إسرائيل تزيد من تغلغلها بالعالمين العربيّ والإسلاميّ بواسطة بيع الأسلحة توطئة للعلاقات
الدبلوماسيّة.. ولماذا تلتزم الدول التي تُبرم الصفقات الصمت المُطبق؟
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
هناك العديد من الأسئلة التي ما زالت مفتوحةً في مسألة العلاقات الإسرائيليّة-الخليجيّة: لماذا يقوم
الإعلام العبريّ، وهو رأس الحربة في ماكينة الدعاية الإسرائيليّة، في الآونة الأخيرة بتكثيف نشره
التقارير والأخبار عن الـ”علاقات السريّة” بين الدولة العبريّة وبين دول الخليج؟ والسؤال الثاني
الذي يُستنبط من سلفه يُمكن صياغته بالشكل التالي: لماذا يقوم صنّاع القرار في تل أبيب بتسريب هذه
المعلومات الـ”حساسّة” للإعلام الإسرائيليّ لينشرها على أوسع نطاق.
أمّا السؤال الثالث والأهّم فيكمن في تجاهل الدول المذكورة في التقارير لهذه الأخبار، واتخاذها سياسة
الـ”نأي بالنفس″، بمعنى عدم ردّها أوْ تعقيبها، سلبًا أمْ إيجابًا على “تسونامي” الأخبار الواردة من
تل أبيب، والتي تحظى بموافقةٍ من الرقابة العسكريّة المُشدّدّة في الدولة التي تُطلق على نفسها واحة
الديمقراطيّة الوحيدة في صحراء الديكتاتوريات العربيّة.
فعلى سبيل الذكر لا الحصر، نقل المُحلّل للشؤون الأمنيّة في صحيفة (معاريف) العبريّة، يوسي
ميلمان، عن مصادر أمنيّةٍ وصفها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، كشفها لجوانب من علاقات العرب
السريّة: جنرالات في الجيش الإسرائيليّ والموساد، أكّدت المصادر للصحيفة العبريّة، يُشرفون على
تصدير السلاح لأبو ظبي ويقومون بزيارتها في طائرةٍ خاصّةٍ بشكلٍ دوريّ. ثانيًا، قالت المصادر
بحسب المُحلّل ميلمان، المعروف بصلاته الوطيدة جدًا مع المؤسسة الأمنيّة في إسرائيل، إنّ ملك
البحرين ابلغ السفير الأمريكيّ في المنامة في العام 2005 بأنّ بلاده تتعاون مع جهاز الموساد (
الاستخبارات الخارجيّة). بالإضافة إلى ذلك، كشفت المصادر عينها النقاب عن أنّ إسرائيل تُساعد
نظام الحكم في الأردن على مواجهة معارضيه، كما شدّدّت المصادر ذاتها على أنّ رئيس الموساد زار
سلطنة عمان أواسط السبعينيات من القرن الماضي، أمّا عن علاقة الموساد بالعائلة المالكة في
المغرب فهي معروفة جدًا وكتب عنها الكثير.
بموازاة ذلك، كشف ميلمان عن أنّ إسرائيل كشف تمنع بواسطة الرقابة العسكريّة، التي ما زالت تعمل
وفق الأنظمة الانتدابيّة منذ أنْ كانت بريطانيا تحتّل فلسطين، تمنع نشر معلومات حول تعاونٍ أمنيٍّ
وعسكريٍّ مع مصر والإمارات ودول أخرى مثيرة للجدل في آسيا أوْ أفريقيا أوْ أمريكا، وعقد صفقات
سلاح.
ووفقًا للمصادر الأمنيّة التي اعتمد عليها المُحلّل ميلمان فإنّ إسرائيل تستخدم الرقابة العسكريّة
والتحكم بالجهاز القضائيّ لتقييد حرية الصحافة، وإخفاء علاقاتها الممتدة عشرات السنين مع أنظمةٍ
ودولٍ مثيرةٍ للجدل، لافتًا إلى تنوع هذه العلاقات بين التعاون الأمنيّ والتنسيق ألاستخباري، وصفقات
السلاح، والتدريبات العسكرية المشتركة.
ولفت المُحلّل، بحسب المصادر ذاتها، إلى أنّ حجم التنسيق العسكريّ والأمنيّ بين إسرائيل ومصر
يتزايد بسبب الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء، حيث تقوم المخابرات الإسرائيليّة بتوفير
معلوماتٍ عن نشاط المسلحين، وتُشارك طائرات إسرائيلية بهجمات ضدهم.
علاوةً على ذلك، أوضح المُحلّل أنّ الجانبين يريان في اتفاق كامب ديفيد مصلحةً أمنيةً مشتركة، وقد
واجهت علاقاتهما تحديات أمنية متلاحقة لكنها صمدت ولم تنهر، مُوضحًا في الوقت عينه أنّ سلاح
الجو الإسرائيليّ والمصريّ أجريا مناوراتٍ عسكريّةٍ بمشاركة قبرص واليونان.
وعن العلاقة مع أبو ظبي، بيّن ميلمان أنّه رغم منع الرقابة العسكرية نشر أيّ معلوماتٍ عن ذلك فإنّ
رجل الأعمال الإسرائيليّ ماتي كوخافي، (55 عامًا)، الذي يوظف في شركاته كبار قادة الجيش
السابقين وضباط الموساد وجهاز الأمن العام (الشاباك)، كشف عن علاقات كبيرة مع أبو ظبي، وتفاخر
بها خلال محاضرة في سنغافورة.
وأضاف أن إسرائيل لديها علاقات أمنيّة وعسكرية متينّة مع العديد من دول آسيا، مثل جورجيا
وكازاخستان وأذربيجان، بسبب قربها الجغرافيّ من إيران.
ووفقًا له، تمتلك إسرائيل علاقات مع دولٍ بجنوب شرق أسيا، مثل تايلاند والفلبين وميانمار (بورما)،
التي تُعتبر سوقًا رائجةً للسلاح الإسرائيليّ، بجانب الهند وسنغافورة، اللتين تعقدان صفقات أسلحة مع
تل أبيب بعشرات مليارات الدولارات.
وأشار كوخافي إلى أنّ لإسرائيل دورًا رئيسيًا في تأسيس جيش سنغافورة بعيد إعلان استقلالها منذ
خمسين عامًا، وأنّ هناك الآلاف من الضباط الإسرائيليين المتقاعدين يعملون مستشارين للسلطات
هناك.
وتابع رجل الأعمال الإسرائيليّ، الذي يحمل أيضًا الجنسيّة الأمريكيّة، أنّ لإسرائيل علاقات عسكريّة
مع جنوب السودان وميانمار رغم النزاع الداخليّ في البلدين. كما تقوم إسرائيل بتوفير استشاراتٍ
عسكريّةٍ لأنظمةٍ دكتاتوريّةٍ مثل رواندا وصربيا إلى جانب دول في وسط أمريكا وجنوب أمريكا
وأفريقيا، واستشارات أمنية مع عددٍ من الدول العربيّة والإسلاميّة.
وخلُص كوخافي إلى القول، بحسب المُحلّل ميلمان في صحيفة (معاريف)، إنّ حجم الصادرات
العسكريّة السنويّة لإسرائيل يصل ستة مليارات دولار، بما يعادل 8 بالمائة من حجم الصادرات
الإجماليّة، وهي نسبة مهمة لاقتصادها، علاوة على تشغيلها 100 ألف شخص.