطقة، ففي نهاية أيار/ مايو، قامت السعودية ومصر والإمارات بحجب مواقع (الجزيرة) الإخبارية وغيرها من المؤسسات الإعلامية القطرية، وفي 7 حزيران/ يونيو أغلق الأردن مكاتب (الجزيرة) وجردها من رخصتها، وتبعت السعودية هذا التحرك في اليوم التالي، وأغلقت مكتب (الجزيرة)، وأمرت الفنادق بحجب قناة (الجزيرة) عن باقة القنوات المتوفرة للزبائن".
وتذهب الصحيفة إلى أن "(الجزيرة) ليست قناة إخبارية مثالية؛ فلا يتم التسامح مع التقارير الناقدة لقطر أو العائلة المالكة مثلا، إلا أن الباقي هو بث أخبار بناء على المعايير الصحافية الدولية، وتقديم رؤية متميزة عن الأحداث في الشرق الأوسط، والتحول لمصدر حيوي للأخبار لملايين الناس الذين يعيشون في ظل أنظمة غير ديمقراطية".
وتختم "نيويورك تايمز" افتتاحيتها بالقول: "هذه أسباب كافية للملوك والديكتاتوريين الذين يهاجمون قطر لإسكات (الجزيرة)، وهي أسباب كافية لشجب ما يقومون به".
هيو مايلز: لهذا أقلقت "الجزيرة" الأوتوقراطيين العرب
نشرت صحيفة "أوبزيرفر" مقالا للكاتب هيو مايلز، مؤلف كتاب "الجزيرة: كيف تحدت قناة عربية العالم"، معلقا فيه على مطالب التحالف السعودي الإماراتي إغلاق القناة، كجزء من مطالب، قال إن على دولة قطر تلبيتها قبل يوم غد.
ويقول مايلز: "في يوم الاثنين قد تنتهي وبشكل مفاجئ تجربة مثيرة للجدل في الإعلام والسياسة الشرق أوسطية، حيث أن (الجزيرة)، التي تعد عصبا سياسيا مهما للإعلام العربي الحر، وقامت باختراق هيمنة شبكات الإعلام الغربية، وقلبت تدفق المعلومات من الشرق إلى الغرب، ولأول مرة منذ العصور الوسطى، تواجه إغلاق أبوابها وللأبد".
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى قائمة المطالب التي تقدمت بها السعودية، في 23 حزيران/ يونيو، مدعومة من الإمارات والبحرين ومصر، التي وضعت قطر تحت حصار اقتصادي ودبلوماسي غير مسبوق، وتبعه حصار قاس وتهديد باتخاذ تحركات أخرى لو لم تلب الدولة الصغيرة مطالبها الـ13، ومنها إغلاق قناة "الجزيرة".
ويقول مايلز: "لو أذعنت قطر، ولا توجد إشارات إلى أنها ستفعل ذلك، فإنها ستفقد سيادتها، وتصبح دويلة تابعة للسعودية والإمارات، إلا أن تحدي المطالب قد يؤدي إلى تغيير النظام في الدوحة، أو حتى للحرب".
ويعلق الكاتب قائلا: "مهما حدث، فإن هذا رصيد لـ(الجزيرة)، التي لا تزال، ومنذ انطلاقها قبل 21 عاما، معرقلة ومتحدية لمن هم في السلطة، وهناك قلة من الوسائل الإعلامية تدعي بأن لديها هذا التأثير، إلا أن (الجزيرة) ليست كغيرها من وسائل الإعلام، فهي ظاهرة استثنائية قامت منذ إطلاقها عام 1996، بإحداث ثورة في الإعلام العربي، وأدت في عام 2010 دورا كبيرا بإحداث ثورات سياسية حقيقية في معظم أنحاء العالم العربي".
ويضيف مايلز: "قبل بدء (الجزيرة) بث برامجها كانت الأخبار التلفازية العربية مليئة بالهراء، حيث ركزت الأخبار بشكل رئيسي على ما كان يفعله الشيخ او الأمير في ذلك اليوم، بالإضافة إلى أخبار عن ولي عهده وتقارير مبالغ فيها عن حظ هذه الدول في أن تكون لديها شخصيات بطولية تقودها، وقامت (الجزيرة) برمي هذا كله بعيدا، وفتحت المجال للأصوات التي كانت ممنوعة كلها، وأسمعت صوتها، من الإسرائيليين إلى معمر القذافي إلى الثوار الشيشان وحركة طالبان وأسامة بن لادن".
