اوضاع المرأة في العالم ليست كما يجب !!
تشير دراسة حديثة الى أن نساء العالم قد ينتظرن ما يزيد عن قرنين كاملين، حتى يشهدن المساواة الكاملة مع الرجال في أماكن العمل، وتحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الفجوة بين الجنسين في الرواتب بحساب الفرق بين متوسط دخول الرجال والنساء مقارنة بمتوسط دخل الرجال، وتعتمد الأرقام المذكورة على العمال الذين يعملون دواما كاملا، أما البيانات الخاصة بنسبة النساء بين المتخرجين في الجامعات فتعتمد على معهد الإحصاء التابع لمنظمة العلم والتربية والثقافة بالأمم المتحدة.
وصدر مؤخراً عن المنتدى الاقتصادي العالمي مؤشر الفجوة الجندرية للعام 2017 الذي يتم إصداره سنوياً، والذي يقيس الفجوة بين الرجال والنساء في 144 دولة في العالم عبر أربعة محاور رئيسية: الصحة والتعليم والمشاركة والفرص الاقتصادية والتمكين السياسي، ويهدف المؤشر إلى إعطاء مرجع شامل ومتسق لمراقبة المساواة أو الفجوة بين الجنسين في أي دولة، كما يتيح المجال للمقارنة مع أفضل الدول، علّها تكون مثالاً يحتذى به للدول التي تحتل أدنى المراتب، الأردن بينها، حيث احتلت المرتبة 135 من 144 وبتقييم 6 . 0 من 1 . حيث ان المؤشر يقيس الدرجة من 0 - 1 وتعني الدرجة 1 المساواة التامة وانعدام الفجوة بين الجنسين في حين ان الدرجة 0 تعني عدم المساواة وأن الفجوة شاسعة، والمادة 6 من الدستور الأردني تقول « الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات «، وان « المرأة الأردنية هي مواطنة لها حق المواطنة الكاملة بموجب الدستورالأردني، والمواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وأي تشريع قانوني ينتقص من هذه المواطنة يعد تشريعاّ مخالفاً للدستور ولهذه المواثيق ويجب إبطاله، ولا يعتد بتحفظات الدولة على بعض بنود هذه المواثيق الدولية «.
وجاء في تقرير لمنتدى الاقتصاد العالمي، المعروف بلقائه السنوي في دافوس بسويسرا، أن محو فوارق العمل بشكل كامل بين الجنسين تلزمه 217 سنة، وتشمل الفوارق الأجوار المدفوعة للرجال والنساء مقابل العمل، فضلا عن الوظائف المتاحة لكل منهما، ويعد التقدير الجديد « مقلقا « لأوساط مدافعة عن حقوق النساء، إذ كان تقرير للمؤسسة صدر العام الماضي، قد قدر مدة الانتظار بـ170 سنة فقط، ويأخذ التقرير الدولي بعين الاعتبار استفادة النساء من الرعاية الصحية والتعليم والمشاركة في الحياة السياسية، وشمل التقرير 144 بلدا من حيث الفوارق القائمة بين الرجال والنساء، واستطاعت بريطانيا « مثلا «، أن تتقدم بخمس درجات في التصنيف، ويعود الفضل في ذلك إلى صعود تيريزا ماي لرئاسة الوزراء، ويوضح التقرير أن تحقيق المساواة بين الرجال والنساء في العمل ليس مجرد إنصاف رمزي، بل يعود بالنفع على الاقتصاد، إذ أن ناتج بريطانيا المحلي من شأنه أن يكسب 250 مليار دولار إضافية إذا تحققت المساواة الكاملة بين الجنسين.
وقد يبدو مفهوم مساواة الأجور بين النساء والرجال مفهوماً حديثاً، إلا أن منظمة العمل الدولية أقرته عام 1919 في دستورها كركيزة أساسية للعدالة الاجتماعية وأصدرت المنظمة إعلانات متعددة لتكافؤ الفرص والقضاء على التمييز، إلا أن عام 1951 شهد الاتفاقية الرقم 100، أول اتفاقية حول المساواة في الأجور اعتمدت عقب الحرب العالمية الثانية بعدما بدأت النساء يتبوأن مناصب عدة خلال الحرب، وافقت على هذه الاتفاقية معظم الدول العربية الأعضاء باستثناء البحرين والكويت وعمان وقطر، أما الاتفاقية الرقم 111 (1958) فتحظر أي تفريق أو استبعاد أو تفضيل يقوم على أسس عدة منها الجنس، وقد أقرها أكثر من 90% من الدول الأعضاء في المنظمة.
