زيارة للدولة الغامضة
هى كوريا الشمالية تلك الدولة التى يتردد اسمها بقوة هذه الأيام بعد أن تصاعدت حدة الحرب الكلامية بين بيونج يانج وواشنطن، وبدأت محركات البحث فى جمع المعلومات عنها، وتداول الفيديوهات لبعض زوارها باعتبارها واحدة من أكثر دول العالم غموضا، ووقد ارتسم لدي البعض صورة ذهنية أنها دولة توقف عندها الزمن، وتعيش فى عزلة عن باقى العالم وأن أهلها لايعرفون مايدور خارج حدودهم ويحكمهم ديكتاتور مجنون صغير السن لايعرف تحديدا تاريخ ميلاده ..
والحقيقة أننى عبر أحد الأصدقاء شاهدت فيديو لسائحين غربيين قاموا بزيارتها وكان مثار إندهاشى فكرة السياحة إلى كوريا الشمالية بل كنت أعتقد أنه غير مسموح بالسفر إليها، ولكن عرفت أنها تستقبل حوالى مئة ألف سائح سنويا وتسعى لمضاعفة الأعداد كمصدر للدخل الأجنبى وأغلبهم من الصين، الدولة المجاورة لها والتي تعيش علاقة مودة معها بخلاف البلدان الأخرى مثل كوريا الجنوبية واليابان وبقية العالم الغربي.
وتقف العديد من التحديات أمام تطوير السياحة في كوريا الشمالية أولها صورة ذلك البلد في وسائل الإعلام، كما توجد بعض التحديات الأخرى في الحركة هناك بمجرد الوصول، تبدأ من تسليم الجواز للسلطات إلى عدم السماح بالسير بشكل فردي، وغيرها من القيود على استخدام تطبيق الـ “جي بي أس” ، وعدم التقاط الصور إلا في أماكن محددة يسمح بها المرافق للسائح.
ومن خلال الفيديوهات سوف تجد أن هناك مصانع تتم زيارتها من خلال برنامج سياحى محدد منها مصنع لزجاجات المياه المعدنية، وفى كل مكان هناك صور على الجدران للعمال، وعبارات تؤكد أن العمل من أجل الوطن، وبالطبع بعد أن تفرغ زجاجات المياه البلاستيكية يتم جمعها مرة أخرى لإعادة التدوير والاستفادة حتى من الغطاء.
وتحت الأرض بحوالى 150 مترا يتم التنقل عبر محطات المترو الذى شكك الغرب فى وجوده وزعم مرارا أنه مجرد دعاية كاذبة ولكنه بالفعل موجود ولا يسمح للأجانب بالتواجد إلا فى بعض المحطات، و زيارة أماكن محددة، والإقامة فى فنادق معينة خصصت لإستقبالهم.
والصحف هناك يتم تعليقها فى محطات المترو خلف علب زجاجية، وهناك إذاعة تبث أخبار البلاد للركاب، والإنترنت محظور إلا عدد محدود من المواقع يتم الدخول إليها من قبل بعض المتخصصين والدارسين، والمدارس لها نظام يتم احترامه من قبل التلاميذ وهناك اهتمام كبير بالرياضة والموسيقى والغناء حتى لو كانت أغلب الأغانى وطنية إلا أنهم يتعاطون الغناء بصورة كبيرة.
و فى كوريا الشمالية مهرجان رياضى يقام كل عام يشارك فيه عدد كبير جدا من الشباب والبنات يتم تدريبهم طوال أيام السنة، ويقدم فيه عروض مبهرة من ناحية التنسيق والتناغم والإضاءة والألوان، ومن ناحية أخرى تعد العروض العسكرية هى الأهم فالجيش الكوري الشمالي الذي يبلغ تعداده أكثر من مليون جندي يتم تدريبه على أحدث الأسلحة التى تفاجىء العالم بوجودها فى هذه الدولة أخرها تلك الصورايخ الباليستية التى تطلق من غواصات وأستعرضها التليفزيون الرسمى هناك لأول مرة بعد التهديدات الأمريكية.
وبينما يفر كثيرون من الكوريين الشماليين من البلاد بشكل سرى إلى الصين أو غيرها من البلاد المجاورة مثل كوريا الجنوبية التى يطلق عليها الأخت الضالة، يعتبر هذا الأمر مجازفة كبرى منهم، تعرضهم للإعدام مباشرة إذا تم ضبطهم، وإذا ما استطاعوا الهروب يتم وضعهم على قائمة المطلوبين للإعدام من جانب النظام الحاكم فى كوريا الشمالية.
"الجمهورية الغامضة" و "أسوأ ديكتاتوريات العالم" "الدولة السرية" هي تلك المسميات التي أطلقها الإعلام الدولي على "كوريا الشمالية" التي تعتبر من أكثر بلاد العالم عزلة وغرابة.
فكوريا الشمالية معزولة بالكامل عن العالم الخارجي بفعل اجراءات السلطات التي تمنع دخول شبكات الانترنت والاتصالات الدولية للبلاد كما أنها تمنع وجود "الدش" والصحون اللاقطة للقنوات التلفزيونية.
ويعتمد أهل كوريا الشمالية على شبكة معلومات بديلة اخترعتها لهم الحكومة بالإضافة لمجموعة قنوات تلفزيونية وصحف تابعة للدولة بشكل يؤكد أنهم معزولين بشكل غير موجود في اي دولة بالعالم .
بدأت قصة كوريا الشمالية بعد الحرب العالمية الثانية عندما اتفقت كلا من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي على تقسيم شبه الجزيرة الكورية لجزء شمالي تابع لروسياوجزء جنوبي تابع لامريكا والغرب.
ففي عام 1946 تم إنشاء الحزب الشيوعي بكوريا الشمالية وهو حزب العمال الكوري، وأقيمت حكومة مؤقتة يدعمها السوفيت ويسيطر عليها شيوعيون كوريون تلقوا تدريبهم في روسياوكان من ضمن هؤلاء الزعيم ال سونج وتم إعلان قيام جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية من جانب واحد، وانسحبت القوات السوفيتية من كوريا الشمالية.
وقررت أمريكا في1948 عمل انتخابات عامة بشبه الجزيرة الكورية لتقرير المصير الا ان حكومة كوريا الشمالية رفضت الاشتراك في انتخابات عام 1948 بإشراف الأمم المتحدة، الأمر الذي أدى إلى إنشاء حكومتين منفصلتين في الكوريتين المحتلتين.
وفي عام 1950اندلعت الحرب الكورية بين كل من الكوريتين فعملت الصين على دعم كوريا الشمالية، بينما قامت الولايات المتحدة بدعم كوريا الجنوبية،حتى تم توقيع الهدنة في عام 1953وانقسمت شبه الجزيرة إلى قسمين يفصل بينهما منطقة منزوعة السلاح، و
وعرضت كثير من وسائل الاعلام العالمية أفلاماً وثائقية بعضها نتاج تسجيلات سرية من داخل كوريا الشمالية والأخر تسجيلات مصرح بها تكشف جوانب من تلك "الجمهورية السرية".