ويتابع الكاتب قائلا: "في أيامها المجيدة، كانت المدن العربية يسودها الهدوء عندما يبدأ بث برنامج الدكتور فيصل القاسم (الاتجاه المعاكس)، ومن بين قائمة (الخبطات) الإعلامية الطويلة التي غطتها القناة كانت عاصفة ثعلب الصحراء في العراق عام 1998، ومقابلات في مرحلة ما بعد 11/ 9 مع أسامة بن لادن، وغزو أفغانستان، حيث كانت (الجزيرة) القناة الإعلامية الوحيدة الموجودة في البلد، وتحولت خلال أسابيع قليلة لوكالة الأنباء للعالم كله".
ويلفت مايلز إلى أن "قناة (الجزيرة) كانت أول قناة عربية تقدم للإعلام العربي الصحافة الاستقصائية، وكانت القناة الوحيدة التي استضافت الضيوف الذين كانوا ممنوعين سابقا كلهم، وشاركوا في حواراتها، وتناولت موضوعات جدلية، من العمليات الانتحارية إلى وجود الله، ودمر الوضع (الأيقوني) للقناة التابوهات الدينية والسياسية والاجتماعية كلها، وقدمت معايير جديدة للتقارير الإخبارية في المنطقة، وقدمت (للمشاهد العربي) موضوعات، مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، ودفعت بقوة الحدود المسموح بها لحرية التعبير".
ويؤكد الكاتب أن القناة "أقلقت وبعمق الحكومات في المنطقة، خاصة أن لا أحد فيها، باستثناء تونس ما بعد الثورة، يتمتع بتفويض شعبي ديمقراطي، وتخشى من أي شيء يضعف سيطرتها على السلطة، وأدى هذا إلى سلسلة من الأزمات الدبلوماسية الطويلة بين قطر وكل دول العالم العربي، باستثناء عُمان، بالإضافة إلى العديد من الدول غير العربية، واستخدم أعداء القناة الكثر كل ما توفر لديهم من حيل لإغلاقها: من اعتقال صحافييها، إلى قفل مكاتبها، أو ترحيل عائلات الموظفين العاملين معها، وملاحقة المعلنين الراغبين بالإعلان من خلالها، وتقديم دعاوى قضائية تافهة، وفي حالة الولايات المتحدة قصف مكاتبها مرتين، وقتل موظفين فيها".
وينوه مايلز إلى أنه "بعد سنوات من الفشل في إحداث تأثير وتحقيق الغرض، اكتشفت الحكومات العربية أخيرا أن الطريقة الوحيدة للتعامل مع (الجزيرة) هي هزيمتها في الساحة الإعلامية، ففي عام 2003 بدأت السعودية قناة (العربية)، المنافسة لـ(الجزيرة)، ونظرا لعدم وجود بيانات موثوقة، فإنه لا يمكننا معرفة أي من القناتين الأكثر مشاهدة اليوم، ورغم منعها من مصر، وهي الدولة الأكثر سكانا، فإن (الجزيرة) هي الأكثر شعبية، مع أن (العربية) تجادل في هذا الرأي".
ويقول الكاتب: "من المهم أن (الجزيرة) ليست الرابطة الوحيدة بين قطر وجيرانها، فقطر والسعودية ربما كانتا الدولتين الوهابيتين الوحيدتين، إلا أن هناك الكثير من الفروق الأيديولوجية والتاريخية بينهما، كما هو واضح من قائمة المطالب الـ13، وتم وضع (الجزيرة) على القائمة؛ لأنها رمز قوي لقطر، وهي المظهر الواضح لصناعة القرار القطري، لكن هناك سببا عميقا يجب على الغربيين ليفهموه أن يعدوا (الجزيرة) قناة ذات وجهين، عربي وإنجليزي، والوجه العربي هو الذي يخلق المشكلات كلها مع جيران قطر".
ويضيف مايلز أن "وجه (الجزيرة) الإنجليزي هو الذي يعرفه الغربيون وألفوا التعامل معه، فالقناة الإنجليزية وموقعها على الإنترنت لديها أخبار عالية الجودة، ووثائقيات تركز على العالم النامي، وعند مقارنتها مع قنوات إخبارية دولية مثل (بي بي سي وورلد) و(سي أن أن) و(فرانس 24)، فإن معظم المراقبين يتفقون بأن (الجزيرة) الإنجليزية تحصل على درجات أعلى".
