[size=30]الانتقام بالزواج في عالم المخابرات والجاسوسية[/size]
/ القاهرة: فى عالم المخابرات والجاسوسية الغامض والمثير، هناك قوانين غير مكتوبة تسرى على الجميع، لا تختلف من بلد إلى آخر أو من جهاز إلى آخر، مثل زرع العملاء فى الدول المعادية أو إغراء مواطنى تلك الدول بإفشاء الأسرار، إلا أن أسلوب "التصفية الجسدية" هو القانون الوحيد المعمول به عالميًا ضد جواسيس الدول المعادية حال اكتشافهم.
ولعل الكيان الصهيونى منذ نشأته أخذ على عاتقه ومن خلال جهاز مخابراته "الموساد" تصفية جميع الأعداء فى الخارج وتتبعهم فى حالة هروبهم حتى لو مرت سنوات طوال، وهو ما فعلته إسرائيل منذ فترة ليست بقليلة مع أقطاب النازية، وهو ما حدث أيضًا مع البطل المصرى أشرف مروان الذى تم التخلص منه بعد التأكد من ولائه لمصر.
وتفتق ذهن القائمين على جهاز الموساد ابتكار طريقة جديدة للانتقام ممن أذلوهم من أبطال المخابرات المصرية على طريقة الحيات والثعابين، وهى الانتقام الهادئ طويل البال من خلال الجيل الثاني من الأبناء، ليصيبوا هدفهم فى مقتل دون أن يقتلوه بالفعل، بل يقتلوا تاريخه الوطنى المشرف عن طريق إلصاق العار به من خلال استقطاب الأبناء للعمل مع الأعداء بعد احتضانهم وتزويجهم من صهاينة عن طريق الحيلة والخداع، بحيث يموت البطل ألف مرة وهو على قيد الحياة حين يرى أبناؤه يعاونون الصهاينة، أما إذا توفاه الله فتبكى روحه على تشويه تاريخه الوطنى الحافل بالنضال.
الشبح
العميد مصطفى حافظ.. اسم تعلمه إسرائيل جيدًا.. وعانت منه أجهزة استخباراتها، الرجل القوي في غزة التي كانت تابعة للإدارة المصرية بعد تقسيم فلسطين في عام 1947 والذى كان مسئولًا عن تدريب الفدائيين وإرسالهم داخل إسرائيل، وهو الضابط المصرى الوحيد الذى هزم شارون حتى أطلق عليه اسم "الشبح" كما لقب البطل المصرى بالعديد من الألقاب أشهرها "صاحب الأعصاب الفولاذية" و "أبو الفدائيين".
ولد العميد مصطفى حافظ 25 ديسمبر 1925 وتخرج فى الكلية الحربية عام 1940 وتم تعيينه في سلاح الفرسان وحصل على العديد من الدورات العسكرية.
وقام بالعديد من البطولات التى جعلته يحظى بثقة الرئيس جمال عبد الناصر فمنحه أكثر من رتبة استثنائية حتى أصبح عميدًا وعمره لا يزيد على 34 عامًا، حيث أصبح مسئولًا عن كتيبة الفدائيين في مواجهة الوحدة رقم 101 التي شكلها أريئيل شارون للإغارة على القرى الفلسطينية والانتقام من عمليات الفدائيين ورفع معنويات السكان والجنود الإسرائيليين عام 1955.
حاول الصهاينة الوصول إليه مرارًا وتكرارًا دون جدوى لدرجة أنهم لم يعرفوا ملامحه نهائيًا لفترة كبيرة حيث اضطروا إلى رسم كروكى لشكله من خلال اعترافات الفدائيين الفلسطينيين المقبوض عليهم، إلا أنهم استهدفوه بعبوة مفخخة ليستشهد متأثرًا بجراحه فى 12 يوليو عام 1956.
لم يكتفِ الصهاينة باغتيال البطل مصطفى حافظ بل قرروا اغتياله معنويًا انتقامًا للإهانة والرعب التى سببها لهم فى الفترة القصيرة التى قضاها فى غزة، وقرروا الانتقام هذة المرة بشكل لا يخطر على بال أحد من خلال إحدى بناته.
نونى درويش
لم يصدق مشاهدى برنامج "نقطة نظام" -الذى يقدمه الإعلامى حسن معوض على قناة العربية- أنفسهم يوم 23 مارس عام 2007 أن "نونى درويش" الناشطة الأمريكية من أصل مصرى والتى تدافع عن إسرائيل هى نفسها ناهد مصطفى درويش ابنة البطل المصرى الذى اغتالته أيدى الصهاينة بعدما أذاقهم الويل فى غزة.
تخرجت ناهد من الجامعة الأمريكية بمصر عام 1969 حيث درست علم الاجتماع وهاجرت إلى أمريكا عام 1978، وتزوجت هناك وأصبحت تلقي محاضرات في جامعات أمريكية مثل "بوسطن" و"بروان".
