الرمان كوز من الأسرار التراثية والصحية وملهم الشعراء
قانا الجليل تكرّم «الشجرة الوطنية»
الناصرة ـ «القدس العربي»: وديع عواودة : جددت المدرسة الثانوية ابن رشد في بلدة قانا الجليل الفلسطينية عهدها لرمزها وشعارها التراثي المتمثل بشجرة الرمان بفعاليات ثقافية وتراثية وعلمية تندرج ضمن برنامج ثقافي للتربية اللامنهجية. وشارك في»أيام الرمان» مجمع اللغة العربية داخل أراضي 48 والذي انتدب الأديب د.محمد هيبي ابن بلدة كابول والباحثة في التراث فتحية مقاري خطيب بنت قانا الجليل والخبير الزراعي ابن عرابة البطوف الباحث كامل خطيب والمربي نظمت خمايسي عن جمعية «حواكير». وردا على سؤال «القدس العربي» توضح مدرسة التربية الاجتماعية في ثانوية ابن رشد المربية رائدة خميس، أن الرمان هو الشعار الوطني التاريخي في قانا الجليل ما دفع ناظم القصيدة الفلسطينية التراثية «يا طير الطاير يا رايح عالديرة» لتحميل طيره السلام لـ «الكروم الغرابا». وفي معرض حديثها عن الدافع لتنظيم فعالية «أيام الرمان» أكدت أن الرمان ثمرة فريدة وتحتوي على منافع صحية طبية كبيرة جدا. كما نوهت أن الرمان ورد في الكتب المقدسة «في القرآن الكريم ورد الرمان ثلاث مرات وفي الإنجيل المقدس ثلاثين مرة» ومن الثمار الطيبة المفيدة الحاضرة في أجمل الأهازيج الشعبية والملهمة للشعراء والرسامين والفنانين. وتضيف «يبلغ الموسم ذروته بهذه الأيام فلا تدعوه يفوتكم دون التمتع بمذاقاته طعاما وشرابا». وتابعت «حتى لو اشتعلت بلدة صفورية المجاورة غيرة أهل صفد من طبريا، يبقى الرمان الكناوي فخر الزراعة الوطنية وأكثر جودة من الرمان الصفوري بأحجامه المتنوعة وألوانه الزاهية ومذاقاته الشهية» وتابعت «والأهم أن مدرستنا أيضا اختارته شعارا خاصا بها ليبقى الكوز الملهم يوحد أهالي قانا الجليل». وازدانت جدران المدرسة برسومات مستوحاة من الرمان من نتاجهم وتناولوا شرابا أعدوه بأنفسهم بين محاضرة وأخرى.
واستعرض الكاتب محمد هيبي حضور الرمان في الأدب العربي واستذكر أنها وردت في القرآن الكريم ثلاث مرات والمقرون بالزيتون، وبه يستدل على عظمة ودقة الخالق الباعث للتأمل ولحوار الشك باليقين. كما أشار أن أكواز الرمان موحية لشعراء كثر منهم الراحل إبراهيم طوقان الذي أحب ميري صفوري وهي طالبة جامعية من كفركنا التقاها في الجامعة الأمريكية في بيروت في العشرينيات من القرن الماضي فبادر للتعبير عن حبه ووفائه لها مستحضرا صورة الثمار الحمراء وكروم الرمان خلال مروره بقانا الجليل في طريقه من نابلس إلى بيروت.
وتلا بعض من قصيدة طوقان:
جزتُ بالحيّ في العشيّ فهبّتْ نفحةٌ أنعشتْ فؤادي المعنَّى
قلتُ: منها، ودرتُ أنظرُ حولي نظراتِ الملهوفِ يُسرى ويُمنى
وإذا طيّبٌ جنيٌّ من الرمَـانِ مثلُ لو هي تُجنى
وافقتْ نظرتي نداءَ غلامٍ ناصريْ يا رمّانُ من كَفْركنّا
قلتُ أسرعْ به فِدىً لكَ مالي وتـــرنَّمْ بـــذكــره وتَغَنَّ
يا رسولَ الحبيبِ من حيثُ لم تَدْرِ ، لقـد جـئـتَني بما أتمنّى
وتوقف الخبير الزراعي كامل خطيب في محاضرته المثيرة عند تاريخ هذه الشجرة المدهشة، صنوفها وخواصها مستحضرا عينات منها فقال إنها نمت في إيران قبل خمسة آلاف سنة وتعد أصنافها بالعشرات في العالم.