ويجد الكاتب أن "الفشل الأكبر لـ(الجزيرة) الإنجليزية هو فشلها في اختراق السوق الأمريكية، لكن (بي بي سي) تكافح هناك، وهذا نابع من مستوى متابعة المشاهد الأمريكي العادي للأخبار، ولا علاقة له بما تقدمه القناة، وفي بريطانيا، التي لديها مشاهد تهمه قيمة الأخبار وجودتها، فإن (الجزيرة) تتمتع بمتابعة مهمة، وهي بديل جيد لـ(بي بي سي) و(سكاي نيوز) و(تشانال فور)".
ويرى مايلز أنه "بعيدا عن كون (الجزيرة) العربية قناة إخبارية على مدار الساعة، فإنها هي كيان مختلف من ناحية اللغة والمحتوى والإطار المرجعي بالنسبة للإنجليزية، وهذا أمر لا يثير الدهشة؛ كونهما توجهان برامجهما لمشاهد مختلف".
ويعتقد الكاتب أن "ما يجعل الجوار القطري منزعجا من (الجزيرة) العربية له علاقة بنجاحها في بناء وعي سياسي بين العرب، وتناولها قضايا مثل حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وما يجدونه غير مريح تحديدا هو الموقف الدعائي الذي تشترك معه القيادة القطرية، وهو أن الجماعات الإسلامية، بمن فيها حركة حماس والإخوان المسلمون، ستصل إلى السلطة عاجلا أم آجلا، إما عبر الثورة، أو من خلال الانتخابات الديمقراطية".
ويبين مايلز أن "هذا الموقف يثير مخاوف إسرائيل، أيضا بالإضافة إلى الكثيرين في الغرب؛ ولهذا كان تركيز جيران قطر على هذه النقطة، لكنهم تجنبوا وضع حركة حماس في القائمة؛ نظرا لشعبيتها في العالم العربي".
ويذهب الكاتب إلى أن "المناسبات القليلة التي عقدت فيها انتخابات حرة ونزيهة، وأدت إلى فوز الأحزاب الإسلامية، تجعل من افتراض قطر واقعيا فيما تراه الدول الجارة هرطقة".
ويحذر مايلز من أن "الدول التي تعاقب قطر -محور الثورة المضادة في المنطقة- ليست محصنة من الإطاحة بها عبر ثورات شعبية تحل محلها الأحزاب الإسلامية، ولهذا فإنه عند رؤية هذه الجماعات ممثلة بصفتها معارضة شرعية على قناة (الجزيرة)، وسمح لها بالتعبير عن مواقفها، تمثل تهديدا وجوديا".
ويقول الكاتب إن "الثورة المضادة تنفق موارد كبيرة لقمع وشيطنة وتشويه الكثير من الأفراد والجماعات، باعتبارها (إرهابية) ممن تسمح لهم (الجزيرة) بالتعبير عن أصواتهم، والمشكلة بالنسبة لهؤلاء هي أن قطر تقف على الجانب الصحيح من التاريخ".
ويفيد مايلز بأنه "بشكل عام، فإن العرب يشعرون بالاشمئزاز من قادتهم الفاسدين العاجزين غير المنتخبين، وهم جاهزون للبديل، طالما لا يشبه الماضي، ويجد الكثير من العرب السنة والليبراليين والإسلاميين خطاب (الجزيرة) الديمقراطي والإسلامي، ورؤيتها المتفائلة للمستقبل، ملهما أكثر من رؤية حكوماتهم التي يكرهونها".
ويخلص الكاتب إلى القول إن "قطر بالطبع هي بلد أوتوقراطي، ولأنها بلد صغير وثري فإن القواعد العامة لا تنطبق عليها، ولهذا السبب لم تظهر أي إشارات للاستجابة للمطالب المفروضة عليها، رغم اقتراب نهاية الموعد يوم الاثنين".
إيكونوميست: مطالبة السعودية بإغلاق "الجزيرة" بلطجة
حذرت مجلة "إيكونوميست" من محاولات السعودية إسكات قناة "الجزيرة" القطرية، مشيرة إلى أن مطالب إغلاقها تشبه مطلب الصين مثلا من بريطانيا إغلاق هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وتقول المجلة: "المفارقة الساخرة ليست ميتة في الشرق الأوسط، ففي نيسان/ أبريل انتخبت السعودية، البلاد التي لا تستطيع المرأة فيها قيادة السيارات، أو مغادرة البلد دون إذن مكتوب من (محرم)، أو الظهور في الأماكن العامة دون ارتداء عباءة تغطيها بالكامل، عضوا في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق المرأة".