ورغم أنها نفت تحولها إلى المسيحية إلا أن هناك حديثًا منشورًا لها فى جريدة الإندبدنت البريطانية بتاريخ 9 مارس 2009 اعترفت فيه بتحولها إلى المسيحية، وهى حرية شخصية لا نلومها عليها، إلا أنها وصفت نفسها على غلاف أحد كتبها وعنوانه "جعلوني كافرة" بأنها ابنة شهيد مسلم ومع ذلك فقد زارت إسرائيل وأعلنت هناك أنها تسامح الإسرائيليين على دم والدها ودعت إلى التسامح والغفران.
وينبغى الإشارة هنا إلى دور الزوج المجهول الذى ساهم فى تحولها إلى النقيض تمامًا، والذى لا تتوفر عنه أية معلومات حتى الآن.
وكانت نوني درويش أطلقت مشروعًا أسمته "عرب من أجل إسرائيل"، ومن أبرز مبادئه، دعم إسرائيل ودعم الشعب الفلسطيني، دعم دولة إسرائيل والدين اليهودي، والاعتزاز بالثقافة العربية والإسلامية، وذكرت أن إسرائيل دولة شرعية وليست خطر على الشرق الأوسط، بل هي فائدة له.
نديم قلب الأسد
ذئب المخابرات الأسمر "محمد نسيم" عرفه الشعب المصرى عن قرب من خلال مسلسل رأفت الهجان والذي قام بأداء شخصيتة الفنان نبيل الحلفاوي، ويعتبر واحدًا من الضباط الأحرار، كان برفقة كل من الرئيس الراحل محمد نجيب، جمال عبد الناصر، وهو من أشهر الضباط الذين تولوا تدريب الجاسوس المصري رأفت الهجان، أو رفعت الجمال.
شارك نسيم في حرب الاستنزاف، كما شارك في حرب السويس، وبعد انتهاء الحرب تم اختياره للعمل في جهاز المخابرات الذي أُنشئ حديثًا في ذلك الوقت.
بعد عمله في المخابرات، تم تعيينه في قسم الخدمات السرية، وهو الفرع المسئول عن زرع الجواسيس داخل صفوف العدو، وبدأ في إثبات كفاءته بجدارة، لدرجة جعلت الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يسند إليه العديد من المهام، مثل عملية الحفار، وعملية زرع الجاسوس المصري في إسرائيل رفعت الجمال.
تم تعيينه مديرًا لهيئة تنشيط السياحة بعد تقاعده فى عام 1971إلى أن توفي في الثاني والعشرين من مارس عام 2000
البطل محمد نسيم مع زوجته وابنه هشام هشام نسيم
الابن الوحيد للبطل المصرى محمد نسيم، بدأ حياته مهندس ميكانيكا ومغامر وسائق راليات مميز دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية ثلاثة مرات عامى 2009، 2010 على التوالى، فى المرة الأولى عبر بحر الرمال الأعظم بسيارته، وقطع 620 كيلومترًا في خمس ساعات و33 دقيقة.
وفى المرة الثانية حصل على لقب "أسرع عبور للصحراء الغربية في مصر" في نوفمبر 2009، وذلك من خلال المرور من واحة سيوه وحتى واحة باريس..
وفي عام 2010 حقق مغامرته الثالثة و ظل يعمل على تعديل السيارات التي يستخدمها في رحلاته في الصحراء مستعينًا بما تعلمه من تخصصه في الهندسة.
ياسمين نسيم
فى منتصف التسعينيات تزوج هشام نسيم من امرأة إسرائيلية الجنسية، يهودية الديانة، تعرف عليها فى إحدى القرى السياحية فى سيناء تدعى "فيرد ليبوفيتش" رزق منها بطفلة تدعى ياسمين، وهو ما تسبب فى حزن الأب الذى حارب الصهاينة طوال عمره، ليجد فى النهاية حفيدة إسرائيلية تحمل اسمه.
ظل هذا الموضوع فى طى الكتمان حتى نشرت جريدة "ها أرتس" الإسرائيلية عام 2009 تقريرًا عن تعميد ياسمين فى سيناء بعد بلوغها عمر 12 عامًا وذكرت العديد من التفاصيل المتعلقة بحفل التعميد خاصة ناحية أهل ياسمين الذين جاءوا من إسرائيل خصيصًا، إلا أن هشام نسيم وفى تصريحات صحفية فى نفس العام نفى كل ذلك جملة وتفصيلًا وقال أنا رجل مسلم، وابنتى مسلمة، وحتى زوجتى اليهودية لم يعد من اللائق نسبتها لليهودية بعدما دخلت الإسلام منذ ١٥ سنة، وحسن إسلامها.