أوضاع المرأة
بدورها الباحثة في علم الاجتماع الدكتورة فادية الابراهيم تقرر، ان أوضاع المرأة في العالم ليست كما يجب، فرغم القفزات الكبيرة التي حققتها النساء في العقود القليلة الماضية، لجهة الحصول على المزيد من حقوقهن، إلا أنهن يواجهن حتى الآن تمييزاً لاسيما في مجال العمل بالمقارنة مع الرجال.
ونوهت الابراهيم إن المشكلة في البلدان النامية، ومنها الغالبية الساحقة من البلدان العربية، أعمق بكثير من وجود تمييز في مجال العمل، فالعادات والتقاليد تنتقص من حقوق المرأة، وحتى لو امتلكت النساء نظرياً حق المساواة مع الرجال، من شأن نسب البطالة المرتفعة، وضعف البنية التحتية، وتخلف وضعف القاعدة الاقتصادية - الإنتاجية، أن تجعل من الحديث عن فتح أبواب فرص أمام النساء شعاراً لا علاقة له بما يجري على أرض الواقع، يمكن لأي دولة أن تعتبر نفسها من الدول التي تراعي حقوق المرأة، بنص الدستور ومنطوق القوانين والتشريعات.. الخ، بينما ما تريده النساء هو سياسات على الأرض تجسد مراعاتهن ومساواتهن مع الرجال، وخاصة على صعيد الحق في العمل وتقاضي الأجر المناسب، وهذا يتطلب عملية نضالية شاقة، في الدول المتطورة والنامية على حد سواء.
أربع نواحي
ولفتت الابراهيم بانه تقاس الفجوة بين الجنسين عن عدم المساواة بين الرجال والنساء في أربع نواحي أساسية، هي المشاركة الاقتصادية والاستفادة من الفرص المتاحة – الرواتب والأجور والمشارة والقيادة، التعليم – القدرة على الاستفادة من المستويات الأساسية والمتقدمة من التعليم، التمكين السياسي – مستوى التمثيل في بنى اتخاذ القرار، الرعاية الصحية والقدرة على البقاء علىقيد الحياة – توقعات فترة الحياة والنسبة بين الجنسين.
وتقول الابراهيم إن السعي إلى تحقيق المساواة بين الجنسين أساسي الأهمية لرؤية الاستدامة التي يحترم فيها كل عضو في المجتمع الأعضاء الآخرين ويحقق إمكاناته، والهدف الأعم المتمثل في تحقيق المساواة بين الجنسين هدف يشمل المجتمع بكامله ومن ثم يجب أن يسهم فيه التعليم وسائر المؤسسات الاجتماعية، لذا وجب الاهتمام بقضية تمكين المرأة، وإتاحة الفرصة لها لممارسة دورها بفعالية مثل الرجل، والمساهمة في صنع القرار في مختلف مجالات الحياة الثقافية، والاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية.
عبر العدالة
اما أستاذ القانون التجاري المشارك بجامعة ال البيت المحامي الدكتور عبدالله السوفاني علق على الامر بالقول، للعلم ان « الاقتصاد والصحة هما المجالان اللذان يصعب فيهما اكثر من اي مجالات اخرى ازالة التفاوت بين الجنسين « في حين ان « الهوة السياسية هي المجال الابرز للتفاوت بين الجنسين وقد يحتاج الى 99 عاما ليتقلص «، فيما لا يقتصر ظلم المرأة على العنف الجسدي والمعنوي فقط، بل يمتد أحياناً إلى العنف الاقتصادي، عندما يتعلق الأمر بالتمييز في رواتب العمل بين الرجل والمرأة، اللذين يعملان في المهنة نفسها، وعليه ما زال أمام المرأة وقت طويل من الحروب في سوق العمل، في مواجهة التمييز الجندري في مجتمع ذكوري، حتى تحصل على المساواة في الراتب، ورغم أن الشراكة بين الرجل والمرأة، هي سنة كونية، تجذرت منذ عهد البشرية الأول، لا ان الاردن يكافح منذ منتصف القرن الماضي، من أجل تكريس أسس المساواة بين الجنسين.
ونوه السوفاني الى أن الشراكة بين الرجل والمرأة والمساواة بينهما، يقتضيان أن نكون واثقين بأن «لا مؤشرات حقيقية للتنمية الشاملة والمستدامة، إلا عبر العدالة في الحقوق والواجبات بين الجنسين»، مشيرا الى ان المجتمعات قائمة على ركائز التنوع الاجتماعي، وأن المرأة الأردنية تستحق، كنموذج في المنطقة، مكانة مهمة بمستويات التعليم، والريادة في مجالات مختلفة، بموازاة تمسكها بدورها الأسري كمربية وراعية لشؤون أسرتها، وقد سجل الاردن أسبقية على دول المنطقة، في تسلم المرأة مواقع ومناصب سيادية.