وتضيف المجلة: "والآن فإن الملكية ذاتها، التي تمارس الحكومة فيها الرقابة على كل شيء، من المعارضة السياسية إلى رسم فاجر من رسومات روبنز، حيث حكم على مدون مؤيد للديمقراطية اسمه رائف بدوي بالجلد ألف جلدة وعشر سنوات سجن، تقوم بالأمر ذاته، وتحاول إغلاق القناة الكبيرة والمشاكسة في العالم العربي (الجزيرة)".
ويصف المقال، الذي ترجمته "عربي21" الطلب بأنه "هجوم غير عادي وعابر للحدود على حرية التعبير، وهو يشبه طلب الصين من بريطانيا إغلاق (بي بي سي)، فقناة (الجزيرة) مقرها الدولة الصغيرة والثرية في الخليج، قطر، وهي الدولة التي تقوم السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر بفرض حصار عليها".
وتفيد المجلة بأن "جرائم قطر في عين السعوديين كثيرة، فهي صديقة لإيران (مع أن عُمان ودبي تقيمان علاقة مع طهران ولم تتعرضا للقيود ذاتها)، ويعيش فيها عدد من السعوديين الذين لا تحبهم، بعضهم له علاقة مع جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة، وأخيرا أنها تملك قناة (الجزيرة)".
ويشير المقال إلى أن "الأخبار، التي طالبت السعودية فيها بإغلاق القناة ثمنا لرفع الحصار، تم تسريبها في الأسبوع الماضي، حيث لا يوجد أمام القطريين سوى عدة أيام للاستجابة للمطالب، أو مواجهة تحركات لم يعلن عنها".
وتعلق "إيكونوميست" قائلة: "أنت تعرف السبب الذي يريد السعوديون من أجله إسدال الستار على (الجزيرة)، فهي على خلاف القنوات الأخرى في الشرق الأوسط، تبث أخبارا بدلا من سيل الإعلانات المتعبة للحكومة، والصور المتزلفة للأمراء والرؤساء وهم يعانقون بعضهم".
ويلفت المقال إلى أن "(الجزيرة)، التي أنشئت عام 1996، تحاول إخبار المشاهدين بما يجري في الحقيقة، فإنها في أثناء الربيع العربي عام 2011، قدمت منبرا للمحتجين العرب، بمن فيهم الإخوان المسلمون، الذين وصلوا للحكومة لفترة قصيرة، وتحدت الأنظمة والدول الأخرى، وهو ما وجده المستبدون العرب مثار قلق وغضب".
وتنوه المجلة إلى أن "البعض في الغرب ربما لم يحبوا (الجزيرة)، فعندما قامت ببث أشرطة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن من أفغانستان، توصل الكثيرون إلى أنها لم تكن تبث قصة خبرية كبيرة، بقدر ما كانت تروج للإرهاب، وفي عام 2004 قامت الحكومة العراقية، التي كانت تحت سيطرة الأمريكيين، الذين أطاحوا بصدام حسين، بإغلاق مكتب القناة لمدة شهر، وأغلقتها مرة أخرى في عام 2016 لمدة عام؛ بتهمة إثارة الطائفية والعنف".
ويجد المقال أن "هذا الحظر يعد خطأ، فـ(الجزيرة) ليست منظمة أخبار تامة، لكنها تحاول تقديم آراء متعددة: معارضون للدولة ومحليون وأجانب، ولديها شعار واحد (الرأي والرأي الآخر)، رغم وجود نقطة معتمة تتعلق بقطر، التي لم تتعرض لها القناة بنقد، كما فعلت مع الآخرين".
وتدعو المجلة للتفريق بين "(الجزيرة) الإنجليزية، (التي بدأت بمساعدة من الفريق الذي جاء من بي بي سي)، والعربية، التي تعد متحيزة فيما يتعلق بالإسلام السياسي، وتتسامح مع المتطرفين، وصوت للحكومة القطرية، وتريد السعودية والإمارات إغلاق القناتين، وفي نظرة نزيهة، فإن (الجزيرة) تقدم خدمة لا تقدر بثمن من ناحية إضافتها للأخبار والآراء عن الشرق الأوسط".
وتختم "إيكونوميست" مقالها بالقول إنه "من المثير للغرابة الحديث بأن مشكلات الشرق الأوسط هي في كثرة المعلومات أو الأفكار الحرة المتدفقة، فالعكس هو الصحيح، وعلى السعودية التوقف عن مد نسختها القاسية للرقابة لجيرانها، ويجب عليها بالتأكيد التوقف، وبشكل كامل، عن ممارسة بلطجتها عليهم".