اعتراف قطري يكشف جوهر المؤامرة الأمريكية في فلسطين وعليها!
كتب حسن عصفور/ عندما بدأت أمريكا التحضير المشترك مع دولة الكيان الاسرائيلي للخلاص من الخالد ياسر عرفات، لجأت الى استخدام "تعابير الاصلاح والديمقراطية" كغطاء لتمرير المؤامرة الأخطر على الشعب الفلسطيني منذ إنطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، فاقت في خطورتها كل ما تعرضت له الثورة في مسارها، بما فيها مجمل الغزوات العسكرية للكيان، ومحاولات أطراف عربية وغير عربية خلق بديل سياسي للثورة والمنظة، بدأ بكيانات هزيلة حتى وصل الى حركة حماس..
القول أن "المؤامرة الأمريكية المعاصرة"، هي الأخطر لأنها استهدفت رأس الثورة وقائدها الذي تمكن من قيادة سفينة التحرر الوطني في ظل كل المؤامرات، ولم تنجح في كسر العمود الفقري للثورة ومنظمة التحرير، فكان البحث عن لعبة جديدة، لرسم مؤامرة الخلاص من ياسر عرفات كمقدمة ضرورية للخلاص من المشروع الوطني..
ونجحت الإدارة الأمريكية من تمرير أول خطواتها عندما تقدم جورج بوش الإبن، بخطة "الخلاص من ياسر عرفات" يوم 24 يونيو 2002، عدما قال أن "الشعب الفلسطيني يستحق قيادة أفضل"، فسارعت أطراف في "القيادة الفلسطينية" بتأيدها بعد دقائق من اعلانها، تحت غطاء الخروج من "المأزق" ووقف حصار أبو عمار..
وبعد وقت قصير جدا بدأت الخطوات التنفيذية لتلك الخطة التصفوية، من خلال اقتراح منصب رئيس وزراء يكون صاحب صلاحيات تنفيذية موسعة، خاصة في المجال الأمني والمالي، وأيضا سارعت ذات القوى بتبني تلك الأفكار الأمريكية بذات الخدعة..
وبعد قبول الفكرة بتقليص مكانة أبو عمار، دورا ومهام، أعلنت أمريكا رسميا أنها تريد محمود عباس ولا غيره رئيسا للحكومة التي ستنفذ خطتها في "الإصلاح والتغيير" - مفارقة حماس استخدمت لاحقا هذه التسمية لقائمتها الإنتخابية -، ولم تقبل سواه مرشحا، رغم محاولات الشهيد المؤسس عرض اسماء أخرى، ومنها رجل الأعمال منيب المصري، في مناورة سياسية لكشف جوهر المؤامرة الأمريكية، بأنها لا ترمي للإصلاح ولا للتغيير، بل لإسقاط مرحلة الثورة من خلال "إنهاء العهد العرفاتي"، عبر عهد جديد يكون جزءا من المنظومة الأمريكية الجديدة..
وبعد فرض محمود عباس رئيسا للوزراء، حاولت أمريكا أن تسحب كل صلاحيات ابو عمار رغم تقليصها الى الحد الأدنى، ومنح رئيس الوزراء عباس صلاحيات واسعة، لكن المؤامرة لم تكن صلاحيات، بل كانت رأس ياسر عرفات، وتنمرد عباس على الشهيد المؤسس عبر عملية إبتزاز علنية بأن طالبه بالتنازل عن كل الصلاحيات الأمنية، وهنا لجأ أبو عمار للشعب الفلسطيني سلاحه الأمضى، ليعلن أن المؤامرة الأمريكية بدأت تتسع وتمثل خطرا، فأطلق التسمية الأشهر على محمود عباس "كرازي فلسطين" ليقول لشعبه، "أميركا تريد الخلاص مني لصالح "رجلها"..
ولأن "لحم الخالد مر"، كما الشعب الذي يقود، تم هروب عباس مؤقتا عبر استقالة لا يزال يتذكر الشعب الفلسطيني مشهدها الأخير أمام "التشريعي" في رام الله، كيف أستقبل وكيف خرج "هاربا"..فكان لا بد من تنفيذ الفصل الأخير بإنهاء حياة أبو عمار وتنصيب "كرازيهم" رئيسا..وكان لهم ما كان، أغتيل الخالد يوم 4 نوفمبر 2004، تاريخ سيبقى شاهدا على خيانة زمرة تآمرت على المؤسس الشهيد، وبداية لحملة تصفية المشروع الوطني..