وهنا ينبغى الإشارة الى نقطة فى غاية الأهمية وهى كيفية زواج هشام نسيم التى ذكرها على لسانه فى حديث صحفى منشور عام 2009، حيث قال نصًا "هى كانت تعمل فى قريتى السياحية فى طابا، ومع العشرة الطويلة، أحبت المصريين وأحبت المكان، وكنت أحتاجها فى إدارة التسويق لأن ثلث السياحة فى طابا إسرائيلية. وكنت فى احتياج لمساعدة شخص من جنسيتهم، يستطيع أن يفهمهم، ويتواصل معهم، وهى امرأة ناجحة جدًَا، وتجيد عملها بشكل رهيب. وما زالت تعمل حتى اليوم رغم بلوغها الخمسين".
ودون دخول فى أية تفاصيل شخصية نلاحظ هنا أسلوب عمل أجهزة المخابرات التى تعمل فى هدوء حتى بلوغ الهدف المنشود الذى تمثل فى اختراق الجيل الثانى للأبطال المصريين ليأتى الجيل الثالث منزوع الهوية ويعانى من التمزق.
ورغم أن هشام نسيم أكد فى هذا الحديث أن ابنته وزوجته مسلمتان الآن، إلا أن الواقع قد فرض نفسه.. وسجل التاريخ أن حفيدة البطل المصرى محمد نسيم إسرائيلية الجنسية حتى لو كانت مسلمة وهو ما يجعل الأمور تندفع نحو مزيد من التعقيد.
رأفت الهجان
البطل المصرى المعروف باسم رأفت الهجان أو "جاك بيتون" وهو الاسم الحركى لرفعت علي سليمان الجمال الذي رحل إلى إسرائيل بتكليف من المخابرات المصرية في يونيو عام 1956 وتمكن من إقامة مصالح تجارية واسعة وناجحة في تل أبيب وأصبح شخصية سياسية لها وزنها، أفاد مصر فى حروبها خاصة حرب 1973.
تزوج البطل المصرى من "فالتراود بيتون " عام 1964 حين كانت تبلغ من العمر 22 عامًا في فرانكفوت بألمانيا وليس في إسرائيل وكانت لديها طفلة من زواجها الأول تدعى "أندريا"، ورزقت منه بابن وحيد يدعى "دانيال" وقبل أن يتوفى صرح لزوجته بأنه مصرى الأصل وليس يهوديًا، وعمل لحساب جهاز المخابرات المصرى.
هنا ينبغى الإشارة أن جهاز المخابرات الإسرائيلى ليس له علاقة بزواج برأفت الهجان، بل فوجئ تمامًا بأن رجل الأعمال الشهير الذى له علاقات واسعة بكبار الساسة الإسرائيليين والذى هاجر إلى ألمانيا فى أوائل السبعينيات، كان جاسوسًا مصريًا.
المتتبع لباقى الأحداث بعد ذلك يكتشف أن الأجهزة الأمنية المصرية تنبهت إلى الانتقام الإسرائيلى الذى يمكن أن يتم بعد ذلك عن طريق دانييل الابن، فوضعت الأسرة تحت عيون أحد ضابطها وهو الممثل الشهير إيهاب نافع الذى تزوج من أرملة رأفت الهجان لمدة 7 سنوات.
دانيال جاك بيتون
على الرغم من حصول زوجة رأفت الهجان على الجنسية المصرية إلا أنه تم رفض حصول ابنه دانييل على الجنسية، و تحدثت الزوجة فى حوارات صحفية لجرائد عدة كما ظهرت هى وابنها فى العديد من البرامج التلفزيونية لتطالب بمنح ابنها الجنسية المصرية، وهو الطلب الذى قوبل بالرفض من السيد عمر سليمان مدير المخابرات آنذاك، والغريب أن الأمر تكرر من الابن دانيال نفسه الذى تقدم بطلب جديد للحصول على الجنسية المصرية له ولابنه إسكندر لكن هذة المرة توجة بطلبه إلى اللواء مراد موافى مدير المخابرات العامة عام 2012 وقوبل بالرفض أيضًا.
ويبقى السؤال يتردد دون إجابة واضحة، من الجهة التى تحاول دفع ابن رأفت الهجان إلى الحصول على الجنسية المصرية رغم أنه يحمل الجنسية الألمانية وولد ولا زال يعيش فى ألمانيا حتى اليوم؟
تبدأ خيوط الإجابة على ذلك السؤال من تصريح أرملة رأفت الهجان فى حوار لإحدى الصحف المصرية المستقلة ذكرت فيه أن حفيدها إسكندر يتمنى أن يحكم مصر فى يوم من الأيام، وهى الكلمة التى توضح الدافع وراء كل تلك المحاولات المستميتة لحصول ابنها وحفيدها على الجنسية المصرية واللذان يعتبران من الجيل الثانى والثالث للبطل المصرى، والتى لن يسمح لهما بأى حال من الأحوال أن يكونا خنجرًا فى أيدى أعداء الوطن أو يتم من خلالهما تلويث تاريخ مشرف لأحد أبطال مصر.
الوفد المصرية