مرحلة الخطر
نشر بتاريخ: 19/09/2017
الكاتب: المحامي شوقي العيسة
الوضع القائم والذي تكون كنتاج لما سمي عملية السلام ، هو عمليا تحقيق لهدف اذكى مناورة سياسية صهيونية خطط لها جيدا، وبمشاركة كل الأطراف الفاعلة في قضايا الشرق الأوسط تقريبا، تمكنت إسرائيل خلالها من تغيير مفهوم الاستعمار بقديمه وحديثه، وجعلت مساعدتها في استعمارها لفلسطين عملا يوميا لدول ومؤسسات دولية وإقليمية ، فمع توقيع ما اصبح يسمى اتفاق أوسلو واعتراف منظمة التحرير بدولة إسرائيل دون تعريف لحدودها ودون اعترافها بدولة فلسطين ، حققت إسرائيل عدة اهداف منها عمليا تنازل م ت ف لأول مرة من خلال اتفاق هي احد اطرافه عن التحرير الكامل وعن قرار الأمم المتحدة 181 ، وكذلك عن تطبيق قرار 242 قبل الاعتراف بإسرائيل وانسحابها من الأراضي التي احتلتها بالقوة عام 1967 ، كما حققت استمرار الاحتلال بدون اية تكاليف تدفعها هي ، وكانت سابقا تصرف على احتلالها من أموال النفط المصري في سيناء التي كانت تحت احتلالها. وبعد تشكيل السلطة بموجب اتفاق أوسلو وبقاء عملها لسنوات اضعاف ما خطط لها، أصبحت عبارة عن مؤسسة تستخدمها الدول والمؤسسات الدولية (المانحين) لدفع تكاليف مواصلة إسرائيل لاحتلالها، ومواصلة إسرائيل عملها اليومي لمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة ولو على جزء من فلسطين.
كما أزال هذا الوضع الجديد الخجل الخفيف الذي كان يمنع الأنظمة العربية عن إقامة علاقات علنية بل وتحالفات مع إسرائيل.
في هذه الأيام يبدو ان الأوساط الصهيونية فهمت قبل غيرها ان هذا الوضع القائم لا يستطيع الاستمرار لوقت أطول وعلى حافة الانفجار، فالشعب الفلسطيني وان كانت ديناميكيته بطيئة الا انها تعمل، إضافة الى كل الأسباب الأخرى.
لذا اصبح من الضروري لها القيام بخطوات وان بدت مختلفة في الشكل، ولكنها تبقي المسار على نفس السكة للاستمرار في خطتها، وعدم إعطاء أي طرف فرصة تغيير السكة، فإحضار حماس (وقد أصبحت جاهزة) لتركب السكة مع الاخرين لا يغير حقيقة المسار، وإعلان أمريكا تأييد حل الدولتين لا يعني أي تغيير فكل الإدارات السابقة فعلت.
اذن مع التطورات الجديدة واحضار حماس لحضن أوسلو سيكون مع إسرائيل على الأقل سنتين، (توحيد حكومات وانتخابات وتحضير لمجلس وطني توحيدي)، تقوم إسرائيل خلالها بمواصلة الاستيطان والتهجير والتدجين. تشرتشل في زمانه قال الاذكى من يرسل عدوه الى جهنم ويجعله فرحا في الذهاب الى هناك.
امام هذا الوضع القائم لم يعد مقبولا مطلقا من منظمة التحرير مواصلة ما تقوم به لتعارضه الكامل مع المصالح الوطنية الفلسطينية. اذا كان متفهما في بداية التسعينيات الدخول في هذا المسار، فانه لم يعد مفهوما الاستمرار فيه بعد قمة عام الفين، او على الأقل بعد اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين بمكانة دولة.
آن الأوان لايقاف هذا النزيف وعدم الاستمرار في هذا المسار المدمر للقضية الوطنية، والعودة لاستنهاض منظمة التحرير لتعود لهدفها وهو التحرير ، وليس الرقص على موسيقى وضع الحانها العدو ويشارك فيها الغريب والقريب تحت اسم مضلل وهو عملية السلام، لنعد لحضن شعبنا فهو الوحيد على المسار الصحيح نحو التحرر والاستقلال .