تم تنصيب محمود عباس رئيسا في يناير 2005، وبعد عدة أشهر ظهرت ملامح تصفية المشروع الوطني، بدأت باعلان شارون خروجه من قطاع غزة، دون اي اتفاق مع السلطة الوطنية في اعلان أنها ليست طرفا، رغم انه أعلن صوتا وصورة أن أنتخاب عباس رئيسا هو يوم "إنتصار تاريخي" لاسرائيل..
في شهر سبتمبر( ايلول) 2005 أعلن محمود عباس وبشكل مفاجئ عن اجراء انتخابات للمجلس التشريعي، دون ضرورة وطنية أو سياسية، وهو يعلم يقينا أنها لا تتوافق مع جوهر الاتفاق الموقع، حيث المرحلة الانتقالية لم تنته بعد، ولذا أي انتخابات جديدة في ظل الواقع القائم هو تكريس للمرحلة الانتقالية وفقا للرؤية الاسرائيلية..لكن المسألة بدأت تتضح انها لم تكن "رغبة فلسطينية "ولا "ضرورة وطنية" بل هي الفصل الثالث من رواية المؤامرة الكبرى..
ودون مقدمات أو أي حوارات أعلنت حركة حماس مشاركتها في الانتخابات التشريعية، رغم انها لجسم من اتفاق أعلنت أنها رفضته، بل رفضت المشاركة في انتخابات المجلس 96، رغم ان ظروفه السياسية كانت أفضل كثيرا وهددت بالقتل بعض قادتها ومنهم رئيسها الحالي اسماعيل هنية لو شارك بها، لكن الموقف لم يكن "حاجة وطنية فلسطينية" لتعزيز الكيانية بل كان في سياق تنفيذ مشروع أمريكي تقسيمي للمنطقة، ومنها فلسطين..
كتب الكثير في حينه، عن درو قطر وتآمرها لتمرير المشروع الأمريكي في المنطقة وفلسطين، وكان حمد بن جاسم وزير الخارجية آنذاك، هو أداة التنفيذ المباشرة والطرف المفاوض نيابة عن حماس مع اسرائيل وأمريكا..
جرت الانتخابات وفازت حماس، كما متوقع وكما رغبت امريكا، وبدأ تطبيق الفصل الرابع من مؤامرة تصفية المشروع..سريعا حدث الانقلاب فالانقسام..والى حينه لا تزال..
وهل نحن بحاجة لكشف كل ما حدث خلال السنوات العشر الماضية، سوى أنها ألغت جوهر المشروع الوطني، ومنحت سلطة الاحتلال كل ما حلمت به تهويدا واستيطانا في الضفة والقدس..وباتت فلسطين الحاضر في تيه سياسي ربما فاق من رسم مؤامرة تصفية المشروع..
بعد اعتراف سيف بن أحمد آل ثاني، مدير الاتصال الحكومي القطري في حديث صحفي، لـ"نيويورك تايمز" الأمريكية، وأعادت نشره صحيفة "الشرق" القطرية يوم 28 أغسطس (آب) 2017، بأن أمريكا من طلب من قطر إدخال حماس لانتخابات لم تكن مقررة بعد، لم نعد للتحليل في دور قطر التآمري على مسار الثورة والمشروع الوطني وتصفية "العهد العرفاتي" لخدمة هدف أمريكي مباشر!
الان، مطلوب من قيادة حماس الجديدة هنية - السنوار، أن تعلن حقيقة تلك الاتصالات، ولما وافقت وهل كانت على علم بكل أبعاد المؤامرة على المشروع الوطني، وأن قطر لم تكن مساندا لفلسطين ولا لقطاع غزة سوى بقدر خدمة مشروع تآمري بات علانية الحديث عنه..وغيره يصبح كل حديث عن "مقاومة" و"تصدي" ليس سوى خدعة مضافة لإكمال مؤامرة تصفية المشروع الوطني الفلسطينية كلية.