ويوضح أن هناك 250 نوعا من الرمان صالحا للطعام و 13000 نوع للأبحاث الزراعية.
وأشار أن هناك عدة أنواع من الرمان في فلسطين أبرزها «راس البغل»(البغالي) ورمان عكا وبنت الباشا والمليسي والشامي والشرابي. لافتا لجودة الرمان في بلدتي كفركنا وصفورية في قضاء الناصرة المباركتين بالينابيع الفياضة والبساتين الخضراء، من ناحية مذاقها وحجم الثمرة التي يبلغ معدل وزنها750 غراما. ويستذكر الباحث ان الرمان الأمريكي من نوع «وانديرفول» باللون الأحمر الداكن والشكل الظريف هو الأوسع انتشارا في العالم. وتطرق خطيب لما يشاع حول عدد حبات الرمان في الكوز الواحد فقال إن كل كوز يحوي 12 خلية(جمل) ويشمل أيضا 500 إلى-400 حبة. مشيرا إلى أن العصير يكون أكثر فائدة مع قشره لا مع الحبات فحسب. وتابع «من منافعه الصحية: مادة الأوميغا 12 المساهمة في تجدد الخلايا وإعاقة الشيخوخة وتأمين توازن ضغط الدم وخفض منسوب الدهون الخ».
رمانك هالمليسي
يمتاز الرمان بحضور قوي في التراث والفن، وتوضح الباحثة في التراث العربي فتحية خطيب مقاري ان ثمار وأزهار الرمان غذت التراث العربي بكثير من القصائد والأهازيج والأغاني وقد قدمت نماذج غنائية بصوتها وشاركها الطلاب في صفوف الحوادي عشر ومن ضمنها الأغنية الشعبية واسعة الانتشار:
رمانك يا حبيبي… يا حبيب قلبي ونصيبي
رمان صديرك فتّح يا ريته من نصيبي
رمانك هالمليسي وانا شريته بكيسي
وحلفلك عالكنيسة ما اخونك يا حبيبي
كما تنوه مقاري إلى ان أهازيج الأفراح في فلسطين تاريخيا ازدانت بثمرة الرمان لافتة إلى أهزوجة أخرى «رماني يا رماني .. شرابي يا رماني
وتحمم يا عريس .. ومبارك الحمام»
وتوقفت عند الأمثال الشعبية وقالت إنه كما هو الزيتون فإن الرمان أيضا من الرموز والأمثلة الوطنية الشعبية كالقول «مش ع رمانة.. ع قلوب مليانة» وغيره. أما المربي المخضرم نظمت خمايسي(أبو إياد) الذي شارك متطوعا بهذه الفعالية فقد استلهم الرمان مؤديا «قصيدة الرمان» قال فيها :
أقسمٓ الباري فاتّعظْ يا حليمُ
«انهُ قسمٌ لوْ تعلمونٓ عظيمُ «
التينُ والزيتونُ والرمانُ والعنبُ
الفاظٌ زيّنها القرآنُ الكريمُ
الرمانُ والزيتونُ في الأوراقِ مشتبهٌ
وفي الطّعْمِ اختلافٌ ايّها الفهيم
رمانُ كنّا ألْهَمَ الشّعراءٓ قديماً
فجادٓ طوقانُ ذاكٓ الشاعر الحميمُ
فكانتْ ماري للشعراءِ مُلهمةً
بقربِهاالرّمانُ و الخيرُ العميمُٰ
الرمانُ فاكهةٌ تعدّدٓتْ اصنافُها
الملّيسيّ والبغّالُ في الذّوقِ سليمُ
امٌا الشرابيُّ والفارسيُ حامضٌ طعمهُ
لذّٓ للاجسادِ حتّى وهي رميمُ